عقل البلبوسي والعدالة الثأرية والعدالة الانتقالية
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
عقل البلبوسي والعدالة الثأرية والعدالة الانتقالية
تسابيح عابدين
الصورة المرفقة ممكن كشخص سوي سليم الفطرة تنفر منها وتشغل عقلك تتساءل عن مشروعيتها أخلاقياً ودينياً وإنسانياً وعسكرياً حتى إذا إنت بلبوسي أو من دعاة استمرار الحرب الأهلية في السودان في إطار المناكفة واختلاف موقفنا من الحرب.
تداولت الأسافير تعريفات كتيرة للشخص البلبوسي واتهامات متبادلة بأقذع العبارات بين مختلفي الرؤية حولها.
لكن في تعريفي الشخصي للبلبوسي وهي كلمة جاءت من إبليس في أقصى مراحل الشيطنة لدعاة استمرارية الحرب، إنه شخص غاضب وحانق بسبب انتهاكات جسيمة تعرض لها أدت لقصور رؤيته للواقع العام للدولة السودانية وحصر الأزمة السودانية في مشكلته الراهنة متناسياً السياق التاريخي لها، وجعل من الأزمة الراهنة القضية الأساسية للدولة وغض الطرف عن الإنتهاكات التي مر بها السودان ما بعد الاستقلال، متجنباً أي رؤية ولو بسيطة يمكن من خلالها إيجاد حل شامل للأزمة السودانية.
تساؤل مشروع؟هل تعتقد أنك كشخص بلبوسي مغبون على حقد عظيم على الجنجويد أن الطريقة الحالية للمؤسسة العسكرية تشفي صدور قومٍ مؤمنين
هل المؤمن يشفي قلبه بشق البطون وحرق الأحياء وتصوير الأرجل على الجماجم والتصور مع الهياكل العظمية؟
السوال الآخر؟لماذا البلبوسي يتفاعل بهستيريا مرضية مع الجرائم ضد الجنحويد الطرف الخصم؟
الإجابةأعتقد بحسب وجهة نظري! أنها تحقيق للعدالة عما تعرض له من انتهاكات في الحرب الأهلية الآنية.
العدالة هي مطلب إنساني فطري وطبيعي نسعي له جميعاً كسودانيين من أول طلقة 1955م إلى ثورة ديسمبر المجيدة.
لكن هل فعلاً هذا النوع المتبع من تحقيق العدالة ممكن يؤدي لتغيرات في السياسة المستقبلية للدولة السودانية، بحيث أنها لا تقع هذه الانتهاكات في مناطق أخرى من السودان؟
هل يحق لضحايا الانتهاكات في أقاليم السودان المختلفة المطالبة بنفس الوسيلة لتنفيذ العدالة وجبر الضرر الذي لحق بهم من قبل الدولة أم تكتفي الدولة بالمصالحات الفوقية والترضيات التي لا تنعكس على المجتمعات السودانية والقواعد، فتصبح هذه المجتمعات بؤرة صالحة لوجود العقل البلبوسي الانتقامي الثأري؟.
في الأيام الأولي للحرب جميعاً شهدنا على بعض صفحات أصدقائنا من إقليم دارفور كلمة (ولا يوم واحد من العشناه)، كلنا كنا مستغربين فيهم واصفينهم بالحقد والشماته والكراهية.
الغريب نفس هؤلاء الأشخاص المعترضين سابقاً على العبارة أعلاها يمسكون الآن بيد العدالة الثأرية التي أثبت بالتجربة أنها لا تأتي بنفع أو تجبر الضرر عن الجرائم الجماعية أو تحقق إصلاح مؤسسي حقيقي وهو المشكلة الأساسية المترتبة عليه كل ما يحدث الآن.
العدالة الانتقالية التي طالبنا بها كسودانيين بعد ثورة ديسمبر لم تأتِ من رغبتنا في التشفي من الخصوم السياسيين أو مجرمي الإبادة الجماعية بحق مجموعات كبيرة من السودانيين.
جاءت من رغبتنا في علاج جراح الماضي بشكل يرضي الجميع وواقعي لذلك لم يشنق القتلة والمغتصبون في الميادين العامة أملاً في دولة المؤسسات والقوانين التي تتوفر فيها إرادة سياسية للإصلاح المؤسسي وجبر الضرر للضحايا وكشف الحقيقة والمحاسبة.
بسبب ذلك تم الانقلاب على ديسمبر وليس قوى الحرية والتغيير كما يزعم الانقلابيون والنتيجة الصورة المرفقة والحرب الدائرة والانتهاكات المريرة التي نمر بها جميعاً.
فكرة العدالة الانتقالية أنها تعالج الماضي بفتح الجروح والعمل على إيجاد حل واقعي لها، يجب دعمها من جميع السودانيين.
حقاً ديسمبر كانت مجيدة، فكيف لا تتم محاربتها ليعيش الشعب كابوساً يرفض بعده أن يرى الصباح ويظل في سجن الخوف والكراهية!!…..
الوسومالاستقلال البلبوسي الحرب الحرب الأهلية السودان العدالة الانتقالية تسابيح عابدين ثورة ديسمبر دارفورالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاستقلال البلبوسي الحرب الحرب الأهلية السودان العدالة الانتقالية ثورة ديسمبر دارفور العدالة الانتقالیة
إقرأ أيضاً:
إشعال حمى الحروبات لتعقبها حمى الإنفصالات
بقلم / عمر الحويج
1- إشعال حمى الحرب :
بعد الجهد الجهيد ، في التآمر تلو التآمر ، وبالتكتيك الشرير ، تلو التكتيك الأشر ، للإجهاض العاجل ، ليس بالتفكير العاقل ، إنما المتعجل للقضاء على ثورة الشعب الديسمبرية القرنعالمية المجيدة ، لذلك عجزوا في مسعاهم ، ولكنهم لازالوا يعافرون ، فقد قررت قوى الثورة المضادة ، تقودها قيادات النظام البائد " الإسلاموية"وعضويتها المؤدلجة داعشية اليد واللسان دون عقل عند بعضها ، وبعضها الآخر "المُّسَّلِكة" لامورها ومصالحها وأنصبتها من الشفشفة لهوامل المال العام السايب البعلم السرقة ، وأخذ ما فيه النصيب ، يردفون خلفهم ومعهم كل منتفع "رَمّْام" نمام زميم ، من مرتزقتهم المنتفعين ، أعلاهم إعلاميّ الحناجر المتفجرة وأقلام المأجورين المنمقة ، ونهازةً آخرون بمخزون سلاحهم بائعون " من دول شوية ومن دوك شوية" ، عبر ثلاثينيتهم بزيادة الستة الدموية ، المكملة لدمويتهم بسوابقها وخبراتها المكتسبة ، حيث أوصلوا الدماء فيها ، هذه المرة ، حتى سالت أنهاراً تحت الركب ،كما كانوا يهددون أيام حكمهم وتحكمهم ، وفعَلُوها هذه المرة وفعَّلُّوها ، على مرآى ومسمع العالم أجمع ، وفي سبيل عودة السلطة التي فقدوها إلى بارئها ، ولم يرعووا بل عزة بالأثم لم يسلموا ويستسلموا لأمر شعبهم وأمر ربهم ، الذي يدَّعون خلافته في الأرض ، حين يبصرهم بيؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء ، فأنجبت دمويتهم الفايتة الحدود في دمويتها ، إشعال حربهم الكارثية في 15 أبريل ، حين دعوا لها صورة وصوتاً ، في شهر رمضان والناس قيام ، ونفذوها في ذات شهر رمضان والناس صيام ، حرب أكلت ولازالت وما شبعت من أخضر السودان ويابسه . من بعد أن دعمت طموحاتها باستخدام أقصى قوة للسلاح يمتلكونها ، هم وأطرافهم التي أنجبوها من أرحامهم الملوثة بجرثومة القتل ، خارج القوانين الوضعية والدينية ، وحتي المعتقدات الوثنية ، والمبادئ الإنسانية ، تشكلت حربهم الإجرامية ، من أطرافها المرئية : جيش مختطف ، ومليشيا تفرخت منها مليشيات ، بعد أن كانت مقتصرة على الدعم السريع "الجنجويد" عند المنشأ والميلاد ، وما خفي خلف الدانات والمسيرات والطائرات وبراميل المتفجرات ، من أولئك المساهمين خلف ستار أعظم .
بهذه وبتلك وما في الدنيا وما فيها من شرور ، تم إغلاق الباب نهائياّ ، على أية عشم ينتظره شعب السودان المنكوب ، أن تقف حرب الطرفين العبثية ، أنتظروا توهماً سرابياً ، أن يمارس بعض جيش السودان الوطني ، وهو قي عرفهم لا يزال ، إنحيازاً ولو شكلياً ، لإنقاذ ذاته من الإفناء ، إذا لم يكن في بالهم إنقاذ شعب السودان من الإختفاء ، حتى يعيدوا الحياة ، لطبيعتها السلمية ومدنيتها السائرة يومياتها بعقلانية ، حتى يتمكن هذا الشعب ، المنكوب وصابر ، من مواصلة الحياة بمعاناتها ونكباتها ، من الصفر المنعدم حيث نقطته العدم ، وحتى هذه لم تتوفر لهم ، وماتت أحلامهم في وقف الحرب اللعينة ، وإنتظروا ودعوا ربهم طويلاً حتى تلاشت دعواتهم وتمنياتهم هباء ، ولازالوا يمدون حبل الصبر ، فهو سبيلهم ولا خيار ، فلم يتوقف عشمهم في أطراف الجريمة ، من أمل يحقق لهم وقف الحرب ، رأفة بحالهم فيما تبقى لهم من نَفّس ، وزفير وشهيق ، في رئاتهم المعطوبة بالدخان المرسل إليهم ، من آلات الحرب المدمرة ، ووقفها حتى ولو بالتفاوض آخر الكروت ، ولكنه المرفوض والمبعد من مخططاتهم السرية ، فلاسميع ولامجيب ، سداً لآذان صماء ، دي بي طينة ودي
بعجينة !! . أو أملاً في وقفها حتى ولو بإنتصار أحدهما على الأخر ، أيهم لا يهم ، فكلهم في القهر والإزلال القادم سواء ، وأيهما يأتي ويحكم فيهم ، فهم في العنف سواء ، وبرغم علم هذا الشعب المغوار ، الناهض في حينه وتوقيته ، أن مرارة كامل الإنتصار هو الإنهيار ، والفوضى والتلاشي ، ورغم ضياع أملهم وفشل سعيهم في الزمن السراب ، سكتوا عن الحلم والأمل المباح ، لكنهم يعلمون غداً ستتوقف الحرب بغير إرادة القتلة المجرمين ، والشعوب لا تفنى ، وسيأتي بعدها يوم القصاص من الغاصبين المغتصبين .
2- إشعال حمى الإنفصال :
وبعد كل هذه المرارات التي عاشوها ، قتلاً ونهباً وأغتصاباً وتهجيراً تطل عليهم قيادات الطرفين بالأمّر من سابقاتها حزمة مرارات .
أولها : ممثلهم البرهان يعلنها داوية ، على لسان الإسلام السياسي ( الكيزان ومرفقاتهم الإرهابية والنفعية] وليس على لسان جيشنا الوطني المختطف ، ليعلن أن اللعبة إنتهت ، وأنهم عائدون إلى حكمهم المباد ، حتى ولو على نصف دويلة !! . فالغى لهم البرهان ما كان قائماً من نفحات ، عليها رائحة نسمات من حياة كانت . بثتها رياح ديسمبر في أوردة القوانين التي شرعتها ، تمهيداً لبناء عهد وسودان جديد ، وقيامه بتجريد حملة يحسبها في متاهته وفاقية ، يتبعها بخطب. عصماء وبندقية ، ويمزق بنودها بأحبار دم الشعب الأحمر المسال كل ماخطته الثورة ، ويمسح بإستيكة الديكتاتور المستبد ، كل ما شرعته الثورة من قوانين ومواثيق . رغم ماشاب هذه المواثيق في وقتها ، من عيوب ونواقص ، فهي كانت جسر العبور ، على الأقل لمقولات دكتور عبدالله حمدوك ومنقذته من مغبة التوهان .
ثانيها : ترتيبات قيادات الدعم السريع " الجنجوكوز" بتشكيل حكومتهم الموازية ، غض النظر عن خطر خطط الإنفصالات ، الجارية مساراتها على قدم وساق ، التي فجرتها هذه القرارات العشوائية الأحادية النزعة ، في مجملها من قبل الطرفين ، مع ترحيبهما برغبة كل منهما ، بإقتسام كيكة السلطة ، دون وازع من وطنية ، مرحبين من وراء إدعاءات كاذبة بالتقسيم ، الإسلاموكوز يسابقهم الجنجوكوز ، في توزيع كعكة السلطة مناصفة "فالمال تلتو ولا كتلتو "، ويادار قد دخلك الشر من كافة نواصيه ، وهم يخوضون حرب نهايات التقسيم ، بكل طرق شرورهم المتوافرة ، وأخطرها كان خطاب الكراهية المتبادل ، الذي إنتشر كالهشيم في النار ، تمهيداً مقصوداً لحرب الدمار الشامل ، التي أهلكت الزرع والضرع ، ودمرت الأخضر واليابس ، وأغتالت الشجر والحجر وإن شبعت من هذه ، لكنها لم تشبع بعد من تكملة إغتيال البشر ، وهاهما الطرفان ، باليد اليمنى يقبضان على الزناد لمواصلة حربهما العبثية اللعينة ، وباليد اليسرى ، يقدمان فروض الولاء والطاعة لبقايا الإقتسام المنتظر ، لسلطة قادمة وقد دانت بنيرانها لهم ، ولكل منهما نصفها المحتضر . لاتريثاً بل ليأخذ كل منهما نصيبه ال- يقطر دماً وينطلق .
omeralhiwaig441@gmail.com