الحياة البرلمانية السليمة رُكن أساسى من أركان النظم الديمقراطية السليمة، فهى تلعب دورين مهمين فى سبيل الإصلاح والتنمية والاستقرار. فدوره الأول دور تشريعى فى بناء النظم الحديثة والمؤسسات العامة، وأما الدور الثانى فهو دور رقابى فى إطار مراجعة الأداء وتقييمه وتصحيح المسار بالملاحظة والتنبيه عبر الأدوات البرلمانية المعروفة.
ولا شك أن البرلمان المصرى، له تاريخ عظيم ضارب فى جذور الحياة السياسية، وممتزج بالتراث الثقافى والسياسى، ومرتبط بوجدان الناس، ويكاد يشكل صورة عامة حول قدرة المحكومين فى التأثير فى القرار السياسى عبر مختلف العصور.
ويمثل البرلمان المصرى بغرفتيه مجلس النواب، ومجلس الشيوخ رافدًا من روافد الحداثة، لذا فإن أسمى ما نطمح إليه كمُهتمين بالشأن العام والشأن السياسى أن يُحقق البرلمان الأداء الأمثل فى خدمة الاستقرار والتنمية والتحديث.
وباعتبارى عضوًا مُعينًا من رئيس الجمهورية فى مجلس الشيوخ، فإننى على وعى واطلاع مباشر بالدور الذى يلعبه البرلمان المصرى فى صياغة ومناقشة وتعديل كثير من التشريعات المهمة التى تسهم فى بناء المؤسسات وتحقيق الإصلاح. ولا شك أن الفترة الماضية شهدت إقرار وبحث ومناقشة مشروعات قوانين وتعديلات تشريعية عديدة، كانت لها آثار وتداعيات إيجابية على المشهد الاقتصادى.
لكن المُلاحظ أن الرأى العام فى مصر لا يشعر بقوة وفاعلية الدور الآخر الرقابى، فيتبنى البعض آراء مغلوطة بشأن هامشية هذا الدور فى الآونة الأخيرة، وأتصور أن السبب فى ذلك هو الرغبة فى أن تظل مناقشات وفعاليات البرلمان مقصورة وغير مُذاعة على الجمهور بصورة حية، مثلما كان الأمر فيما مضى.
إننى أدرك تخوف بعض أصحاب القرار من اظهار المناقشات والتساؤلات وطلبات الإحاطة للجمهور فى ظل مرحلة سابقة انتشرت فيها الحملات الدعائية السلبية، وتصاعدت خلالها موجات الشائعات المغرضة، وساد فيها كثير من المشاعر السلبية والإحباطات. ربما كان ذلك منطقيًا خلال حقبة الحرب ضد الإرهاب، واتساع حالة السيولة الفئوية، ومواجهة الحملات الخارجية الممنهجة لكسر إرادة الناس، وتحطيم ثقتهم فى مؤسسات الدولة. لكن مع الاستقرار المتحقق، والمضى قدمًا فى عمليات الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، وتخطى كثير من التحديات الكبيرة، فقد صار من الضرورى تفعيل آليات العمل الديمقراطى وتعزيزها، وعلى رأسها الحياة البرلمانية بما يؤكد دورها الحقيقى فى التشريع والرقابة على الأداء.
إن البعض يتصور أنه لا توجد طلبات إحاطة أو أسئلة تُقدم داخل مجلس النواب، لأن هذا الجانب غير مطروح أو معروض بما ينبغى، وأتصور الآن أن إذاعة جلسات مجلس النواب يمثل ضرورة ملحة فى إطار تعريف الرأى العام بما يتم.
إن صناعة القرار فى الدولة المصرية ليست أمرًا فرديًا، وهناك مناقشات حيوية تتم واتفاقات واختلافات بشأن كثير من التشريعات والقرارات، وهذا أمر صحى، فى ظل وجود مؤسسات قوية للدولة المصرية. فمشكلات المواطنين ليست بعيدة عن البرلمان الذى يمثل الشعب، والذى كان وما زال ركيزة أساسية من ركائز الدولة الحديثة فى مصر.
وكما قلت مرارًا، فإن المعارضة الحقيقية والنقد البناء هما أكبر أوجه الدعم لمؤسسات الدولة الحديثة، واستقرارها السياسى عبر مختلف العصور.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هانى سرى الدين سبيل الإصلاح کثیر من
إقرأ أيضاً:
هل تكلم نفسك كثيرًا؟ اكتشف ما يكشفه العلم عن شخصيتك!
شمسان بوست / متابعات:
قد يبدو التحدث إلى نفسك أثناء الأنشطة اليومية مثل الطهي أو الاستحمام أمرًا غير معتاد، ولكنه له فوائد كبيرة.
والتعبير عن الأفكار يعزز الوضوح العقلي ومهارات حل المشكلات من خلال تنشيط مناطق متعددة من الدماغ، ويساعد التحدث بصوت عالٍ في الاحتفاظ بالذاكرة والتنظيم واتخاذ القرار من خلال توحيد المعلومات وإعطاء الأولوية للمهام.
بالإضافة إلى ذلك، يحسن الحديث مع النفس التنظيم العاطفي، ويقلل من القلق والتوتر من خلال خلق مسافة بينك وبين المشاعر، ويمنحك منظورًا أكثر عقلانية، مما يساعدك على التعامل مع التحديات بتركيز أفضل، إن الحديث مع النفس هو ممارسة طبيعية تساهم في تحسين الرفاهية المعرفية والعاطفية.
فوائد التحدث مع النفس
تعزيز حل المشاكل
وفقا لما جاء بموقع «تايمز أوف إنديا»، فإن التحدث بصوت مرتفع يحسن القدرات الإدراكية إلى حد كبير، ويؤثر بشكل واضح على حل المشكلات، وفي إحدى التجارب التي أجراها البروفيسور جاري لوبيان من جامعة ويسكونسن ماديسون، وجد الأشخاص الذين نطقوا بصوت عالٍ ما كانوا يبحثون عنه في مجموعة من الصور الكائن الذي يبحثون عنه بسرعة أكبر.
تقوية التوصيلات العصبية للانتباه بشكل أفضل
التحدث يجعل أجزاء مختلفة من الدماغ تعمل معًا لتسهيل توطيد الروابط العصبية، من خلال نطق اسم الشيء الذي تبحث عنه، فإنك في الواقع تنشط صورة بصرية لذلك الشيء في رأسك، مما يساعد على التركيز وإعادة التوجيه، يُقال إن التحدث الداخلي يسهل بشكل أساسي هيكلة أفكارك، مما يجعلك تحل المشكلات بشكل أسرع.
تحسين الذاكرة والتنظيم
التحدث إلى نفسك يمكن أن يساعدك على فصل ما يدور في ذهنك، فبمجرد أن تنطق بالقوائم أو الملاحظات التي تريد تذكرها، فإن العملية تتفاعل مع المحفزات البصرية والسمعية ـ وهو مزيج مثالي للاحتفاظ بالمعلومات ،وتساعد هذه الطريقة على تعزيز المعلومات في الدماغ، مما يسهل تذكرها في وقت لاحق.
تسهيل الوضوح واتخاذ القرارات من خلال التحدث مع الذات
التعبير عن نيتك والاستراتيجيات لتحقيق الهدف يعزز وضوح الفكر، فمن خلال التعبير عما يدور في ذهنك حول ما يجب القيام به، يتم تنظيم أفكارك بشكل أفضل، مع تحديد أولويات الإجراءات، وبالتالي توفير أساس لاختيارات أكثر استنارة .
التحدث مع النفس كإستراتيجية لتنظيم المشاعر والسيطرة على التوتر
بالإضافة إلى الفوائد الفكرية، فإن الحوار الداخلي مهم للغاية لإدارة المشاعر، فقد وجد باحثون من جامعة ميشيغان أن استخدام الحديث الذاتي من منظور الشخص الثاني أو الثالث، مثل قول «يمكنك القيام بذلك!» أو «أنت قادر!»، يمكن أن يقلل من القلق ويعزز الأداء في المواقف العصيبة.
تطوير المسافة بين العواطف من أجل التفكير العقلاني
هذا الحوار الداخلي هو الذي يمكّن الشخص من الابتعاد عن المشاعر ورؤية الحدث بموضوعية، هذه الفجوة تجعل من الأسهل على المرء التفكير بشكل أكثر عقلانية، والتعامل مع التوتر بشكل أفضل، وتحسين صحته العاطفية.