جدَّدت السعودية تأكيدها بضرورة إنهاء الصراع في السودان، مشددة على أن الحل للأزمة السودانية، يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية للشعب السوداني، كما أكدت على ضرورة مواصلة التنسيق مع الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة لوقف النار في السودان ورفع المعاناة عن شعبه، مرحّبة بالجهود الدولية الرامية لحل الأزمة السودانية، داعية طرفَي الصراع بتنفيذ ما تم التوقيع عليه في «إعلان جدة».



واحتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء، الاجتماع التشاوري الثالث بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان، في إطار مساعي توحيد هذه المبادرات والجهود التي يشارك فيها الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجيبوتي التي ترأس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والبحرين بصفتها الرئيس الدوري لجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر والولايات المتحدة الأميركية.



الأطراف الدولية التي عقدت اجتماعاً مغلقاً استمر لأكثر من أربع ساعات، أكدت في بيانها الختامي أنها «ملتزمة بدعم نهج موحد لتعزيز وتنسيق وتكامل جهود السلام في السودان»، كما اتفقت على «أسلوب عمل الفريق الفني التابع للمجموعة الاستشارية بغرض تبادل المعلومات وضمان تنسيق الجهود».

حرص سعودي على أمن السودان
وأشار نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي في كلمة ألقاها بالاجتماع إلى الجهود الكبيرة التي قادتها السعودية في سبل حل الأزمة الراهنة، ابتداءً من «جدة 1» التي نتج منها توقيع طرفَي النزاع على «إعلان جدة» الذي نص على «الالتزام بحماية المدنيين في السودان»، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد. كما استضافت السعودية مباحثات «جدة 2»، الرامية إلى «إيجاد حل سياسي مستدام، بما يحفظ أمن السودان واستقراره، وتماسك الدولة ومؤسساتها ومنع انهيارها».

وجدَّد المهندس الخريجي تأكيد السعودية على ضرورة مواصلة التنسيق مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول الصديقة لوقف القتال في السودان ورفع المعاناة عن الشعب السوداني.

وأضاف: «تؤكد المملكة على أن الحل للأزمة السودانية، يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية للشعب السوداني، ومن ثم التمهيد لمستقبل سياسي سوداني، بما يضمن أمنه واستقراره، وصيانة وحدته وسيادته واستقلاله ووقف التدخلات الخارجية فيه».

ونوّه بترحيب السعودية بالجهود الدولية الرامية لحل الأزمة السودانية، مشيداً بقرار القوات المسلحة السودانية بتمديد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد، وفتح مطارات كسلا ودنقلا والأبيض، بالإضافة إلى معبر كادقلي لإيصال المساعدات الإنسانية.

وشارك في الاجتماع وفد من الأمم المتحدة يرأسه المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامره، وعضوية المستشارتين بالأمم المتحدة نائلة حجار وحنان البدوي، وهو الوفد الذي التقى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وتباحث معه بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي «تطورات الوضع الراهن في السودان، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الإنساني وآفاق البحث عن حلول مناسبة للأزمة»، حسب ما أوردت الوكالة الموريتانية للأنباء (رسمية).

مسار التوحيد
سبق أن اجتمعت هذه الأطراف للمرة الأولى يونيو (حزيران) الماضي، في القاهرة حيث يوجد مقرّ جامعة الدول العربية، واتفقت الأطراف حينها على «عقد اجتماعات تشاورية منتظمة لتبادل وجهات النظر حول نتائج الجهود المشتركة، وضمان تناغم مبادراتهم بشأن السودان لتأمين نتائج متعاضدة».

وعقدت الأطراف اجتماعاً ثانياً يوليو (تموز) الماضي في جيبوتي، التي تتولى الرئاسة الدورية لمنظمة «إيغاد»، وعقدت، الأربعاء، اجتماعها الثالث في موريتانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي؛ وذلك بهدف «بحث آخر المستجدات منذ الاجتماع الأخير، لا سيما وضع مبادرات المساعي الحميدة والوساطة والسلام لاستعادة السلام والاستقرار في السودان».

كما تضمن جدول أعمال الاجتماع «مناقشة السبل المبتكرة لتعزيز آليات التنسيق ومواءمة الجهود للتغلب على أهم الصعوبات والتحديات، ومناقشة الأنشطة المقبلة ذات الصلة والخروج بإجراءات مدعمة لمواءمتها وتوحيدها بروح من التنسيق».

مرحلة حساسة
الاجتماع التشاوري افتُتح من طرف عيسى خيري روبله، سفير جيبوتي لدى السودان، وممثل بلاده التي ترأس منظمة «إيغاد»، وبالتالي ترأس مبادرة توحيد الجهود الدولية في السودان، قبل أن يسلم رئاسة الاجتماع التشاوري إلى وزير خارجية موريتانيا، محمد سالم ولد مرزوك، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأفريقي.

وقال سفير جيبوتي لدى السودان إن «اجتماعنا يأتي في مرحلة دقيقة وحساسة، حيث يشهد السودان نزاعاً مسلحاً منذ ما يقارب من عامين»، مشيراً إلى أن الاجتماع الذي احتضنته جيبوتي يوليو الماضي «أسفر عن إعلان يطالب بالوقف الفوري للأعمال العدائية، وتحقيق وقف لإطلاق النار مستدام وإطلاق عملية سياسية شاملة تضم كل الأطراف والاستجابة الإنسانية العاجلة والشاملة، بالإضافة إلى حماية المدنيين في السودان».

وأكد على أهمية أن يسفر اجتماع نواكشوط عن «خطوات عملية» من أجل تحقيق هذه الأهداف.

صدق الشركاء
أما وزير خارجية موريتانيا، وبعد أن تسلم رئاسة الاجتماع التشاوري، قال إن «السودان يمرّ بمرحلة دقيقة من تاريخه تتطلب منا جميعاً مضاعفة الجهود والعمل بروح التضامن والمسؤولية». وطلب في هذا السياق من «جميع شركاء السودان، أن يكونوا صادقين في مساعيهم، وملتزمين بمبادئ التنسيق المشترك، بحيث تصبّ جميع المبادرات في مسار واحد يهدف إلى تحقيق سلام دائم واستقرار شامل».

وأضاف أن الأطراف الدولية متفقة على «أهمية توحيد الجهود وضمان إشراك جميع الأطراف الفاعلة في عملية السلام»، حسب ما أسفر عنه اجتماعا القاهرة وجيبوتي السابقان، مشيراً إلى أن لقاء الأطراف الدولية في نواكشوط مجدداً «يعكس الالتزام القوي بروح المسؤولية الجماعية، في تعزيز تلك الجهود».

لكن وزير خارجية موريتانيا شدّد على أن أي جهود للسلام لا بد أن تبدأ بالعمل على «تحقيق وقف فوري ودائم لإطلاق النار كونه ضرورةً ملحةً لضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات ولوضع أسس سلام مستدام»، قبل أن يؤكد الحاجة إلى «التقدم نحو خطوات عملية وملموسة لوضع أسس صلبة لتحقيق السلام والاستقرار المنشودين».

وأوضح ولد مرزوك أن «نجاح هذه المهمة يتطلب العمل في سياق تكامل الأدوار، وتنسيق جهود الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، و(إيغاد)، والأمم المتحدة، ومبادرات (منبر جدة) ودول الجوار، والدول الشريكة والداعمة؛ بهدف تقديم رؤية شاملة للمرحلة المقبلة، تلبي تطلعات الشعب السوداني نحو السلام والتنمية».

أزمة إنسانية
وزير الخارجية الموريتاني الذي ترأس الاجتماع، قال إنه لا بد من «التذكير بالمبادئ الأساسية التي تؤكد على المحافظة على وحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادته ومؤسساته الوطنية»، بالإضافة إلى «الدعوة إلى مسار سياسي شامل يدفع باتجاه إرساء دعائم الحكم الرشيد والسلم المجتمعي».

وأضاف أن السودان يمرّ «بأزمة إنسانية هي الأكثر إلحاحاً في تاريخه الحديث»، مشيراً إلى «معاناة المدنيين الذين أرهقتهم سنوات من النزاعات تحتاج إلى استجابة فورية وشاملة، تقوم على تقديم الدعم الإنساني العاجل، وضمان وصول المساعدات دون عوائق إلى جميع المناطق المتضررة».

كما دعا إلى «وضع خطط عملية لإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد السوداني»، وأوضح أنه يتعين في هذا الصدد «التشديد على أهمية تنسيق هذه الجهود من خلال آليات فاعلة تضمن التكامل وتتجنب ازدواجية المبادرات».

نواكشوط: الشرق الأوسط: الشيخ محمد

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاجتماع التشاوری الدول العربیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

صحيفة إسرائيلية تطالب ترامب بوقف "الزحف العدواني الإيراني"

ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أنه على مدى 14 شهراً، سمحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن للحوثيين بتعطيل ممرات الملاحة الدولية عبر البحر الأحمر ومهاجمة إسرائيل، معتبرة أنه من الضروري أن تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية أخيراً بقيادة الرئيس دونالد ترامب، للقضاء على قواعد الصواريخ والقواعد الجوية الحوثية في اليمن، وعليها أيضاً "تدمير" المنشآت النووية الإيرانية.

وأشارت معاريف إلى أهمية قول الرئيس ترامب هذا الأسبوع إنه سيحمل إيران مسؤولية أي هجوم ينفذه الحوثيون. ونقلت أنه كتب على منصته "تروث سوشيال" أن "كل رصاصة يطلقها الحوثيون ستعتبر من الآن فصاعدا رصاصة أطلقتها قيادة إيران، وإيران ستتحمل المسؤولية وستواجه عواقب، وستكون هذه العواقب وخيمة".

ارتباك في واشنطن.. مواقف متضاربة بشأن النووي الإيرانيhttps://t.co/eUpnS3XH4A pic.twitter.com/d9RZrhyYjW

— 24.ae (@20fourMedia) March 24, 2025 رسالة أمريكية

كما أشارت معاريف إلى الرسالة التي مررها الرئيس الأمريكي إلى المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، والتي تتضمن مهلة نهائية مدتها شهران للتوصل إلى اتفاق بشأن برامج إيران النووية والصاروخية الباليستية، فيما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، إن إيران يجب أن "تستسلم وتتخلى" عن كل مكونات برنامجها النووي، بما في ذلك الصواريخ وتطوير الأسلحة وتخصيب اليورانيوم.

مفهوم خاطئ

وترى الصحيفة الإسرائيلية، أن الزعماء الأجانب والمسؤولين الحكوميين، وحتى المتخصصين في شؤون الشرق الأوسط، لا يدركون حقاً مدى التدخل الإيراني في المنطقة، ولا يملكون صورة شاملة عن "العدوان الإيراني وطموحاته الشمولية"، وفي كثير من الأحيان يفترضون خطأً أن الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما مع إيران لا يزال ساري المفعول، مما يؤدي إلى دفع المخاوف بشأن إيران إلى أسفل قائمة الأولويات.

وتابعت معاريف: "هم لا يعلمون أيضاً أن آلية (إعادة فرض العقوبات)، التي أقرها أوباما على إيران، سوف تنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، الأمر الذي يمنح إيران مساراً مشروعاً نحو امتلاك القنبلة النووية".

وتقول معاريف إن بعض القادة في أمريكا الشمالية وأوروبا يميلون إلى الاعتقاد بأن إسرائيل تبالغ عندما يتعلق الأمر بالتهديد الإيراني، ولذلك، بدلاً من أن يكونوا على استعداد لاستثمار الجهد في التعامل مع التهديد الوجودي الذي تشكله إيران لاستقرار الشرق الأوسط والعالم، وعلى العكس من ذلك، فإنهم يركزون على مجموعة متنوعة من القضايا الثانوية في الشرق الأوسط. 

واعتبرت معاريف أن القضايا التي يهتمون بها تشكل مسألة جانبية مقارنة بضرورة وقف "الزحف العدواني الإيراني" في الشرق الأوسط، 

طموحات ثورية

وأضافت الصحيفة، أن إيران لا تخفي طموحاتها الثورية، التي تتمثل في تدمير إسرائيل، وإخضاع كل دولة موالية للغرب بالشرق الأوسط، والهيمنة على المنطقة، وتصدير نسختها المتطرفة، موضحة أن إيران تهدد إسرائيل بانتظام بالحرب والدمار، كما يشير خامنئي بانتظام إلى إسرائيل باعتبارها "نمواً سرطانياً" في الشرق الأوسط يجب إزالته، ويتحدث عن التحرير الكامل لفلسطين وتدمير إسرائيل.

دعم حزب الله

وذكرت أن إيران زودت تنظيم "حزب الله" اللبناني، بمخزون من الصواريخ والقذائف يزيد على 150 ألف صاروخ موجه إلى إسرائيل، وزودت حماس بالأسلحة والصواريخ التي غذت أربعة صراعات عسكرية كبيرة مع إسرائيل في العقد الماضي، ولكنها لفتت أيضاً إلى أن إسرائيل استطاعت تحييد حزب الله بشكل كبير والقضاء على قادته، فضلاً عن سقوط نظام الأسد في سوريا مما أدى إلى إضعاف وكلاء إيران.

 

اقتراب السلاح النووي

وتقول معاريف، إن إيران تعمل على التخريب في بلدان الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه تقترب بسرعة من امتلاك القدرة العسكرية النووية الكاملة، حيث تمتلك مرافق مخفية لتخصيب اليورانيوم وتجميع القنابل في مخابئ عميقة تحت الأرض لا يمكن اختراقها تقريبًا، وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قامت إيران بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من المستويات اللازمة لصنع القنبلة. 

وتابعت: "لقد تعهد الرؤساء الأمريكيون بأن إيران لن يُسمح لها أبداً بامتلاك الأسلحة النووية، لكن أوباما وقع على صفقة فاسدة وناعمة مع إيران أدت إلى تشريع برنامجها النووي، ومنحت إيران عشرات المليارات من الدولارات في صورة تخفيف للعقوبات ومساعدات نقدية، واستمر الرئيس بايدن على هذا المسار".

 والأسوأ، كان تقليل الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية في إدارة جو بايدن، من التزام أمريكا بوقف إيران بقوله إن الولايات المتحدة "تبقى ملتزمة فقط بعدم امتلاك إيران لسلاح نووي ميداني"، وهذا تلميح إلى أن إدارة بايدن كانت تستعد للتسامح مع سلاح نووي تطوره إيران، شرط ألا يكون السلاح "منشوراً"، مشيرة إلى أن إيران طورت ترسانة هائلة من الصواريخ بعيدة المدى، بما فيها الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب والسائل، والصواريخ المجنحة، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وتساءلت عن المصدر الذي تأتي منه كل تلك الأموال الإيرانية. 

"الردع التلقائي".. مقترح إسرائيلي بضرب إيران لإيقاف الحوثيينhttps://t.co/MvF05fZFZE pic.twitter.com/ARrRe9uyxT

— 24.ae (@20fourMedia) March 21, 2025

 

مقالات مشابهة

  • صحيفة إسرائيلية تطالب ترامب بوقف "الزحف العدواني الإيراني"
  • عشرات الشهداء بغارات على غزة ومَسيرة في بيت لاهيا تطالب بوقف الحرب
  • باكستان تطالب مجلس الأمن بتنفيذ قراراته بشأن كشمير وتحقيق حق تقرير المصير
  • الأردن يحثّ المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار
  • فيديو.. احتجاجات في غزة تطالب بوقف الحرب و"تنحي حماس"
  • رفضوا التهجير وأيدوا إعمار غزة.. اللجنة العربية الإسلامية والاتحاد الأوروبي: المؤتمر الدولي برئاسة السعودية وفرنسا ضروري لحل الأزمة الفلسطينية
  • «نشأت الديهي» يكشف تفاصيل اجتماع القاهرة الأخير لحشد الجهود للقضية الفلسطينية
  • اللجنة المكلفة من القمة العربية والإسلامية تدعو إلى العودة الفورية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • اللجنة الوزارية العربية الإسلامية: خطة قمة القاهرة تضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم
  • تعهدات سيادية للمرأة وحديث عن دورها في السلام