الرقب: الوصول إلى هدنة سيكون مدخلا لإعادة الاستقرار ويمهد لقيام دولة فلسطينية
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
قال أيمن الرقب، المحلل السياسي، إن الوصول إلى هدنة سيكون خطوة إيجابية لتهدئة المنطقة بشكل عام، الحروب تُبرد بالهدن، وإذا تحقق ذلك، فسيكون مدخلًا لإعادة الاستقرار، خصوصًا في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بالتوسع داخل الأراضي السورية، مما يؤسس لصراعات طويلة الأمد.
وأضاف الرقب لـ صدى البلد، أنالهدف الأساسي هو الوصول إلى حل شامل يُمهد لقيام دولة فلسطينية، وهناك توجه عربي واضح يدعو إلى وقف الحرب على غزة وفتح مسارات للحوار.
وأكد أن الوضع الحالي سواء الأمني أو السياسي، لا يحتمل المزيد من التصعيد. الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياساته التوسعية، مستعدًا لوصول إدارة ترامب التي وعدت بتعزيز دولة الاحتلال، بما يشمل التوسع في الضفة الغربية وربما الأراضي السورية واللبنانية. مشيراً أن تتوقف هذه الدوامة الدموية، ونبدأ في وضع أسس حقيقية للسلام والاستقرار في المنطقة
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاحتلال الصراع غزه هدنه المزيد
إقرأ أيضاً:
أحاديث الثورة السورية وتغيير المنطقة
أعادت مشاهدُ تجول السوريين في قصور أحد أكثر الأنظمة وحشية في تاريخنا المعاصر؛ ذكرياتٍ كادت تُنسى عقب اندلاع انتفاضات الربيع العربي، ورغم انتكاسة الانتفاضات في جميع الدول، فإن تجدد حيوية الملف السوري ونجاحه في الإطاحة بحكم البعث، أعادا الأمل في وصول الشعوب إلى حقوقها، وذلك دون إغفال لخطورة المسار المسلح في التغيير، ما دامت هناك إمكانية لتجنبه.
تعددت الأحاديث من هنا وهناك حول المقاومة ومحورها، وحول عمالة التنظيمات المسلحة أو تشددها الديني، وحول قدرة الاحتلال على التغيير، وحديث خاص من إخواننا القوميين عن دور سوريا في المقاومة ومحورها.
هذه الأحاديث المتعددة الاتجاهات والمعقَّدة تحتاج إلى مناقشات معمَّقة بين المختصين، لأجل التنبه لأمرين؛ أولهما، أهمية الحفاظ على الدولة السورية، وحرية الشعب في اختيار ممثليه في المؤسسات السياسية والتنفيذية كافة، وثانيهما، عدم انزلاق سوريا إلى الأنظمة العربية المتواطئة ضد القضية الفلسطينية، خاصة أن سوريا دولة محورية في المنطقة بتاريخها وحاضرها العريق، كما أنها دولة حدودية مع كيان الاحتلال ما يجعل لها أهمية كبيرة في المحيط العربي والدولي.
الأحاديث المتعددة الاتجاهات والمعقَّدة تحتاج إلى مناقشات معمَّقة بين المختصين، لأجل التنبه لأمرين؛ أولهما، أهمية الحفاظ على الدولة السورية، وحرية الشعب في اختيار ممثليه في المؤسسات السياسية والتنفيذية كافة، وثانيهما، عدم انزلاق سوريا إلى الأنظمة العربية المتواطئة ضد القضية الفلسطينية، خاصة أن سوريا دولة محورية في المنطقة بتاريخها وحاضرها العريق، كما أنها دولة حدودية مع كيان الاحتلال ما يجعل لها أهمية كبيرة في المحيط العربي والدولي
لا يزعم كاتب هذه السطور تخصصه في الملف السوري، لكن تأثير الأحداث في منطقتنا المشابه لأحجار الدومينو يجعل ما حدث في سوريا مؤثرا في مصر وباقي المنطقة، وبالتالي يسمح بمناقشة الأحداث من زوايا أخرى لا تتعلق بتشابك الأوضاع وتعقيدها في الداخل السوري.
كانت علامة الاستفهام الرئيسية تتحدث عن سبب نجاح السوريين الآن بعد 14 عاما تقريبا، ومدى ارتباط ذلك بالاحتلال الصهيوني، وهو ما تتزايد شكوكه بتفاخر نتنياهو المتكرر بأنه "يغير الشرق الأوسط".
يمكن القول، وبارتياح كبير، إن ما حدث في سوريا نتيجة ترتيبات دولية رأت أن التخلص من نظام الأسد في هذا الوقت أمر ضروري، لإضعاف حزب الله وإيران في المنطقة، فالثورة السورية تعرضت لتعطيل من جهة، وتفخيخ لها باتساع الصراع المسلح من جهة أخرى، بغرض إزهاق الربيع العربي، وإعطاء صورة لشعوبنا تقول إن الاستبداد أفضل لكم من الدخول في مواجهة مع المستبدين، وهي النتيجة التي رأيناها في سوريا واليمن وليبيا، أمّا الدول التي خاضت ثورة سلمية (مصر وتونس والجزائر والسودان) فقد تعرضت لارتدادات كارثية، وشهدت أحداثا مسلحة في حالتيْ مصر والسودان.
كما أن روسيا التي شاركت في نجدة الأسد سحبت يدها من الدعم العسكري، فضلا عن انشغال إيران وحزب الله بالصراع مع كيان الاحتلال.
أعطت هذه المشاهد مجتمعة يقينا بأن ما حدث في سوريا الآن يرتبط بالاحتلال، ووُصِمَت قيادات التنظيمات المسلحة بالعمالة، واكتمل المشهد بجملة نتنياهو السابق ذكرها. ومع التسليم بصحة الدور الغربي في رفع الحماية عن الأسد، إلا أن الجزء الغائب عن هذا المشهد، ليس الدور الصهيوني، بل الدور الفلسطيني، فالذي يغير الشرق الأوسط الآن ليس نتنياهو، بل يحيى السنوار وحركات المقاومة التي أشعلت طوفان الأقصى، ودفع الطوفانُ الدولَ الغربية إلى تجرع هزيمة (يسعون إلى تكون مؤقتة) في ملف الثورات وتغيير نظم الحكم الوكيلة عنهم، في سبيل حماية دولة الاحتلال الهشة والضعيفة.
الحقيقة أن ارتدادات "طوفان الأقصى" على المنطقة بدأت في سوريا، بعدما زلزلت الداخل الصهيوني، وأوصلته إلى حالة اشتعال داخلي اجتماعيا وسياسيا، فضلا عما كشفته من الهشاشة العسكرية، وما إلى ذلك من التفاصيل التي تشرح ما أحدثه الطوفان في الداخل الصهيوني، لذا فإن فضل ما حدث في سوريا لا يعود إلى الغرب والصهاينة، بل يعود إلى تبعات طوفان الأقصى، وهذا جانب لا ينبغي تجاهله والقفز على ما بعده وهو الدور الغربي.
هذا التخلي الغربي، أعاد لأذهان الحكومات الوكيلة له في المنطقة مخاوفها من أن الغرب لا يعبأ بحلفائه، وسيترك سقوط الأنظمة رغم خطورته على حلفاء آخرين في المنطقة، فسقوط بشار يمثل خطرا على باقي الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، سواء كانت أنظمة وراثية أو عسكرية، لكن المصالح الغربية تتفوق على أهمية الوكلاء الذين يمكن الاستغناء عنهم في طرفة عين، والمصلحة الأكبر هنا كانت كيان الاحتلال الذي يحمي مصالحهم بتمزيق المنطقة، أو حراسة منابع النفط والغاز، والاستثمارات في كيان الاحتلال تبلغ مئات المليارات من الدولارات، وهو أهم من تغيير نظامٍ ما سيسعون إلى استبداله بآخر كما حدث في مصر.
الحديث الذائع الآخر يثيره إخواننا القوميون بشكل أساسي، إذ يعتبرون بقاء بشار من مصلحة المقاومة وفلسطين، لأن نظامه يفتح لحركات المقاومة مكاتب في فلسطين، لكن ذلك الأمر يتجاهل أن هذا النظام صاحب أهدأ جبهة مع العدو الصهيوني، بل إن الاحتلال يعربد في الأجواء السورية ويقصف ما يشاء منذ عشرات السنوات في العمق السوري دون أي رد فعل، فضلا عن سكون جبهة الجولان، دون السماح حتى بمقاومة شعبية تكبد الاحتلال خسائر، فأي انتصار هذا لفلسطين في ظل عدم الاشتباك العسكري، أو حتى السماح بتشكيل مقاومة شعبية لتحرير الأرض السورية؟!
أدرك البسطاء في فلسطين نفسها، وفي قطاع غزة؛ شرف المقاومة وفخرها، أن إزاحة نظام استبدادي سيفيد قضيتهم ولن يضرها، وتحرر الدول العربية لن يؤدي إلا إلى زوال الاحتلال. هذا ما يدركه الصهيوني وصانع القرار الغربي جيدا، لذا عمدوا إلى إفشال ثوراتنا وهبَّاتنا السياسية، وهذه هي رغبتهم الحقيقية، لا كما يقول إخواننا القوميون، إن رغبة الصهاينة إزالة نظام بشار
والأهم من هذا، كيف يمكن لإزاحة نظام قمعي دموي، تسبَّب بتحويل المطالب السياسية إلى مواجهة مسلحة، ثم عمَّق الأزمة بإدخال بعد طائفي في الصراع المسلح، كيف يمكن أن تكون إزاحته أمرا غير مرغوب به؟! ما دامت عملية الإزاحة كانت بأيدي أبناء البلد، فإنها عملية مرغوبة، ثم يأتي واجب إجبار القادمين الجدد على مجافاة ما صنعه النظام السابق من استبداد واحتكار للحكم، وهذا دور السوريين الذي يتوافدون على بلدهم مرة أخرى.
لقد أدرك البسطاء في فلسطين نفسها، وفي قطاع غزة؛ شرف المقاومة وفخرها، أن إزاحة نظام استبدادي سيفيد قضيتهم ولن يضرها، وتحرر الدول العربية لن يؤدي إلا إلى زوال الاحتلال. هذا ما يدركه الصهيوني وصانع القرار الغربي جيدا، لذا عمدوا إلى إفشال ثوراتنا وهبَّاتنا السياسية، وهذه هي رغبتهم الحقيقية، لا كما يقول إخواننا القوميون، إن رغبة الصهاينة إزالة نظام بشار.
سيقوَى محور المقاومة بالحرية، ومغالطة ذلك تصب في صالح الصهيونية لا العكس كما يتوهم إخواننا، والواجب توجيه القادمين الجدد إلى مسارات الديمقراطية، وكيفية تعزيزها، وإدراك حساسية الداخل السوري، وتنوع تركيبته السياسية والاجتماعية، وأهمية الانتخابات في تعزيز مكسب الإطاحة بالأسد، وأهمية المقاومة في مشروع حرية سوريا، وعدم انتكاسة ثورتهم. فالواجب نصحهم لا التعالي عليهم أو ازدرائهم لأنهم أصحاب لِحى، أو وصمهم بالعمالة لمجرد احتفاء نتنياهو بما حدث في سوريا، فنحن أَفْرَحُ من نتنياهو بالحرية، بينما هو يفرح بتمزيق مجتمعاتنا أو وجود حكام مستبدين على شاكلة السيسي وابن زايد.
مبارك للسوريين حريتهم، وستظل أعين الجميع على سوريا حرصا على عدم لحاقها بالدول المنتكسة، كما ستظل تكلفة التغيير السلمي تكلفة مُثلى مقارنة بخطورة التغيير المسلح، لكن المستبدين هم الذين يسعون إلى رفع الأثمان المدفوعة للتخلص من استبدادهم. وشعوبنا مسالمة لأقصى درجة، تتحمل الاستبداد ولا تحمل السلاح، والإجرام الذي فاق الحد هو الذي أخرج السوريين المسالمين عن طورهم ودفعهم إلى هذه الرحلة التي لم يكونوا يتمنونها قطعا، ولا نتمناها في أي بلد آخر، بل نرجو نيل حريتنا بحناجرنا وتصويتنا الانتخابي فقط، والعائق هو الاستبداد، ودول تزعم أنها ديمقراطية أو ترعى الديمقراطية، بينما هي تدير مشروعا استعماريّا دينيّا بغيضا.