الانعكاسات الإيجابية للمشهد السوري على واقع الأمة
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
عبد الإله عبد القادر الجنيد
لا شك أن مسؤولية أصحاب العقول الراجحة والفهم السديد تتضاعف أمام المحن والمآسي التي تُحيط بأمتنا الإسلامية والعربية. لذا، ينبغي على كل مسلم أن يقف بجدية ومسؤولية، وينظر بعين الحكمة إلى العواقب الوخيمة التي تواجه الشقيقة سوريا، والتي يسعى الكيان المحتل لاستغلالها بعد سقوط نظام وسيطرة نظام جديد على الحكم فيها.
لقد تمكّن العدو من استهداف مقدرات الشعب السوري بشكل ممنهج، من خلال تدمير البنية الدفاعية والعسكرية والأسطول البحري للجيش العربي السوري، إضافة إلى مراكز البحوث العلمية واغتيال العلماء. كما أنه احتل أجزاء واسعة من الأراضي السورية في الجولان، وصولًا إلى تخوم دمشق، جهارًا نهارًا، بكل جرأة ووقاحة، دون أن يُقابل هذا العدوان الصهيوني الغادر بإدانة واستنكار من المجتمع الدولي أو المؤسسات الأممية.
والأدهى من ذلك، هو الصمت المطبق للنظام الجديد في سوريا على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب السوري. هذا الصمت يطرح تساؤلات عدة عن المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية الملقاة على عاتق كل مسلم عاقل تجاه قضايا الأمة عامة، وسوريا على وجه الخصوص.
في هذا السياق، برز اليمن قيادةً وشعبًا بموقف مشرف ومستشعر للمسؤولية، حيث أعلن قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، بوضوح وقوف اليمن إلى جانب الشعب السوري، واستعداده للمشاركة في الجهاد إذا اقتضى الأمر.
ومع ذلك، فإن القيادة السورية الجديدة تتحمل المسؤولية الشرعية عما يجري، وعليها أن تعلن الجهاد في سبيل الله لردع العدو المجرم، ومنع تماديه في استهداف مقدرات سوريا وأطماعه التوسعية داخل أراضيها. هذا بالإضافة إلى ضرورة التصدي للأطماع الأمريكية التي تسيطر على منابع النفط، والأطماع التركية في الشمال السوري.
أما الموقف العربي والإسلامي تجاه ما يجري في سوريا، فيبقى باهتًا وضعيفًا، حيث لا تُرفع عناوين العروبة والجهاد إلا في سياق الصراعات الداخلية والفتن التي يُغذّيها الأعداء. وعندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، تُغيب هذه العناوين، وتُشطب من قائمة الأولويات، كما حدث مع العدوان الإجرامي على غزة والضفة وسوريا ولبنان.
وهنا تُطرح أسئلة مصيرية:
هل تحرير سوريا من نظام مستبد يبرر الصمت على جرائم الكيان الغاصب؟
هل يسمح هذا الصمت بتدمير مقدرات الشعب السوري واحتلال أراضيه؟
هل تحقق هذه الممارسات الإسرائيلية حلم الشعب السوري في الحرية والاستقلال؟
إن ما يحدث في سوريا اليوم هو نموذج للمخطط الأكبر المسمى “الشرق الأوسط الجديد”، الذي يسعى لجعل إسرائيل القوة العظمى في المنطقة، من خلال تمزيق الدول العربية إلى دويلات متناحرة وضعيفة.
ولطالما حاول “الشيطان الأكبر” تطبيق هذا النموذج في اليمن خلال أحداث “الربيع العربي”، لولا ثورة 21 سبتمبر التي أفشلت هذا المخطط بفضل حكمة القيادة اليمنية وصمود الشعب اليمني.
وفي هذا السياق، حذر السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، في خطابه الأخير قوى الطاغوت من مغبة الاستمرار في استهداف اليمن. كما دعا أبناء الأمة، وخاصة المخدوعين، إلى قراءة المشهد السوري بتمعن، حتى لا يكونوا أدوات لتنفيذ مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية، التي لا تخدم إلا أعداء الأمة.
دعوة للحوار والوحدة الوطنية:
إن اليمن وطن الجميع، ويجب أن نتكاتف لبنائه وحمايته، وأن نتشارك في صنع مستقبله بما يحقق الكرامة والعزة لكل أبنائه. يجب أن تكون فلسطين هي القضية المركزية للأمة، وأن نواصل دعمها بكل الإمكانيات.
وفي الختام، لننتصر لعزتنا وكرامتنا بالاعتصام بحبل الله المتين والتمسك بوحدتنا في مواجهة الأعداء.
“ولا عدوان إلا على الظالمين، والحمد لله رب العالمين.”
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشعب السوری
إقرأ أيضاً:
مؤتمر الحوار الوطني السوري.. لقاءات لوضع أسس سوريا الجديدة
مبادرة أطلقتها القيادة السورية، التي تولت الحكم عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تهدف إلى جمع مختلف أطياف المجتمع السوري في مؤتمر حواري، يسعى إلى الخروج بتوصيات عن قضايا رئيسية، أبرزها صياغة الدستور، ليتم تقديم مقترحات بشأنها إلى الرئيس السوري أحمد الشرع.
الانطلاقفي 12 فبراير/شباط 2025 أصدر الشرع قرارا يقضي بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، وترأسها الدكتور ماهر علوش.
وقالت القيادة السورية إنها تهدف من تشكيل لجنة الحوار الوطني إلى الاجتماع مع جميع أطياف السوريين من كل المحافظات السورية، خاصة في ظل وجود محافظتين خارج سيطرة السلطات الجديدة في دمشق، إضافة إلى وجود أكثر من 10 ملايين سوري خارج البلاد.
وفي اليوم التالي، عقدت اللجنة مؤتمرا صحفيا بالعاصمة دمشق أعلنت فيه انطلاق أعمالها رسميا، ثم بدأت بعقد جلسات حوارية في المحافظات السورية، انطلقت أولاها من محافظة حمص ثم محافظات طرطوس واللاذقية وإدلب وحماة والسويداء ودرعا.
ويوم 23 فبراير/شباط أعلنت اللجنة التحضيرية إنهاء اجتماعاتها التمهيدية في كافة المحافظات السورية، مع تسلمها مشاركات وأوراقا في الجلسات ركزت على البناء الدستوري والعدالة الانتقالية والاقتصاد، وسلمتها بدورها إلى لجان استشارية مختصة لتحليلها وتسليمها للمجتمعين في مؤتمر الحوار الوطني.
وانطلقت أعمال مؤتمر الحوار الوطني السوري رسميا يوم الثلاثاء 25 فبراير/شباط 2025، وستستمر يومين، وقد تمتد حتى الخروج بتوصيات واضحة تقدم لرئيس الجمهورية، وشارك في المؤتمر أكثر من 600 شخصية، 25% منها نساء، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
إعلان الأهدافيهدف مؤتمر الحوار الوطني إلى الإسراع في عملية وضع أسس وثوابت الرؤية الدستورية ونظام الحكم وهيكلة المؤسسات القادمة لسوريا، بعد الفراغ الذي تركه النظام السابق عقب هروب الأسد وتفكك المنظومات السياسية والعسكرية والأمنية وحل الدستور.
وأعلن المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري حسن الدغيم في 23 فبراير/شباط 2025، أن المؤتمر الوطني سيكون حوارا بين السوريين وليس للمجرمين الذين دعموا النظام المخلوع، وقال أيضا إن المؤتمر قد يكون بداية لمسار طويل.
وذكرت مصادر للجزيرة أنه سيتم تشكيل 6 لجان متخصصة في الاقتصاد والدستور وإصلاح المؤسسات والحريات والعدالة الانتقالية.
الأطياف المشاركةقالت اللجنة التحضيرية إنها عقدت أكثر من 30 لقاء شملت جميع المحافظات لضمان تمثيل مختلف مكونات المجتمع السوري، مشيرة إلى أن ما يقارب 4 آلاف شخص شاركوا فيها.
وقالت مصادر للجزيرة إن اللجنة التحضيرية للحوار السوري بعد تشكيلها بدأت في توجيه الدعوات لشخصيات سياسية وأكاديمية للمشاركة في المؤتمر، وأشارت إلى أن الدعوات في بدايتها ركزت على الشخصيات المقيمة خارج سوريا من أجل ترتيب حضورها إلى دمشق.
واعتمدت اللجنة عبر الاجتماعات في المحافظات على لقاء الأكاديميين من أساتذة جامعات وأطباء ونشطاء سياسيين وإعلاميين وعاملين مع منظمات المجتمع المدني، إضافة لمن كان له "حضور مميز" بين أبناء محافظته ومن أعيانها ووجهائها.
المخرجاتوقال الدغيم للجزيرة نت إن الحوار الوطني "حلم يراود السوريين منذ عام 1950، إذ كان آخر عام يتحاورون فيه مع بعضهم البعض، عندما تشكّلت آخر جمعية وطنية تأسيسية لكتابة الدستور"، وأضاف "ربما اليوم لا يوجد سوري على قيد الحياة تحاور مع سوري آخر إلا تحت مناخ أمني عدواني، كالاجتماعات التحاورية المزعومة التي كان يجريها النظام البائد".
إعلانوأكد الدغيم أن التوصيات التي ستصدر عن الحوار الوطني لن تكون مجرد نصائح وشكليات، بل سيُبنى عليها من أجل الإعلان الدستوري والهوية الاقتصادية وخطة إصلاح المؤسسات، واعتبر أن "قرارات مؤتمر الحوار الوطني لن تكون من الصفر، إنما هي تتويج لما سبقها من لقاءات وحوارات بين الوفود الشعبية ورئاسة الجمهورية، وما عقدته منظمات المجتمع المدني بين السوريين أنفسهم في مختلف المحافظات، إضافة لمؤتمر النصر (29 يناير/كانون الثاني 2025) وما صدر عنه من قرارات تهم أمن المواطن وسلامة الوطن".
وأكد أن "المؤتمر هو جزء من كُل، وسيكون هو التتويج لما سبق، لذلك توصياته مُنتظرة من رئاسة الجمهورية التي ستستند عليه في الإعلان الدستوري والبناء الدستوري القادم وما يتعلق بالعقد الاجتماعي والرؤية الاقتصادية".
شخصيات ماهر علوش رئيس اللجنة التحضيريةكاتب وباحث سوري، ولد في مدينة حمص عام 1976، واشتهر بمواقفه السياسية وكتاباته النقدية، وفي 27 يناير/كانون الثاني 2007 اعتقل في سجن صيدنايا 5 سنوات بسبب آرائه السياسية، ثم أطلق سراحه عام 2012.
بعد خروجه من السجن، شارك في المظاهرات السلمية إبان الثورة السورية، وبرز كاتبا مهتما بالقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مسلطا الضوء على التحولات في سوريا والمنطقة، إضافة إلى قضايا العدالة الانتقالية والمحاسبة، وكان له دور في التوسط لحل النزاعات بين الفصائل العسكرية.
مع سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية في 12 فبراير/شباط 2025 تعيين علوش عضوا في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني.
حسن الدغيم المتحدث باسم اللجنة التحضيريةباحث سوري في شؤون الجماعات الإسلامية، ولد في بلدة جرجناز بمحافظة إدلب عام 1976، وتخرّج في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 2000. واصل تعليمه العالي وحصل على دبلوم في الفقه المقارن عام 2007، وعمل خطيبا ومدرسا لمادة التربية الإسلامية في مدارس عدة بريفي حلب وإدلب.
إعلانمع انطلاق الثورة السورية عام 2011، انخرط الدغيم في العمل الثوري والسياسي، وفي 3 أغسطس/آب 2014 شارك في إطلاق مبادرة "واعتصموا"، التي سعت إلى توحيد الفصائل العسكرية، كما أسهم في تشكيل "مجلس قيادة الثورة السورية" في اليوم ذاته، والذي ضمّ عددا من فصائل الجيش السوري الحر.
شغل منصب مستشار في غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف التابعة لـ"الهيئة الإسلامية لإدارة المناطق المحررة في إدلب"، التي تأسست في الأول من مارس/آذار 2013. وإلى جانب ذلك، كان عضوا في المجلس الإسلامي السوري منذ تأسيسه في 13 أبريل/نيسان 2014.
برز دوره في الوساطة لحل النزاعات بين الفصائل العسكرية، إذ تولى التحكيم في الخلاف بين "ألوية صقور الشام" و"جيش الشام" في 17 ميو/أيار 2014. كما أسس هيئة توجيهية تُعنى بالإرشاد والتوعية في صفوف الجيش السوري الحر، وتولى إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري منذ تأسيسها في 30 ديسمبر/كانون الأول 2017.
وعقب سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية في 12 فبراير/شباط 2025 تعيين الدغيم عضوا في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني.