بعد زيارة اليوم.. تاريخ العلاقات المصرية الاندونيسية
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
خلال الدقائق القليلة الماضية ألتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس جمهورية إندونيسيا، برابوو سوبيانتو، بالقصر الجمهورية وذلك في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
تأتي هذه المباحثات في أعقاب لقاء الرئيسين على هامش المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة، الذي عُقد لمناقشة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
وناقش المؤتمر سبل دعم الجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية عبر وكالات الأمم المتحدة، خاصة "الأونروا"، في ظل الكارثة الإنسانية التي يواجهها سكان غزة.
تاريخ العلاقات بين البلدينتمتد العلاقات المصرية الإندونيسية لعقود طويلة، إذ كانت مصر أول دولة عربية تعترف باستقلال إندونيسيا في عام 1945.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، حيث يُعد حجم التبادل التجاري بينهما الأكبر في إفريقيا والثالث مقارنة بدول الشرق الأوسط.
تعاون ثقافي وعلمي
على الصعيد الثقافي، يدرس في الأزهر الشريف نحو 15 ألف طالب إندونيسي، ما يعكس قوة الروابط التعليمية والدينية بين البلدين، كما مثل الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الرئيس السيسي مؤخرًا في حفل تنصيب الرئيس برابوو سوبيانتو.
تعاون اقتصادي مزدهر
حيث بلغت حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ خلال عام 2022 نحو مليار و568 مليون دولار، حيث تشمل أهم بنود التبادل التجاري زيت النخيل والأسمدة المعدنية والكيماوية والفوسفاتية، والتمور الطازجة والمجففة، مشيرًا إلى أهمية تعزيز الجهود المشتركة لتنمية معدلات التبادل التجاري كي ترقى لمستوى العلاقات الوثيقة بين البلدين من خلال تكثيف العمل بين القطاع الخاص والعام في مصر وإندونيسيا للنهوض بالتعاون التجاري بين الجانبين لآفاق أرحب.
كم بلغت الاستثمارات الإندونيسية في مصر بلغت حتى شهر يونيه 2022 نحو 58 مليون دولار في عدد 28 مشروعًا تعمل في القطاعات الصناعية، والخدمية، والانشائية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
أطر التعاون الدولي
تتقاسم مصر وإندونيسيا عضوية عدة منظمات دولية وإقليمية، منها منظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، ومجموعة الدول العشرين النامية، ومجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية.
تؤكد هذه الشراكة الاستراتيجية على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين لدعم المصالح المشتركة في المجالات الاقتصادية والسياسية، بما يعزز من دورهما في تحقيق الاستقرار والتنمية على المستويين الإقليمي والدولي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: السيسي اندونيسيا برابوو سوبيانتو
إقرأ أيضاً:
النفاق نافذة خطرة لتدمير العلاقات الإنسانية
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
النفاق هو ظاهرة اجتماعية تهدد القيم الإنسانية، ويُعد من أخطر الظواهر التي تفسد العلاقات بين الأفراد وتؤثر في بنية المجتمعات. ليس مجرد سلوك فردي، بل هو انعكاس لخلل عميق في البنية النفسية والاجتماعية للأفراد والمجتمع. على مر التاريخ، تناول العديد من المفكرين هذه الظاهرة، محاولين فهم جذورها وآثارها، بالإضافة إلى وضع استراتيجيات للتعامل معها.
يعتبر عالم الاجتماع العراقي علي الوردي من أبرز المفكرين الذين تناولوا النفاق في تحليلهم للمجتمعات . ويرى الوردي أن النفاق هو نتيجة طبيعية لازدواجية القيم التي تعيشها هذه المجتمعات، حيث يُجبر الفرد على التوفيق بين التقاليد القديمة ومتطلبات الحداثة. هذا الصراع يولد شعورًا بالضغط يجعل الأفراد يلجؤون إلى إظهار ما لا يبطنون. كما أشار الوردي إلى أن البيئة الاجتماعية والثقافية التي تقوم على المظاهر والتقاليد المتناقضة تشجع على انتشار هذا السلوك.
من منظور علم النفس، يُعرف النفاق على أنه محاولة الإنسان إخفاء نواياه أو مشاعره الحقيقية والتظاهر بعكس ذلك. وأوضح علماء النفس أن ضعف الثقة بالنفس هو أحد الأسباب الرئيسية لهذا السلوك، حيث يلجأ الفرد إلى التظاهر لإخفاء شعوره بالدونية أو نقص الكفاءة. كما أن الحسد والغيرة من نجاح الآخرين قد يدفعان البعض إلى النفاق كوسيلة للتقليل من شأن من حولهم أو لتحقيق مصالح شخصية.
وفي هذا السياق، يرى المفكر المصري الدكتور أحمد زكريا الشنطي أن النفاق قد يكون شعورًا فطريًا، حيث يُحفز الأفراد على التظاهر بغير ما يشعرون به بهدف التقليل من قيمة الآخرين أو إظهار التفوق عليهم. وقد أكد الشنطي أن الشعور بالحسد يعزز من مشاعر الضعف الداخلي ويؤدي إلى سلوكيات غير نزيهة كالنفاق، التي تهدف إلى إخفاء هذه المشاعر وراء قناع من المجاملة أو التوافق الاجتماعي.
من جانب آخر، اعتبر المفكر اللبناني الدكتور عبد الله العروي أن النفاق في المجتمعات العربية ناتج عن صراع بين الغيرة من نجاح الآخر والرغبة في الحفاظ على صورة اجتماعية غير حقيقية. يقول العروي إن المجتمعات التي تُولي أهمية كبيرة للسمعة والمكانة الاجتماعية تشجع الأفراد على إخفاء نواياهم الحقيقية أو مشاعرهم السلبية تجاه الآخرين.
دراسات أخرى تشير إلى أن النفاق ليس دائمًا خيارًا واعيًا، بل قد يكون سلوكًا مكتسبًا نتيجة البيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الفرد. فعندما تُربي المجتمعات أفرادها على إظهار الطاعة أو التوافق مع المحيط حتى لو كان ذلك على حساب قناعاتهم، يصبح النفاق أداة للتكيف مع الضغوط الاجتماعية.
تأثير النفاق لا يقتصر فقط على الأفراد، بل يمتد ليشكل خطرًا حقيقيًا على المجتمعات بأسرها. فهو يؤدي إلى زعزعة الثقة بين الأفراد، ما يُضعف العلاقات الإنسانية ويُعطل التعاون البناء. كما أن تفشي هذه الظاهرة يُسهم في تراجع القيم الأخلاقية، حيث تُصبح المظاهر الكاذبة هي الأساس الذي تُبنى عليه العلاقات الاجتماعية والمهنية.
وللتعامل مع هذه الظاهرة، يُجمع الخبراء على أهمية تعزيز ثقافة الصدق والشفافية في المجتمع. تبدأ هذه العملية من التربية الأسرية، حيث يجب تعليم الأطفال التعبير عن آرائهم بحرية دون خوف، مع تشجيعهم على الالتزام بقيم الصدق. في المؤسسات التعليمية، يمكن تعزيز قيم النزاهة من خلال تشجيع التفكير النقدي وتقبل التنوع في الآراء.
أما على المستوى الشخصي، فإن الوعي والذكاء الاجتماعي هما المفتاح للتعامل مع الأشخاص الذين يتصفون بازدواجية السلوك. من المهم ألا ينخرط المرء في صراعات مباشرة معهم، بل أن يُظهر لهم فهمه لحقيقتهم بأسلوب غير مباشر. في الوقت نفسه، يُنصح بتجنب الاعتماد على هؤلاء الأشخاص أو الوثوق بهم، لأن النفاق غالبًا ما يرتبط بالخداع والانتهازية.
إن النفاق ظاهرة اجتماعية معقدة تتطلب فحصًا دقيقًا لفهمها ومعالجتها. من خلال تبني قيم الصدق والوضوح في مختلف جوانب الحياة، يمكن للمجتمعات أن تقلل من انتشار هذه السلوكيات السلبية، وتُحقق بيئة أكثر صحة وثقة، تدعم بناء علاقات إنسانية حقيقية.
اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي