تحليل: مساعي وقف الحرب لا تنظر إلى الصورة الكلية للوضع اليمني
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
يزداد الوضع في اليمن تعقيداً يوماً بعد آخر وتنذر المستجدات السياسية والاقتصادية الراهنة بالمزيد من التعقيد بما في ذلك احتمال عودة الصراع إلى المربع الأول.
وبما أن محركات الأزمة اليمنية لم تكن منذ بداية الحرب في 2014 مقتصرة على الأطراف المحلية، تلعب المستجدات الإقليمية والدولية دوراً أساسيا في خفض أو رفع منسوب التصعيد العسكري أو غيره من الجوانب المؤدية إليه.
زيارة ليندركينج التي تشمل الرياض ومسقط أيضاً، جاءت بالتزامن مع الانتهاء من تفريغ النفط الخام من الخزان العائم "صافر" على الساحل الغربي لليمن، وهو الإنجاز الوحيد المحسوب للأمم المتحدة في البلاد منذ اتفاق هدنة أبريل 2022. كما تزامنت زيارة المبعودث الأمريكي إلى اليمن مع إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن أيضاً هانس جروندبرج لمجلس الأمن الأربعاء.
وبحسب المقتطفات التي نشرها حساب مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن في منصة إكس (تويتر سابقا) أثناء إلقائه الإحاطة، دعا جروندبرج الأطراف "إلى الامتناع عن الخطاب التصعيدي ومواصلة استخدام قنوات الحوار التي أنشئت بموجب الهدنة من خلال لجنة التنسيق العسكرية والبناء على هذه القنوات لخفض تصعيد الحوادث." وتشير دعوة جروندبرج إلى الخطاب التصعيدي لمليشيا الحوثي طيلة الأشهر الماضية مترافقاً مع تصعيد ميداني عسكريا واقتصادياً، وهو التصعيد الذي أدانه المبعوث الأممي في إحاطته أمام مجلس الأمن في يوليو الماضي.
وأشار جروندبرج في إحاطة أغسطس الجاري لمجلس الأمن إلى استمرار القتال المتقطع وتبادل إطلاق النار على بعض الجبهات، خاصة في تعز ومأرب والضالع والحديدة وشبوة وصعدة، مبلغاً مجلس الأمن بأن "هناك تهديدات علنية بالعودة إلى الحرب." وهي التهديدات التي أكدها زعيم المليشيا الحوثية السبت.
وبينما طالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أثناء لقائه المبعوث الأمريكي ليندركينج في الرياض، بأن الوقت قد حان لممارسة ضغوط أكبر على مليشيا الحوثي لإنهاء حصارها الاقتصادي على الحكومة الشرعية، اعتبر الحوثيون جولة ليندركينج الخليجية هذه المرة جاءت لتعزيز التعنت في صرف مرتبات الموظفين الحكوميين من عائدات النفط والغاز.
قبل ذلك التقى العليمي المبعوث الأممي هانس جروندبرج على خلفية المساعي التي شرع فيها الأخير للتفاوض حول مصير النفط المنقول من سفينة "صافر" إلى السفينة البديلة "يمن"، والذي يقدر بأكثر من 1.1 مليون برميل.
ينظر دبلوماسيو الأمم المتحدة إلى أن التوصل إلى صيغة اتفاق مقبول لدى الطرفين: الحكومة الشرعية والحوثيين، بخصوص بيع هذه الكمية من النفط، على أنه قد يكون بداية مشجعة لإحياء مفاوضات السلام التي بدأتها السعودية مع الحوثيين وتعثرت بسبب الشروط التعجيزية التي طرحها الحوثيون بعد لقاء صنعاء في أبريل الماضي. إلا أن غروندبرج ألمح في إحاطته لمجلس الأمن لشهر أغسطس، إلى احتمال عودة المفاوضات إلى نقطة سابقة للمفاوضات السعودية الحوثية. حيث قال إن هناك حاجة لترجمة الاستعداد الذي تبديه الأطراف في البحث عن حلول، "إلى خطوات ملموسة، وخصوصا الاتفاق على طريق للتقدم يشمل إعادة بدء عملية سياسية يمنية جامعة".
جروندبرج أكد أيضاً في إحاطته أنه "لن يكون هناك تحسن مستدام للوضع ما لم يجتمع الطرفان لمناقشة الحلول المستدامة للتحديات الاقتصادية والمالية لليمن والاتفاق عليها."
كل هذه المستجدات وغيرها، إضافة إلى تراكمات تسع سنوات من الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي بانقلابها على السلطة الشرعية وتهديد أمن دول الجوار الخليجي، تشير إلى أن الجهود الأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن لا تزال جزئية ولا تشمل كافة مكونات الأزمة اليمنية.
الشاهد في ذلك أن كل مقاربات الأزمة حتى الآن لا تزال تركز على الصراع بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي، بينما تتجاهل القضية الجنوبية وكل ما يتعلق بالجنوب اليمني من أزمات ساحقة في المعيشة والخدمات الأساسية، وأكثر من ذلك الحرب التي تتصدرها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي ضد تنظيم القاعدة الإرهابي. وهكذا تبقى أجزاء القضية اليمنية المعقدة بعيدة عن بعضها البعض، بل وأسوأ من ذلك تمضي في مسارات متوازية لا يوجد مؤشر على إمكانية التقائها في أي محطات قادمة من مساعي إنهاء الحرب والتوصل إلى صيغة اتفاق سياسي يرضي وينصف جميع الأطراف. أما التفاؤل الأممي والدولي بإمكانية أن يكون النفط المفرغ من ناقلة صافر المتهالكة، فألاً جيداً للتوصل إلى "صيغة نهائية" لوقف الحرب، فلعله تفاؤل مفرط.. حيث يمكن أن يتحول هذا النفط إلى وقود لإشعال جولة جديدة من الحرب، خاصة في ظل استمرار التعنّت الحوثي في التمسك بشروطهم التي لم ولن تلقى قبولاً لدى الأطراف الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي مهما بلغت درجة التباين بينها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المبعوث الأممی مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
التصعيد في حرب أوكرانيا يقود أسعار النفط تجاه ارتفاع أسبوعي
مع ازدياد حدة التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية، تتجه أسعار النفط الجمعة إلى تحقيق أكبر زيادة أسبوعية فيما يقرب من شهرين.
تحركات الأسعار
بحلول الساعة 14:18 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسعة سنتات إلى 74.14 دولارا للبرميل.
وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي بواقع ثلاثة سنتات إلى 70.07 دولارا للبرميل.
ويتجه الخامان لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو أربعة بالمئة، وذلك مع تكثيف روسيا حملتها في أوكرانيا بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لكييف بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين.
ومن المقرر أن يعود حقل "تنغيز" النفطي، أكبر حقول قازاخستان، إلى طاقته الكاملة للإنتاج في أوائل ديسمبر، بينما قالت وزارة الطاقة في قازاخستان إنها تعتزم إنتاج 90 مليون طن من النفط في 2025، ارتفاعا من 88 مليون طن في 2024.
وقال الكرملين اليوم الجمعة إن الضربة التي وجهت لأوكرانيا باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي تم تطويره حديثا كانت رسالة إلى الغرب بأن موسكو سترد بقوة على أي إجراءات غربية "متهورة" لدعم أوكرانيا.
واستخدمت أوكرانيا طائرات مسيرة في استهداف البنية التحتية النفطية الروسية عندما أطلقت، على سبيل المثال، طائرات مسيرة بعيدة المدى لضرب أربع مصاف روسية في يونيو.
وقال المحلل جون إيفانز من بي.في.إم "ما تخشاه السوق هو التدمير العرضي في أي جزء من شبكة النفط والغاز والتكرير، والذي لن يتسبب فقط في أضرار طويلة الأمد، بل سيسرع من دوامة الحرب".
وأعلنت الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، أمس الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة، منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية.
وتشير توقعات محللين ومتعاملين وبيانات تتبع السفن إلى أن استيراد الصين للنفط الخام مرشح للزيادة في نوفمبر.