بدأ التواجد التركي في ليبيا قبل سنوات طويلة لكنه كان محدودًا، وتطور مع الوقت، ليأخذ أبعاد اقتصادية وعسكرية كبيرة، خاصة منذ عام 2020، عندما وقعت أنقرة اتفاقيات الدفاع المشترك والتعاون الأمني مع حكومة الوفاق الوطني الليبية في الغرب آنذاك بقيادة فائز السراج، ومؤخرا اتجهت تركيا نحو معسكر الشرق الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي وابنائه صدام وبلقاسم حفتر، بجانب استمرار تنسيقها مع طرابلس، في ظل تقارب ملحوظ مؤخرا بين المعسكرين الغربي والشرقي، وجمع تركيا لممثلي الطرفين في إسطنبول، خلال شهر أكتوبر الماضي، حيث التقى صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية في الشرق مع وزير دخلية الغرب في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، على هامش معرض ساها إكسبو 2024 الدولي للدفاع والفضاء.

 

هل يمكن أن يكون هذا التقارب مع الشرق الليبي فخًا ذكيًا نصبه أردوغان لحفتر؟
توغلت تركيا عسكريا في ليبيا بشكل كبير، وتمثل هذا التوغل في الاتفاقيات العسكرية الجديدة التي وقعتها أنقرة مع حكومة الغرب مجددا هذا العام، وبحث التعاون أكثر مع صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية بمعسكر الشرق، ونذكر هنا، مذكرة التفاهم بين أنقرة وحكومة عبد الحميد الدبيبة في مارس 2024، والتي تتعلق بوضعية القوات التركية في ليبيا، وكذلك على هامش معرض ساها إكسبو 2024، تمكنت تركيا من الحصول على توقيع مذكرة تفاهم جديدة مع حكومة الوحدة الوطنية بمجال التعاون في تدريب قوات الأمن، وإمكانية إتاحة اختبار أنظمة الدفاع الصاروخي التركي في ليبيا، فيما قام صدام حفتر بجولة شملت أجنحة شركات الدفاع التركية المتخصصة في مختلف أنواع الأسلحة. 

أسباب رغبة تركيا في التواصل مع شرق ليبيا وزيادة وجودها العسكري في البلاد
وحول الأسباب وراء رغبة تركيا في التواصل مع شرق ليبيا وزيادة وجودها العسكري في البلاد، أكد العقيد دكتور إيهاب أبوعيش المتخصص في شئون الأمن القومي، أن تركيا لها أسباب كثيرة للتواجد في ليبيا، والاتجاه نحو معسكر الشرق أيضًا، فهي ترغب في أن تكون ليبيا بوابة للنفوذ إلى إفريقيا، لتحقق أهدافها في القارة السمراء فهي لها تواجد في إفريقيا وتسعى لتثبيت وتوسع تواجدها أكثر، وبالتالي فأن ليبيا بوابة مناسبة لدخول القارة الأفريقية، كذلك فهي تطمح في استغلال الثروات الليبية الكبيرة والتواجد في شرق المتوسط، فالنفط والغاز الطبيعي الليبي مطمع للعديد من الدول ومنها تركيا التي ترغب في الاستفادة من هذه الثروات الضخمة.

وتابع أبوعيش تصريحاته: ليبيا دولة صراع، وبالتالي ستكون سوق مناسبة لتصدير الأسلحة التركية المختلفة لها، فأنقرة لديها تصنيع عسكري كبير وسوق لبيع الأسلحة، لذلك ترغب في أن يكون الشرق الليبي مركزا للتصدير التركي، فضلا عن توجه تركيا للاستفادة الاقتصادية من المشاركة في عملية إعادة الإعمار التي يقودها صندوق إعادة إعمار ليبيا في الشرق بقيادة بلقاسم حفتر من بعد أحداث فيضانات درنة واستغلال تركيا لذلك، حيث وقعت الشركات التركية عقود للاستثمار والبناء في لشرق ليبيا، والشركات التركية متميزة في هذا الأمر. 

ويتفق الخبير والأكاديمي السياسي هاني الجمل، رئيس الدراسات الاستراتيجية في بمركز العرب مع ذلك، قائلا، إن تركيا استفادت من تموضوعها في ليبيا بأنها استطاعت أن يكون لها تمركز حقيقي ومشروع في منطقة شمال إفريقيا ومن ثم نفوذها أيضا في منطقة الساحل والصحراء واستطاعت أن يكون تواجدها في ليبيا هو قاعدة مركزية يمكن الإنطلاق منها إلى القارة السمراء وهو ما شاهدناه من تحركات تركيا سواء في دول الساحل والصحراء أو حتى نفوذها إلى شرق إفريقيا مع إثيوبيا وجيبوتي والعلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حيث استطاعت خلال هذه الفترة أن تقوم بتدريب الجنود هناك ومن ثم وجود اتفاقيات استطاعت من خلالها تفويج العديد من الأسلحة الخاصة بها وخاصة المسيرات البيرقدار التي تتميز بها تركيا، وكذلك أن يكون لها قدم في منتدى غاز شرق المتوسط وأن تكون من ضمن هذه الكوتة التي من الممكن أن تصنع تاريخا جديدا في الطاقة النظيفة. 

وهنا يقول الدكتور محمد عز الباحث في علم الاجتماع السياسي: تعد الأسباب الاقتصادية هي السبب الأول والرئيسي في تواجد تركيا في ليبيا، فمن ناحية تريد أنقرة دومًا المحافظة على مصالحها الاقتصادية في ليبيا والتي كانت موجودة منذ فترة الرئيس معمر القذافي، لا سيما تلك الاستثمارات التركية الضخمة في مجال البناء، ومن ناحية ثانية يحتوي شرق ليبيا على موارد طبيعية هائلة خاصة النفط والغاز، وتعزيز العلاقات التركية الليبية قد يتيح لأنقرة استغلال هذه الموارد خاصة مع صراعها على الغاز في شرق المتوسط، ومن ناحية ثالثة، فإن الوجود العسكري لتركيا في ليبيا، يجعل تركيا تفرض نفسها كلاعب إقليمي مؤثر في المنطقة.  

هل تصبح ليبيا حقل تجارب للصواريخ الباليستية التركية؟ وكيف تنظر مصر للأمر؟
تداولت تقارير غربية، أن تركيا قد تفكر في أن تصبح ليبيا حقل تجارب للصواريخ البالستية التركية، لكن دون وجود دلالات رسمية تركية تشير إلى هذا الأمر، في حين أن التواجد العسكري التركي في ليبيا غربا والتوجه شرقا، ربما يدفعها للتفكير في هذه الخطوة الضخمة، رغم صعوبتها، وذلك بفضل الاتفاقيات العسكرية والأمنية التي تحصل عليها بمرور الوقت.

وعن إمكانية أن تصبح ليبيا مسرح للتجارب الصاروخية البالستية التركية، أوضح العقيد أبوعيش، أن هذا أمر مستعبد وغير قابل للتحقيق على أرض الواقع فعليا، وذلك لعدة أسباب، منها، أن الثقل العسكري التركي في ليبيا هو في الغرب الليبي، والعمق الاستراتيجي للغرب الليبي لا يسمح له بتنفيذ تجارب الصواريخ البالستية بعيدة المدى، لذلك إذا أراد تنفيذها  فلا بد أن يكون في الشرق الليبي. 

وتابع أبوعيش: أما على مستوى القوى الدولية، فقد تغض القوى الغربية الطرف عن إجراء تجارب صاروخية بالستية لتركيا في ليبيا. 

فيما قال هاني الجمل: أعتقد أن أمر إجراء التجارب البالستية بعيد المنال لأن هذه التجارب تستخدم في مناطق النزاع الساخنة، وحتى الآن لا تتواجد في ليبيا إلا مجموعات من المرتزقة صحيح أنهم بسيطي أيديهم على بعض الجغرافيا السياسية داخل ليبيا وهذا بسبب عدم وجود قوة عسكرية موحدة في ليبيا، وهذا يؤكد أنه أصبح لهم تأثير على متخذ القرار خاصة البنك المركزي الليبي وغيره، ولكن استخدام الصوريخ الباليستية التركية في الحدود الغربية المصرية أعتقد شيء صعب جدا وأردوغان وعى الدرس بالضغط المصري العالي عليه ومن ثم استخدام مصر الدبلوماسية الخشنة تجاه تعاملات أردوغان مع مصر في العديد من الملفات، لذلك أعتقد أنه من الصعب أن يفعل ذلك، لكن من الممكن أن يستخدمها إذا أراد هذا في مناطق الساحل والصحراء أو حتى في مسرح عمليات الشمال السوري.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الترکی فی لیبیا الشرق اللیبی شرق لیبیا ترکیا فی أن یکون

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تدعو لـتحقيق فوري في وقائع تعذيب محتجزين بأحد سجون حفتر

دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى فتح "تحقيق فوري" في وقائع تعذيب معتقلين في سجن بشرق البلاد، مطالبة بمحاسبة المتورطين فيها، ومؤكدة التنسيق مع قوات خليفة حفتر، للوصول إلى السجون الخاضعة لسيطرته.

وعبرت بعثة الأمم المتحدة في بيان صحفي نشرته ليل الثلاثاء الأربعاء، عن "استيائها البالغ لمقاطع الفيديو الفظيعة التي يتم تداولها، وتُظهر أعمال تعذيب وحشي وسوء معاملة للمحتجزين في سجن قرنادة شرق ليبيا". وطالبت بـ"تحقيق فوري وشفاف" في هذه الانتهاكات وبمحاسبة مرتكبيها.

وسجن قرنادة المثير للجدل والأكبر في شرق ليبيا، يخضع للشرطة العسكرية التابعة لقوات حفتر، ويحتجز فيه معظم المعارضين لسلطات شرق البلاد. ولم يصدر حتى الآن أي تعليق عن السلطات الأمنية والعسكرية بشأن هذه المسألة.

وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على نطاق واسع في الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، محتجزين ليبيين وأجانب يتعرضون للضرب المبرح ويُجبرون على اتخاذ وضعيات مجهدة على يد حراس يرتدون الزي الرسمي.

وكشفت الفيديوهات المسربة عن مشاهد مروعة لأساليب تعذيب مختلفة، تضمنت الضرب المبرح باستخدام العصي والأسواط والأيدي، ما تسبب بإصابات خطيرة، كالكدمات والكسور.

كما نقل سجناء سابقون شهادات تفيد باستخدام الصعق الكهربائي على أجزاء متعددة من أجساد المعتقلين، وحرمانهم المتكرر من النوم والطعام الملائم، مما تسبب بتدهور أوضاعهم الصحية بشكل خطير.

واعتبرت الأمم المتحدة أن هذه الأعمال "تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان" ولا سيما "حظر التعذيب". كما أكدت البعثة التنسيق مع قيادة قوات حفتر لتأمين وصول موظفي حقوق الإنسان التابعين للبعثة ومراقبين مستقلين آخرين "بلا قيود" إلى سجن قرنادة و"مراكز احتجاز أخرى تحت سيطرتها".

وتندد المنظمات الحقوقية الدولية بصورة متواصلة بأعمال "خارجة عن إطار القانون" وعمليات تعذيب في مراكز الاحتجاز الرسمية في عموم ليبيا، وتطالب بوقف الاعتداءات المتكررة بحق المعتقلين، باعتبارها تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الانساني.

مقالات مشابهة

  • أنغام ترد على جدل "صوت مصر" وتوجه رسالة إلى شيرين في "كلمة أخيرة"
  • كم سيبلغ سعر الليرة التركية مقابل الدولار بنهاية 2025؟ وهل ستنخفض الفائدة والأسعار في تركيا؟
  • ريبسول تعزز وجودها في ليبيا: خطط لزيادة إنتاج النفط والتنقيب المستدام
  • الإمارات.. مواقف صلبة تعزز استقرار المنطقة
  • العربي للدراسات : الحل الليبي مرهون بتوافق سياسي بين الشرق والغرب
  • القائم بالأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا يبحث مع الفريق «خالد حفتر» توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية
  • الصديق حفتر يفتتح معرِض «ليبيا الدولي للذهب» في بنغازي
  • مصادر للقاهرة الإخبارية: في اليوم السابع تنسحب قوات الاحتلال كليا من شارع الرشيد شرقا
  • الأمم المتحدة تدعو لـتحقيق فوري في وقائع تعذيب محتجزين بأحد سجون حفتر
  • جي إف كوريس ‏ تعزز محفظة حلول الصرف الصحي بطرح نظام “جي اف الترا فلو” المبتكر والمصمم خصيصاً للمنطقة