يمانيون:
2024-12-18@20:50:59 GMT

المعجزة اليمنية

تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT

المعجزة اليمنية

ناصر قنديل

يمكن لأي متابع الانتباه دون عناء إلى أن الظروف التي يعيش فيها اليمن هي الأشد صعوبة وقسوة مقارنة بكل شعوب المنطقة، بما فيها ظروف بلدان محور المقاومة الأخرى باستثناء فلسطين، وخصوصاً غزة. ويمكن النظر بالمقابل الى أهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن المطلّ على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث ممرّات التجارة العالمية وخطوط إمداد الطاقة، خصوصاً إلى أوروبا بعد انقطاع خطّ تزويدها بالموارد الروسية، وموقع هذا الممر المائي الهام بالنظرة الأميركية لمفهوم الأمن العالمي وموقع أميركا لضمان الإمساك به واعتباره مفتاحاً من مفاتيح الأمن القومي الأميركي.

ويمكن إلى جانب ذلك النظر إلى أن اليمن جغرافياً يجاور منطقة ثقل استراتيجي على الصعيد العالمي هي منطقة موارد النفط والغاز والقواعد الأميركية، وعلى خلفية كل ذلك الانتباه إلى أن عدد سكان اليمن يمنحه مكانة أولى بين دول منطقته على هذا الصعيد، ومكانة عربية بين الدول المتوسطة الحجم مثل الجزائر والمغرب وسورية والعراق والسودان التي تأتي بعد مصر من حيث عدد السكان.

بهذه العناصر الشديدة الأهميّة يصبح اليمن الذي يملك احتياطات ضخمة في النفط والغاز، أهمّ دولة بين دول محور المقاومة، من الزاوية الاستراتيجية، إذا نجح بحماية موقعه ودوره والمثابرة على سقفه الواضح في خيار المقاومة، بما يتيح تحويل عناصر الأهمية الاستراتيجية إلى مصادر قوة رغم كونها أسباباً كفيلة باستقطاب مشاريع الاستهداف والحصار والعزل، لكن ما قدّمته تجربة حرب طوفان الأقصى قد أضافت إلى العناصر الموضوعيّة للأهمية اليمنية عناصر تميّز في بناء القوة واستخدامها، بالمقارنة مع كل قوى المقاومة، فقد نجح اليمن على ثلاثة مستويات نوعيّة واستراتيجية، فما هي؟

الأول أن اليمن دخل في منازلة مباشرة مع قوات حلف الناتو البحريّة بقيادة أميركية جسّدتها حاملات الطائرات والمدمرات والسفن الحربية، ونجح بإقامة توازن عسكري في مواجهتها، وبقي قادراً لأكثر من عام على تنفيذ قرار الحظر البحريّ على السفن المتجهة الى كيان الاحتلال والسفن التابعة للكيان وتلك التابعة للشركات البحرية التي تتعامل مع الكيان، ولم تنجح كل محاولات البحرية الأميركية بضمان حرية الملاحة نحو الكيان لهذه السفن، ونجح اليمن بإلحاق إصابات بالغة بالحاملات والسفن الحربية الأميركية. وبفضل هذا النجاح فرض اليمن لأول مرة في تاريخ الكيان حصاراً بحرياً طويلاً على تجارته انعكس بقوة على وضعه الاقتصادي وصولاً إلى إعلان إفلاس مرفأ إيلات وإقفاله، أهم موانئ الكيان التجارية، هذا عدا نجاح الكثير من الاستهدافات اليمنية لعمق الكيان وعاصمته.

الإنجاز الثاني تمثل بهذا التدفق الشعبيّ المذهل لليمنيين إلى الساحات والميادين على مدى الأيام والأسابيع والشهور بصورة لا مثيل لها في البلاد العربية، سواء للتعبير عن حجم زخم الثقة التي يمنحها الشعب لقيادته، أو للتعبير عن مكانة القضايا التي يُدعى للقتال من أجلها وعلى رأسها قضية فلسطين. والأمر ليس تعبوياً فقط ولا مشهدياً وحسب، إنه تعبير عن النجاح بكفاءة عالية في فهم حقيقة أن البعد الشعبيّ في أي حرب ودرجة التفويض الشعبي الممنوح لخوضها، يشكل عنصراً حاسماً من قدرة القوة المسلحة المنتمية لهذا الشعب، على خوضها وتحمل تبعاتها، وأن يحصل هذا في ظل الحصار القاتل المفروض على اليمن وعلى خلفية حرب شديدة القسوة لسنوات طويلة استهدفته وأصابت عمرانه وبيئاته الشعبيّة بالأذى، يجعل هذا الإنجاز استثنائياً، حيث تعاني كل ساحات المقاومة باستثناء غزة، من معضلة كيفية التوفيق بين خيارات المقاومة ودرجة تقبّلها في بيئات شعبية متفاوتة التفاعل مع خطاب المقاومة كحال لبنان والعراق، وفي ضوء ما شهدته سورية مؤخراً.

الإنجاز اليمني الثالث، هو النجاح ببناء قوة عسكرية محترفة متقدّمة في المجال التكنولوجي، كما تقول تجربة الطائرات المسيّرة ومداها وقدرة وصولها لأهدافها، وتجربة الصواريخ اليمنية مع حاملات الطائرات الأميركية والسفن الحربية الأميركية المزوّدة بأحدث تقنيات الإنذار المسبق وصواريخ الحماية، ونماذج الصواريخ الفرط صوتية التي ظهرت في الحرب، إضافة الى تقنيات تتبع السفن ومهارة ملاحقتها من المحيط الهندي إلى بحر العرب والبحر الأحمر. وهذا التطور التقني لا يتم في شهور وأسابيع، بل هو حصيلة جهد ومواظبة على مدى سنوات، وتجنيد مئات من الكوادر العلمية القديرة وإنشاء منشآت متخصصة بالتصنيع يبدو أنها في أماكن حصينة لم تنجح كل الاستهدافات بمنعها من مواصلة تزويد القوات اليمنية بما يلزم لمواصلة المواجهة.

هذه الإنجازات الكبرى، تضيف إلى شخصية قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، الواقف وراء هذه الإنجازات مهارات قيادية، فوق مهاراته الاستثنائية الإعلامية، حيث يحاكي النجاح الذي حققه الشهيد السيد حسن نصرالله، وهو يواظب على إطلالات يحتاجها الشعب لبناء الوعي السياسي، وتمثل الحشود الشعبية أداة قياس

للتفاعل معها، وهو ما افتقدته سورية بسبب طريقة فهم قيادتها للعمل السياسي والشعبي، وتفتقده حالياً غزة باستثناء إطلالات أبو عبيدة، بعد استشهاد القائد إسماعيل هنية، ويفتقده العراق، بينما تبدو إيران شديدة الانتباه لأهمية حرب الوعي والتبيين عبر الإطلالات المنتظمة والمفصلة من قبل المرشد السيد علي خامنئي.

يصحّ القول إن اليمن بلغ في الإنجاز حد الإعجاز، إن لم يكن المعجزة!

المصدر: موقع البناء

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

أصداء الضربات اليمنية على “إسرائيل” تتسع وتؤكّـد استعداد اليمن للتصعيد

يمانيون../
لا زالت أصداء تصاعد وتيرة عمليات الإسناد اليمنية لغزة ضد العدوّ الصهيوني تتردّد على مستوى عالمي، مؤكّـدة فشل العدوّ ورعاته الغربيين في تحييد الجبهة اليمنية أَو فصلها عن غزة، وارتداد كُـلّ المحاولات الرامية لإضعاف القدرات اليمنية بشكل عكسي على مختلف أطراف معسكر العدوّ، وفي مقدمتهم الاحتلال الإسرائيلي.

وفي جديد هذه الأصداء نشر منظمة (ساري غلوبال) الأمريكية، هذا الأسبوع تقريرًا مطولًا تناولت فيه تصاعد عمليات الإسناد اليمنية لغزة ودلالاتها.

وجاء في التقرير أنه “خلال نوفمبر وديسمبر 2024، كثّـفت قوات الحوثيين بشكل كبير حملتها من الهجمات بعيدة المدى على إسرائيل” معتبرًا أن “هذه الهجمات تظهر تعزز قدرات الحوثيين على الاستهداف، واتساع نطاق وصولهم، وحجم تصميمهم، خُصُوصًا وأنهم صنفوا العديد من هذه الضربات على أنها انتقامية” حسب وصف المنظمة.

وقال التقرير: إن “التكتيكات المتطورة للحوثيين، وهجماتهم التي لا تتزعزع على الرغم من الضربات الإسرائيلية وضربات قوات التحالف السابقة، وديناميكيات القوة الإقليمية المتغيرة، كلها تشير إلى نقطة تحول استراتيجية محتملة في اليمن والشرق الأوسط الأوسع”.

واعتبرت المنظمة الأمريكية أن العمليات الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة باتّجاه الأراضي الفلسطينية المحتلّة تمثل “تحولًا ملحوظًا في التكتيكات” وأنها “تشير إلى تطور استراتيجي، من خلال السعي بشكل متزايد إلى فرض القوة بشكل مباشر ضد البر الرئيسي لـ “إسرائيل”، ومزامنة هذه الضربات مع جهود التضامن الإقليمية” في إشارة إلى تكامل العمليات اليمنية مع عمليات بقية جبهات المقاومة داخل وخارج فلسطين المحتلّة.

وقالت إن “هذا التطور مهم؛ لأَنَّه يشير إلى أن الحوثيين لم يعودوا راضين عن مُجَـرّد تشكيل بيئة الأمن البحري الإقليمي، بل يهدفون إلى تحقيق تأثيرات نفسية وعملياتية مباشرة داخل إسرائيل” حسب ما ذكر التقرير.

واستعرض تقرير المنظمة الأمريكية العمليات الأخيرة التي نفذتها القوات المسلحة ضد عمق العدوّ الصهيوني ودلالاتها، بدءًا من استهداف قاعدة (نيفاتيم) الجوية في 8 نوفمبر الماضي، حَيثُ اعتبر أن هذه العملية أشَارَت إلى ما وصفه بـ “نية الحوثيين وقدرتهم على الوصول إلى داخل الأراضي الإسرائيلية”.

وقال التقرير: إن العملية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية على قاعدة (ناحال سوريك) العسكرية بالقرب من يافا، في 11 نوفمبر الماضي “أظهرت استعداد الحوثيين للضرب بالقرب من المناطق المكتظة بالسكان والمواقع الاستراتيجية الرئيسية” حسب تعبيره.

واعتبر أن عملية استهداف قاعدة (نيفاتيم) مجدّدًا في 21 نوفمبر الماضي “تؤكّـد الإصرار على مهاجمة المنشآت العسكرية ذات القيمة العالية”.

وبشأن العملية العسكرية التي أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذها مطلع ديسمبر الجاري ضد “موقع حيوي” وسط كيان العدوّ، فقد اعتبر التقرير أنها تشير إلى “اتساع نطاق الأهداف إلى ما هو أبعد من القواعد العسكرية فقط”.

واعتبر التقرير أن العملية التي أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذها في السابع من ديسمبر الجاري ضد هدف حيوي جنوبي الأراضي المحتلّة تشير إلى “استمرار الجهود للضغط على “إسرائيل” عبر مناطق جغرافية مختلفة” حسب وصفه.

أما بخصوص العملية النوعية التي استهدفت منطقة “يفنه” الواقعة بين يافا المحتلّة (تل أبيب) وأشدود، فقد قال التقرير إنها “حدث ملحوظ” وإنها “تسلط الضوء على قدرة الحوثيين على التسلل عبر شاشات الرصد والاعتراض في بعض الأحيان” في إشارة واضحة إلى التغلب على أنظمة الدفاع والرصد التابعة للعدو سواء تلك المتواجدة داخل الأراضي المحتلّة أَو التي توفرها له القوات الأمريكية والغربية وبعض الدول الغربية على طول المسافة بين اليمن وفلسطين.

وتطرق التقرير أَيْـضًا إلى العملية التي أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذها في 10 ديسمبر ضد مواقع عسكرية في يافا وعسقلان المحتلّتين بطائرات بدون طيار، وقال: إن “هذه الهجمات المزدوجة تظهر تعقيدًا أكبر في التخطيط العملياتي للحوثيين” حسب وصفه.

وبخصوص العملية الأخيرة التي أعلنت القوات المسلحة اليمنية يوم الجمعة الماضي عن تنفيذها بطائرتين مسيرتين “تمكّنتا من تجاوزِ المنظوماتِ الاعتراضية” ضد هدفين في يافا وعسقلان، قال التقرير إن “هذه العملية تشير إلى أنه على الرغم من فعالية العديد من عمليات الاعتراض، فَــإنَّ بعض الهجمات قد تنطوي على تقنيات متقدمة أَو خفية تتحدى الدفاعات الجوية الإسرائيلية”.

ومن خلال استعراض هذه الهجمات ودلالاتها، خلص تقرير المنظمة الأمريكية إلى أنه “بشكل تراكمي، تشكل هذه الهجمات المتكرّرة بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على “إسرائيل” مؤشرًا واضحًا على استعداد الحوثيين الاستراتيجي لتصعيد الصراع خارج ساحتهم الجغرافية المباشرة.. كما أنها توضح قدرة متطورة على تنظيم ضربات معقدة بعيدة المدى”.

وأكّـد التقرير أنه “على الرغم من توجيه المزيد من الطاقة مؤخّرًا نحو شن هجمات على الأراضي الإسرائيلية، فَــإنَّ الحوثيين لم يتخلوا عن العمليات البحرية” في إشارة إلى أن مسارات جبهة الإسناد اليمنية كلها لا زالت فعالة بشكل متزامن ولا يتأثر بعضها بالتصعيد في البعض الآخر.

واعتبر التقرير أن الهجمات التي نفذتها القوات المسلحة على ثلاث سفن إمدَاد أمريكية ومدمّـرتين بالقرب من جيبوتي وفي خليج عدن، “تُمَثِّلُ تحديًا واختبارًا للولايات المتحدة” مُشيرًا إلى أن القدرات الصاروخية اليمنية “لا تقتصر فقط على البر”.

وقال التقرير: إن عملية استهداف السفينة (أناضول إس) تظهر “مدى مراقبة الحوثيين عن كثب لتحَرّكات السفن التي يرون أنها مرتبطة، حتى بشكل غير مباشر، بإسرائيل” بحسب تعبيره، في إشارة واضحة إلى دقة المعلومات التي تمتلكها القوات المسلحة اليمنية عن هُويات ووجهات هذه السفن.

ويمثل تقرير المنظمة الأمريكية شهادة جديدة على الفشل الذريع لكلٍّ من العدوّ الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا والقوات الغربية في الحد من عمليات الإسناد اليمنية أَو إضعاف قدرات صنعاء العسكرية، فضلًا عن وقف تلك العمليات؛ وهو ما يعني أن مساعي التصعيد القادمة ضد اليمن والتي قال التقرير إن مؤشراتها تتزايد، سترتد هي أَيْـضًا بشكل عكسي على أصحابها.

مقالات مشابهة

  • مفتي سلطنة عمان يشيد بصمود المقاومة الفلسطينية وجبهة الإسناد اليمنية
  • دراسة تكشف عن المحافظة اليمنية التي ستكون منطلقا لإقتلاع المليشيات الحوثية من اليمن
  • محكمة ألمانية تنظر في دعوى ضد برلين بشأن الضربات الأميركية في اليمن
  • اعلان غير سار من اليونيسيف للأسر اليمنية التي كانت تحصل على مساعدات نقدية
  • قائد الثورة الاسلامية: سيتم القضاء على الكيان الصهيوني
  • اليمن يتحدى الكيان الصهيوني: عشر هجمات جديدة تكشف ضعف الاحتلال
  • أصداء الضربات اليمنية على “إسرائيل” تتسع وتؤكّـد استعداد اليمن للتصعيد
  • القحوم: اليمن في طليعة نصرة فلسطين وزوال الكيان الصهيوني حتمي
  • لجان المقاومة الفلسطينية تثني على الضربات اليمنية ضد الكيان الصهيوني