يمانيون:
2025-05-01@05:08:23 GMT

دول المنطقة على صفيح ساخن

تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT

دول المنطقة على صفيح ساخن

أحمد الفقيه

كانت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تحلم بوحدة عربية تجمع الإرادة السياسية وتوحد المصير، رغم ما عاشته دول المنطقة من أزمات وصراعات ومناكفات مذهبية وطائفية وعرقية منذ منتصف القرن الماضي.

اليوم، تواجه دول المنطقة سيناريوهات خطيرة تتداعى بأيادٍ عربية وبدعم دولي وأممي. وتشير المؤشرات إلى وجود علاقة مشبوهة بين المدعو أبو محمد الجولاني وحكومة الكيان الصهيوني، وهو ما ظهر جلياً بعد تصريح رئيس حكومة الكيان عن رغبته في تحقيق سلام مع النظام الجديد في سوريا، شرط منع عودة إيران إلى هناك.

لكن رغم هذه التصريحات، يواصل الكيان الصهيوني عدوانه بغارات جوية وتوغلات برية في الأراضي السورية. وتشير تقارير عبرية إلى تنفيذ نحو 446 غارة جوية استهدفت البحرية والدفاع الجوي والمنظومات الصاروخية والطائرات الحربية وحتى الآليات العسكرية في مختلف المدن السورية. هذه الاعتداءات المستمرة تهدد أمن واستقرار المنطقة وتعمّق الفجوة في المنظومة العربية، مما يعكس خللاً كبيراً ستكون له عواقب وخيمة.

وعلى صعيد آخر، أبدى الجولاني مواقف متناقضة، منها مهاجمته للنظام السعودي ورفضه إعادة تطبيق مشروع الحسبة في السعودية. أما الولايات المتحدة فتواصل لعبتها المزدوجة بسياسة العصا والجزرة تجاه دول المنطقة، متجاهلة الدور الصيني والروسي في تأجيج الخلافات واستغلالها لتكريس توازن القوى وفق مصالح دولية وأممية. هذه التدخلات فتحت المجال للجماعات الدينية المتطرفة فكرياً وعقائدياً وعرقياً لتحويل الصراعات من قضايا سياسية إلى معارك بين “الإسلام والكفر”، رغم أن القضية ليست دينية بقدر ما هي مصالح متبادلة وسياسات توازن قوى دولية.

أما السيناريو الأخطر الذي يلوح في الأفق فهو التدخل الخارجي السافر في شؤون دول المنطقة، تحت شعارات مثل “تحرير الشعوب من الأنظمة الفاسدة” أو “محاربة الإرهاب”. وقد تبدأ هذه التدخلات في الأردن ثم العراق ولبنان وليبيا، كما يحدث الآن في سوريا. وقد تمتد هذه العدوى لتشمل المزيد من الدول العربية، ما يطرح سؤالاً مهماً: هل من ساهموا في تعميق جراح العراق قادرون الآن على إصلاح ما أفسدوه؟

بعض الدول العربية تقف اليوم على مفترق طرق، حيث يلجأ حكامها إلى أساليب التلاعب والتهديد غير المباشر لفرض سياسات الأمر الواقع وتعزيز نفوذهم، مما يكرّس الانقسامات ويعمّق الأزمات.

صفوة القول:
ما يحدث في دول المنطقة اليوم من انبطاح سياسي وسياسات غير مدروسة أدى إلى ظهور تيارات متشددة ومذاهب عصبوية تتستر بعباءة الدين، وتستبيح دماء المسلمين باسم الإسلام، بينما الإسلام بريء من كل ذلك. المسؤولية الكبرى تقع على عاتق العلماء والمفكرين والمثقفين لتوضيح خطورة هذه الأفكار المتطرفة وتأثيرها السلبي على هوية الأمة وثقافتها وتراثها.

إننا بحاجة ماسة إلى استعادة وعي الأمة بتاريخها الصحيح وحقائقه دون تحريف أو تسويف. فالتاريخ هو ذاكرة الشعوب وموروثها، وهو السلاح الأمثل لترسيخ الهوية الإيمانية وتعزيز قيم الرسالة الخالدة.

كلمات مضيئة:
أين دور علمائنا الأجلاء ومفكرينا ونخبنا الفكرية والسياسية في مواجهة الأفكار المتطرفة التي تهدد هوية الأمة وعقيدتها؟ لا بديل عن التمسك بحبل الله المتين والاقتداء بسيرة النبي الكريم والسلف الصالح، وإلا ستبقى الأمة عالقة في دوامة الصراعات والمناكفات حتى قيام الساعة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: دول المنطقة

إقرأ أيضاً:

الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت

الكهانة.. عمود الدين؛ منذ ما قبل الإسلام، فما من دين إلا والكاهن فيه واسطة بين الإنسان ومعبوده، لكن القرآن أعطى تصوراً سلبياً عنه، حيث قرنه بالمجنون: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) - الطور: 29-. ورغم أن القرآن ذكر الشاعر في سياق ذكره الكاهن، بما يشيء بموقفه السلبي من كليهما، إلا أنه استثنى صنفاً من الشعراء: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) - الشعراء:224-227 -. لم يكن القرآن -بحسب تبيينه- من جنس الشعر والكهانة، فهو ليس من وحي الجن والشياطين؛ كما كان المعتقد قبل الإسلام.. بل هو قول رسول يتلقى التنزيل من عند الله: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ، وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) - الحاقة:40-43 -.

رفضُ القرآنِ الكهانةَ جاء لبناء «منظومة الوحي الإلهي»، وهي منظومة تحتاج لإعادة قراءة بعيداً عن التأويلات التي لحقت بمعاني القرآن، وما يعنينا هنا هو الحديث عن الكهنوت وموقف الإسلام منه، وتجريد الدين منه.

المعاجم العربية القديمة.. تعرّف الكهانة بأنها «علم بالغيب مدّعى»، ففي «لسان العرب» لمحمد ابن منظور (ت:711هـ): (الكاهِنُ الذي يَتعاطى الخبرَ عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدَّعي معرفة الأَسرار)، و(تكهّن... قضى له بالغيب)، هذا هو المعنى المعجمي، بيد أن المفهوم أوسع منه، ففي أديان المنطقة ترد كلمة «كاهن» بلفظ متقارب، فـ(هي لفظ تستخدم للتعبير عن الكاهن وخادم الله، وهي موجودة حتى في الحضارات القديمة مثل: الأوغارتية والفينيقية والآرامية والفرعونية والنبطية والسريانية والحبشية. وهذه الكلمة من أصل «ك هـ ن»، وهي موجودة في الأكادي القديم بهذا النطق، وتطورت إلى «كانو» ثم «كهانو» بمعني ينحني أمام؛ لأن الكاهن هو الذي يقف أمام الله، وينحني أمامه ويقدم ذبيحته، وتوجد أدلة على هذا من اللغة الأكادية تعود إلى 2250ق.م تقريباً) - موقع الدكتور غالي على الإنترنت -. وتوجد لدى اليهود والمسيحيين بلفظ «كوهين». وهذا يدل على تجذّرها في الأديان، ومازلت باقية فيها حتى اليوم، ولها في كل دين وظائف معلومة لدى أتباعه؛ تقوم على أن العابد لتُقْبَل عبادته لابد أن يقدمها عبر الكاهن.

جاء الإسلام؛ الدين الخاتم ليجرّد الدين من الكهانة؛ في منظوماته:

1. وحدانية الله.. أول منظومة سعى الإسلام إلى تجريدها من الكهانة، لأن هدفه الأسمى إقرار الإيمان بالله وحده رباً للوجود، ولا اعتبار لأية ألوهية لغيره، فنفى عن الملائكة والأنبياء والصالحين والبشر والجن ما ألصق بهم من صفات الألوهية، وأبطل التوجه بالعبادة لمخلوق. وهذا استلزم تحريم التوجه إلى الأحياء بالعبادة؛ حتى لو كانوا من كبراء القوم: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) - الأحزاب:67-68-، فالكبراء الأحياء.. «أشد خطراً» من أي معبود سواهم، سواء أكانوا من رجال الدين؛ وهم الذين يعنيهم القرآن بالأصالة، أم الملأ من الساسة، أم زعماء القوم، لكون الناس تتبع كبراءها. فتحقيق مفهوم «لا إله إلا الله» يقتضي عبادة الله مباشرة دون واسطة.

2. الرسالة.. الرسل هم وحدهم المعتبرون في الإسلام لتبليغ تعاليم الله إلى الناس، ففي إطار تجريد الدين من الكهنوت.. أحل الإسلام «منظومة النبوة» محل «منظومة الكهانة». وإن كان الكاهن في الأديان هو الواسطة بين الآلهة والإنسان؛ بيده يرفع أعمال العبد إليها، وبموافقته تقبل قرابينه، وبمباركته تقدم الطقوس التعبدية، فإن الإسلام ألغى كل ذلك؛ فالنبي.. مبلغ عن ربه فحسب، وليس له أن يشرّع شيئاً من نفسه. إنه كبقية البشر.. بيد أنه يوحى إليه؛ معصوم في تبليغه الوحي كعصمة سلوكه في الأخلاق. أما ما يتعلق بأية وساطة أخرى فليس للنبي منها نصيب، حتى ما يتعلق بالشفاعة؛ دنيا وأخرى، - انظر: الواسطة في القرآن، جريدة «عمان»، 11/ 4/ 2023م- . والنبي.. ليست له سيطرة على الناس، فهو مذكِّر لهم فحسب: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) - الغاشية:21-22-، وليست له عليهم وكالة، فهو مبلغ فقط: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) - الإسراء:54 -.

3. علم الغيب.. أخطر دعوى قامت عليها الكهانة في الأديان، فبها يهيمن الكهنوت على الأتباع، وهي «عمل خفي» لا يمكن للأتباع الاعتراض على ما يأتي عبرها، فالكاهن.. هو مَن يقرر التعاليم التي تستعبد بها الآلهةُ البشرَ، ومن لا يصدق بأنه على حق؛ فإنه يسومه سوء العذاب الدنيوي، ثم يردفه بالعذاب الأخروي، أو يصيبه بالأمراض تركسه في وَصَبها، أو يرسل إليه الجن تمسه برهقها، أو يصبّ عليه وابل دعائه ويستمطر عليه غضب آلهته، وبهذا فرض الكهنوت هيمنته عليهم، وأغلق أي منفذ إلى الله غير نافذته الضيّقة. فلما جاء الإسلام أبطل ما يدعيه الكهنوت، فالله وحده عالم الغيب، ولا أحد يعلمه؛ حتى الأنبياء، فالنبي يقول: (َلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) - الأنعام:50- ، وهو كغيره بشر: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) - الكهف:110-.

4. التشريع.. مما ابتلي به الناس على مدى تأريخهم الطويل؛ التشريع بما لم يأذن به الله. وهذا لم يُصب به دين دون آخر، فهو عام في الأديان حالَ قوتها وإثبات قبضتها على المجتمع. وخطورته عندما يتآصر مع السياسة.. فرغم أن الفقهاء المسلمين الأوائل رفضوا أن تعتمد اجتهاداتهم تشريعاً، لكن السياسة حتى تحكم قبضتها على الشعوب اتخذت من المادة الفقهية والروائية المدونة، ومن الفقهاء الذين تعانقوا مع الساسة؛ مادة كهنوتية تشريعية، وهو ما حرّمه الإسلام من الأساس، قال الله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) - التوبة:31-، فالقرآن.. حرّم التشريع ولو كان من نبي: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) - الشورى:21-، فالله.. وحده المشرّع، والقرآن بيّن ميسّر، لا إبهام فيه لكي يحتاج إلى الخاصة في بيانه، والأخذ بالدليل لا بما يقول الفقيه. فالفقيه.. له أن يمارس فهمه للإسلام ويتدبر القرآن لكن دون أن يفرض رأيه على الناس. والإسلام.. لم يفصّل القوانين اللازمة لانتظام أمر الناس؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونحوها، لكون الحياة متغيّرة، ولذا؛ يجب أن يحكمها شرع الله بمبادئه الكلية كالعدل والرحمة والمساواة؛ وهي الآيات المحكمات؛ قال الله: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) - آل عمران:7 -.

5. الشعائر.. لا تقام إلا في المعبد، وبواسطة الكاهن تُرفع إلى الآلهة، وهو من يُعَمِّد الناس ليدخلوا في حياض الدين، وبين يديه تقدّم النذور والأضاحي، وبه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران. فلما جاء الإسلام حرر الشعائر من الكهانة، لكي تؤدى لله من دون واسطة.

فالصلاة.. شعيرة لمناجاة الفرد ربه؛ يؤديها أينما حل عليه وقتها، وإنما تقام الصلوات جماعةً لشأن اجتماعي كالمحبة والتعاون والوحدة. ويقيم الصلاة بالمصلين كل مَن يحسنها ولا يدخل فيها ما يفسدها. والأظهر أنه لا ارتباط بين صلاة المأمومين وصلاة الإمام. ومَن ثبت لديه دخول شهر رمضان فعليه صومه، وإعلان دخوله وخروجه من قِبَل السلطة هو شأن تنظيمي لا تشريعي. ومناسك الحج.. يؤديها الفرد بنفسه، فليس هناك من يفتح له مغاليق المسجد الحرام، أو مَن طوف به حول البيت أو يسعى به بين المروتين، وبنفسه يقدم أضحيته ويقف في عرفات مع الواقفين، وكل فرد منهم يتجه إلى الله بدعائه.

مقالات مشابهة

  • بعد الحكم في قضية طفل دمنهور.. عمرو أديب: يجب توقف الهيستيريا المتطرفة
  • تقرير يكشف الفجوات الحرجة بين الجنسين في سوق العمل والدخل بالمنطقة العربية
  • أبو الغيط يحذر من تحديات وجودية تواجه المنطقة العربية
  • الغرف العربية: مركز عربي – صيني لدعم ريادة الأعمال والابتكار
  • موجة غلاء جديدة تضرب الكيان الصهيوني: شركات غذاء ومشروبات ترفع الأسعار
  • شاهد | صراع عميق في الكيان المؤقت .. وجيش العدو يفقد الروح القتالية
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • المفوضية الأوراسية: مصر شريك استراتيجي لنا في المنطقة العربية والإفريقية
  • نقاش ساخن بين الدبيخي والجفن عن تأخر حافلة ⁧‫النصر‬⁩.. فيديو
  • عدن على صفيح ساخن: إغلاق الطرقات في كريتر