صحيفة التغيير السودانية:
2024-12-29@17:03:23 GMT

جدل الخيانة الدوّار

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

جدل الخيانة الدوّار

خالد فضل
1
هل كلنا كسودانيين خونة؟ سؤال مقلق يخطر على البال من كثرة ما أطلقت هذه الصفة. ذات مرّة وقف أحد الزملاء الصحفيين يهاجم زميلا له كانا شريكين في إحدى الصحف وصفه بالخيانة والحرمنة وكال له من العيار الثقيل لقد كانا وثالث لهما أبناء (كار) إسلاموي واحد.

يكثر في أوساط المعلمين الذين يؤسسون مدارس خاصة عن طريق الشراكة إطلاق نعت الخيانة على بعضهم البعض عندما يتفرق شملهم غالبا .

أتصور أن أي شراكة بين سودانيين اثنين أو أكثر تنتهي في غالب الحالات إلى سبط مطول من نعوت ومترادفات الخيانة لدرجة تجعل المرء صراحة يتلفت يمنة ويسرى ويردد في سره عندما يحادث نفسه التي بين جنبيه: هل أنا خائن؟
2
هذا على مستوي الأنشطة الخاصة إنها حالة انعكاس لحالة الحياة السياسية العامة منذ يوم الإستقلال الأول وحتى عهد صراع جنرالات الحرب الراهنيين  أنشوطة مكتملة من حالة التخوين شملت الجميع دون فرز . مولانا القاضي /السياسي جنوب السوداني (حاليا) أبيل ألير أفرد كتابا رصد فيه وقائع خرق العهود في الحياة السياسية السودانية. أليس خرق العهود هو الخيانة وإن لم يتم تسميته بها مباشرة !! وقد ظلّ الجنوبيون يتهمون رصفائهم الشماليين بالخيانة للعهود والمراوغة في التقدم بخطوات حقيقية وصادقة تجاه حل قضيتهم المركزية وهي قضية جعل الدولة السودانية (تسع) جميع أهلها دون انتقاص لحق فرد في أن يكون كما هو كائن وهو اتهام يصدق بأمانة في معظم أزمان الدولة السودانية التي غلب على جل وقتها عنصران اثنان سيطرة العسكر أي الجيش السوداني وهيمنة التيارات الإسلامية السياسية وإلى هذين المكونيين تُرد كثير من أدبيات رمي الآخرين المخالفين لهما بـ(الخيانة).

إنّ أكبر مفرخة لتوليد صفة الخيانة والعمالة هي الحكومات السودانية نفسها؛ خاصة بصفتيها المار ذكرهما. الملاحظ أن الرمي بصفة الخيانة قد انحسر إلى حد بعيد فقط في الفترة القصيرة التي تشكلّت فيها الحكومة الانتقالية الأخيرة برئاسة د. عبدالله حمدوك وإلى شباب الثورة يعود الفضل فقد ابتدعوا صيغا (سلمية) عميقة المغزى من ذلك وصف الحركات السياسية المسلحة التي تنشط في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق بـ(حركات الكفاح المسلّح) عوضا عن النعوت القبيحة التي كانت تسود ل30سنة من حكم الثنائي المدمّر (عسكر/اسلامي).
3
الحقيقة أن الحاكمين ظلوا يسرفون في وصف من يعارضهم بالخيانة بمناسبة أي اختلاف يعجز الحاكم عن ايجاد صيغ معقولة لحلحلته يلجأ للحيطة القصيرة أو عند بلوغ حالة الإختلاف مرحلة المواجهة السياسية أو العسكرية  يستل الحكام – ذوي الطبيعة العسكرية أو الإسلامية أو الجامعين لكليهما – من معين اللغة العربية الذاخر (بالخيرات الهجائية) ما يصادفهم ليطلقوه على المخالفين لهم  وأدنى العبارات والصفات ( الخونة والمرجفون والعملاء). لقد تم وصفي شخصيا بالعمالة مثلا في كتابات بعض شباب وشيوخ الإسلاميين في الصحف السودانية وفصّل بعضهم في هذا الشرح الموثق تفصيلا لدرجة (شكيت) في كوني عميل أمريكي لسفارة لم أتشرف بعد بمعرفة موقعها بالضبط في الخرطوم .. أها نسيت أعترف بأن أحد أصدقائي وقريبي وزميل دراسة منذ الطفولة يعمل موظفا في تلك السفارة الأمريكية ولذلك فشخصي (عميل) ولو بصورة غير مباشرة ها ها هااااااا !!! وعفوا للاستطراد في ما نال شخصي من بلاوي الاسلاميين.
في حكومات الستينيات من القرن الماضي كان يتم اتهام بعض الوزراء بأنهم عملاء مصر في السودان؛ خاصة الوزراء الاتحاديين، وفي فترة العسكري المرحوم النميري شملت قائمة الخيانة الجميع يسارا ويمينا ووسطا وهي ذات الحالة التي انطبقت في ثلاثينية العسكري البشير وهي الحقبة الأوسع زمنيا والأكثر في توزيع صكوك الخيانة والعمالة في تاريخ السودان. لم ينج الصادق المهدي عليه الرحمة وبالطبع لم ينج نقد رحمه الله وما بينهما من بعث وجون قرنق وعقار وحتى جبريل إبراهيم ّ!! لكن شباب الثورة ورئيس وزاء فترة الانتقال كانوا عفيفي اللسان  هل سمع أحدكم عبدالله حمدوك يصف شخصا بالخيانة والعمالة والارتزاق؟ حاشا وكلا فقد كان أفق الرجل يؤسس لدولة تتجاوز جحر الضب الخرب هذا ولكن تأتي الانقلابات والاسلاميين بما لا تشتهي سفن عبور البلاد غلى برّ الأمان وتدور الدائرة التخوينية تلفح معها هذه المرة (حميدتي) وبالطبع مع ثبات السابقين من المنعوتين بالخيانة , ولله في السودانيين شؤون .
و خالص التعازي لأبناء عمي المرحوم موسى ود حاج أحمد في فقيدنا الشاب الملازم أبوالناس الذي لقي ربه مطلع الإسبوع الفائت ليروح كضحية لصراعات التخوين الخاسرة بين جنرالات الحرب الدائرة الآن في الخرطوم وغيرها من مناطق السودان لقد كان أبو الناس شابا من ذوي الهمة والبسالة واتسع افقه القومي مترفعا عن دنايا التخوين والتبعيض كان حلمه كأترابه من عشريني العمر وطن بالفيهو نتساوى نحلم نقرا نتداوى لكنها رصاصة خائرة من أصبع شاب أخر دون شك أردته قتيلا ولو علم القاتل من ستقتل رصاصته لما أطلقها أساساً إن القاتل والمقتول من شباب السودان الذين من حقهم أن يعيشوا لا أن يقتلوا وقودا لشراهة المزايدين بالدين والوطنية أو الطامعين في شهوات السيطرة والحكم تبا لمن يقتل ويرفد الحرب بالوقود النتن تبا لهم , ورحم الله أبا الناس وغيره من شباب غر ميامين فجعت بفقدهم قلوب أمهات وأسر .

الوسومالسودان خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان

إقرأ أيضاً:

سفير السودان لدى إثيوبيا يطمئن على ترتيبات إنطلاق امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة

إطمأن سفير السودان لدى إثيوبيا المندوب الدائم السفير الزين إبراهيم حسين خلال تفقده لمركز امتحانات الشهادة السودانية بمقر البعثة في حي كركوكس مكسيكو، على اكتمال الترتيبات لإنطلاق إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام ٢٠٢٣م السبت الموافق ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤م.ووقف على الاستعدادات الإدارية حيث عقد الإجتماع الإعدادي بحضور كبير المراقبين ومدير وأعضاء المدرسه السودانية.وأكد السفير الزين تسخير كل امكانات السفارة لدعم انجاح الامتحانات وراحة الطلاب متمنيا لهم التوفيق ولعوائلهم، مؤكدا أن الامتحانات ستتم في جو من الهدوء والانضباط تحت اشراف السفارة السودانية ومشاركتها أعضاء البعثة.يذكر انه قد شارك في الطواف على مركز الامتحانات أعضاء السفارة والملحقين الفني والعسكري بالبعثة والكنترول ومدير المدرسة.إطمأن سفير السودان لدى إثيوبيا المندوب الدائم السفير الزين إبراهيم حسين خلال تفقده لمركز امتحانات الشهادة السودانية بمقر البعثة في حي كركوكس مكسيكو، على اكتمال الترتيبات لإنطلاق إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام ٢٠٢٣م غدا السبت الموافق ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤م.
ووقف على الاستعدادات الإدارية حيث عقد الإجتماع الإعدادي بحضور كبير المراقبين ومدير وأعضاء المدرسه السودانية.
وأكد السفير الزين تسخير كل امكانات السفارة لدعم انجاح الامتحانات وراحة الطلاب متمنيا لهم التوفيق ولعوائلهم، مؤكدا أن الامتحانات ستتم في جو من الهدوء والانضباط تحت اشراف السفارة السودانية ومشاركتها أعضاء البعثة.
يذكر انه قد شارك في الطواف على مركز الامتحانات أعضاء السفارة والملحقين الفني والعسكري بالبعثة والكنترول ومدير المدرسة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحكومة السودانية ترفض وصف الأمم المتحدة للوضع بـ"المجاعة"
  • محمد أبوزيد كروم: الشهادة السودانية .. تحدي المكان والزمان
  • عقار يتفقد امتحانات الشهادة السودانية في كسلا
  • 345 ألف طالبٍ وطالبة يجلسون لأداء الشهادة السودانية في ظروف استثنائية
  • وزير الخارجية وسفير السودان بالقاهرة يقرعا جرس انطلاق امتحانات الشهادة السودانية بالقاهرة
  • وزير الخارجية وسفير السودان بمصر يقرعان جرس انطلاق امتحانات الشهادة السودانية بالقاهرة
  • الشرطة السودانية: المليشيا لا تستطيع استخراج جواز سفر وإن امتلكت طابعات
  • وزير الخارجية السوداني: الثقة الكبيرة التي نوليها للرئيس التركي هي الأساس
  • سفير السودان لدى إثيوبيا يطمئن على ترتيبات إنطلاق امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة
  • سفارة السودان في الرياض تعلن نقل مركز إنعقاد إمتحانات الشهادة السودانية لمقر جديد