ندوة مطرح عبر التاريخ.. نافذة للباحث وترسيخ للهُوية الوطنية
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
بدأت صباح اليوم فعاليات الندوة العلمية (مطرح عبر التاريخ) التي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بالمنتدى الأدبي في قاعة كلية مجان الجامعية بولاية مطرح، وتأتي هذه الندوة التي تستمر لمدة يومين ضمن سلسلة ندوات المدن العمانية التي تنظمها الوزارة ضمن إطار برامجها الثقافية والعلمية.
الندوة انطلقت بحفل رعاه معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط، وبحضور عدد من الباحثين والمهتمين، والطلبة من مختلف الفئات العمرية، وأهالي ولاية مطرح، للتعرف عن قرب على تاريخ المدينة العريقة وما تحمله من معاني وجدانية في ذاكرة عمان.
وألقى ناصر الصوافي كلمة المنتدى الأدبي التي أكد فيها اهتمام الوزارة على إقامة سلسلة ندوات المدن والحواضر بهدف استكشاف تاريخ مدن عمان، وإبراز دورها في خدمة الفكر والحضارة، وأضاف: "تساهم هذه الندوات في تعريف النشء من أبناء هذا الوطن بما بذله أسلافهم من تضحيات في بناء عمان، وذلك لتعزيز قيم المواطنة وترسيخ الهُوية في بلد عُرف بالتواصل الحضاري مع مختلف الأمم والشعوب منذ القدم، في ظل العيش بسلام ووئام".
وأكد الصوافي على أن تنظيم هذه الندوة يعدّ إضافة مهمة لإثراء المكتبة العمانية، واستكمالا لجهود الوزارة في توثيق تاريخ المدن العمانية من خلال إصدار مطبوعات تتضمن نتائج هذه الندوات، يتم نشرها وتوزيعها على الباحثين والمهتمين، لتكون مرجعًا مهمًا للتعرف على تاريخ عمان بشكل عام".
وألقى سعادة الشيخ الدكتور حمد بن سعيد المعمري والي مطرح كلمة قال فيها: "إن مقومات ولاية مطرح قديما، جعلتها محل أنظار العالم، وكان ذلك مدعاة، لأطماع الطامعين، واحتلال البرتغاليين لها لنحو 150 عاما، إلا أن عزيمة العمانيين وإرادتهم كسرت شوكة تلك الأطماع".
وأضاف المعمري: " لقد نالت ولاية مطرح في العهد الزاهر الميمون وعهد النهضة المتجددة، بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - نصيبا وافرا من التنمية في قطاعاتها المختلفة".
وقدمت الدكتورة منى بنت محفوظ المنذرية لقاء حواريا مع الدكتور علي بن محمد سلطان الذي أطلقت عليه "حديث عن ذاكرة الأيام"، تحدث فيه الدكتور علي عن الذاكرة التي بدأت في بداية عهده بولاية مطرح التي قال إنه في فترة ما لم يكن قد أرخت فيها الكثير من التفاصيل، والبداية كانت بعدد السكان الذي كان حوالي 10 آلاف شخص في بداية القرن العشرين، وبدأ النمو السكاني يتزايد، وتوافد عليها السكان من العمانيين القاطنين في شرقي إفريقيا، إضافة إلى الجاليات الوافدة، وبدأ التوسع العمراني والكثافة السكانية. مؤكدا على أن التعددية كانت موجودة، ولكن كان التعايش السلمي حاضرا فيها.
وانتقلت الإعلامية الدكتورة منى بنت محفوظ للسؤال عن تأثير التجارة على مطرح، وقال الدكتور علي إن التجارة كان لها دور كبير في مدينة مطرح، وذلك في تنوع التجارات التي عرفت بها المنطقة، وأصبح تصدير واستيراد مختلف المنتجات لا سيما الزراعية منها، إضافة إلى وجود الأسواق المتعددة سمة المنطقة.
في حين أن المرأة كان لها حضورها في المجال التجاري في تلك الفترة، حيث كانت تخرج مع الرجل وترتدي الذهب الخالص (المادة الخام) وترافق التجار إلى مدن التجارة، وكان يباع ذهبها بضعف القيمة عنه في عمان، ويتحول المردود ويعطى للتجار العمانيين للتجارة بالمردود من بيع الذهب.
وعلى مستوى التعليم، فقد كانت مطرح تحوي المدرسة السعيدية الأولى، والتي كانت آنذاك في بيت المنذري، ولكنها آلت للسقوط ونقلت بعدها إلى مسقط، كما أن مطرح كانت تحوي أول مدرسة صناعية تقنية خرجت منها أوائل الدفعات، وكان للمرأة نصيب من الدراسة في المدارس الأهلية.
وقال الدكتور علي: "وفي المجال الثقافي كان نادي إصلاح الثقافي وعلى رأسه جواد الخابوري، مكانا لإقامة الأحداث الثقافية، حيث أقيت المسرحيات وجميع من كانت على المسرح وجوها عمانية فتية، كما كانت تقام أمسيات شعرية، إضافة إلى حضور المجالس ذات الأهمية الثقافية".
جلستا عمل في اليوم الأول..
وتناولت الندوة محاور متعددة، تشمل الأحداث التاريخية الرئيسية، والشخصيات البارزة، والتقاليد التي ساهمت في تشكيل هُوية مطرح، كما سلطت الضوء على دورها كمركز حضاري عبر العصور.
واستعرضت المنجزات الحضارية التي حققتها سلطنة عُمان في إطار "رؤية عمان 2040"، التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث الثقافي والتطور الحديث.
كما قدم في اليوم الأول للندوة عدد من أوراق العمل، بدأت بالجلسة الأولى التي قدمت فيها الدكتورة فخرية اليحيائية ورقة بعنوان "مطرح في الصورة البصرية"، وحضور مدينة مطرح في الصورة البصرية في الأعمال الفنية، وذلك من خلال استعراض الطريقة التي عبر بها الفنانون التشكيليون والمصورون الفوتوغرافيون عن المشاهد والمعالم البارزة لهذه المدينة التاريخية في أعمالهم.
وقدم المكرم الدكتور عبد الكريم اللواتي ورقة بعنوان: "مقومات مطرح في تحقيق رؤية 2040.. مطرح مفردات أصالة وسيمفونية إبداع"، ركز فيها على الحديث عن أحد توجهات الاستراتيجية للرؤية وهي "مجتمع معتز بهُويته وثقافته وملتزم بمواطنيته". مؤكدا على الخصوصية والمرتكزات لمطرح، فمفردات الأصالة والتاريخ والتراث ماثلة للعيان في كل شبر منها.
وجاءت ورقة الدكتور سليم الهنائي بعنوان "الخدمات الطبية والعلاجية في مطرح خلال الفترة بين عام 1909-1970"، حيث كشفت الورقة عن الظروف الصحية والحياتية ودورهما في انتشار الأوبئة وكيف تعامل السكان مع الأمراض التي تنتشر في المدينة، وتطرقت للمنهج التاريخي القائم على رصد الأوبئة والأمراض التي انتشرت في المدينة خلال القرن العشرين".
وافتتح على هامش الندوة معرض مصاحب حوى عددا من الوثائق التاريخية تعود لعهد السلطان فيصل بن تركي، والسلطان سعيد بن تيمور تخص مطرح، إضافة إلى عدد من الصور الأولى التي التقطت لمدينة مطرح والتي تعود لعام 1931م، وأهم ما نشر في الصحف عنها، إضافة إلى صور من عدسة المصور خميس المحاربي تتضح فيها جماليات مطرح بمختلف جوانبها الطبيعية والعمرانية والاجتماعية.
تجدر الإشارة إلى أن الندوة تأتي ضمن أهداف الاستراتيجية الثقافية لوزارة الثقافة والرياضة والشباب في مجالات البحث والتوثيق، ودعم الدراسات والبحوث العلمية، وتهدف إلى التعريف بالحواضر والمدن العمانية، وتسليط الضوء على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والمقومات السياحية، وتختتم الندوة أعمالها صباح اليوم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الدکتور علی إضافة إلى مطرح فی
إقرأ أيضاً:
نيوزويك: عطلة نهاية الأسبوع التي صنعت ظاهرة ترامب وغيرت التاريخ
إذا كان مقتل ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند يوم 18 يونيو/حزيران 1914 هو الشرارة التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى، فإن نهاية عطلة أسبوع في ربيع 2011 مثلت نقطة تحول كبرى في التاريخ القريب للسياسة الأميركية الحالية، إذ أطلقت سلسلة أحداث لا تزال تتكشف يوما بعد يوم حتى الآن رغم مرور 14 عاما على وقوعها، حسبما أوردته مجلة نيوزويك الأميركية.
وأوضحت المجلة -في مقال مطول للكاتب كارلو فيرسانو- أنه خلال تلك العطلة، أصدر الرئيس الأميركي وقتها باراك أوباما أمرا بقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ثم ما لبث أن انطلق يجهز خطابه الساخر الذي سيلقيه في اليوم الموالي خلال حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض، تضمن انتقادات لاذعة لرجل أعمال اسمه دونالد ترامب، كان قد سخر في وقت سابق من أوباما وشكك في أهلية حكمه للولايات المتحدة مرددا مزاعم بأنه ولد خارج البلاد، ومن ثم فليس أميركيًا بالولادة.
REMINDER: Pres Obama at the 2011 White Correspondent’s Dinner absolutely DESTROYS Donald Trump! I’m betting Trump is still angry about this today as the entire audience laughs at him! #Priceless #WHCD pic.twitter.com/24kxy3oIAi
— (((DeanObeidallah))) (@DeanObeidallah) April 30, 2022
سخرية لاذعةوحسب الكاتب، فقد كان على أوباما أن يتصرف خلال الحفل بشكل طبيعي وعادي حتى لا يلفت الانتباه، إذ إن عملية قتل بن لادن ظلت محاطة بسرية شديدة، وكان عليه بذل جهد كبير خلال إلقاء خطاب يفترض أنه ساخر، ويتضمن انتقادات لاذعة لغريمه ترامب الذي قاد حملة دعوة البيت الأبيض للكشف عن شهادة ميلاد أوباما.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: صبر ترامب نفد وأوهام سموتريتش لن تتحققlist 2 of 2نظرة على معاهدة نهر السند التي قد تشعل حربا بين الهند وباكستانend of list إعلانوحرص أوباما على انتقاد ترامب، وقال إن نشر شهادة ميلاده أخيرا ستضمن للملياردير الأميركي سعادة بالغة، إذ ستجعله يتفرغ "لقضاياه المهمة، مثل هل قمنا بتزوير هبوطنا على القمر، وأين بيغي وتوباك؟".
وزاد بعض الكوميديين الذين شاركوا في الحفل الوضع سوءا بالنسبة لترامب الذي بدا وكأنه يغلي من السخرية منه، وبينهم سيث مايرز -صاحب برنامج توك شو شهير- الذي قال إن ترامب "صرح مؤخرا بأن لديه علاقة رائعة مع السود، وأظنه مخطئا إلا في حالة أن السود الذين يتحدث عنهم هم عائلة من البيض، أعتقد أنه مخطئ".
الترشح للرئاسةورغم أن شهادات كثيرة أوردتها نيوزويك تؤكد أن ترامب كان يغلي غضبا من السخرية اللاذعة الموجهة إليه، فإنه دأب على نفي ذلك موضحا أنه كان مستمتعا بفقرات الحفل.
وتوضح المجلة الأميركية أن ترامب كان قد تحدث علنا عن فكرة الترشح للرئاسة منذ الثمانينيات، لكن عديدا من مستشاريه السابقين قالوا، في تصريحات لنيوزويك ووسائل إعلام أخرى، إنهم يعتقدون أن الإهانة العلنية التي تعرض لها في تلك الليلة هي التي حسمت قراره في النهاية بالترشح بجدية لأعلى منصب في البلاد.
ونقلت المجلة عن دان فيفر -مستشار الاتصالات السابق في البيت الأبيض- حديثه الذي نشر في مجلة بوليتيكو الأميركية عام 2021، والذي قال فيه: "كان في ذلك الوقت الخطاب الذي اعتقدنا أنه الأكثر نجاحا لنا، سواء كان ذلك في النهاية، ربما، قد دفع دونالد ترامب للترشح للرئاسة.. هذا شيء يمكن للتاريخ أن يحكم علينا بخصوصه، لكن شعورنا كان رائعا".
وأوضح الكاتب أن خبراء ومستشارين مقربين من أوباما كشفوا عن أن إدارته كانت تتبع إستراتيجية سياسية علنية لرفع مكانة ترامب وغيره من العناصر التي كانت تُعَد حينها أقصى اليمين الهامشي، حتى بدا وكأنه أبرز معارض للرئيس بغرض استغلال الواقعة لمصلحتهم، لكن كل شيء ذهب في الاتجاه المعاكس، إذ ترشح ترامب للرئاسة بعدها بـ5 سنوات، وفاز بالرئاسة في سباق مثير لم يتوقع أحد نتيجته.
إعلانوذكر الكاتب كارلو فيرسانو أن الجميع الذين خططوا وأيدوا رفع ترامب إلى مكانة زعيم المعارضة لأوباما، تبرؤوا من ذلك لاحقا، وكل واحد منهم بدأ يصرح: "ليست غلطتي، هكذا تعمل دواليب السياسة".
وعاد الكاتب إلى قصة حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض، وقال إنه في الوقت الذي كان فيه الضيوف لا يزالون يعانون من آثار السهرة الطويلة صبيحة الأول من مايو/أيار، بدأت وكالات الأنباء تتناقل خبر مقتل بن لادن.
وتابع أن عددا من الشخصيات السياسية لا تزال تعتقد حتى الآن أن أوباما ارتكب خطأ جسيما بعدم استخدام مقتل زعيم القاعدة لإنهاء حرب أفغانستان، وترك عبئها يثقل كاهل رفيقه في الحزب جو بايدن لاحقا.