"من يحصل على الجنسية الإسرائيلية يُقاطع ويعتبر خائنا".. هذا ما يحدث يوميا منذ أكثر من 40 عاما في الجولان السوري المحتل رغم جرائم الاحتلال وانتهاكاته وحتى إغراءاته.

أرست "إسرائيل" فور احتلال الجولان في 1967، نظام حكم عسكري بقبضة من حديد في المنطقة، وفي كانون الأول/ ديسمبر 1981، قررت تطبيق القانون المدني الإسرائيلي في الجولان ومحاولة فرض جنسيتها على الأهالي لأسرلة المنطقة كلها وضمها.

 

وانتفض الأهالي رافضين القرار الإسرائيلي "رغم الضغوط التي مارسها الحاكم العسكري من قبيل تقييد الحركة وعدم السماح بالتنقل خارج المنطقة المحتلة وعرقلة المصالح الخاصة بالسكان"، بحسب الناشط السياسي هايل أبو جبل. 

وتحدى الأهالي السلطات الإسرائيلية ببدء إضراب في شباط/ فبراير 1982 استمر لمدة 6 أشهر ويعتبر الأطول في تاريخ الجولان حتى الآن.

وفطن أهل الجولان مبكرا إلى أن الجنسية الإسرائيلية مجرد حيلة لضم الجولان وقطع صلتهم بوطنهم سوريا إلى الأبد، ومع توالي السنين، ازدادت قناعتهم رسوخا بأن "الهدف الاسرائيلي كان ومازال هو جعل الجولان جزءاً من إسرائيل وبأي أسلوب كان"، وفقا لأبو جبل الذي يؤكد في تصريحات خاصة لـ"عربي 21"، أن "السبب الأساسي لرفض أبناء الجولان للجنسية الاسرائيلية أننا عرب سوريون ننتمي لوطننا سوريا ولشعبنا السوري".


وبعد أربعة عقود من محاولات الأسرلة، أكد الناشط السياسي سلمان خير الدين، في تصرحيات لـ"عربي21" أن نسبة "حملة الجنسية الإسرائيلية من أهل الجولان لا تتجاوز 20 بالمئة في حدها الأقصى، رغم كل هذه السنوات والتراكمات والوهن العربي وترتكبه إسرائيل من انتهاكات وجرائم تطهير عرقي ترقى إلى جرائم حرب".

ومن جرائم التطهير العرقي الإسرائيلية في الجولان "تهجير 90 في المائة من السكان بعد احتلاله والإبقاء فقط على ست قرى في شمال الجولان"، حتى إن عدد المهجّرين من المنطقة يناهز حاليا 800 ألف. 

وتوسعت "إسرائيل" في الاستيطان، "لكنه لم يحقق تطلعاتها في تغيير الخريطة الديمغرافية للجولان"، وفقا لخير الدين، وما زال هناك 26 ألف سوري، مقابل 16 ألفاً في 1984، صامدون في وجه العدد نفسه من المستوطنين تقريبا، ومؤخرا، أقرت الحكومة الإسرائيلية مخططا لمضاعفة عدد المستوطنين.

وفي مواجهة "إغراءات" الجنسية الإسرائيلية، قرر أهالي الجولان منذ ثمانينيات القرن الماضي "اتخاذ تدابير صارمة ضد من يقبل الجنسية الاسرائيلية بمقاطعتهم اجتماعياً ودينياً وفرض العزلة التامة عليهم"، وفقا لأبو جبل، وهو ما أكده أيضا خير الدين لافتا إلى وجود "تسامح مع من ورث الجنسية الإسرائيلية عن والده لأنه مجرد وريث لا يحمل وزر ذلك".

وفي ظل تمسك الغالبية الساحقة من سكان الجولان برفض الجنسية الإسرائيلية حيث نُبذ من يقبل بها منهم، تحولوا بسبب ذلك من أصحاب الأرض الأحق بها إلى "مجرد مقيمين" في دولة الاحتلال. وإذا كانوا يتمتعون بحرية الحركة داخليا بموجب ما يعرف بـ"الهوية الزرقاء"، فإن "هناك الكثير من التمييز السلبي في تطبيق القانون الإسرائيلي رغم أنه يخول للمقيم كافة الحقوق ما عدا الترشح والانتخاب"، بحسب أبو جبل، الذي يعتبر من مؤسسي حركة مقاومة الاحتلال في الجولان.

وتتحول صفة "مقيم" إلى "جمرة عذاب" في حالات كثيرة من بينها السفر إلى الخارج الذي يعتبر من أسباب طلب البعض الجنسية الإسرائيلية، ومن هذه الأسباب، وفقا لأبو جبل، "الحاجة للسفر للدراسة في الخارج، خصوصا جيل الشباب، إضافة إلى الرغبة في جواز سفر ييسر "لأفراد الأسرة الواحدة اللقاء بعد سنوات من الغياب"، خصوصا أنه لا تستقبل أي دولة سكان الجولان من دون تأشيرة باستثناء الأردن. 

ويتم سفر أهالي الجولان إلى الخارج بموجب وثيقة سفر تحمل ختما إسرائيليا ولا يحصل على تأشيرة أي دولة بها إلا بعد معاناة وطول انتظار، ويبدو من هذه الأسباب أن بعضا من حاملي الجنسية الإسرائيلية فعلوا ذلك اضطرارا، ولعل هذا ما يُفسر قلة طلبات الجنسية التي تصل إلى السلطات الإسرائيلية سنويا، وهي التي لم تتجاوز أربعة حالات في عام 2010، قبل أن يزداد العديد باطراد لاحقا لكنه ظل في دائرة المائتي طلب سنويا كحد أقصى.

وبما أن رفض سكان الجولان الجنسية الإسرائيلية في حد ذاته مقاومة وتمسكٌ بهويتهم السورية، فقد اتجهت أنظارهم مؤخرا إلى التطورات المتسارعة في سوريا ووصولا إلى إسقاط نظام بشار الأسد وبدء تشكل ملامح سوريا جديدة.


غير أنه لا تخوّف في الجولان من أن تنعكس التحولات الجارية في سوريا على مقاومتهم برفض الجنسية الإسرائيلية، لأن طي هذا الموضوع لا يكون إلا بتحرير الجولان، ومن هذا المنطلق يستبعد أبو جبل، وهو كذلك أسير سابق، أن "يكون لسقوط نظام الأسد تاثير على الموضوع"، قبل أن يستدرك بالتأكيد على أن "الوقت مازال مبكراً للحكم على الأمور". 

وفي المقابل، يرى سلمان خير الدين أن خلع الأسد "رفع منسوب الوعي الوطني لدى سكان الجولان وعزز انتماءهم إلى سورية"، مؤكدا أن "الإحساس العام السائد هناك هو الانتماء أكثر إلى سورية مع بعض الحذر والتخوف من المستقبل". ومن بواعث الخوف على المستقبل، شروع إسرائيل بقضم أراض جديدة وممارسة تطهير عرقي خصوصا في بعض القرى الصغيرة، إضافة إلى مخاوف تتصل بسوريا الجديد التي يقول خير الدين إنه "لا بديل فيها عنا عن تأسيس دولة مدنية لكل المواطنين من مختلف الطوائف مع جبر الأضرار".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الإسرائيلية الجولان الاحتلال سوريا سوريا إسرائيل الاحتلال الجولان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجنسیة الإسرائیلیة سکان الجولان فی الجولان خیر الدین

إقرأ أيضاً:

هيئة البث الإسرائيلية: تم التأكيد رسميا في إسرائيل على وقف إطلاق النار

قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه تم التأكيد رسميا في إسرائيل على صفقة وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال وقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 15 شهرا، والذي خلف آلاف الشهداء والجرحى في القطاع.

في السياق ذاته، أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق، معلنا قرب إطلاق سراح المحتجزين.

وأفادت مصادر للجزيرة أنه من المتوقع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة خلال يومين أو ثلاثة، مضيفة أن هناك بروتوكول إغاثي إنساني يرتبط بتطبيق المرحلة الأولى ويتضمن إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا.

وأضافت المصادر ذاتها أنه حسب الاتفاق، سيعود النازحون من جنوب قطاع غزة إلى شماله بدون أي عوائق.

في السياق ذاته، قال مسؤول مطلع لرويترز إن الاتفاق يحدد مرحلة أولية لوقف إطلاق النار تستمر ستة أسابيع ويتضمن انسحابا تدريجيا للقوات الإسرائيلية وإطلاق سراح المحتجزين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.

وتمهد هذه الصفقة الطريق أمام نهاية محتملة للعدوان الإسرائيلي المستمر منذ 15 شهرا وخلف آلاف الشهداء والجرحى في القطاع.

مقالات مشابهة

  • الأطماع المائية “الإسرائيلية”.. تهديد متجدّد لموارد سوريا والأردن
  • الصين تكشف عن تباطؤ النمو الاقتصادي للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود
  • بزشكيان: إيران وروسيا تنددان بالاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
  • رقم قياسي جديد في الكويت لحالات سحب الجنسية
  • الشرع بعد صمت طويل لم يشر إلى احتلال جزء كبير من الجولان واكتفى.. ملتزمون باتفقاق 1974 مع إسرائيل
  • الكويت.. سحب الجنسية من 5800 حالة جديدة
  • بسبب تزوير الجنسية.. الكويت تعترف بخرق كبير في مؤسسة حساسة || تفاصيل
  • هيئة البث الإسرائيلية: تم التأكيد رسميا في إسرائيل على وقف إطلاق النار
  • إسرائيل توسع سيطرتها في جنوب سوريا و تقترب من دمشق
  • أذرع الأخطبوط.. إستراتيجية إسرائيل للتمدد جنوب سوريا