نظّمت وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة العمانية للتربية والثقافة والعلوم ملتقى بعنوان "فضاءات اللغة العربية والتحولات الرقمية" احتفاءً باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام. أقيمت الفعالية بفندق كراون بلازا العرفان، برعاية سعادة الدكتورة جوخة بنت عبدالله الشكيلية، الرئيسة التنفيذية للهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، بحضور عدد من المستشارين ومديري العموم بوزارة التربية والتعليم، إلى جانب الباحثين والأكاديميين والمشرفين ومعلمي مادة اللغة العربية، وطلبة المدارس.

شهد الملتقى جلسة افتتاحية وأخرى رئيسية، بالإضافة إلى حلقات تدريبية مصاحبة، ناقشت مختلف التحديات والفرص التي تواجه اللغة العربية في ظل التحولات الرقمية، بهدف تعزيز أهمية المعرفة اللغوية من خلال إبراز جهود الحقل التربوي التي كان لها أثر ملموس في تطوير مسار اللغة العربية الفكري والإبداعي. كما ركز الملتقى على إبراز أهمية ودور اللغة العربية في التطور الحضاري للمجتمعات الإنسانية، وتعزيز البحوث العلمية والتربوية، وتشجيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تنمية المهارات اللغوية، إضافة إلى عرض التحديات التي تواجه اللغة العربية والحلول الإبداعية لضمان استدامتها.

وفي كلمته، أوضح الدكتور محمد بن عبدالله العبري، أمين اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، أن اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي مرآة تعكس الثقافة والمعرفة ووعي الشعوب، مما يجعل من الضروري حمايتها وتعزيز استخدامها في ظل التحديات الرقمية. وأضاف: "يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية تحت مظلة منظمة اليونسكو في 18 ديسمبر، وهو التاريخ الذي قررت فيه الأمم المتحدة في عام 1973 اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية. وتواصل وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة، الاحتفاء بهذا اليوم لتعزيز الهوية اللغوية والتركيز على الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي للنهوض باللغة العربية وتعزيز حضورها".

تضمنت الفعالية تكريم المتحدثين ومقدمي أوراق العمل، إلى جانب الفائزين من الطلبة في مسابقة أفضل قصة مصوّرة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي نظمتها دائرة المواطنة بوزارة التربية والتعليم.

افتتح الملتقى بجلسة قدّم خلالها الأستاذ الدكتور إحسان بن صادق اللواتي من جامعة السلطان قابوس ورقة بعنوان: "ثنائيات في الواقع المعيش للغتنا العربية"، تناول فيها العلاقة بين اللغة العربية والتحولات الرقمية، والتحديات التي تواجهها، وأهم الثنائيات التي تشهدها الساحة اللغوية والثقافية، مثل ثنائية الأصالة والمعاصرة، وثنائية الواقع الرقمي بين التحفظ والضرورة.

أما الجلسة الرئيسية، فشملت تقديم عدد من الأوراق البحثية، حيث ناقش الدكتور عبدالله بن سعيد السنيدي من تعليمية شمال الباطنة ورقة بعنوان: "تداعيات الازدواجية اللغوية للطلبة في المدارس"، تناول فيها تأثير استخدام لغتين مختلفتين على التحصيل العلمي للطلبة. واستعرض حميد بن محمد الهنائي من اللجنة الوطنية العمانية ورقة بعنوان: "اللغة العربية في الفضاء السيبراني"، تناول فيها جهود المنظمات اللغوية الدولية والعربية لتعزيز استخدام اللغة العربية في الإنترنت والفضاء الرقمي.

وقدّم الدكتور الأزهر بن زهران الراشدي من دائرة تطوير مناهج العلوم الإنسانية ورقة بعنوان: "الثروة اللفظية وتعليم اللغة العربية"، تناول فيها دور المفردات في تطوير المهارات اللغوية للطلاب وتأثير تقليص استخدامها في ظل الانفتاح على اللغات الأخرى. كما استعرضت الدكتورة فوزية بنت مال الله الوهابية من تعليمية مسقط ورقة بحثية حول "فاعلية منصة تعليمية قائمة على التلعيب في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى تلاميذ الصف الرابع"، حيث أكدت على أهمية التلعيب في تعزيز المشاركة الفاعلة للطلاب. وناقشت الدكتورة مريم بنت حميد الغافرية من المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين ورقة بعنوان: "أدب الذكاء الاصطناعي والأدب التفاعلي"، تناولت فيها استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأدب التفاعلي وآفاق هذا المجال في تغيير تجربة القراءة.

صاحب الملتقى تقديم حلقتي عمل تدريبيتين، الأولى قدمها يعرب بن علي المعمري بعنوان: "توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تدريس مفاهيم ومهارات اللغة العربية"، وركزت على تمكين معلمي اللغة العربية من توظيف التكنولوجيا لتحسين مهارات الطلاب اللغوية. أما الحلقة الثانية، فقدمها الدكتور سعيد بن محمد الكلباني تحت عنوان: "فرص اللغة العربية في النماذج اللغوية الاصطناعية"، تناول فيها التحديات والفرص التي تواجه اللغة العربية في هذا المجال.

اختتم الملتقى بتوصيات أكدت على أهمية استثمار التحولات الرقمية لتعزيز حضور اللغة العربية وتطوير أدواتها التعليمية والبحثية، مع التركيز على استدامة استخدامها وحمايتها من المخاطر الناتجة عن التغيرات التكنولوجية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التربیة والتعلیم اللغة العربیة فی ورقة بعنوان تناول فیها

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: لغتنا العربية من أمضى أسلحة بقاء الأمة وسَنُحاسب إن فرطنا فيها

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الحفاظ على اللغة والهوية العربية والإسلامية، مسؤولية دينية ووطنية ومجتمعية تقع على عاتق الجميع؛ كل في مكان عمله وتخصصه وحدود قدراته وإمكاناته، لنحافظ على ديننا وعقيدتنا وهويتنا، مؤكدا أننا ما أحوجنا إلى اليقظة والمقاومة لكل محاولات تذويب الهوية، والعمل الجاد على تقوية مناعتنا الحضارية، من خلال الاحتفاء بلغة القرآن والعناية بها، فهي مفتاح هويتنا، والاعتزاز بها اعتزاز بالهوية، وخدمتها خدمة للدين والوطن.

وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم باحتفالية الأزهر باليوم العالمي للغة العربية، أن من فضل الله على الأمة أن ميزها بأجلى عقيدة، وأفصح لسان، وأعظم هوية، مؤكدا أن المحافظة على العقيدة واللسان والهوية مطلب شرعي، وواجب وطني، ومسؤولية مجتمعية، قائلا: "إذا كانت اللغة العربية أحد أركان هوية الأمة؛ فإن المحافظة عليها من الدين".

وأكد الدكتور الضويني، أن الواجب على كل مسلم أن يذود عن اللغة بقلبه حبا لها، وبلسانه تعلما ونطقا بحروفها وبلاغتها، وأن يزود نفسه ما استطاع من الثقافة العربية والإسلامية، وأن يكون على وعي بما تتعرض له اللغة والدين والهوية من هجمات شرسة، وأن يتنبه لصراع قديم متجدد، صراع خفية أدواته، خطيرة آثاره! وهو «صراع الألسنة واللغات»، مشددا على أن اللغة هي أحد أهم مكونات الهوية، ومن أهم عوامل البناء في مختلف الحضارات والثقافات، ومن أول ما يعنى الغزاة المحتلون بمحوه، ومن ثم فإن الصراع اللغوي صراع وجود وهوية.

واستنكر وكيل الأزهر، غياب الفصاحة العربية عن ألسنة كثير من أبنائنا الذين شغلوا عنها برطانات ولغات أعجمية، وأصبحوا يعمدون إلى بضع كلمات أجنبية يقحمونها بين الحين والآخر في حديثهم بلا داع أو مبرر، وكأنما اعوجاج اللسان العربي غاية التحضر والرقي، فضلا عن لافتات الشوارع وواجهات المؤسسات، التي تخلت عن اللغة العربية الفصحى، موضحا أن المشكلة ليست في استعارة بعض ألفاظ من لغات أخر، وإنما الأسى من أن يدور في فم المتكلم العربي لسان غيره، وأن يسكن دماغه عقل غيره!

وقال وكيل الأزهر، إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يذكرنا بالحال الذي تحياه هذه اللغة، فالواقع يعلن أن بعض أبناء الأمة العربية قد هجر اللغة الفصحى إلى اللهجة العامية بدعوى التسهيل والتيسير، وأن بعضهم يقدم اللغات الأجنبية عن لغته الأم، أو يرتضي اختراع خليط لغوي عجيب لا نسب له، وكأنهم يظنون بهذا أن التقدم لا يكون إلا بالانسلاخ من اللغة العربية، وكأن اللغة العربية هي المسئولة عن مشكلات حياتنا!، مؤكدا أن هذا الواقع اللغوي يفرض على الأمة العربية أن توجد طرائق متنوعة لتجذير اللغة العربية في نفوس أجيال المستقبل؛ لتبقى حية متوقدة في ألسنتهم وفي أفكارهم، بدءا من المدارس والمؤسسات التربوية، ومرورا بوسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي المحدثة التي تأتي بالعجائب وغيرها من أدوات معاصرة.

وشدد وكيل الأزهر على أن اللغة العربية ليست مجرد لغة للتواصل والتفكير فقط، وإنما هي لغة العقيدة والشريعة التي ارتضاها الله رب العالمين لغة لكتابه وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم، كما أنها مفتاح علوم التراث، ولا غنى لعلم من علوم الشريعة عنها، مبينا أنه إذا استعجمت الألسنة صارت العلوم غريبة عن أهلها، وإذا فرق بين العلوم وأهلها صاروا على موائد الأمم العلمية أضيافا إن أحسن إليهم؛ ولذلك كان إكرام اللغة واللسان من إكرام الأمة، وضعف اللغة واللسان من ضعف الأمة.

وفي ختام كلمته، قال وكيل الأزهر، إن لغتنا العربية من أمضى أسلحة بقاء الأمة، وأننا بقدر مسئوليتنا عن الأمة سنحاسب على مكونات هويتها إن فرطنا فيها، داعيا إلى ضرورة تفعيل التشريعات الخاصة بحماية اللغة العربية والنهوض بها، بما يجعلها حاضرة في مختلف ميادين المعرفة والثقافة، والحياة العامة، والأنشطة الفنية والإعلامية، وأن تعمل الدوائر التربوية على إيجاد صيغ وبدائل مرغبة للنشء في دراستها والتكلم بها، مع ضرورة توفر إرادة حقيقية وقرار بآليات تنفيذية يعنى بتعريب العلوم المعاصرة، وأن تصطبغ الرسالة الإعلامية بالصبغة اللغوية الفصيحة، كما دعا فضيلته الدبلوماسيين العرب أن يحرصوا على النطق باللسان العربي في المحافل الدولية، والأوساط السياسية.

مقالات مشابهة

  • "التربية" تناقش تحديات وفرص "لغة الضاد" في ظل التحولات الرقمية
  • وكيل الأزهر: لغتنا العربية من أمضى أسلحة بقاء الأمة.. وسَنُحاسب إن فرطنا فيها
  • وكيل الأزهر: لغتنا العربية من أمضى أسلحة بقاء الأمة وسَنُحاسب إن فرطنا فيها
  • مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم.
  • خبراء يوضحون لـ "اليوم" دور الذكاء الاصطناعي في تمكين وانتشار اللغة العربية
  • تحديات اللغة العربية.. من الثنائية اللغوية إلى التقنيات الحديثة
  • عاجل - احتفال اليونيسكو بـ اليوم العالمي للغة العربية 2024: مستقبل لغة "الضاد" في عصر الذكاء الاصطناعي
  • كلية التربية بجامعة صنعاء تحتفي باليوم العالمي للغة العربية
  • محمود المملوك: أدركنا تحديات الصحافة الرقمية منذ 4 سنوات فأطلقنا تجربة الذكاء الاصطناعي