اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم إخراج الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت؟ فقد تُوفِّي قريب لي، ونظن من حاله أنه كان مقصِّرًا في صلاته المكتوبة، فهل يجوز قضاء الصلاة عنه بعد وفاته؟ وإن لم يجز قضاؤها عنه فهل يجوز إخراج الفِدية عن ذلك؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: انه يجب على المكلف الاهتمام بأمر الصلاة المفروضة ويَحْرُمُ عليه التهاون في أدائها، ولا تصح الصلاة عن الميت مطلقًا سواءٌ كانت فرضًا أو نذرًا، وسواءٌ تركها لعذرٍ أو لغير عذر، ولا تجب الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت؛ فالصلاة من العبادات البدنية التي لا تقبل النيابة حال الحياة، فكذلك بعد الممات.

حث الشرع الشريف على المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها

من المقرَّر شرعًا أنَّ الله تعالى فرض علينا الصلاة وجعل لها أوقاتًا تؤدَّى فيها، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣].

وامتدح المحافظين عليها في أوقاتها فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۝ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ۝ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ١٩- ٢٣].

وحذَّر من التهاون بها فقال سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59]، وقال جل شأنه: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤- ٥].

حكم قضاء الصلاة الفائتة
إذا ابتُلي العبد بالتقصير في الصلاة عمدًا، أو نسيانًا، أو بِعُذْرٍ من نحو نَوْمٍ، وجب أن يقضي ما عليه من فوائتَ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ» أخرجه الشيخان. فالصلاة كسائر العبادات المحددة بوقت تفوت بخروج الوقت المحدد لها من غير أداء، وتتعلق بالذمة إلى أن تُقضَى.

ويجب القضاء مهما كثرت الفوائت، ويسقط الترتيب في حقِّه إذا زادت الفوائتُ عن خمس، وإن لم يعلم قدر ما عليه فإنه يعيد حتى يتيقن براءة ذمته، وورد عن الإمام أحمد في الرجل يضيع الصلاة: "يعيد حتى لا يشك أنه قد جاء بما قد ضيع".

حكم إخراج الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت

أما مَن مات وعليه صلوات فائتة، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة في رواية إلى عدم صحة الصلاة عن الميت مطلقًا سواء كانت فرضًا أو نذرًا، تركها لعذرٍ أو لغير عذر، وهو المختار للفتوى؛ لأن الصلاة من العبادات البدنية التي لا تقبل النيابة حال الحياة، فكذلك بعد الممات.

قال العلَّامة الشُّرُنْبُلَالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 170، ط. المكتبة العصرية): [(ولا يصح أن يصوم) الوليُّ ولا غيرُه عن الميت، (ولا) يصح (أن يصلي) أحدٌ (عنه)] اهـ.

وجاء في "مواهب الجليل" للإمام الحطَّاب المالكي (2/ 544، ط. دار الفكر): [أنَّ الصلاةَ لا تقبل النيابة على المعروف من المذهب] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 381، ط. المكتب الإسلامي): [ولو مات وعليه صلاة أو اعتكاف: لم يقض عنه وليُّه، ولا يسقط عنه بالفدية] اهـ.

وقال العلَّامة البُهوتي الحنبلي في "كشَّاف القناع" (4/ 14، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا) يصح (أن يصلي عنه) -وفي نُسَخٍ: عن- (غيرُه فرضًا ولا نافلة في حياته، ولا في مماته)؛ لأن الصلاةَ عبادةٌ بدنيةٌ محضة فلا تدخلها النيابة بخلاف الحج] اهـ.

وبخصوص الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت، فالذي نختاره للفتوى هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية في المشهور عندهم، والحنابلة في رواية: أنه لا فدية عن الصلوات الفائتة عن الميت وأنها لا تسقط بذلك؛ لأن الصلاة من العبادات البدنية التي لا تقبل النيابة ولا الفدية حال الحياة، فكذلك بعد الممات.

قال الإمام القرافي المالكي في "الفروق" (3/ 186، ط. عالم الكتب): [(وقسم) اتفق الناس على عدم إجزاء فعلِ غيرِ المأمور به فيه وهو: الإيمان، والتوحيد، والإجلال، والتعظيم لله سبحانه وتعالى. وكذلك حُكي في الصلاة الإجماع] اهـ. فأفاد هذا عدم إجزاء شيء بدلًا عن الصلاة من فدية أو غيرها.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 372، ط. دار الفكر): [لو مات وعليه صلاة أو اعتكاف لم يفعلهما عنه وليُّه، ولا يسقط عنه بالفدية صلاة ولا اعتكاف، هذا هو المشهور في المذهب والمعروف من نصوص الشافعي في "الأم" وغيره] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (4/ 220، ط. دار الكتب العلمية): [وفي الصلاة روايتان:... والثانية: لا تقضى؛ لأنها لا تدخلها نيابة، ولا كفارة، فلم تقض عنه، كحالة الحياة] اهـ.

فأفهمت تلك النقول أن الفدية لا تقوم مقام فوائت الصلاة عن الميت ولا تُسقطها عنه.

ولا يخفى أن القول بإخراج الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت قد يؤدي إلى فتح باب التهمة على المسلم في أدائه الصلوات والتزامه إياها، والتوسع في التهمة وإساءة الظن بالمسلم مما نهت عنه الشريعة الإسلامية وحذرت منه في غير موضع.

قال الله تبارك وتعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: 12].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» متفقٌ عليه.

ولَمَّا كان الأصلُ في المسلم السلامةَ ولا يُعْدَلُ عنها إلا بيقين، كان كلُّ ظنٍّ لم تعرف له أمارةٌ صحيحة وسببٌ ظاهر حرامًا واجبَ الاجتناب، وإذا كان المرءُ لَيَصْعُبُ عليه الجزمُ بنيته في عمله، فكيف يتسلَّط على نِيَّاتِ الآخرين؟!

كما أن القول بإخراج الفدية عن فوائت الصلوات المفروضة عن الميت يقتضي الجزمَ بمعرفة عددها، وهو ما لا اطلاع لأحدٍ عليه على وجه متيقن، ومعلومٌ أن انعدامَ الأصل يقتضي انعدامَ الأثر، فكيف تُقَدَّرُ فديةٌ هي عوضٌ عن مجهولِ الأصلِ والعددِ؟!

الخلاصة
بِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجب على المكلف الاهتمام بأمر الصلاة المفروضة ويَحْرُمُ عليه التهاون في أدائها، ولا تصح الصلاة عن الميت مطلقًا سواءٌ كانت فرضًا أو نذرًا، وسواءٌ تركها لعذرٍ أو لغير عذر، ولا تجب الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت؛ فالصلاة من العبادات البدنية التي لا تقبل النيابة حال الحياة، فكذلك بعد الممات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم إخراج الفدية عن الصلوات الفائتة عن الميت الصلوات الفائتة عن الميت المزيد الصلاة عن المیت إخراج الفدیة عن قال الإمام حال الحیاة

إقرأ أيضاً:

31 عرضاً لنوادي مسرح قصور الثقافة بشرق الدلتا

يشهد قصر ثقافة الزقازيق اعتبارا من 28 ديسمبر الحالي 31 عرضا مسرحيا لنوادي مسرح إقليم شرق الدلتا الثقافي، تنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، ضمن برامج وزارة الثقافة لدعم الشباب الموهوبين، وتستمر العروض حتى 12 يناير المقبل.

العروض المسرحية من إنتاج الإدارة العامة للمسرح، برئاسة سمر الوزير، التابعة للإدارة المركزية للشئون الفنية، برئاسة الفنان أحمد الشافعي، وتقدم بالتعاون مع إقليم شرق الدلتا الثقافي، بإشراف الشاعر أحمد سامي خاطر، وفروع ثقافة الشرقية، الدقهلية، كفر الشيخ، دمياط، وتنفذ من خلال إدارة النوادي بإشراف المخرج محمد الطايع.

فرع ثقافة الشرقية

تفتتح عروض نوادي مسرح فرع ثقافة الشرقية اعتبارا من 28 ديسمبر بعرض "يونس" إخراج أحمد عبد الرازق، يليه "موش الخليفة" إخراج أحمد عباس. وفي اليوم التالي يقدم عرض بعنوان "الحبل" إخراج محمد المنسي، وعرض "بائع الكتب المزورة" إخراج زياد ياسر.

و يوم 30 ديسمبر يعرض “الحادثة" إخراج محمد الجندي، ثم "انتحار معلق" إخراج سهر عثمان، ويعرض يوم 31 ديسمبر "الزيبق" إخراج ولاء زكي، يعقبه "المشنقة" إخراج رضا عواد، وتختتم العروض يوم 1 يناير يقدم عرض "من أكل البازلاء" إخراج أحمد بلطة.

فرع ثقافة الدقهلية

تبدأ عروض فرع ثقافة الدقهلية يوم 1 يناير بعرض "نزهة في مدينة المعركة" إخراج إبراهيم غزل، وهو أول عروض نوادي مسرح فرع ثقافة الدقهلية.

ويشهد يوم 2 يناير عرض "ليلة القتلة" إخراج هيثم صديق ويليه عرض "سيرة الأراجوز" إخراج مصطفي عادل. ويوم 3 يناير يعرض "ثلاثة فساتين" إخراج يوسف أبو العنين يعقبه عرض "المحطة الأخيرة" إخراج علاء عسكر.

أما يوم 4 يناير فيعرض "أوليف الصغير" إخراج أحمد مصدق ثم عرض "انتحار معلق" إخراج محمود الزيني، ويوم 5 يناير يعرض "هذة لوحتي" إخراج طارق إيهاب يليه "الحاجز الأخير" إخراج مصطفي مجدي.

ويعرض يوم 6 يناير عرض"الباب" إخراج محمد محروس ثم عرض "المسوخ" إخراج نيرة فهمي، أما يوم 7 يناير فيعرض"لم تكن الشخص ذاته" إخراج إسلام محسن ويليه عرض "أرماد" إخراج أحمد مصطفي.

وتختتم عروض الفرع يوم  8 يناير بعرض"برنتاتيا" إخراج أشرف الحلو ثم عرض "الدم المحرم" إخراج يوسف صبري.

فرع ثقافة كفر الشيخ

تبدأ أولى عروض فرع ثقافة كفر الشيخ يوم 9 يناير بعرض"لعنة زيكار" إخراج إبراهيم الفقي ويليه عرض "علماء الطبيعة" إخراج أحمد سمير.

وفي اليوم التالي عرض"الأفيون" إخراج كيرلس نبيل وعرض "ولي" إخراج أحمد سلامة.

فرع ثقافة دمياط

تدشن أولى عروض فرع ثقافة دمياط يوم 11 يناير بعرض"لحظة فارقة" إخراج نور العباسي ويليه عرض "نص الدائرة " إخراج عدنان علاء الدين.

وتختتم العروض يوم 12 يناير بتقديم عرض "لا تشعل الضوء" إخراج خالد حامد زكي.

وتقدم هيئة قصور الثقافة، خلال الموسم الجديد من تجربة نوادي المسرح، 155 عرضا مسرحيا تم اختيارها في أغسطس الماضي من بين 325 مشروعا بحضور لجان متخصصة.

وتعد تجربة نوادي المسرح الأكثر رواجا في تاريخ المسرح المصري، تتيح خلالها هيئة قصور الثقافة الفرصة للشباب لإبراز مواهبهم في المجال المسرحي بإمكانيات بسيطة، مع مراعاة اختيار عروض مسرحية من مختلف المحافظات، بهدف تقديم خدمة ثقافية متميزة للجمهور، ومنتج مسرحي يصل إلى المحافظات كافة، تحقيقا لمبدأ العدالة الثقافية.

مقالات مشابهة

  • أفلام عربية مشاركة في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي
  • القائمة القصيرة لترشيحات جوائز الأوسكار 79
  • 31 عرضاً لنوادي مسرح قصور الثقافة بشرق الدلتا
  • كيفية التعامل مع عظام الميت في القبر عند دفن آخر .. دار الإفتاء تجيب
  • ما شروط القبر الذي يصلح لدفن الميت؟.. تعرف عليها
  • هل يجوز قراءة سورة يس أثناء دفن الميت؟ دار الإفتاء تجيب
  • مسلسلات رمضان 2025.. وحدة إخراج ثانية لتصوير «سيد الناس»
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • دينا الشربيني.. «حاوريني يا كيكي» على المسرح