عبد الله علي صبري: انتفاضة الحجارة وانكشاف مسار أوسلو
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
في التاسع من ديسمبر الجاري حلت الذكرى 37 لانتفاضة الحجارة الفلسطينية الأولى، التي اندلعت نهاية العام 1987 واستمرت نحو 6 سنوات، في عمل بطولي مقاوم تصدرت يومياته نشرات الأخبار في مختلف وسائل الإعلام الدولية.
تولدت شرارة الانتفاضة في اليوم التالي لعملية دهس قام بها صهيوني مغتصب لحافلة كانت تقل عمالا فلسطينيين أثناء انتظارهم التفتيش من أجل العبور من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة.
وحسب بيانات رسمية فلسطينية، فقد استشهد في الانتفاضة 1550 فلسطينياً، وجُرح ما يزيد على 70 ألفاً، وعلى الجانب الآخر قُتل 256 مستوطناً و127 جندياً على أيدي الفلسطينيين. وتعرض للاعتقال 100 ألف فلسطيني، إضافة إلى 18 ألف معتقل إداري. واستشهد 40 أسيرا فلسطينيا تحت التعذيب.
لم يتوقف التوحش الصهيوني عند هذا الحد، إذ قام بهدم 447 منزلا فلسطينيا هدما كاملا، وقام بإغلاق 294 منزلا فلسطينيا إغلاقا تاما كإجراء عقابي. ودمر المئات من المنازل أثناء ملاحقة المطلوبين أمنيا، ومارس أبشع أنواع التنكيل و” تكسير العظام ” بحق الآلاف من أبطال الانتفاضة.
لكن بالرغم من العنف المفرط لقوات الاحتلال وأجهزته الأمنية إلا أن الانتفاضة ظلت متوقدة ومتوهجة، عاما بعد آخر، من خلال العصيان المدني والمظاهرات الشعبية، ما جعل العالم يتنبه إلى حقيقة ما يحدث في فلسطين المحتلة، ويعمل على مساندة حقوق الشعب الفلسطيني ودعم حقه في تقرير المصير. وكانت هذه الانتفاضة ضمن عوامل أخرى من الأسباب المباشرة التي فرضت على العدو الصهيوني توقيع اتفاقية أوسلو 1993، وقيام سلطة فلسطينية في غزة وبعض المناطق في الضفة الغربية.
كانت الانتفاضة دليلا على حيوية الشعب الفلسطيني وصموده ومقاومته، في مقابل الهمجية الصهيونية التي لم تكف عن تهويد الأراضي الفلسطينية، والعمل على طمس هوية الشعب الفلسطيني، وتقييد الحريات بالتوسع في الاعتقالات، وملاحقة رموز النضال الفلسطيني داخل وخارج فلسطين المحتلة.
كان الفلسطيني يعبر عن نفسه وعن مظلوميته التاريخية من خلال رفض استمرار هذا الاحتلال بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، وكانت المفاجئة أن الحجارة غدت سلاحا فاعلا يرهب جيش العدو وقطعانه المغتصبين، بل ويربك الأداء السياسي لقادة الكيان الغاصب، ويعطل مشاريعهم التوسعية، ويحشد الرأي العام الدولي تضامنا مع الفلسطينيين وعلى الضد من وحشية الكيان وجنوده.
وقد ساعدت هذه الانتفاضة المفاوض الفلسطيني على انتزاع تنازلات ما كان يقبل بها الكيان الغاصب، لولا رغبته في التخلص من الانتفاضة وشبابها ورموزها، وكان بإمكان منظمة التحرير الفلسطينية أن تصل إلى نتائج أفضل بكثير مما تحقق في أوسلو 1993، لولا خذلان الأنظمة العربية، وحالة الانتهازية التي ظهرت عليها بعض القيادات الفلسطينية.
وبعد عشرين عاما ثبت أن مسار أوسلو كان على المدى البعيد في صالح هذا الكيان، الذي انقلب على كل التفاهمات، ولم يسمح لنواة الدولة الفلسطينية أن تكتمل، بل وحصر دورها في وظيفة أمنية لصالح دولة الكيان، وفي مواجهة المقاومة الفلسطينية، التي رفضت اتفاق أوسلو، وتمسكت بخيار المقاومة كسبيل وحيد لتحرير فلسطين وانتزاع حرية الشعب الفلسطيني.
مؤخرا وبرغم الملحمة الأسطورية للشعب الفلسطيني في معركة طوفان الأقصى، شرعت الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس محمود عباس في محاصرة مخيم جنين، والتعامل مع الشباب المقاوم وكأنهم مخربين خارجين عن القانون، في انتهازية فجة تهدد الوحدة الفلسطينية، وتحاول عبثا كبح جماح المقاومة والقفز على تضحياتها ومكتسباتها.
18-12-2024
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي الشعب الفلسطینی
إقرأ أيضاً:
الرئيس التونسي يؤكد موقف بلاده الثابت بشأن الحق الفلسطيني
شدد الرئيس التونسي قيس سعيّد، لدى استقباله اليوم /الثلاثاء/، بقصر قرطاج، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على موقف تونس الثابت بشأن الحق الفلسطيني المكفول بشرائع الأرض وقبلها شرائع السماء، مؤكدا أن على الأمة العربية أن تكون فاعلة في هذه المرحلة من التاريخ.
وقال "سعيّد" - بحسب بيان نشر على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية، وفقا لوكالة "تونس إفريقيا للأنباء"- إن الاحتلال الإسرائيلي الغاصب لا يستهدف إبادة الشعب الفلسطيني في وجوده بل يواصل جرائمه بهدف اغتيال الإرادة في التحرير، ولن يقدر بالتأكيد على ذلك، استهدف كل مرافق الحياة ولكنّه لم يحقق سوى مزيد التشبث بالأرض ومزيد الإرادة في التحرير ليقيم الشعب الفلسطيني دولته المستقلة كاملة السيادة على كل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
وأضاف أن "العالم يشهد تطورات متسارعة غير مسبوقة، وأنه على الأمة العربية أن تكون فاعلة في هذه المرحلة من التاريخ الذي بدأ فيه المجتمع الإنساني يتشكّل شيئا فشيئا ويتقدّم على المجتمع الدولي التقليدي الذي أفرزته الحرب العالمية الثانية".
كما تم خلال اللقاء بحث عدد من المواضيع الأخرى ذات العلاقة بالعمل العربي في كافة المجالات.
من جهته أفاد أبوالغيط - في تصريح عقب اللقاء، وفق فيديو نشر على صفحة الرئاسة التونسية - أنه قدم للرئيس سعيد، تقريرا عن أوضاع الجامعة العربية، وأعلمه أنه يترقب مشاركته في القمة القادمة للجامعة في شهر مايو القادم في بغداد.
وقال "تشرفت بلقاء الرئيس قيس سعيد الوطني العروبي واستمعت لرؤية رائعة لمجتمع وجمهورية تونسية متطورة قادرة على توفير حاجات كل الشعب التونسي، واستمعت لرؤية تاريخية للوضع الدولي عميقة المغزى"