ترحيب إسرائيلي بهجوم السلطة الفلسطينية على المقاومة في جنين
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
ما زالت المحافل الأمنية والعسكرية لدى الاحتلال تعلن ترحيبها بالعملية الميدانية التي تنفذها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ضد المقاومة في مخيم جنين، بزعم أنها أدركت أن أحداث سوريا الأخيرة قد تنعكس بشكل خطير على وضعها الأمني في الضفة الغربية، ما دفع أبو مازن شخصياً لإصدار تعليماته بتنفيذ تلك العملية واسعة النطاق ضد المقاومة، مما يضع مستقبل السلطة الفلسطينية أمام اختبار وجودي.
وأكد أمير بار شالوم المراسل العسكري لموقع "زمن إسرائيل" أن "مخيم اللاجئين في جنين يشهد منذ أكثر من أسبوعين عملية مكثفة مصحوبة بإطلاق نار وعبوات ناسفة، حيث تقاتل قوات الأمن الفلسطينية خلايا مسلحة سيطرت على المخيم منذ عقد من الزمن، ويتخلل هذه العملية اقتحام المخيم بمركبات مدرعة، والاستيلاء على مواقع السيطرة، ونشر القناصة، وتفتيش المنازل، ويبقى السؤال الإسرائيلي عما إذا كانت السلطة الفلسطينية ستنجح هذه المرة في فرض سيطرتها".
ونقل في تقرير ترجمته "عربي21" عن الجنرال ألون أفيتار، المستشار الأمني السابق للشؤون الفلسطينية قوله، إنه "لن يذهب في تعريفه لهذه العملية بأنها استراتيجية، لكنها في ذات الوقت غير عادية".
وأضاف الجنرال،أن "السؤال الرئيسي بالنسبة لأبو مازن هو ليس فقط نجاحها، بل ما إذا كانت ستتحقق الاستمرارية بمناطق أخرى من الضفة مثل طولكرم وطوباس، لأن تنامي عمل المسلحين في مخيمات شمال الضفة الغربية يشكل تحدياً للسلطة ورئيسها الذي يسير على "الجليد الرقيق".
كما نقل عن "باراك رافيد المراسل السياسي لموقع ويللا قوله، إن بعض قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية عارضوا تلك العملية المكثفة في مخيم جنين، ما دفع أبو مازن للتهديد بإقالتهم، لأنه يعتقد أن فشله أمام خمسين مسلحا في جنين، فهذا يعني بداية الدعوة لتنفيذ انقلاب ضده".
وتابع رافيد، "هنا يكمن التخوف الإسرائيلي، ليس من انهيار السلطة الفلسطينية، بل من عملية استعراضية تنفذها الخلايا المسلحة تنجح فيها بالسيطرة على أحد رموز حكم السلطة ذاتها، وهو حدث قد يكون له تبعات خطيرة للغاية".
وأكد بار شالوم أنه "ليس من قبيل الصدفة أن تطلق السلطة الفلسطينية على المسلحين مسميات وكلاء إيران وداعش، بهدف تبرير إطلاق النار عليهم".
وأردف، "أنه يصعب فصل هذا العملية النادرة عن الأحداث الإقليمية والسقوط السريع للنظام في سوريا، لأنه في كثير من النواحي، هناك أوجه تشابه بين وضع السلطة الفلسطينية ونظام الأسد، فهي تحكم منذ ثلاثة عقود دون انتخابات، ويعتبرها الفلسطينيون فاسدة، وبلا شرعية بينهم، ومن وجهة نظر جيل الشباب الفلسطينيين فإنها ليست عنواناً وطنياً مشروعاً".
وأشار المراسل إلى أن "النفي الإسرائيلي عن مساعدة السلطة الفلسطينية في هذه العملية لا يصمد طويلا، لأن الافتراض السائد بدرجة عالية أن تكون هذه العملية منسقة مسبقا بين الجانبين، فضلا عن كون الأمريكيين في قلبها، بما فيها الخطط التفصيلية التي عرضت عليهم، ومتطلبات التسليح التي على إسرائيل الموافقة عليها، رغم أنها لم ترد حتى الآن، موافقة أو رفضاً، لكن العملية توضح مدى التعقيد السياسي الذي يواجهه الاحتلال".
وتابع، أنه "بالرغم من أن نتنياهو يعتبر نقل الأسلحة للسلطة خطًا أحمر أكثر من تسليمها أموال المقاصة، فإن واشنطن تطالبه بأن يقرر ما إذا كان سيستجيب لهم، ويمنح السلطة جرعة الطاقة من الأسلحة في ظل حالتها الهشة، أم أنه سيتجاهلها لاعتبارات حزبية، ويخاطر بالمزيد من المناشدات للسلطة، رغم أن انهيارها يمثل للاحتلال سيناريو رعب، مع العلم أن بعض اليمين الإسرائيلي يرى فيه تحقيقا لرؤية سياسية متطرفة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال السلطة المقاومة جنين الضفة الاحتلال السلطة جنين المقاومة الضفة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة هذه العملیة
إقرأ أيضاً:
مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات الدولية لاستئناف الهدنة في قطاع غزة، تبدو الفجوة بين طروحات الاحتلال الإسرائيلي ومطالب المقاومة الفلسطينية أوسع من أي وقت مضى، فالمقترح الإسرائيلي الأخير، الذي رُوّج له إعلاميًا باعتباره خطوة نحو التهدئة، لا يحمل في طياته سوى شروط تعكس أهدافًا استراتيجية تسعى لتفكيك قوة حماس وسحب أوراقها التفاوضية، في مقابل تقديم تنازلات شكلية لا تلبّي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
هدنة مؤقتة لا تلبي الشروط الأساسية
الموقف الفلسطيني الرافض لمقترح الاحتلال لم يكن وليد رغبة في التصعيد، بل جاء كرد طبيعي على بنود تحمل نوايا خفية أكثر من كونها مبادرات سياسية، فحسب مصدر بارز في المقاومة، فإن جوهر الطرح الإسرائيلي لا يستجيب للمطالب الجوهرية المعلنة، وعلى رأسها وقف شامل ودائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع، وبدلًا من ذلك، يقترح الاحتلال “هدنة مؤقتة” مدتها 45 يومًا، يُسمح خلالها بمرور المساعدات الإنسانية عبر المعابر، ولكن بشروط يحددها الجانب الإسرائيلي، ما يُبقي قبضة الحصار مفروضة ولو بصيغة جديدة.
الهدف غير المعلن: نزع أوراق القوة من يد حماس
القراءة التحليلية لبنود المقترح تشير إلى أنه لا يُراد له أن يكون اتفاقًا لإنهاء الحرب، بل أداةً لفرض وقائع سياسية جديدة، فتركيز المقترح على استعادة تسعة أسرى إسرائيليين، بينهم جندي يحمل الجنسية الأمريكية، يعكس رغبة الاحتلال في استعادة “ورقة الأسرى” كأولوية تفوق أي اعتبار إنساني يتعلق بأهالي غزة، بل إن المصدر ذاته يؤكد أن الطرح يهدف إلى سحب هذه الورقة تدريجيًا من يد حماس، باعتبارها أحد أهم عناصر الضغط التي تملكها الحركة.
ويُضاف إلى ذلك، تضمّن المقترح بندًا ينص على إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في غزة على نحو ما كان عليه قبل الثاني من مارس، وهي صيغة تعني استمرار الاحتلال الفعلي، سواء عبر التمركز العسكري المباشر أو السيطرة على المجالين الجوي والبحري، بما يفرغ أي حديث عن “التهدئة” من مضمونه الحقيقي.
استراتيجية “التهدئة المشروطة”.. إعادة إنتاج الحصار
من الناحية السياسية، يبدو أن “إسرائيل” تسعى لإعادة صياغة مفهوم الحصار عبر أدوات جديدة، فبدلًا من الحصار العسكري الصريح، يُطرح الآن “فتح مشروط للمعابر” لفترة مؤقتة، بما يُبقي مصير غزة بيد الاحتلال، وهذه الاستراتيجية تُعيد إلى الأذهان سيناريوهات التهدئة السابقة التي فشلت لأنها لم ترتكز على ضمانات دولية ملزمة، ولم تُحقق أي تغيير جوهري في حياة الفلسطينيين، بل إن هذا النوع من التهدئة المشروطة يُستخدم عادة لكسب الوقت، وإعادة التموضع، وتفكيك المقاومة من الداخل عبر خلق حالة إنهاك وإرباك سياسي وأمني.
إعادة التمركز لا تعني الانسحاب
البند المتعلق بـ”التمركز العسكري قبل الثاني من مارس” لا يمثل سوى عودة إلى مرحلة تصعيدية سابقة، فهذا التاريخ يُمثل ذروة العمليات البرية التي شنّها جيش الاحتلال داخل القطاع، وبالتالي فإن العودة إلى تلك الوضعية تُعدّ بمثابة تثبيت لواقع الاحتلال وليس العكس، كما أن المقترح لا يشير إلى أي نية للانسحاب الكامل من غزة، وهو مطلب جوهري لدى المقاومة، ما يُفقد المقترح أي جدية في تحقيق تهدئة حقيقية.
الرهان على الزمن.. تكتيك إسرائيلي مألوف
ما تقوم به “إسرائيل” ليس جديدًا؛ فالرهان على عامل الزمن، عبر مقترحات مؤقتة، هو جزء من تكتيكها المعروف لإدارة الصراع وليس حله، وقد استخدمت هذه الاستراتيجية في جولات سابقة من المواجهة، حيث تسعى لتجميد الوضع الميداني لفترة محددة، تسمح لها بإعادة ترتيب أوراقها العسكرية والسياسية، دون أن تُقدّم أي التزامات حقيقية للفلسطينيين، وفي هذا السياق، فإن ما يُطرح اليوم لا يختلف في جوهره عن مبادرات سابقة فشلت لأنها لم تكن سوى محاولات لفرض الاستسلام بغطاء دبلوماسي.
حماس بين الضغط والتريث
المعطى الجديد في المشهد هو موقف حماس، التي لم تُعلن رفضها الرسمي للمقترح لكنها لم تُقدّم ردًا نهائيًا أيضًا، ما يدل على أن الحركة تدير الموقف بتأنٍ شديد، في ظل توازن معقد بين الضغوط العسكرية والسياسية والإنسانية، فالحركة تدرك أن أي خطوة نحو قبول مقترح هشّ قد يُفقدها دعمًا شعبيًا واسعًا، وخاصة في ظل تصاعد الغضب الفلسطيني والعربي نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته، فإن التريث يسمح لحماس بقراءة المشهد الإقليمي والدولي، وخاصةً في ظل تنامي الأصوات المطالبة بوقف فوري للحرب، وارتفاع منسوب الإدانة للجرائم الإسرائيلية.
غياب الضمانات الدولية.. مأزق أي اتفاق محتمل
ما يفاقم هشاشة المقترح الإسرائيلي هو غياب أي آلية دولية تضمن تنفيذ بنوده. فحتى في حال قبول حماس بوقف مؤقت لإطلاق النار، فإن التجربة السابقة تُظهر أن الاحتلال لا يلتزم بأي تفاهمات ما لم تُقيدها قوة دولية قادرة على المحاسبة، وفي ظل تواطؤ بعض القوى الكبرى مع الرؤية الإسرائيلية، وتراجع فعالية المؤسسات الدولية، تبدو أي ضمانات مجرد وعود شفوية لا تلبث أن تنهار تحت ضغط التغيرات الميدانية.
الخشية من فخ النزع التدريجي للسلاح
أخطر ما في الطرح الإسرائيلي هو ما بين السطور.. فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من الضغط السياسي والعسكري لنزع سلاح المقاومة، دون خوض معركة مباشرة، فالمقترح يُمهّد لحالة من التفكيك التدريجي لقدرات حماس، عبر إدخالها في مسارات تفاوض طويلة، تُستنزف خلالها سياسيًا وعسكريًا، ويُعاد فيها تشكيل البيئة الأمنية في غزة وفقًا للرؤية الإسرائيلية، وهذا ما يُفسر إصرار المقاومة على التمسك بشروطها الأساسية، ورفضها لأي صيغة تُعيد إنتاج الاحتلال أو تُفرّغ انتصاراتها الميدانية من مضمونها.
في النهاية، في ضوء ما تقدّمه “إسرائيل” من مقترحات ظاهرها التهدئة وباطنها الهيمنة، تبرز معادلة جديدة تُختبر فيها صلابة الموقف الفلسطيني وقدرته على الصمود السياسي بعد الصمود الميداني، فالعرض الإسرائيلي الأخير ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات التي يسعى من خلالها الاحتلال لتفكيك بنية المقاومة، ليس عبر الحرب المفتوحة فقط، بل من خلال ما يُروّج له كمساعٍ دبلوماسية وإنسانية.
تركيز الاحتلال على استعادة الأسرى، وإصراره على فتح المعابر بشروطه، وتحديده لفترة تهدئة مؤقتة، ثم الإبقاء على وجوده العسكري بطريقة أو بأخرى، كلها مؤشرات على أن المقترح يفتقر لأي نية حقيقية لإنهاء العدوان، بل يُراد له أن يكون وسيلة ضغط مركبة: استنزاف سياسي لحماس، وإنهاك مجتمعي لسكان غزة، وتلميع لصورة “إسرائيل” دوليًا على أنها تسعى لـ”السلام”، لكن ما يغفله الاحتلال أن المقاومة الفلسطينية، وبعد سنوات من المواجهة والخبرة، لم تعد أسيرة الأوهام الدبلوماسية، فقراءة الحركة للمقترح تعكس نضجًا في فهم أبعاد الصراع، وتؤكد أن الميدان ليس وحده من يحسم المعركة، بل الوعي بطبيعة الخصم وأدواته السياسية.