الرئيس التونسي يشن هجوماً واسعاً على «النهضة الإخوانية»
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
أحمد شعبان (تونس، القاهرة)
أخبار ذات صلةشن الرئيس التونسي، قيس سعيد، هجوماً واسعاً على حركة النهضة الإخوانية، واصفاً عناصرها بأنهم خونة وعملاء ما زالوا يتوهمون تقسيم البلاد كمن يلهث وراء السراب.
جاء ذلك في كلمته خلال زيارته إلى مدينة بن قردان جنوب شرقي البلاد، بمناسبة الذكرى 14 للثورة، حسبما نشرت الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية أمس.
وأكد سعيد ضرورة تواصل المسار الثوري لتحقيق تطهير الإدارة، حتى يكون البناء صلباً كي لا يؤول بعد ذلك إلى السقوط، في إشارة إلى تطهير المؤسسات الحكومية من جماعة الإخوان التي تغلغلت منذ سنة 2011.
في غضون ذلك، أوضح المحلل السياسي التونسي، منذر ثابت، أن الرئيس قيس سعيد يتبع نهجاً محافظاً، وليس لديه إشكال إيديولوجي مع الفكر والتيار الإسلامي، ولكن لديه إشكال سياسي مع تنظيم الإخوان وقيادته وارتباطاتهم بالخلفيات التي ينطلقون منها في سياساتهم وتحالفاتهم، وبالتالي فإن هذا الأمر قد يفضي إلى اتجاه قضائي يؤدي إلى تفكيك حركة النهضة وحظرها.
وأوضح ثابت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الرئيس سعيد لديه احترازات حول ارتباطات وممارسات التنظيم السياسي خلال إدارة حكم الإخوان للبلاد من 2011 إلى 2021 والتي وصفت بالعشرية السوداء، إلى جانب أن الشارع التونسي حسم أمر الإخوان وحركة النهضة التي أصبحت منبوذة من عموم الشعب.
وحذر المحلل السياسي التونسي من أنه إذا ما تأزمت الأوضاع فإن جماعة الإخوان قد تعود لدى قطاع محدود وضيق داخل الرأي العام، ولن تتجاوز في وجودها الشعبي 15%، مؤكداً أنه لا مستقبل لحركة النهضة تحت حكم الرئيس قيس سعيد.
وأشار ثابت إلى وجود سردية جديدة قد يدعمها انتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، وأن هذا قد يؤدي إلى كتابة النهاية لما تبقى من الجماعات المتشددة في المنطقة العربية كلها وليس فقط في تونس.
ومازالت النهضة الإخوانية في تونس تواجه عدة ملفات أمام القضاء، وسط مطالبات في الشارع والأحزاب، بحل وحظر نشاط الحركة سياسياً للأبد.
ومنذ 25 يوليو 2021، انطلق مسار محاسبة الإخوان لتورطها في قضايا متعددة أبرزها، التآمر والتخابر، وتلقيها تمويلات أجنبية من الخارج وارتباطها بالإرهاب وقضايا التسفير، وتورط قياداتها في جرائم ضدّ أمن الدولة والاغتيالات السياسية، وتبييض الأموال.
ومن جانبه، يرى المحلل والباحث التونسي، الخبير في الجماعات الإرهابية، الدكتور أعلية علاني، أن الإخوان والجماعات المنتمية إلى نفس الفكر في تونس والعالم العربي ستدخل في مرحلة سُبات لمدة طويلة لا تقل عن عقدين من الزمن، وستبقى بعض الأحزاب التابعة لهم في المعارضة البرلمانية ولكن كأقليات.
وقال علاني في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه ربما تتم في الفترة المقبلة مبادرات تمنح بعض قيادات «النهضة» عفواً مشروطاً وإخراجهم من السجون، لكنّ الفكر الإخواني لن يستطيع أن يكون جذّاباً لأن تنظيم وفكر الجماعة الذي ظهر في 22 مارس 1928 شارف على قرن من الوجود ولم تعرف له تجربة ناجحة في الحكم.
وأعرب عن اعتقاده بأن العديد من القيادات الإخوانية في العالم العربي ستدخل في مُراجعات نتمنى أن تكون عميقة هذه المرة، وتنتهي بمخرجات جديدة أهمها الامتناع نهائياً عن توظيف الدين في السياسة، وتحريم التكفير واستعمال العنف مهما كانت المبررات، وأخيراً إعلاء فكرة الوطن.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الرئيس التونسي حركة النهضة الإخوانية حركة النهضة تونس قيس سعيد بن قردان جماعة الإخوان جماعة الإخوان المسلمين الإخوان المسلمين
إقرأ أيضاً:
خواطر رمضانية
#خواطر_رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
يتميز المفكرون بكونهم النخبة الناقدة والمُصلحة، ولأن فكرهم دائما ما يكون إنسانيا متجاوزا للحدود السياسية وعابرا للقوميات، لذلك فهو يصلح لكل المجتمعات ولجميع الأزمان.
في الوقت الذي يتفق فيه الجميع على أن “سيد قطب” يعتبر من أبرز مفكري القرن العشرين العرب المسلمين الذين كتبوا في التعبير عن عزة الإنسان وكرامته، ومن أفضل الذين قدموا الإسلام بشموله وحيويته وصلاحيته لكل زمان ومكان، وقدرته على الحكم وعلاج مشاكل الحضارة، وتحقيق التوازن بين متطلبات الروح والمادة، إلا أنه من أكثر من أثار جدلا وحقق اصطفافات بائنة بين من يؤيدونه ومن يعارضونه.
ربما كان السبب انتماؤه الى الإخوان المسلمين، فالتحزب السياسي استجلب عداء الخصوم، سواء كانوا من ذوي الإتجاهات العلمانية كالقوميين والناصريين والماركسيين، أو أتباع الفكر المقولب كالسلفيين الاستنساخيين، أو عملاء الأنظمة والغرب كالتكفيريين، أوالمخبرين الذين يرتدون مظاهر التدين للتمويه.
أبناء الأمة المخلصين لعقيدتهم ليسوا من أولئك ذوي الإربة، فلم يلتفتوا الى انتمائه السياسي، ولم يبحثوا في طبيعة الشخص بل في فكره، لذلك لم يتأثر تقديرهم العالي لإبداعاته الفكرية، وخاصة في أهم كتاب صدر في التفسير: (في ظلال القرآن)، فلم يعتادوا أن يغمطوا حق كل من أثرى الفكر الإسلامي رغم الإختلاف السياسي، مثل إخوان الصفا (المعتزلة)، الشريف الرضي (الشيعة)، ابن المقفع (الفرس)، ابن عربي (الصوفية)..الخ.
كان سيد قطب في بداية وعيه السياسي ميالا الى حزب الوفد ومعجبا بكتابات العقاد، وعندما أرسلته الحكومة المصرية في بعثة الى أمريكا عام 1948 لإكمال دراسته العليا، لم ينبهر بالحضارة الغربية، مثل معظم أقرانه الذين درسوا في الغرب، لأنه كان متعمقا في فهم الحضارة الإسلامية، وصاحب رؤية فكرية راسخة مستندة الى ثوابت العقيدة، فكتب مقالة يصف فيها الشعب الأمريكي فيقول: “شعب يبلغ في عالم العلم والعمل قمة النمو والارتقاء بينما هو في عالم الشعور والسلوك بدائي لم يفارق مدارج البشرية الأولى بل أقل من بدائي”.
وعندما جرى اغتيال حسن البنّا، لم يكن منتميا الى الإخوان، لكنه صدم بمظاهر الابتهاج والفرح بذلك لدى الأمريكيين، مما أثر في نفسيته بعدما رأى بعينيه مدى كراهية الغرب للإسلاميين العرب، فأراد أن يتعرف على هذه الحركة عندما يعود إلى بلده، وعندها بدأ تحوله.
بدأ نشاطه السياسي فور عودته بالإنضمام الى مجموعة الضباط الأحرار، وكان ملهمهم الفكري، وبعد الثورة كان المدني الوحيد في مجلس قيادة الثورة، إلا أنه حينما أحس بخيبة أمله في انتهاجهم الإسلام ابتعد وانضم الى هيئة التحرير، وحاول عبد الناصر استعادته لصفه، لكنه رفض الوزارة وتحول الى صف الإخوان المسلمين حيث تولى ادارة جريدتهم.
اعتقل بعد حادثة المنشية التي افتعلتها المخابرات لسجن آلاف من تنظيم الإخوان، وسجن حتى عام 1964 وعندما قبضوا على أخيه محمد احتج فسجنوه أيضاً، وفبرك له “صلاح نصر” مدير المخابرات (الذي تبين فيما بعد أنه عميل للمخابرات الأمريكية) تهمة تشكيل تنظيم مخالف للدستور والتخطيط لانقلاب، وظل التفاوض معه لإعلان ولائه لعبد الناصر إلا أنه رفض فأعدم عام 1966.
كان يقول: “الإسلام الذي يريده الأميركان وأتباعهم في الشرق الأوسط، ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار، يستفتى في منع الحمل.. في دخول المرأة البرلمان، ويستفتى في نواقض الوضوء، ولكنه لا يستفتى أبدا في أوضاعنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو نظامنا المالي والسياسي، إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكم، لأن الإسلام حين يحكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى، وسيعلم الشعوب أن طرد المستعمر فريضة”.
أما أعظم ظُلم ناله سيّد بعد موته فكان من بعض المحسوبين على الاتجاهات السلفية من شيوخ السلاطين وأتباعهم، وذلك بتشويه فكره، ضمن حروبهم الممولة بهدف استئصال الفكر الجهادي.
في المقابل عانى تراثه أيضا وخصوصا من عملاء للمخابرات المصرية ومن خصوم للتيار الإسلامي من باحثين وكتاب علمانيين ويساريين، من اتهامه بأنه يُكفِّر المجتمعات المسلمة.
كل ما كان يذكره الحاكمية والجاهلية، وهذا ليس بتكفير، وقد صدرت أبحاث كثيرة أكدت كذب مزاعم منتقديه، وأهمها بحث العلامة الشيخ “عمر الأشقر” الذي أكد أن كتابات سيد لم تَحوِ نصا واحدا يُصرِّح فيه بتكفير المجتمعات والأفراد.
رحم الله المفكر الشهيد، فعنده فقط سيجد العدالة التي افتقدها طوال حياته وبعد مماته.