لجريدة عمان:
2025-01-18@07:52:08 GMT

أيام بيضاء في الدار البيضاء

تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT

أيام بيضاء في الدار البيضاء

أنا في الدار البيضاء، أنا في المغرب، في أقرب الأمكنة إلى القلب الفلسطيني. جئتُ هنا مدعوّاً من وكالة بيت مال القدس الشريف لتوقيع كتبنا في معرض الدار البيضاء للطفل والشباب، برفقة الفنان التشكيلي المقدسي شهاب القواسمي، والشاعر فارس سباعنة، وبرفقة ثلاثتنا حبٌّ كبير للمغرب وحنينٌ لا يوصف.

في هذا البلد الأصيل يكفي فقط أن تلقي تحية على مغربيّ يمر في الشارع وتقول له: صباح الخير، فيعرف فوراً أنك من بلاد الشام.

يسألك السؤال السريع والطبيعي: هل أنت سوريّ؟ فتقول له: لا، أنا فلسطيني. لينهمر عليك بالدموع والعناق والحب، فترتبك أنت وأصدقاؤك، تلك الارتباكة الجميلة والحبيبة، ارتباكة العثور على الشقيق بعد طول ضياع، وبعد طول صحراء، ارتباكة الوصول إلى البيت.

أجلس الآن في بهو فندق ضخم في الدار البيضاء، لا أعرف شيئاً عن الشوارع التي خلف الفندق وأمامه. لكنّي سألت حارس الفندق هذا الصباح: أيّها المغربي الطيب، ما اسم هذا الشارع المقابل للفندق؟ ابتسم وقال: إنّه شارع المقاومة. فظننته يمزح، فقلت له: أنا جادّ، ما اسمه الحقيقي؟ فقال لي: أخبرتك أنّه شارع المقاومة. نظرتُ إلى يافطة على يميني، فإذا مكتوب عليها "شارع المقاومة". فأصبتُ بسعادة غامرة، وأخذتُ أقفز أنا وصديقاي على درجات الفندق وسط ذهول المارة، والنزلاء، والعابرين. صحتُ بأعلى صوتي: يا الله! المكان المغربي ذكي جداً، ويعرف كيف يرتّب المواعيد بين الشوارع، وبين مُحبّيها والمنتمين إلى فكرتها. إنّه حدس المكان المغربي الأصيل.

هذه زيارتي الثالثة للمغرب. جئتُ في عام 2015م إلى الدار البيضاء أيضاً مدعوّاً إلى المعرض الدولي للكتاب، وفي عام 2019م جئتُ مدعوّاً أيضاً إلى معرض الكتاب في مدينة وَجدة التي تقع في الشمال على الحدود الجزائرية. في المرّتين اللتين حضرت فيهما إلى هنا، كنتُ أعود إلى فلسطين متجدداً، مكثّفاً، تتقطّر فلسطينيتي داخلي، فيتكثّف إحساسي بعروبتي. ثم تعلو طمأنينتي إلى الأعلى لتقول لي: كن واثقاً أنّ الحرية قادمة، ما دامت هذه الشعوب العظيمة موجودة. وهذه المرة جئنا من فلسطين، ثلاثتنا، ونحن محبطون من الأوضاع السياسية في فلسطين والعالم العربي، ومن الوضع الصعب لشعبنا في غزة، حيث الإبادة تجلس وراء الخيمة، ووراء البيت، وفوق السماء، وتحت الأرض، تحاصر الأطفال والنساء والشيوخ، وتقتل الشجر والحجر. جئنا محبطين وباردين، لكنّ المغرب طمأننا. الدار البيضاء تحديداً قالت لنا بالحرف الواحد: كونوا واثقين أنّ الحرية في النهاية ستكون هي الثمرة، وستكون هي الجائزة.

في ندوة أدب الطفل الفلسطيني والعربي، وفي احتفالية توقيع كتبنا التي ألّفناها في فلسطين لصالح وكالة بيت المال المغربية الفلسطينية، قدّمنا ثلاثتنا أوراقاً حول وضع أدب الطفل في العالم العربي. قدّم الفنان المقدسي شهاب القواسمي ورقة تحدّث فيها عن تجربته في المشاركة في كتاب (هيّا إلى القدس يا أطفال) وفي كتابه الآخر (احكِ يا عصفور الشمس، احكِ عن القدس). كان شهاب القواسمي قد شارك في هذا الكتاب بلوحات تشكيلية عن أمكنة مقدسية، وقمتُ بكتابة قصص هذه الأمكنة بطريقة جمالية فكاهية قريبة من أذواق الأطفال وحواسّهم. هما كتابان موجّهان إلى أطفال العالم العربي خصوصاً لتعريفهم بالأمكنة المقدسية التي لربما يسمعون عنها، ولكنّهم لا يعرفونها، مثل المسجد الأقصى، قبة الصخرة، سوق العطارين، حي المغاربة، باب العامود.

أما الكتاب الثالث، فقام بتأليفه الشاعر فارس سباعنة، وهو عبارة عن تاريخ فلسطين بلغة مبسطة وجميلة، مع رسومات لفنانة تشكيلية فلسطينية. الكتاب عبارة عن تجربة كوميكس فلسطينية جديدة. يُذكر بأنّ فن الكوميكس دخل حديثاً إلى فلسطين، وكان الفنان التشكيلي المعروف محمد سباعنة هو الذي ساهم بشكل كبير في إدخال هذا الفن إلى فلسطين. استلهم منه فنانون فلسطينيون كُثر هذه التجربة وحاولوا أن يكتبوا مثلها.

في نهاية الندوة قرأ زياد خداش نصاً من كتابه الجديد (قصص الأطفال الشهداء)، الذي حاول فيه أن يذهب إلى حياة الشهداء الإنسانية، بعيداً عن مباشرة الاستشهاد، ومكانه ورقميّته. بينما راح الفنان التشكيلي المقدسي شهاب القواسمي يرسم أمام الجمهور لوحة باب المغاربة. وألقى فارس سباعنة، بعد أن تحدّث عن تجربته في كتابه (تاريخ فلسطين المبسّط للأطفال)، قصيدة شعرية عن غزة وأطفالها. ولم يكن المشهد ليكتمل دون أن يقرأ خدّاش والقواسمي وسباعنة كتابات الكتّاب الغزّيين التي كتبوها تحت نار الإبادة. فقرأ زياد نصوصاً للشاعرة مريم قوّاش، وقرأ شهاب نصوصاً لجواد العقاد، وقرأ سباعنة نصوصاً لحيدر الغزالي.

يُذكر أنّ وكالة بيت مال القدس الشريف هي مؤسسة اجتماعية إنسانية تابعة للجنة القدس التي يرأسها ويرعاها المغرب. تعمل الوكالة على تنفيذ مشاريع اجتماعية في القدس للمساهمة في حماية المدينة المقدسة والحفاظ على موروثها الديني والحضاري ودعم صمود أهلها. ولتحقيق ذلك، تتبنى منهجية عمل تساعدها على النهوض باختصاصاتها، وتضع عدداً من المشاريع القابلة للتنفيذ، تُعنى بالإنسان وتجعله في صلب عملية التنمية والبناء التي تتطلع إليها في المدينة المقدسة.

تتوزع مشاريعها على قطاعات التعليم، والصحة، والإسكان، والثقافة، والرياضة، وتمكين المرأة، والعناية بالشباب والطفولة، فضلاً عن برامج المساعدة الاجتماعية للأشخاص في وضعية صعبة، وللفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدار البیضاء

إقرأ أيضاً:

تعاون بين دائرة الطاقة و«الدار» لتعزيز كفاءة الطاقة والمياه

أبوظبي (الاتحاد)
أبرمت دائرة الطاقة في أبوظبي مذكرة تفاهم مع مجموعة الدار بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجال كفاءة الطاقة والمياه والاستدامة، والمحافظة على مصادرها لمصلحة الأجيال المقبلة، وبما يسهم في دعم الجهود المشتركة الرامية إلى تمكين ونشر ممارسات الاستدامة وتحقيق الازدهار المتكامل في كافة القطاعات في إمارة أبوظبي.

جرت مراسم التوقيع في جناح دائرة الطاقة بأسبوع أبوظبي للاستدامة، بحضور معالي الدكتور عبدالله حميد الجروان، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي، حيث وقع الاتفاقية كل من المهندس أحمد محمد الرميثي وكيل دائرة الطاقة، وطلال الذيابي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الدار، بحضور عدد من القيادات وكبار المسؤولين لدى الطرفين.
ويندرج إبرام هذه المذكرة ضمن جهود التعاون الاستراتيجي بين دائرة الطاقة في أبوظبي وكبرى شركات القطاع الخاص ولا سيما العاملة منها في التطوير العقاري باعتبارها أحد روافد التنمية المستدامة التي تقود مسيرة التقدم العمراني والتوسع السكاني، وتشارك في توفير تجارب عيش متنوعة وتطبيق ممارسات الاستدامة بين أفراد المجتمع، وبما يتوافق مع مبادئ مسؤوليتها الاجتماعية، من خلال التعاون في إطلاق مبادرات ومشاريع تستهدف تعزيز كفاءة الطاقة والمياه واستدامتها وتغيير سلوكيات استهلاك واستخدام الموارد، والمحافظة على البيئة.


وبهذه المناسبة، قال المهندس أحمد محمد الرميثي وكيل دائرة الطاقة في أبوظبي: «تواصل دائرة الطاقة مساعيها الحثيثة وجهودها الرامية إلى بناء وتفعيل شراكات استراتيجية وثيقة وذات أثر إيجابي ومثمر في حياة سكان الإمارة والبنى التحتية في الإمارة، من خلال رفع مستوى الالتزام بمعايير الكفاءة والاستدامة في الأنشطة المرتبطة بهذا القطاع، وما يتعلق بها من ممارسات وسلوكيات على صعيد الأفراد والمؤسسات والعمل على المضي قدمًا نحو التشجيع على المحافظة على البيئة والإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والمياه».
وأعرب الرميثي عن اعتزازه البالغ بهذا التعاون الاستراتيجي مع الدار باعتباره محطة جديدة لتحقيق التنمية المستدامة وبما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية الطموحة لإمارة أبوظبي، ورؤيتها الاقتصادية في مجالات الطاقة والاستدامة والمحافظة على البيئة.

أخبار ذات صلة «الدار» تحصل على تمويل مرتبط بالاستدامة بقيمة 9 مليارات درهم «الدار» تصدر سندات هجينة بقيمة مليار دولار


وأضاف: «إن الطرفين يمتلكان بنية قوية من الموارد والخبرات والكفاءات والمعارف التي من شأنها ضمان النجاح الأمثل للأنشطة والفعاليات التي سيتم تنفيذها، خلال الفترة المقبلة، واستكشاف المزيد من فرص التعاون فيما يتعلق بمشاريع كفاءة الطاقة والمياه وتقييم السياسات والاستراتيجيات، فضلاً عن برامج البحث والتطوير وأنشطة نقل المعرفة وبناء القدرات، إلى جانب البرامج، والحملات التوعوية والتثقيفية التي تهدف لتعزيز السلوكيات الإيجابية في مجال استهلاك الطاقة والمياه».


ومن جانبه، صرح طلال الذيابي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الدار: «يشرفنا التعاون مع دائرة الطاقة أبوظبي لنشر وترسيخ ثقافة العيش المستدام بين أفراد مجمعاتنا، وإيجاد حلول مبتكرة لتعزيز كفاءة الطاقة والمياه. ونكرس في الدار جهوداً كبيرة لضمان تبنّي أفضل ممارسات الاستدامة والحلول الصديقة للبيئة عبر عملياتنا كافة. وتُمثل شراكتنا مع دائرة الطاقة خطوة نوعية نحو تحقيق أهدافنا المشتركة في الحفاظ على الموارد الطبيعية، ودعم مستهدفات صافي الانبعاثات الصفري».

مقالات مشابهة

  • فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة
  • كاريكاتير محمد سباعنة
  • الدار البيضاء تحتفي بانتهاء العدوان على غزة.. مسيرات ومهرجانات حاشدة
  • جراحة العيون تنجح فى إجراء 118 عملية مياه بيضاء بجامعة سوهاج
  • منتخب الجودو يترقب قرعة بطولة الدار البيضاء
  • محمود عبد الغفار: دار إقامة كبار الفنانين لا تحمل النزيل أي تكلفة
  • تعاون بين دائرة الطاقة و«الدار» لتعزيز كفاءة الطاقة والمياه
  • الشيخ صبري: فلسطين حقنا وكل المؤامرات تهدف إلى تسليم الأقصى لليهود
  • مغردون على «إكس»: الفضاء يتزيّن باسم حامي الدار
  • ملك البحرين يزور دار الأوبرا السلطانية