حلت قبل أيام الذكرى السنوية الـ ٧٦ لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يصادف ١٠ ديسمبر من كل عام. ففي مثل هذا اليوم من العام ١٩٤٨م اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قصر شايو بالعاصمة الفرنسية باريس «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». والذي يتكون من مقدمة و٣٠ مادة، ويعد أساسًا ومعيارًا عالميًّا مشتركًا لحقوق الإنسان الأساسية الواجب على المجتمع الدولي حمايتها.
ويعد هذا الإعلان أكثر وثيقة قانونية تمت ترجمتها على مستوى العالم، حيث ترجمت لأكثر من ٥٠٠ لغة ومهدت الطريق لإصدار أكثر من ٧٠ معاهدة واتفاقية معنية بحقوق الإنسان. وصدر هذا الإعلان بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية وما عانت فيه البشرية من كوارث إنسانية مرعبة راح ضحيتها عشرات الملايين من البشر. واستمد هذا الإعلان مبادئه بشكل خاص، من المبادئ الواردة في إعلان استقلال الولايات المتحدة عام ١٧٧٦م، وإعلان فرنسا لحقوق الإنسان والمواطن عام ١٧٨٩م. وبالرغم من أن هذا الإعلان لا يعد معاهدة أو اتفاقية إلا أنه، يعد الأساس ومصدر الإلهام الرئيسي لكل ما له علاقة بحقوق الإنسان، ويصنفه بعض فقهاء القانون الدولي كقانون دولي عرفي، والذي يعد ملزما - في نظرهم - على كل الدول. فلا يكاد يخلو دستور أو نظام أساسي لأي دولة في
العالم من مبادئ وردت في هذا الإعلان. ومن أبرز الاتفاقيات المستمدة من هذا الإعلان: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة ١٩٦٦م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة ١٩٦٦م، وهذان العهدان يعدان مكملين رئيسيين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كذلك صدرت كل من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري سنة ١٩٦٥م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة ١٩٧٩م، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة سنة ١٩٨٤م، واتفاقية
حقوق الطفل سنة ١٩٨٩م واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة سنة ٢٠٠٦م. ويعد من أبرز الحقوق التي نص عليها هذا الإعلان: أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان الحق في التمتع بجميع الحقوق والحريات دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الخلفية الوطنية أو الاجتماعية أو بسبب الرأي السياسي. وكذلك أن الناس جميعا سواءً أمام القانون، إضافة إلى عدة حقوق أخرى مهمة، من ضمنها، حق التمتع بحرية الرأي والتعبير. ولا يوجد أدنى شك في أن هذه الحقوق وأكثر منها قد سنتها الشريعة الإسلامية الغراء منذ أكثر من ١٤٠٠ عام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وبمراجعة بسيطة لما يحدث في العالم، يتبين أن كل ما قام به العالم المتحضر خلال عقود في مجال حقوق الإنسان وحمايتها والارتقاء بها، قام بهدمها الكيان الصهيوني - والدول الداعمة له - في عدوانه الآثم على غزة. فهذا العدوان، أظهر وكشف حقيقة هذه الدول - التي تدعي أنها دول ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان -، فالحق بحرية الرأي والتعبير، الذي نصت عليه المادة (١٩) من هذا الإعلان وتضمنته كل دساتير العالم، وخاصة دساتير الدول التي تدعي الديمقراطية، أصبح والعدم سواء، عندما يتعلق الأمر بانتقاد الكيان الصهيوني وجرائمه في غزة، لدرجة أنه تم اقتحام الجامعات واعتقال الطلبة - في هذه الدول - بسبب انتقادهم لجرائم الكيان الصهيوني. ووصل الأمر في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية إلى طرد هؤلاء الطلبة من الجامعات، وتصنيفهم كأصحاب سوابق، وإنهاء خدمات العديد من الصحفيين في صحف ووسائل إعلام أمريكية وغربية مرموقة، لا لشيء، إلا أنهم فضحوا الكيان الصهيوني وجرائمه التي تندى لها جبين الإنسانية. وإذا كان من أبرز حقوق الإنسان هو الحق في الحياة، فإن الشهداء في غزة تجاوزوا هذا الترف، وأصبح أهم مطالب من بقي من ذويهم، هو السماح لهم بدفنهم، وهو ما يرفضه الكيان الصهيوني المجرم، من خلال قتله لكل من يحاول دفن هذه الجثث، مما جعلها عرضة لنهش الكلاب الضالة، وبين مدى الحقد الذي يملأ قلوب قادة الكيان الصهيوني وجيشه، الذي يعد من أسوأ الجيوش في العالم من حيث دناءة الأخلاق، وما يحمله من حقد عرقي، على الفلسطينيين العزل، الأحياء منهم والأموات. لقد أسقطت غزة كل المفاهيم والشعارات الكاذبة التي أطلقتها الولايات المتحدة والدول الغربية على مدى عقود، في حرصها على حماية حقوق الإنسان في العالم، والإشارة الدائمة في خطابها السياسي على تصديها لكل من يتعدى على هذه الحقوق. والتجارب والوقائع والحقائق أثبتت وبينت أن مثل هذا الادعاء، ما هو إلا وسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وشن الحروب عليها أو فرض عقوبات اقتصادية وغيرها عليها - في أحسن الأحوال. لقد أسقطت هذه الدول بدفاعها المستميت عن جرائم الكيان الصهيوني، ودعمه - بشكل صريح وعلني - لانتهاك حقوق الإنسان في غزة وفلسطين، وصمت عربي وعالمي مهين ومريب، الاحتفائية السنوية بهذه الذكرى على مستوى العالم، وحولته إلى يومٍ باهت فاقد لكل مصداقية ومثير للاشمئزاز. فعن أي حقوق إنسان تتحدثون؟
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية:
العالمی لحقوق الإنسان
الکیان الصهیونی
حقوق الإنسان
هذا الإعلان
فی العالم
إقرأ أيضاً:
المؤتمر الدولي لحقوق النسخ ينطلق في الإمارات
افتتحت الرئيسة الفخرية لجمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ، الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، فعاليات المؤتمر الدولي الأول لإدارة حقوق النسخ في الإمارات، الذي تنظّمه الجمعية على مدار يومين في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار. وتنظم الجمعية المؤتمر بالتعاون مع وزارة الاقتصاد في الإمارات والاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النسخ.
وأكّدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أن الإمارات برؤيتها الطموحة واقتصادها القائم على الإبداع والمعرفة، تدرك أن حماية حقوق النسخ ليست مجرد التزام قانوني، بل هي ضرورة حتمية لازدهار الاقتصاد الإبداعي وتعزيز الابتكار، مشيرةً إلى أن حقوق
الملكية الفكرية تشكّل الركيزة الأساسية التي تُمكّن المبدعين من تحويل أفكارهم إلى مشروعات مستدامة تُثري المشهد الثقافي والاقتصادي على حد سواء.
وأضافت: "في عالم تعد فيه الأفكار والمعرفة شكلاً من أشكال رأس المال، فإن حماية حقوق المبدعين ليست مجرد التزام قانوني بل ضرورة استراتيجية، وتشكّل الملكية الفكرية الدعامة الأساسية للاقتصاد الإبداعي المزدهر، الذي يُمكّن الناس، ويعزز الصناعات، ويدعم الابتكار المستدام. ومن خلال هذا المؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ في الإمارات، نجدد التزامنا بوضع أطر تحقق التوازن بين إمكانية الوصول والإنصاف في الحقوق، لضمان استمرار مساهمة المؤلفين والناشرين والمبدعين بإثراء المجتمعات حول العالم؛ ليبقى الإبداع قوةً دافعةً للتقدّم الثقافي والاقتصادي"
وقدم وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري كلمة ثمن فيها الجهود التي تبذلها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي في تعزيز قطاع النشر والصناعات الإبداعية في الإمارات، ودورها القيادي في الدفع بعجلة التعاون الدولي لحماية حقوق المبدعين وتمكينهم.
وأضاف: "يعكس استضافة الإمارات للمؤتمر الدولي الأول لحقوق النسخ، التزامها ودورها الفعّال في تعزيز النقاش والحوار على المستويين المحلي والعالمي، لتوفير كافة الممكنات والسُبل التي تدعم حماية حقوق الملكية الفكرية لا سيما حقوق النسخ". مشيراً إلى أن الإمارات بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، قطعت أشواطاً واسعة في تطوير بيئة تشريعية متقدمة لقطاع الملكية الفكرية اعتماداً على أفضل الممارسات المتبعة، لا سيما المرسوم بقانون اتحادي 38 لسنة 2021 بشأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والذي عملت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع شركائها على تطويره من أجل خلق مناخ تشريعي تنافسي وقوي للمؤلفين وأصحاب الأعمال الإبداعية، بما يُرسخ مكانة الإمارات كوجهة عالمية رائدة للصناعات الإبداعية.
وذكرعبدالله بن طوق، مجموعة من الأرقام التي حققها قطاع الملكية الفكرية في الدولة بنهاية عام 2024، ومن أبرزها وجود أكثر من 370 ألف علامة تجارية وطنية ودولية مُسجّلة في الأسواق الإماراتية، وأكثر من 21 ألف إجمالي المصنفات الفكرية المُسجّلة في الدولة، في حين تم استقبال قرابة 24500 ألف طلب للتسجيل في المصنفات الفكرية، ووصل إجمالي براءات الاختراع المُسجّلة في الدولة إلى أكثر من 6100 ألف براءة اختراع، و9500 ألف إجمالي النماذج الصناعية المُسجّلة، موضحا أن "مختبر مكافحة القرصنة"، الذي دشنته الوزارة في العام الماضي لحجب المواقع الإلكترونية المنتهكة لحقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف والنشر، نجح في حجب 4076 ألف موقع مخالف.
كما اشتمل جدول أعمال المؤتمر في يومه الأول على جلسات نقاشية ركّزت على القضايا المحورية في المؤتمر.