صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-05@10:59:01 GMT

جدل الخيانة الدوّار

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

جدل الخيانة الدوّار

خالد فضل
1
هل كلنا كسودانيين خونة؟ سؤال مقلق يخطر على البال من كثرة ما أطلقت هذه الصفة. ذات مرّة وقف أحد الزملاء الصحفيين يهاجم زميلا له كانا شريكين في إحدى الصحف وصفه بالخيانة والحرمنة وكال له من العيار الثقيل لقد كانا وثالث لهما أبناء (كار) إسلاموي واحد.

يكثر في أوساط المعلمين الذين يؤسسون مدارس خاصة عن طريق الشراكة إطلاق نعت الخيانة على بعضهم البعض عندما يتفرق شملهم غالبا .

أتصور أن أي شراكة بين سودانيين اثنين أو أكثر تنتهي في غالب الحالات إلى سبط مطول من نعوت ومترادفات الخيانة لدرجة تجعل المرء صراحة يتلفت يمنة ويسرى ويردد في سره عندما يحادث نفسه التي بين جنبيه: هل أنا خائن؟
2
هذا على مستوي الأنشطة الخاصة إنها حالة انعكاس لحالة الحياة السياسية العامة منذ يوم الإستقلال الأول وحتى عهد صراع جنرالات الحرب الراهنيين  أنشوطة مكتملة من حالة التخوين شملت الجميع دون فرز . مولانا القاضي /السياسي جنوب السوداني (حاليا) أبيل ألير أفرد كتابا رصد فيه وقائع خرق العهود في الحياة السياسية السودانية. أليس خرق العهود هو الخيانة وإن لم يتم تسميته بها مباشرة !! وقد ظلّ الجنوبيون يتهمون رصفائهم الشماليين بالخيانة للعهود والمراوغة في التقدم بخطوات حقيقية وصادقة تجاه حل قضيتهم المركزية وهي قضية جعل الدولة السودانية (تسع) جميع أهلها دون انتقاص لحق فرد في أن يكون كما هو كائن وهو اتهام يصدق بأمانة في معظم أزمان الدولة السودانية التي غلب على جل وقتها عنصران اثنان سيطرة العسكر أي الجيش السوداني وهيمنة التيارات الإسلامية السياسية وإلى هذين المكونيين تُرد كثير من أدبيات رمي الآخرين المخالفين لهما بـ(الخيانة).

إنّ أكبر مفرخة لتوليد صفة الخيانة والعمالة هي الحكومات السودانية نفسها؛ خاصة بصفتيها المار ذكرهما. الملاحظ أن الرمي بصفة الخيانة قد انحسر إلى حد بعيد فقط في الفترة القصيرة التي تشكلّت فيها الحكومة الانتقالية الأخيرة برئاسة د. عبدالله حمدوك وإلى شباب الثورة يعود الفضل فقد ابتدعوا صيغا (سلمية) عميقة المغزى من ذلك وصف الحركات السياسية المسلحة التي تنشط في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق بـ(حركات الكفاح المسلّح) عوضا عن النعوت القبيحة التي كانت تسود ل30سنة من حكم الثنائي المدمّر (عسكر/اسلامي).
3
الحقيقة أن الحاكمين ظلوا يسرفون في وصف من يعارضهم بالخيانة بمناسبة أي اختلاف يعجز الحاكم عن ايجاد صيغ معقولة لحلحلته يلجأ للحيطة القصيرة أو عند بلوغ حالة الإختلاف مرحلة المواجهة السياسية أو العسكرية  يستل الحكام – ذوي الطبيعة العسكرية أو الإسلامية أو الجامعين لكليهما – من معين اللغة العربية الذاخر (بالخيرات الهجائية) ما يصادفهم ليطلقوه على المخالفين لهم  وأدنى العبارات والصفات ( الخونة والمرجفون والعملاء). لقد تم وصفي شخصيا بالعمالة مثلا في كتابات بعض شباب وشيوخ الإسلاميين في الصحف السودانية وفصّل بعضهم في هذا الشرح الموثق تفصيلا لدرجة (شكيت) في كوني عميل أمريكي لسفارة لم أتشرف بعد بمعرفة موقعها بالضبط في الخرطوم .. أها نسيت أعترف بأن أحد أصدقائي وقريبي وزميل دراسة منذ الطفولة يعمل موظفا في تلك السفارة الأمريكية ولذلك فشخصي (عميل) ولو بصورة غير مباشرة ها ها هااااااا !!! وعفوا للاستطراد في ما نال شخصي من بلاوي الاسلاميين.
في حكومات الستينيات من القرن الماضي كان يتم اتهام بعض الوزراء بأنهم عملاء مصر في السودان؛ خاصة الوزراء الاتحاديين، وفي فترة العسكري المرحوم النميري شملت قائمة الخيانة الجميع يسارا ويمينا ووسطا وهي ذات الحالة التي انطبقت في ثلاثينية العسكري البشير وهي الحقبة الأوسع زمنيا والأكثر في توزيع صكوك الخيانة والعمالة في تاريخ السودان. لم ينج الصادق المهدي عليه الرحمة وبالطبع لم ينج نقد رحمه الله وما بينهما من بعث وجون قرنق وعقار وحتى جبريل إبراهيم ّ!! لكن شباب الثورة ورئيس وزاء فترة الانتقال كانوا عفيفي اللسان  هل سمع أحدكم عبدالله حمدوك يصف شخصا بالخيانة والعمالة والارتزاق؟ حاشا وكلا فقد كان أفق الرجل يؤسس لدولة تتجاوز جحر الضب الخرب هذا ولكن تأتي الانقلابات والاسلاميين بما لا تشتهي سفن عبور البلاد غلى برّ الأمان وتدور الدائرة التخوينية تلفح معها هذه المرة (حميدتي) وبالطبع مع ثبات السابقين من المنعوتين بالخيانة , ولله في السودانيين شؤون .
و خالص التعازي لأبناء عمي المرحوم موسى ود حاج أحمد في فقيدنا الشاب الملازم أبوالناس الذي لقي ربه مطلع الإسبوع الفائت ليروح كضحية لصراعات التخوين الخاسرة بين جنرالات الحرب الدائرة الآن في الخرطوم وغيرها من مناطق السودان لقد كان أبو الناس شابا من ذوي الهمة والبسالة واتسع افقه القومي مترفعا عن دنايا التخوين والتبعيض كان حلمه كأترابه من عشريني العمر وطن بالفيهو نتساوى نحلم نقرا نتداوى لكنها رصاصة خائرة من أصبع شاب أخر دون شك أردته قتيلا ولو علم القاتل من ستقتل رصاصته لما أطلقها أساساً إن القاتل والمقتول من شباب السودان الذين من حقهم أن يعيشوا لا أن يقتلوا وقودا لشراهة المزايدين بالدين والوطنية أو الطامعين في شهوات السيطرة والحكم تبا لمن يقتل ويرفد الحرب بالوقود النتن تبا لهم , ورحم الله أبا الناس وغيره من شباب غر ميامين فجعت بفقدهم قلوب أمهات وأسر .

الوسومالسودان خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان

إقرأ أيضاً:

رئيس نيجيريا يطالب بالافراج عن القاصرين المتهمين بالخيانة العظمى

أمر رئيس نيجيريا بولا تينوبو بالإفراج عن جميع القاصرين الذين وجهت إليهم تهم "الخيانة العظمى" لمشاركتهم في الاحتجاجات، والتي كان من المحتمل صدور حكم الإعدام بحقهم في حال الإدانة.

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر حتى إشعار آخر حزب الله ينشر ملخصا لعملياته ضد جيش الاحتلال

وبحسب روسيا اليوم، صدر أمر الرئيس يوم الاثنين على خلفية الانتقادات للسلطات القضائية بسبب توجيه تلك التهم إلى القاصرين، حسبما أفادت وسائل الإعلام المحلية. 

وذكر وزير الإعلام النيجيري محمد إدريس أن الرئيس تينوبو وجه كذلك بتشكيل لجنة خاصة برئاسة وزير الشؤون الإنسانية في نيجيريا للتحقيق في ما حدث، ومعرفة ملابسات توقيف واعتقال واحتجاز القاصرين.

وكانت وسائل الإعلام المحلية قد أفادت بأن أحكاما قضائية بالإعدام كانت من المحتمل أن تصدر بحق 32 مراهقا، تتراوح أعمارهم بين 14 و17 سنة، وذلك بعد قرار قاض في المحكمة الفدرالية في أبوجا بتوجيه تهم إلحاق الأضرار بالممتلكات ومخالفة النظام العام والتمرد والخيانة العظمى إلى مجموعة من الأشخاص الذين تم اعتقالهم بعد مشاركتهم في الاحتجاجات في أغسطس الماضي.

وشهدت نيجيريا منذ 1 أغسطس الماضي موجات من مظاهرات الاحتجاج ضد التضخم وارتفاع الأسعار. كما جرت مظاهرات مناهضة للحكومة في عيد استقلال نيجيريا يوم 1 أكتوبر الماضي، حيث استخدمت الشرطة في العاصمة أبوجا الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من ارتفاع حالات الكوليرا وحمى الضنك والمجاعة في السودان
  • خاصة الطلاب.. السيسي يوجه بإزالة العقبات التي تواجه السودانيين في مصر
  • الخارجية السودانية: نقل ألف طن مساعدات جواً من جوبا إلى كادقلي
  • رئيس نيجيريا يطالب بالافراج عن القاصرين المتهمين بالخيانة العظمى
  • وزارة المالية السودانية تكشف أوجه الانفاق العام وأولويات الصرف
  • تحذير أممي من ارتفاع حالات الكوليرا وحمى الضنك في السودان
  • الأوتشا: وفاة 836 شخصًا بالكوليرا و 12 حالة وفاة بحمى الضنك في السودان
  • أدانت الهجوم الإرهابي في تشاد.. المملكة تحث الأطراف السودانية على وقف القتال
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين تتهم نتنياهو بالخيانة
  • الواقعية السياسية التي قيدت يد إسرائيل