قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الحفاظ على اللغة والهوية العربية والإسلامية، مسؤولية دينية ووطنية ومجتمعية تقع على عاتق الجميع؛ كل في مكان عمله وتخصصه وحدود قدراته وإمكاناته، لنحافظ على ديننا وعقيدتنا وهويتنا، مؤكدا أننا ما أحوجنا إلى اليقظة والمقاومة لكل محاولات تذويب الهوية، والعمل الجاد على تقوية مناعتنا الحضارية، من خلال الاحتفاء بلغة القرآن والعناية بها، فهي مفتاح هويتنا، والاعتزاز بها اعتزاز بالهوية، وخدمتها خدمة للدين والوطن.

وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته اليوم باحتفالية الأزهر باليوم العالمي للغة العربية، أن من فضل الله على الأمة أن ميزها بأجلى عقيدة، وأفصح لسان، وأعظم هوية، مؤكدا أن المحافظة على العقيدة واللسان والهوية مطلب شرعي، وواجب وطني، ومسؤولية مجتمعية، قائلا: "إذا كانت اللغة العربية أحد أركان هوية الأمة؛ فإن المحافظة عليها من الدين".

وأكد الدكتور الضويني، أن الواجب على كل مسلم أن يذود عن اللغة بقلبه حبا لها، وبلسانه تعلما ونطقا بحروفها وبلاغتها، وأن يزود نفسه ما استطاع من الثقافة العربية والإسلامية، وأن يكون على وعي بما تتعرض له اللغة والدين والهوية من هجمات شرسة، وأن يتنبه لصراع قديم متجدد، صراع خفية أدواته، خطيرة آثاره! وهو «صراع الألسنة واللغات»، مشددا على أن اللغة هي أحد أهم مكونات الهوية، ومن أهم عوامل البناء في مختلف الحضارات والثقافات، ومن أول ما يعنى الغزاة المحتلون بمحوه، ومن ثم فإن الصراع اللغوي صراع وجود وهوية.

واستنكر وكيل الأزهر، غياب الفصاحة العربية عن ألسنة كثير من أبنائنا الذين شغلوا عنها برطانات ولغات أعجمية، وأصبحوا يعمدون إلى بضع كلمات أجنبية يقحمونها بين الحين والآخر في حديثهم بلا داع أو مبرر، وكأنما اعوجاج اللسان العربي غاية التحضر والرقي، فضلا عن لافتات الشوارع وواجهات المؤسسات، التي تخلت عن اللغة العربية الفصحى، موضحا أن المشكلة ليست في استعارة بعض ألفاظ من لغات أخر، وإنما الأسى من أن يدور في فم المتكلم العربي لسان غيره، وأن يسكن دماغه عقل غيره!

وقال وكيل الأزهر، إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يذكرنا بالحال الذي تحياه هذه اللغة، فالواقع يعلن أن بعض أبناء الأمة العربية قد هجر اللغة الفصحى إلى اللهجة العامية بدعوى التسهيل والتيسير، وأن بعضهم يقدم اللغات الأجنبية عن لغته الأم، أو يرتضي اختراع خليط لغوي عجيب لا نسب له، وكأنهم يظنون بهذا أن التقدم لا يكون إلا بالانسلاخ من اللغة العربية، وكأن اللغة العربية هي المسئولة عن مشكلات حياتنا!، مؤكدا أن هذا الواقع اللغوي يفرض على الأمة العربية أن توجد طرائق متنوعة لتجذير اللغة العربية في نفوس أجيال المستقبل؛ لتبقى حية متوقدة في ألسنتهم وفي أفكارهم، بدءا من المدارس والمؤسسات التربوية، ومرورا بوسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التواصل الاجتماعي المحدثة التي تأتي بالعجائب وغيرها من أدوات معاصرة.

وشدد وكيل الأزهر على أن اللغة العربية ليست مجرد لغة للتواصل والتفكير فقط، وإنما هي لغة العقيدة والشريعة التي ارتضاها الله رب العالمين لغة لكتابه وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم، كما أنها مفتاح علوم التراث، ولا غنى لعلم من علوم الشريعة عنها، مبينا أنه إذا استعجمت الألسنة صارت العلوم غريبة عن أهلها، وإذا فرق بين العلوم وأهلها صاروا على موائد الأمم العلمية أضيافا إن أحسن إليهم؛ ولذلك كان إكرام اللغة واللسان من إكرام الأمة، وضعف اللغة واللسان من ضعف الأمة.

وفي ختام كلمته، قال وكيل الأزهر، إن لغتنا العربية من أمضى أسلحة بقاء الأمة، وأننا بقدر مسئوليتنا عن الأمة سنحاسب على مكونات هويتها إن فرطنا فيها، داعيا إلى ضرورة تفعيل التشريعات الخاصة بحماية اللغة العربية والنهوض بها، بما يجعلها حاضرة في مختلف ميادين المعرفة والثقافة، والحياة العامة، والأنشطة الفنية والإعلامية، وأن تعمل الدوائر التربوية على إيجاد صيغ وبدائل مرغبة للنشء في دراستها والتكلم بها، مع ضرورة توفر إرادة حقيقية وقرار بآليات تنفيذية يعنى بتعريب العلوم المعاصرة، وأن تصطبغ الرسالة الإعلامية بالصبغة اللغوية الفصيحة، كما دعا فضيلته الدبلوماسيين العرب أن يحرصوا على النطق باللسان العربي في المحافل الدولية، والأوساط السياسية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وكيل الأزهر محمد الضويني المزيد اللغة العربیة وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

مستشارة شيخ الأزهر: مؤتمر الحوار الإسلامي خطوة نحو توحيد الأمة

أكدت مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين الدكتورة نهلة الصعيدي، أن أهمية مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي تأتي من جوهره، حيث يهدف إلى توحيد الأمة الإسلامية ولمّ شتاتها، مشيرة إلى أن هذا الموضوع يحظى بأهمية قصوى في ظل الأوضاع الراهنة، حيث باتت الأمة تعيش في عالم مليء بالصراعات والحروب التي لم تجرّ عليها سوى الدمار والهلاك والخراب.

وشددت نهلة الصعيدي- في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم، الخميس، على أنه لم يعد هناك خيار أمام المسلمين سوى الحوار الإسلامي الإسلامي، داعية إلى إدراك أن مصير الأمة مشترك، وأنه لا يمكن لأي طرف أن يظن أنه بعيد عن الأزمات التي يعاني منها غيره، فكل جزء من العالم الإسلامي مرتبط بالآخر.

وأشادت بعنوان المؤتمر الذي يعكس فكرة الوحدة والاشتراك في المصير، مؤكدة أن المؤتمر جمع علماء ومفكرين من مختلف أنحاء العالم، وجميعهم لديهم الإرادة الصادقة لتغيير واقع الأمة نحو الأفضل.

وأوضحت أن المؤتمر يكتسب أهمية إضافية من رعاية ملك البحرين حمد بن عيسى وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، معتبرة أن هذه الرعاية تضفي على الحدث ثقلًا كبيرًا وتؤكد أن المؤسسات الكبرى في العالم الإسلامي تدرك خطورة المرحلة وتبذل جهودًا حقيقية لإيجاد حلول فاعلة.

وأشارت إلى ضرورة أن يتم وضع آليات لخطوات عملية على أرض الواقع، من خلال متابعة تنفيذ التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر.

كما أثنت مستشار شيخ الأزهر على دعوة الدكتور أحمد الطيب إلى وضع "ميثاق" يكون بمثابة دستور لوحدة الصف الإسلامي، معتبرة أن هذا الميثاق يجب أن يكون مساحة مفتوحة لتجاوز الخلافات الفرعية والتركيز على القواسم المشتركة، مشددة على أن المطلوب من المؤتمرات ليس مجرد التوعية، بل اتخاذ قرارات فعلية من شأنها تحقيق الوحدة والتعاون بين المسلمين.

في سياق آخر.. أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي أن المرأة هي المجتمع بأسره، لأنها لا تقتصر على كونها نصفه، بل هي التي تصنع النصف الآخر وتربي الأجيال القادمة.

وأوضحت أن دور المرأة قد غُيب لسنوات طويلة، مما أثر سلبًا على بنية المجتمع وجعله يعاني من اختلالات تربوية وفكرية.

وأضافت أن تغييب دور المرأة تسبب في إفقادها الوعي الحقيقي بمكانتها وأهميتها في بناء الأمة، مشيرة إلى أن بعض المفاهيم الحديثة، مثل "التمكين" و"المساواة"، قد تم استغلالها بشكل غير صحيح، مما جعل المرأة تنشغل بأمور جانبية وتبتعد عن دورها الرئيسي في صناعة الأجيال.

ولفتت إلى أن المرأة تتحمل ضغوطًا نفسية كبيرة نتيجة الجمع بين مسؤولياتها الأسرية والمهنية، وهو ما يتطلب دعمًا حقيقيًا لها حتى تتمكن من تحقيق التوازن بين مختلف أدوارها، مؤكدة أن المجتمع مسؤول عن دعم المرأة وتمكينها بطريقة صحيحة، بحيث لا يكون ذلك على حساب أسرتها أو تربية أبنائها.

كما أشارت إلى أن المرأة كان لها إسهامات متعددة عبر التاريخ الإسلامي، ليس فقط على المستوى الأسري، بل أيضًا في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية، حيث تربّى على يدها كبار العلماء والمفكرين الذين أسهموا في نهضة الأمة.

واختتمت حديثها بالتأكيد، أن إعادة الاعتبار لدور المرأة في المجتمع سيسهم بشكل كبير في تحقيق النهضة الإسلامية وترسيخ ثقافة الحوار والتفاهم بين أبناء الأمة.

اقرأ أيضاًشيخ الأزهر: موضوع التقريب بين أبناء الأمة شغل العلماء ردحا من الدهر

حاكم «ولاية بورنو النيجيرية» يشيد بدور شيخ الأزهر في ترسيخ قيم التعايش بين الشعوب

لماذا خلق الله بعضنا فقراء وآخرون أغنياء؟.. الأطفال يسألون شيخ الأزهر بمعرض الكتاب

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي للغة الأم.. نصائح لتعليم الطفل اللغة العربية
  • أمين العربي للكوادر الشبابية: الموقف المصري من قضايا الأمة العربية ثابت وراسخ
  • وكيل الأزهر ينعى وزير الإصلاح الأسبق في إندونيسيا
  • مستشارة شيخ الأزهر: مؤتمر الحوار الإسلامي خطوة نحو توحيد الأمة
  • وكيل الأزهر: الحوار هو السبيل الأوحد والأمثل لتوحيد الصف الإسلامي
  • مكتبة الإسكندرية ومركز أبوظبي يتعاونان لخدمة اللغة العربية
  • شيخ الأزهر: موضوع التقريب بين أبناء الأمة شغل العلماء ردحا من الدهر
  • شيخ الأزهر: لابد من اتحاد دول العالم الإسلامي لمصلحة الأمة
  • شيخ الأزهر يحذر من بث الفرقة بين المسلمين: "خطر على أبناء الأمة"
  • شيخ الأزهر: فلسطين بوصلة الأمة وقضيتها الكبرى