د. حامد بن عبدالله البلوشي **

shinas2020@yahoo.com

في العاشر من ديسمبر من كل عامٍ، تقف البشرية لتحيي اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهي ذكرى إعلان الأمم المتحدة عام 1948م الميثاق الذي جمع بين طموحات الشعوب وآمالها في حياةٍ كريمةٍ تسودها العدالة والمساواة. غير أن هذه الحقوق التي تتغنى بها المواثيق الحديثة لم تكن وليدة العصر الحديث، بل هي متجذرة في أعماق الرسالات السماوية، وفي مقدمتها الإسلام الذي أرسى قواعدها، ووضع لبنتها، وحرص عليها قبل قرونٍ عديدةٍ، وقدم للبشرية نموذجًا متكاملًا لصيانة الحقوق، وحفظ الكرامة، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من منظومته الأخلاقية والتشريعية.

فلقد جاء الإسلام ليضع ميثاقًا إلهيا يضمن للإنسان كرامته وحقوقه دون تفرقةٍ أو تمييزٍ. فلا اعتبار فيه للون، أو الجنس، أو الدين. وقد أعلن القرآن الكريم هذه الحقوق منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا بقوله I: ﴿ولقدْ كرمْنا بني آدم﴾، فجعل هذا التكريم أساسًا لكل الحقوق التي يستحقها الإنسان.

ومن المواقف العظيمة التي نذكرها بكل اعتزاز وفخر، والتي تدل على اهتمام الإسلام بحقوق الإنسان قصة الخليفة عمر بن الخطاب مع القبطي الذي اشتكى من ابن عمرو بن العاص. فلم ينظرْ عمر إلى كون المشتكي غير مسلمٍ، أو إلى كون المعتدي ابن والٍ مسلمٍ (حيث كان عمرو بن العاص واليًا على مصر)، بل أقام العدل قائلًا عبارته الشهيرة: "متى استعبدتم الناس وقدْ ولدتْهمْ أمهاتهم أحرارًا؟" منطلقًا من مواقف أستاذه ومعلمه ومعلم البشرية جميعًا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي منها: أنه صلى الله عليه وسلم عندما رأى جنازة يهودي، وقف احترامًا للإنسانية قائلًا: "أليستْ نفسًا؟".

ورغم ما حققته الإنسانية من تطورٍ، إلا أن حاجتها إلى المحافظة على حقوق الإنسان باتتْ أكثر إلحاحًا. فلا تزال البشرية تعاني في كثيرٍ من بقاع الأرض من غياب حقوق الإنسان. ملايين الأشخاص يحرمون من حق التعليم والمعرفة، والطعام والغذاء، والعلاج والدواء، والسكن الآمن الكريم، ناهيك عن حروب الإبادة التي ترتكب ضد الإنسانية، وما يصاحبها من تجويع، وتشريد، وتهجير قسري، وانتهاك للأعراض، واستخدام للأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا من دول تتغنى بالديموقراطية وحقوق الإنسان، إذ لا يمكن أنْ يزدهر العالم، أو ينعم بالسلام؛ دون تحقيق العدالة، وحفظ الكرامة الإنسانية، لا باعتبارها شعاراتٍ ترفع، بل كمبادئ تطبق وتصان. فالحقوق الإنسانية تعد أساسًا لتحقيق السلام والاستقرار، وهي الحصن المنيع ضد الظلم والقهر.

إن أحد أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم هي العنصرية البغيضة، تلك الآفة التي تفرق بين البشر على أساس اللون أو العرق. مشاهد الظلم في بعض الدول تجسد استمرارية هذه الظاهرة الكريهة رغم كل الجهود الرامية لمكافحتها، فتسحق الكرامة تحت وطأة النزاعات المسلحة، ويقتل الأبرياء بلا ذنبٍ، وتهدر الحقوق الأساسية بسبب الجشع والطمع. مما يبرز الحاجة الماسة إلى جهودٍ مكثفةٍ لمحاربتها.

ولطالما اشتهرتْ سلطنتنا الغالية عمان بترسيخ قيم العدالة والمساواة. فقد حرصتْ على احترام الإنسان وصون كرامته. وقد كان العمانيون دائمًا وأبدًا يعاملون الآخرين بالعدل والمساواة، سواءً كانوا داخل الوطن أو خارجه. وقد عرفتْ السلطنة باحترامها للإنسان، وحرصها على إقامة العلاقات الدولية على أساس الاحترام المتبادل.

ولقد كان السلطان قابوس بن سعيدٍ -رحمه الله- نموذجًا عالميا في دعم حقوق الإنسان. عمل على ترسيخ قيم التسامح والمساواة، وأطلق مبادراتٍ تنمويةً تستهدف تحسين مستوى معيشة المواطن والمقيم. وفي عام 2008 أصدر جلالته -طيب الله ثراه- المرسوم السلطاني رقم (124/2008) بإنشاء اللجنة العمانية لحقوق الإنسان لكي تصبح كيانًا وطنيا مستقلًا لنشر ثقافة حقوق الإنسان، والعمل على حماية حقوقه، وصونها على أرض عمان. كما كان حريصًا على نشر السلام في المنطقة والعالم، مما جعل السلطنة واحةً للسلام والأمان.

واستمرارًا لهذا النهج الحكيم، جاء صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارقٍ -حفظه الله ورعاه - ليكمل مسيرة الحفاظ على حقوق الإنسان. فأطلق العديد من المبادرات التي تهدف إلى تمكين الأسرة، وتعزيز التعليم، وتحسين ظروف المعيشة، مع التأكيد على احترام القيم الإنسانية الأصيلة. وأصدر المرسوم السلطاني رقم (57/2022) الذي أعاد تنظيم اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، ووضع لها نظام عمل جديد، يرتقي بها إلى مستوى الاستقلال التام في ممارسة أعمالها، باعتبارها آلية وطنية معنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، ومتابعتها على الصعيدين المحلي والدولي.

في يوم حقوق الإنسان، يتجدد الأمل في عالمٍ يسوده العدل والمساواة، وتزهر فيه القيم الإنسانية. إنه دعوةٌ لكل فردٍ أنْ يكون صوتًا للحق، ونبراسًا للإنسانية. فلا كرامة لشعوبٍ تتجاهل حقوق أفرادها، ولا ازدهار لأممٍ لا تحترم إنسانيتها.

** مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية المجتمعية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

FA: هل كان دفاع بايدن عن حقوق الإنسان غطاء للوصول إلى البيت الأبيض؟

نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، مقالا لمديرة مكتب واشنطن في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، سارة ياغر، تحدّثت فيه عن: "خيانة الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، لحقوق الإنسان التي زعم أنه سيحميها".

وقدمت ياغر في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، تحليلا، للثمن الأخلاقي والإستراتيجي الباهظ، بالقول: "لو كانت رئاسة دونالد ترامب الثانية تشبه فترته الأولى، فلن يعمل الرئيس الأمريكي القادم على تعزيز قضية حقوق الإنسان". 

وأضافت: "من المرجّح أن تلحق سياسته الخارجية الضرر بالقيم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم بدلا من حمايتها. ولكن على الرغم من مدى قتامة السنوات الأربع المقبلة، فالسنوات الأربع الماضية لم تكن نعمة لحقوق الإنسان". 

"انتهى الأمر بالرئيس جو بايدن، الذي تولى منصبه واعدا بأن إدارته ستكون مختلفة، إلى تقويض هذه المثل العليا بنفسه" تابعت الكاتبة، مذكّرة في الوقت نفسه بوعود بايدن في حملته الإنتخابية لعام 2020 التي تحدث فيها بازدراء عن تبني ترامب "كل بلطجي في العالم"، من زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. 

وأردفت: "في بداية عام 2019 تعهد بايدن بتحويل السعودية لدولة منبوذة على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول. وعندما دخل المكتب البيضاوي، زعم بايدن أنه سيقرن أقواله بالأفعال من خلال جعل حقوق الإنسان أولوية للسياسة الخارجية". 

وتابعت: "في أسبوعه الثاني كرئيس، أخبر بايدن الموظفين المجتمعين في وزارة الخارجية أن "التمسك بالحقوق العالمية، هو النهج الأساسي لسياستنا العالمية، وقوتنا العالمية. وإن الحقوق هي المصدر الذي لا ينضب للقوة، للولايات المتحدة". 

واسترسلت: "قد كان بايدن سياسيا محنكا، ويعرف أن العالم معقّد. وفي البداية، أوفى بايدن بوعوده، وأصدر عشرات الأوامر التنفيذية في شهره الأول فقط لعكس الخطوات التي اتخذها ترامب لتقليص التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان الدولية".


وأشارت إلى أن بايدن قد عاد إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واتفاقية باريس للمناخ. ثم أزال عقوبات ترامب على المحكمة الجنائية الدولية وغير ذلك من السياسات المهمة.

ومضت بالقول: "ثم تغير الوضع، وبدلا من التعامل مع التزام الولايات المتحدة بقيمها كمصدر للقوة، تصرفت الإدارة كما لو أن مبادئها المعلنة بمثابة قيد ثقيل ملفوف حول رقبتها؛ وبدلا من الاستفادة من نفوذ الولايات المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان في الخارج، تردد بايدن في مواجهة الحلفاء بشأن انتهاكاتهم".

وأضافت: "قلّلت الإدارة من أهمية المخاوف بشأن المعايير القانونية الدولية. وبنهاية ولايته، كان بايدن يرسل ألغاما أرضية مضادة للأفراد إلى أوكرانيا، على الرغم من وجود حظر عالمي على استخدامها. وكذلك يرسل أسلحة إلى إسرائيل على الرغم من انتهاكاتها الخطيرة لقوانين الحرب في غزة".

وبحسب المقال نفسه، عاد بايدن إلى حقوق الإنسان والعدالة في حالتين بارزتين، الأولى عندما غزت روسيا أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022، والثانية في 7  تشرين الأول/ أكتوبر 2023. 

"مع ذلك، على الرغم من أنه ظل صريحا في انتقاده لجرائم الحرب الروسية في أوكرانيا، ودعم الجهود التي تبذلها المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية للتدخل، إلا أنه تجاهل أو دافع عن سلوك مماثل من جانب إسرائيل عندما شنّت حملة عسكرية في غزة، وعرقل الجهود الدولية للمساءلة" أردف المقال.

وتابع: "لم تمر انتقائية بايدن لتطبيق القيم الأمريكية المزعومة دون أن يلاحظه أحد. كما لم يغب الاختفاء الظاهري لحقوق الإنسان من خطاب الإدارة، مع أنه كان مكونا رئيسيا في استراتيجية بايدن المعلنة".

عندما كتب مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، في مجلة "فورين أفيرز" عن "مصادر القوة الأميركية، في خريف عام 2023، ركّز على القوة الاقتصادية والعسكرية وكانت حقوق الإنسان غائبة عن المناقشة".


وتابع المقال: "في الحقيقة، دائما ما يفشل الرؤساء الأمريكيون في التزاماتهم بحقوق الإنسان، ولكن استئصال حقوق الإنسان من السياسة الخارجية الأمريكية، كما فعلت العديد من قرارات بايدن وكما أثبت ترامب استعدادا للقيام بذلك بشكل أكثر حزما، من شأنه أن يلحق ضررا خطيرا بالمصالح الأمريكية والنظام الدولي".

وعندما تطبق الولايات المتحدة بشكل انتقائي القواعد المقبولة دوليا، فإنها تقوّض مصداقيتها وتفقد نفوذها في بقية العالم. ولأن واشنطن كانت مهندسة النظام العالمي الحديث، فإن سلوكها يحمل عبئا إضافيا.

وإذا خالفت الولايات المتحدة القواعد، فلن يحتاج المستبدون وغيرهم من القادة غير الليبراليين إلى عذر آخر لكسرها متى شاءوا، وإرهاب شعوبهم والتحريض على عدم الاستقرار خارج حدودهم.

إلى ذلك، أشارت الكاتبة إلى أن: "مشكلة بايدن في تعامله مع المستبدين، هي اعتقاده أن الكلام وراء الأبواب المغلقة قد يؤثر عليهم، لكن القادة الديكاتوريين لا يؤمنون بالكلام الهادئ لو لم يواجهوا تداعيات خطيرة".

وفي الوقت الذي انتقد فيه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلا أنه سافر في منتصف رئاسته إلى السعودية طالبا منه زيادة انتاج النفط، ليعود خاوي الوفاض. ولقد ضربت تعاملات بايدن الأخيرة مع الإمارات العربية المتحدة على نفس الوتر الحساس. 

ولسنوات، كانت حكومة الإمارات تساعد فيما أسمته وزارة الخارجية الأمريكية "إبادة جماعية" في السودان بإرسال أسلحة إلى قوات الدعم السريع، إحدى الفصائل في الحرب الأهلية في البلاد. ولكن في أيلول/ سبتمبر، رحّبت واشنطن بالرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، في زيارة رسمية، وخلال رحلة محمد بن زايد، أعلن بايدن عن ترقية التعاون الدفاعي الثنائي بين واشنطن والإمارات العربية المتحدة. 

"بينما كان محمد بن زايد يتناول العشاء في البيت الأبيض، كان مبعوث بايدن الخاص إلى السودان يحاول يائسا ولكن بلا جدوى منع الجنرالات السودانيين من ذبح المدنيين بالأسلحة الإماراتية" تابع المقال نفسه الذي ترجمته "عربي21".

وأضاف: "قد يكون لدى واشنطن مصالح استراتيجية في تعزيز العلاقات الدفاعية مع الإمارات، لكن رغبة أبو ظبي في التوصل إلى اتفاق منحت الولايات المتحدة أيضا نفوذا لم يستخدمه بايدن، من خلال فرض شروط جديدة على الإمارات  لوقف تدفق الأسلحة إلى السودان".


وأردف: "من وجهة نظر عملية بحتة، ليس من المنطقي أن تنفق الولايات المتحدة مئات الملايين من الدولارات على المساعدات الإنسانية لاحتواء تداعيات الصراع المتفاقم عندما يكون بوسعها منع المزيد من المجاعة والمعاناة من خلال وسائل دبلوماسية أقل تكلفة".

وتساءلت ياغر عن السبب الذي يجعل بايدن يتردد في استخدام نفوذه، ذلك أنه عندما اتخذ مواقف متشددة من السعودية، قامت بإجراء إصلاحات مثل الإفراج عن الناشطة لجين الهذلول. وفي عام 2021 و 2022 عندما علّق بايدن جزءا صغيرا من المساعدة الأمنية لمصر، لعدم التزامها بالشروط التي فرضها الكونغرس لحماية حقوق الإنسان، أفرج البلد عن معتقلين سياسيين. 

وفي عام 2024، استخدم بايدن إعفاء لإعادة المساعدات الأمريكية لمصر بالكامل بقيمة مليار دولار اعترافا بالجهود الإنسانية التي تبذلها مصر في غزة، وهي الجهود التي ربما كانت مصر قد بذلتها على أي حال، لأنها تصب في مصلحتها الخاصة. وجاء الإعفاء في وقت كان فيه سجل الحكومة المصرية في مجال حقوق الإنسان هو الأسوأ منذ عقد من الزمان.

كما جاءت رغبة بايدن في إبعاد القوى الصاعدة عن الصين وروسيا على حساب حقوق الإنسان. ورغم ارتكاب الحكومات في أماكن مثل الهند وتايلاند انتهاكات لحقوق الإنسان، إلا أن واشنطن تجنّبت إصدار أي  استنكار، خوفا من أن تلجأ هذه الحكومات إلى بيجين أو موسكو للحصول على صفقات دفاعية وتنموية وتجارة.

وواصلت هذه البلدان، بحسب المقال ذاته: "التي تعرف أصول اللعبة، القمع المحلي مع إبقاء القنوات مفتوحة أمام منافسي الولايات المتحدة من القوى العظمى. وفرش البيت الأبيض السجاد الأحمر في عام 2023 لرئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، حتى بعد اتهام الاستخبارات الأمريكية عملاء للحكومة الهندية بالتورط في مؤامرة لقتل ناشط انفصالي من السيخ على الأراضي الأمريكية".

وفي الداخل، مارست حكومة مودي التمييز ضد الأقليات الدينية وغيرها، ما أدّى في بعض الحالات إلى العنف الطائفي وهدم منازل العائلات المسلمة. ومع ذلك، لم يواجه مودي انتقادات علنية تذكر من المسؤولين الأمريكيين. 

واعتبرت مفوضية أمريكية حول الحريات الدينية عام 2022 بلدا "يدعو للقلق"، وهو وضع يدعو للعقوبات. فيما رفضت وزارة الخارجية اتباع التوصيات، بل وقامت في 2024 بتمرير صفقة بقيمة 4 مليارات دولارا لبيع المسيرات الأمريكية، كجزء من جهد أوسع للحفاظ على ولاء دولة مهمة جيوسياسيا. 
ومع ذلك، لم تمنع المبادرات الأمريكية مودي من زيارة بوتين في موسكو بعد بضعة أشهر، مما أحبط المسؤولين الأمريكيين.

وفي حالة تايلاند، اعتبرت إدارة بايدن أن البلاد لا غنى عنها للتخطيط العسكري الأمريكي في مسرح المحيط الهادئ، لدرجة أن واشنطن لم تستطع فعل أكثر من تقديم توبيخ خفيف ردا على انتهاكات الحكومة التايلاندية لحقوق الإنسان. وبالتالي استمرت الانتهاكات دون أي عواقب.

وترى الكاتبة أنّ نفاق بايدن جاء من خلال تعامله مع غزة وأوكرانيا. فقد قادت إدارته الحملة لطرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ودعمت المحكمة الجنائية الدولية. لكن الإدارة لم تتعامل مع المظالم الأخرى بنفس الوضوح.


ولعل دعم بايدن المتحمس لحملة حكومة الاحتلال الإسرائيلي في غزة كان تعبيرا عن نفاق واضح، والأكثر ضررا بالقانون الدولي. اتّهم الأمين العام للأمم المتحدة وزعماء العالم ومنظمات حقوق الإنسان، جيش الاحتلال الإسرائيلي، بارتكاب نفس جرائم الحرب في غزة التي اتّهم بلينكن روسيا بارتكابها في أوكرانيا.

ومع ذلك، أصرّ بايدن على شحن الأسلحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي دون فرض شروط على استخدامها، رافضا استخدام أقوى أداة تحت تصرفه لتغيير سلوك حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وفي الوقت الذي فصلت فيه خارجية بايدن الفظائع الروسية بمدن مثل ماريبول الأوكرانية، إلا أنها وبعد أشهر من الحرب المروّعة في غزة، وعلى الرغم من الأدلة الواسعة على جرائم الحرب التي ارتكبتها حكومة الاحتلال الإسرائيلية والتي وثقتها جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية؛ قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لا تستطيع التحقّق من أي حالة معينة من انتهاك الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي.

وفي النهاية يظل سبب تخلي بايدن عن قضية حقوق الإنسان كمبدأ من مبادئ  السياسة الخارجية سؤالا يجيب عنه المؤرخون وكتاب السير الذاتية. وربما كان السبب أنه لم يؤمن أبدا من أن حماية حقوق الإنسان في الخارج تشكّل مصلحة أمريكية مركزية ولكنه جعل هذه القضية محور حملته الإنتخابية ووعوده بعد تنصيبه.

مقالات مشابهة

  • مقررون أمميون يدعون لتطبيق وقف إطلاق النار في غزة وتدفق المساعدات الإنسانية
  • دماء داخل البيوت.. الجرائم الأسرية عرض مستمر.. خبراء: من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمعات الحديثة وغياب الأدوار الثقافية والتربوية سبب رئيسي
  • تورك: انتخاب رئيس الجمهورية يفتح الباب أمام إصلاحات
  • حصار جماعة نصرة الإسلام في مالي يفاقم الأزمة الإنسانية
  • وزير الخارجية يؤكد لـالاتحاد الأوروبي على أهمية نفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • بالتعاون مع الأوقاف.. قصور الثقافة بالغربية تستعرض حقوق المرأة في الإسلام
  • «وحدة وطنية وحماية اجتماعية».. إشادات واسعة بجهود تعزيز حقوق الإنسان بعد 2013
  • FA: هل كان دفاع بايدن عن حقوق الإنسان غطاء للوصول إلى البيت الأبيض؟
  • وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط سابقا: يجب وقف إطلاق النار بغزة وضمان الحقوق الإنسانية
  • محمد الطراونة: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد حق الإنسان بالحياة