حرامية الاغاثة وتجار الحرب
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
حرامية الاغاثة وتجار الحرب
حيدر المكاشفي
اسمحوا لي ولمصلحة هذه القضية المزعجة أن أُسقط كل ما علمته بنفسي أو سمعته من رواة ثقاة طوال عام ونصف قضيتها في مناطق الحرب، عن ظهور طبقة من عديمي الضمير فاسدي الذمم والأخلاق ضعيفي الدين، رغم ادعائهم التدين الذي وضح أنهم ليس لهم فيه إلا المسوح الظاهرية والمظاهر الخارجية، الذين تكالبوا على إغاثات المنكوبين من النازحين تكالب الأكلة على القصعة، ساعدهم على ذلك، أنهم لسخرية الزمان كانوا من المشرفين على التوزيع، سأسقط كل الحكاوى والمواقف المخزية لهؤلاء مما علمته وسمعته واكتفي فقط بإيراد إحدى الروايات الرسمية التي وردت خجولة على لسان أحدهم الذي اعترف بتسرب بعض المواد الإغاثية للأسواق، وغير هؤلاء الحرامية الصغار التافهين الذين يخطفون اللقمة من الأفواه المنكوبة الجائعة، هناك حرامية آخرون من الوزن الثقيل يتحينون الفرص ويتصيدون الأزمات والكوارث ليستثمروا في فواجع الناس ونكباتهم وأحزانهم ويتربحوا منها ويكسبوا المليارات، وقد وجدوا فرصتهم بل ضالتهم في كارثة الحرب الحالية، فتحركوا بسرعة لاغتنامها والاغتناء منها تحت دعاوى استجلاب الدعم والإعانات والإغاثات من الخيرين داخل البلاد وخارجها، فبرزوا إلى العلن كما تبرز الثعالب الماكرة وأعلنوا أنفسهم مغيثين لمتضرري الحرب، في محاولة لاستغلال العلاقات المشبوهة التي بنوها مع بعض الأطراف الداخلية والخارجية بمقدراتهم البهلوانية على التضليل تارة والتزلف أخرى.
قالت امرأة منكوبة في إحدى المناطق المتضررة بالحرب لمن تفقدها يسألها عن حالها..
البيت اتهد فضلت بس الدانقة الواقفة دي، ناس الإغاثة مع البياح جابو لنا أكل، وقالولنا امشوا طرف الشارع شان الموية، أنا أبيت نرحل أخير نقعد نحرسا، وكان فتنا نلقى مساعدة وين، الوليدات دايرين الأكل والهدوم، الصغير مورود وبطنو واجعاهو من برد امبارح، كان لقيت لي حبة نعناع، لكن أغليها وين…
لا شك أن قلبك قد انفطر وطفرت منك دمعة عزيزي القارئ على حال هذه المرأة الضعيفة وغيرها من آلاف الروايات والحكايات الحزينة التي يتفتت لها الصخر العصيا وليس فقط الأكباد الرطبة، هذا غير من استشهدوا بدانة أو طلقة طائشة أو برميل متفجر أو بكوليرا أو حمى ضنك أو خلافها من الأمراض التي لم تجد العلاج، أو بانهيار حائط أو مبنى قصفه الطيران إلى آخره، هذا الحال البائس الذي (يحنن الكافر) ويجعلك تندفع في هاشمية فتخلع جلبابك الذي ترتديه وتغطي به ذاك الطفل الصغير المورود الذي يرتجف وتصطك اسنانه من أثر الحمى والبرد، لا تراه حكومة بورتسودان ولا يراه هؤلاء الحرامية الأنذال الذين نزعت الرحمة من قلوبهم، سوى فرصة سانحة لنهب وسرقة ما يجود به الخيرون من الدول على هؤلاء الضعفاء المساكين، وتحويله لمصلحتهم ومنفعتهم الشخصية ومنفعة تابعيهم ومنسوبيهم وأصدقائهم والمتاجرة في المعاناة واستثمار الكارثة وتحويل الإغاثات إلى صفقات تدر عليهم المليارات.
علينا أن ننتبه، وعلى الشباب الطاهر الذي لم يتلوث بحب السلطة أو المال ممن انخرطوا في تجرد ونقاء في التكايا وعمليات الإغاثة والعون للمنكوبين من النازحين أن ينتبهوا لكشف وفضح هذه الممارسات اللا إنسانية التي تتخفى وراء لافتة الإنسانية، فعند الأزمات والكوارث هناك دائماً أناس شرفاء يبذلون كل ما يستطيعون وما يملكون لتقديم العون والمساعدة، وعلى الضد من هؤلاء الأفاضل هناك أيضاً الحقيرون الخسيسون الذين يسخرون كل ألاعيبهم للاستفادة بأقصى ما يمكنهم من الأزمة أو الكارثة لمنفعتهم الشخصية والتربح منها، هؤلاء هم عباد المال لا مبدأ لهم غيره ولا عقيدة فأحذروهم.
الوسومالإغاثة التكايا الحرب السلطة السودان حكومة بورتسودان حيدر المكاشفيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإغاثة التكايا الحرب السلطة السودان حكومة بورتسودان
إقرأ أيضاً:
كرة عراقية غارقة.. من يغيث القبطان؟
بقلم : حسين الفاضل ..
في كل مرة يسقط فيها المنتخب الوطني ، يتجدد وجع العراقيين لكنه اليوم كان أقسى من كل مرة ، لأن القبطان غرق قبل الملاليح ، ولأن السفينة لم تعد تحتمل المزيد من الثقوب التي أحدثها الفاشلون والمتآمرون والمسترزقون على حساب شغف الجماهير .
مباراة العراق أمام فلسطين لم تكن مجرد خسارة ، بل فضحت آخر أوراق التوت التي كان يتستر بها عدنان درجال ومدربه الفاشل كاساس، وأزالت القناع عن وجوه الإعلاميين المرتزقة الذين يرفعون رايات الدفاع عن الفشل مقابل حفنة من الدولارات أو رحلة خارجية مدفوعة الأجر. هؤلاء ليسوا مجرد أبواق ، بل أدوات لقتل الروح الرياضية وتشويه الكرة العراقية إنهم جزء من منظومة الخراب التي أسقطت المنتخب في مستنقع العار .
لكن المشكلة لا تقف عند هؤلاء فقط، بل تمتد إلى قادة الرياضة في العراق ، أولئك الذين تركوا الحبل على الغارب لاتحاد الكرة ، وتخلوا عن مسؤولياتهم وكأن الأمر لا يعنيهم وزير الشباب والرياضة ، ورئيس اللجنة الأولمبية ، وكل مسؤول صمت أو تواطأ أو خاف من درجال لأنه محمي من رئيس الوزراء ، هم شركاء في هذه الجريمة بحق الجماهير العراقية .
اليوم، لا يكفي الصمت ، ولا تجدي التصريحات الفارغة يجب أن يكون هناك موقف حاسم من الحكومة تجاه هذه الكارثة استمرار السكوت يعني أن الجميع متواطئ ، والجماهير لن تسامح من خان ثقتها ، ولن تصفق بعد اليوم لمن سرق فرحتها لقد آن الأوان لأبعاد هذه الشرذمة ، فإما أن تنهض الكرة العراقية ، أو فليبحث هؤلاء عن أوطان أخرى ليخدعوا جماهيرها .