هل تعود سوريا إلى دولة المواطنة والانتماء، أم تستمر غابة يسيطر عليها أسد جديد يتسبب فى ضياعها 50 عامًا أخرى؟ القرار فى يد السوريين، وغم صعوبة تحويل سوريا من دولة الخوف والرعب والتشريد والمعتقلات على يد نظام الأسد الأب والابن، فإنه ممكن إذا وقف السوريون على قلب رجل واحد يضعون فيه ثقتهم ويكون من المؤمنين يحقق الاستقرار الذى يستحقه الشعب السورى الشقيق بعد الظلم الذى تعرضوا له على يد الطغاة والجلادين منذ عام 70 حتى 8 ديسمبر الماضى وهو تاريخ سقوط نظام الأسد وهروب بشار وصعود حاكم مصنوع بمواد أمريكية إسرائيلية تركية كحل مؤقت للأزمة، أو يكون حلًا لا تعرف نهايته!
حال سوريا يؤكد أن الطغاة يجلبون الغزاة والغزاة يجلبون الخونة، نشأ بشار الأسد رئيس سوريا الهارب فى فترة سياسية مضطربة فى البلاد، وكان والده حافظ الأسد حينها يقود انقلاب «الحركة التصحيحية» عام 1970، ويحاول بشتى الطرق تثبيت حكمه، خاصة بعد محاولة اغتياله، فقرر سحق كل أشكال المعارضة، وبدأها بمجزرة حماه عام 1982 وقام بسلسلة من الإعدامات والاعتقالات والتعذيب الجماعى لمدة 17 عامًا.
واجتمع مجلس الشعب السورى عقب وفاة الأسد الأب فى يونيو 2000 لتعديل مادة فى الدستور كانت تنص على أن سن الرئيس يجب أن تكون 40 سنة، وفى جلسة للمجلس استغرق انعقادها مدة قصيرة، أصبحت المادة بعد التصويت على تعديلها، أن تكون سن الرئيس 34 عامًا لتتطابق مع سن بشار الأسد لتمكينه من اعتلاء منصب الرئيس، ويصبح أول رئيس عربى يخلف والده فى الحكم عن طريق التوريث فى دولة نظامها جمهورى! ثم انتخب بعدها بشار أمينًا فطريًا لحزب البعث السورى الحاكم لسوريا منذ ستنيات القرن العشرين.
بدأ نظام بشار سلسلة من اعتقالات واسعة للشعب والسياسيين لتثبيت حكمه، وشنت الحكومة حملة قمع ضد المعارضين، وفرض الرقابة على المواطنين، وقام الجيش بتضييق الخناق على المعارضين للنظام فى الداخل والخارج فى محاولة لوقف الحراك الشعبى.
تأزمت فى عهد بشار علاقة سوريا مع الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا بعد 11 سبتمبر 2003، وتأزمت الأزمة مع لبنان بعد اغتيال الحريرى. ودفعت سوريا الشعب السورى عبر 13 عامًا منذ محاولة الشعب القيام بثورة ضد نظام بشار عام 2011، مئات الآلاف من الضحايا والمعتقلين المختفين، وملايين الأطفال خارج المدارس، وتحولت معظم المدن السورية إلى دمار شامل، وفر معظم أبناء الشعب من قسوة بشار إلى الدول المجاورة ليعيشوا فى ملاجئ يعانون فيها من الجوع والعرى والحياة القاسية على أمل العودة.
رحل الأسد، لأنه مهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر وبقيت سوريا، وأصبح هناك بصيص من أمل العودة لأبناء الشعب السورى، الذين تلطموا فى البلاد، لكن إذا كان الأسد قد هرب بعد أن تحول إلى نعامة، فهناك ضباع تتربص بسوريا تريدها ألا تخرج من جحيم الأسد، أو تخرج من حفرة نظام حكم الطغاة إلى نظام حكم الأجنبى أو حكم الإرهاب أو نظام السخرة، هناك من لا يريد للشعب السورى أن يحكم نفسه بنفسه، وألا يكون مستقلًا، وأن يكون مقسمًا متناحرًا، يريد سوريا الممزقة، أن تكون كتلة من النار وليس واحة للمحبة بين شعبها، حكمها ديمقراطى حر من خلال انتخابات حرة ليختار الشعب السورى حاكمه بإرادته بعد أن سلبت منه عائلة الأسد حريته.
إنهاء معاناة الشعب السورى فى يد أبناء الشعب السورى وبتعاون المجتمع الدولى من خلال توحيد الأهداف والأولويات، وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة، تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلى، واستعادة وضع سوريا الإقليمى والدولى، وتعمل مصر مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون على إنهاء معاناة الشعب السورى وتحقيق وحدة وسلامة الأراضى والسيادة الوطنية السورية بعيدًا عن التدخلات المخربة والإملاءات الخارجية.
نأمل أن يكون إقصاء الأسد ونظامه لصالح إنقاذ سوريا وليس مخططًا لتنفيذ أجندات تعمق جراح سوريا.
كما نأمل أن يحدد مستقبل سوريا أبناء سوريا الوطنيون، ولا يتحدد عن طريق رئيس ملاكى تعينه القوى الخارجية التى تأتى بالطغاة أو الخونة الذى يمهدون الطريق للغزاة.
ونأمل ونرجو ونصر ألا يستبدل السوريون طاغية بطاغية آخر، الأمر بيد الأشقاء، ولا يجب أن يجعلوا الفرصة تتسرب من بين أيديهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب سوريا إلى دولة المواطنة هروب بشار الشعب السورى
إقرأ أيضاً:
قرارات جديدة ومهمة في سوريا… محامون دوليون يتتبعون ثروات عائلة الأسد وتحويلها لصالح الشعب
أسس حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة في عام 1970، شبكة واسعة من الاستثمارات والمصالح التجارية التي استمرت لعقود. وقد استخدم أقارب بشار الأسد هذه الشبكة لشراء عقارات بارزة في روسيا، وفنادق بوتيك في فيينا، وطائرة خاصة في دبي، وفقًا لمسؤولين سابقين ومنظمات بحثية تعمل على كشف الثروة.
أشار أندرو تابلر، المسؤول السابق في البيت الأبيض، إلى أن هناك جهودًا دولية جارية لتحديد أصول النظام، حيث كان لديهم وقت طويل قبل الثورة لغسل أموالهم، ولديهم دائمًا خطط بديلة. لا توجد معلومات دقيقة حول الحجم الحقيقي لثروة عائلة الأسد، ولكن تقديرات تشير إلى أن قيمتها قد تتراوح بين مليار إلى 12 مليار دولار.
غالبًا ما كانت هذه الثروات تأتي من احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات، لا سيما مادة الأمفيتامين، حيث استمرت عائلة الأسد في زيادة ثرواتها بينما عانى السوريون من آثار الحرب الأهلية. تضمن التقرير أيضًا أن العديد من الشخصيات القوية في نظام الأسد، بما في ذلك أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد، والتي كانت تعمل في "جي بي مورغان"، كانت ضالعين في الجوانب المالية للنظام.
واستصعبت جهود العثور على الأصول وتجميدها، نظير الحملة المستمرة من العقوبات الأمريكية، مما أدى إلى إخفاء هذه الثروات في ملاذات ضريبية.
ورغم التحديات، نجح المحامون في تجميد بعض الأصول، مثل الممتلكات التي تبلغ قيمتها 90 مليون يورو في فرنسا، والتي تم إثبات أنها نتاج غسل الأموال.
نشأ دور رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، كممول رئيسي للنظام، وبلغت ثروته حوالي 10 مليارات دولار قبل فرض العقوبات عليه عام 2008.
توقع المحققون أن يستمر آل مخلوف في تمويل الأسرة الحاكمة وأن يكونوا من الأمناء على ثرواتهم، مما يعكس العمق المعقد لرابطاتهم المالية.