ديسمبر المتفردة واحتيال العسكر
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
ديسمبر المتفردة واحتيال العسكر
رشا عوض
إننا لا نطالب بالديمقراطية من أجل الحصول على حكومة لا تخطئ يديرها عباقرة بأخلاق ملائكة! بل نطالب بها لأنها أكثر الأنظمة السياسية التي تجعل الحكومة تحت الرقابة والمساءلة الشعبية الأمر الذي يعظم فرص التصويب وصولاً إلى عزل الحكومة الفاشلة وإبدالها بأخرى وفق تدابير دستورية وقانونية! وهناك فرصة لعدم تجديد التفويض الانتخابي للحزب أو الأحزاب التي أتت بحكومات فاشلة.
وبالتالي من الغريب جداً بل المضحك أن يأتي أحدهم ويقول لك أيام الديمقراطية كانت هناك “صفوف خبز وبنزين ومافي سكر عشان كدا أحسن لينا العساكر”!
وجود الحرية يتيح لك الاحتجاج والتظاهر وتبديل الحكومة الفاشلة!
لكن في ظل حكومة العسكر توجد صفوف الخبز والبنزين وكل أنواع الأزمات التي هي في الأساس “حصاد الأنظمة العسكرية وتركتها التي ترثها الأنظمة الديمقراطية” ومن يحتج بكلمة أو مظاهرة يطلق عليه الرصاص أو يسجن! أفق التغيير والتصويب والمساءلة مسدود تماماً بالدبابة والبندقية والسجون!
صفوف الخبز والبنزين وانعدام السكر دليل على خيبة العسكر الذين حكمت أنظمتهم السودان وتحكمت في موارد البلاد 54 عاماً من عمر الاستقلال!
لو الحكم العسكري ناجح على الأقل كان النصف قرن مدة كافية جداً لتوفير ضرورات الحياة وكان الشعب السوداني طوى صفحة الخبز والسكر وانتقل إلى مستوى أعلى من الصراع.
بعد ثورة ديسمبر تجاوز الوعي الشعبي فكرة الاستنجاد بالعسكر لحل أزمات الحكم، انقلاب 25 اكتوبر 2021 خرجت التظاهرات الضخمة ضده قبل أن ينفذ أي في 21 اكتوبر، وعندما كانت الحكومة الانتقالية مخنوقة بالأزمات تظاهر المواطنون من أجل تطوير الأداء وإنجاح مسار الانتقال المدني وليس من أجل إسقاط الحكومة رغم مثابرة غواصات الفلول على فرض هذا التوجه على قوى الثورة، لذلك لم يجد العسكر الطامعون في السلطة سوى تصنيع حاضنة “توم هجوية” توجوها بما يسمى اعتصام القصر (اعتصام الموز) ونفذوا انقلابهم الذي ولد ميتاً وقابله الشارع بالمقاومة التي ارتقى خلالها 120 شهيداً ومئات الجرحى!
ديسمبر استعصت على الاستسلام للانقلاب العسكري وقاومته.
أشعل الكيزان حرب الخامس عشر من ابريل 2023 لهدف واحد هو طي صفحة الثورة نهائياً واستئناف “الإنقاذ” مجدداً بواسطة الجيش وكتائب الظل والأجهزة الأمنية بعد ضربة قاضية للد.عم السريع تخرجه من الميدان العسكري نهائياً أو على الأقل تعيده إلى بيت الطاعة كخفير لنظام الكيزان!
رغم أن الحرب لم تحقق المخطط له في سويعات أو أسابيع، إلا أن أبواق العسكر تحاول جاهدة أن تجعل من الحرب رافعة سياسية للحكم العسكري مجدداً عبر ما نشهده من تزييف للحقائق وتضليل واستماتة في تحميل وزر هذه الحرب للقوى المدنية وأحياناً للثورة في حد ذاتها!
ما يحدث في الساحة الإعلامية انحدر من خانة التضليل إلى درك “التعهير” بدون أدنى مبالغة!!
تزوير في حقائق نعايشها لحظة بلحظة ونراها بام أعيننا!
من يخوضون الحرب من الكيزان والعسكر على أجساد الأبرياء يسرقون لسان الشعب السوداني وبمنتهى البجاحة ينطقونه بسرديتهم وبأقوالهم هم!
يزعمون أن الشعب بعد هذه الحرب كفر بالأحزاب السياسية وبات ينضح بالكراهية والغضب تجاه قحت وتقدم ويتوعد قياداتها ومناصريها بالضرب والطرد من الوطن أو الشنق في ميادين عامة! وكأنما هذه الحرب أشعلتها الأحزاب! وفي ذات الوقت يسبح الشعب بحمد العسكر الذين سرقوا الشعب عندما كانوا متفقين وقتلوا الشعب عندما اختلفوا في قسمة المسروقات فتقاتلوا بالأسلحة الثقيلة وسط النساء والأطفال والعجزة! لا تستطيع أن تحصي عدد التاتشرات والعربات العسكرية ولكن يستحيل أن تقع عينك على سيارة اسعاف واحدة تنقذ الجرحى أو سيارات دفاع مدني تنتشل الناس من تحت الأنقاض!
يزعمون أن الشعب في هذه الحرب أعمى فاقد للبصر والبصيرة فلا يرى الكيزان ومليشياتهم وأجهزتهم الأمنية وهم يخوضون الحرب وبأجهزتهم الإعلامية يؤججون نيرانها، فيبحث عن أسباب الحرب وسط القوى المدنية التي لا تحمل عكازاً ولا عصا!
أما الغضب من انتهاكات الد.عم السريع فيجب أن لا يتوجه إلى من صنعوه وسلحوه وجعلوا منه جيشاً موازياً للجيش ورفض برلمانهم المأفون منح وزير الدفاع الحق في تعيين قيادته ويجب أن لا يتوجه إلى الجيش الذي شارك الدعم السريع في انتهاكات أفظع من انتهاكات الحرب الحالية في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وحتى في هذه الحرب بل يجب أن يتوجه الغضب الحارق إلى القوى المدنية ليس لأنها لم تدن انتهاكات الدعم السريع بل لأنها أدانت انتهاكات الجيش مثلما أدانت انتهاكات الد.عم السريع، ولكن المطلوب كيزانياً من القوى المدنية ليس فقط أن تكتفي بإدانة الدعم السريع وتتستر على انتهاكات الجيش بل المطلوب منها أن تتماهي مع سردية أن الد.عم السريع شيطان رجيم هبط على سماء السودان صبيحة الخامس عشر من ابريل 2023 فتصدى له جيش من الملائكة!
هذا “التعهير الإعلامي” هو نتاج سلسلة من العمليات المنهجية للتلاعب بالعقول والغرس المستمر للأكاذيب، والتعاقد مع شركات متخصصة في التلاعب بخوارزميات السوشيال ميديا وصناعة الحسابات الوهمية (جيوش المنقبين) ودفع ملايين الدولارات لها لصناعة الزيف وتصوير الرأي العام السوداني كنصير للعسكر وكمؤيد ومحب للحرب وكاره للسلام ورافض للقوى المدنية الداعية للسلام والديمقراطية.
الزمن كفيل بتعرية كل الأكاذيب، ومهما يكن من أمر فان الحق أبلج والباطل لجلج.
الوسومالإنقاذ الجيش الدعم السريع انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر حكم العسكر رشا عوض نظام الكيزانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإنقاذ الجيش الدعم السريع انقلاب 25 اكتوبر 2021 ثورة ديسمبر حكم العسكر رشا عوض نظام الكيزان الدعم السریع هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
ترحيب أممي بالتزام «الحكومة السورية» بحماية المدنيين
نيويورك (وكالات)
أخبار ذات صلة مقتل 12 ألفاً و799 طالباً فلسطينياً منذ بدء الحرب الأمم المتحدة: ملتزمون بمواصلة دعم جميع الجهود لترسيخ أمن لبنانرحب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس، بالتزام حكومة تصريف الأعمال في سوريا بحماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني.
كما رحب بالاتفاق الذي تم، أمس الأول، بين الأمم المتحدة وسوريا بشأن ضمان منح الوصول الكامل للمساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر الحدودية، واختصار البيروقراطية بشأن التصاريح والتأشيرات للعاملين في المجال الإنساني، وضمان استمرارية الخدمات الحكومية الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم، والاضطلاع في حوار حقيقي وعملي مع المجتمع الإنساني الأوسع.
وشدد غوتيريش على ضرورة أن يحتشد المجتمع الدولي خلف الشعب السوري، في الوقت الذي يغتنم فيه الشعب السوري الفرصة لبناء مستقبل أفضل.
وفي السياق، أعرب مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، أمس، عن شعور مشجع بعد اجتماعات عقدها في دمشق مع السلطات الجديدة، مشيراً إلى وجود أساسٍ لزيادة الدعم الإنساني الحيوي. وقال توم فليتشر على «إكس»، إن هناك لحظة أمل حذر في سوريا.
وأضاف «لدي شعور مشجّع بعد اجتماعاتي في دمشق، بما في ذلك مناقشات بنّاءة مع قائد الإدارة الجديدة، لدينا أساس لزيادة طموحة للدعم الإنساني الحيوي».
في غضون ذلك، قدّرت الأمم المتحدة، أمس، أن مليون لاجئ سوري قد يعودون إلى بلدهم بين يناير ويونيو 2025. وقالت ريما جاموس إمسيس، مديرة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال مؤتمر صحافي في جنيف «نتوقع الآن رؤية حوالى مليون سوري يعودون بين يناير ويونيو من العام المقبل. وأضافت متوجهة إلى الدول المضيفة «لا عودة قسرية» لملايين السوريين الذين فرّوا من البلاد التي مزقتها الحرب.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، سارع الكثير من الدول الأوروبية بشكل خاص، إلى تعليق درس طلبات لجوء السوريين، بينما دعت الأحزاب المناهضة للهجرة إلى إعادتهم إلى سوريا.
وقالت ريما جاموس إمسيس: «ما نقوله إلى الحكومات التي علقت إجراءات اللجوء، هو الاستمرار في احترام حق الوصول إلى الأراضي لتقديم طلب اللجوء، ولكن منحنا أيضاً، وللاجئين السوريين، الوقت لتقييم ما إذا كانت العودة آمنة». وتمكنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من نشر موظفين على الحدود لمحاولة حصر العائدين إلى بلدهم أو المغادرين منها.
وفي السياق، أكد رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة روبرت بيتيت، أمس، أهمية تحقيق العدالة والمساءلة بقيادة سورية، باعتبارهما «عنصرين أساسيين» في عملية الانتقال السياسي في سوريا وبناء مجتمع قائم على سيادة القانون. وأضاف بيتيت في مؤتمر صحفي في جنيف أن الشعب السوري أظهر التزاماً واضحاً بالسعي لتحقيق العدالة ما يجعل المساءلة جزءاً لا يتجزأ من أي حل سياسي شامل.