الاقتصاد السوري بين الواقع والمستقبل
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
جاء يوم الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024م ليسجل في التاريخ واقعا لم يكن أحد له القدرة على التنبؤ به، حيث انهار نظام حكم عائلة الأسد في عدة أيام، هذا النظام الذي حكم سوريا بالحديد والنار والظلم والطغيان والطائفية لأكثر من 53 عاما، وإن كان ذلك نتاجا حقيقيا وثمرة من ثمرات طوفان الأقصى الذي له ما بعده.
وفي ظل استلام الحكومة الجديدة دولة بنيت على إدارة الفساد المنظم واستئثار القلة بالسلطة والثروة، وانهيار البنية التحتية، وأنشطة النظام الاقتصادي من زراعة وصناعة وخدمات بما في ذلك البنية التحتية الاجتماعية من صحة وتعليم، فضلا عن تدني قيمة الليرة وارتفاع نسبة التضخم ونسبة البطالة وتضاءل التجارة الخارجية ومعدل نمو الناتج المحلي، تبدو أهمية التعامل مع تلك التحديات، وهو أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا، بل مع الإرادة الصادقة والعمل الدؤوب يصبح الصعب سهلا.
إن الإصلاح الاقتصادي في سوريا يتطلب إصلاحا سياسيا قوامه الحرية والعدل، وبهما يمكن بناء إنسان صالح واقتصاد تنموي عادل وفق خطة اقتصادية استراتيجية واضحة المعالم، مع عمل خطة أزمات سريعة لمعالجة المتطلبات الضرورية القائمة حاليا.
الإصلاح الاقتصادي في سوريا يتطلب إصلاحا سياسيا قوامه الحرية والعدل، وبهما يمكن بناء إنسان صالح واقتصاد تنموي عادل وفق خطة اقتصادية استراتيجية واضحة المعالم، مع عمل خطة أزمات سريعة لمعالجة المتطلبات الضرورية القائمة حاليا
إن قوام أي اقتصاد هو الثقة، وهذه الثقة يمكن تحقيقها في ظل نظام سياسي واقتصادي عادل، وآن لسوريا أن تتخلص من بؤر الظلم والفساد الممثلة في أصحاب القرار وكل فاسد في النظام المخلوع، وتقديم المدان منهم لمحاكمات عادلة عاجلة، كما أن سوريا تمتلك عناصر الإنتاج بصورة مميزة من موارد بشرية وموارد طبيعية ورأس مال. وتبدو أهمية دمج هذه الموارد في اقتصاد حقيقي بعيدا عن الاقتصاد الريعي وسياسية الكمباوند في المشروعات العقارية التي باتت أصلا على حساب النشاط الزراعي والصناعي في العديد من الدول العربية، مع تحسين الخدمات التعليمية والصحية.
إن الحلول العاجلة للاقتصاد السوري تتطلب خطة وإدارة أزمات تعمل بصورة سريعة على ضبط النظام النقدي وتداول الليرة بصورة تجعل البنك المركزي قادرا على التحكم فيها؛ إلى أن يتم تشغيل عجلة الإنتاج وتحقيق توازن للكتلة النقدية مقابل الكتلة الإنتاجية، ومن ثم التأسيس لنظام نقدي إسلامي يتناسب مع طبيعة المرحلة.
كما أنه من المهم في النظام المالي في تلك المرحلة الاستمرار في فرض الضرائب على أن تكون ضرائب عادلة ذات شرائح منخفضة وبصورة تصاعدية، وهو ما يزيد من حصيلتها، مع توجيه الإنفاق بصورة رشيدة لمشروعات البنية التحية وفي مقدمتها البنية التحتية الاجتماعية من تعليم وصحة. ويمكن في هذا الإطار الاستفادة من الوقف بسن قانون لتوسيع نشاطه وتحقيق الأمان للواقفين واحترام شروطهم، مما يفتح المجال لرجال الأعمال والمقتدرين على إنشاء مؤسسات وقفية توجه مصارفها إلى تلك المجالات وغيرها من احتياجات المجتمع الضرورية.
يمكن كذلك علاج مشكلة البنية التحتية المتهالكة من خلال إصدار صكوك إسلامية، مقابل حق انتفاع الجهة المصدرة للصكوك بالمشروع لمدة معينة، وبهذا لن يكلف إنشاء مثل هذه المشروعات الدولة ليرة واحدة، بل يمكن للدولة كذلك أن تحصل على جزء من إيرادات هذه المشروعات جنبا إلى جنب مع مشروعات القطاع الخاص المسند لها الأمر
ومن الأهمية كذلك إحداث تغير هيكلي في الاقتصاد السوري في الأمد المتوسط والطويل، من خلال هيكلة النشاط الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وهيكلة النشاط الصناعي للاستفادة من الموارد الطبيعية في التصنيع لتلبية متطلبات الداخل وتعزيز الصادرات للخارج، وتعزيز النشاط السياحي، وتفعيل صناعة التكنولوجيا في كافة أنشطة النظام الاقتصادي.
ومن المهم كذلك الإسراع بتفعيل التمويل الأصغر لعلاج مشكلة البطالة وتوفير متطلبات المجتمع من السلع والخدمات ودعم ميزان المدفوعات، مع تيسير سبل التسويق لمنتجات المشروعات متناهية والصغيرة، والاستعانة في ذلك بمؤسسات متخصصة في التسويق، وإسناد الدور التمويلي لمؤسسات الزكاة والوقف بالتمويل الخيري من خلال التمويل التمليكي بالزكاة والوقف أو التمويل بالقرض الحسن من الوقف، فضلا عن المصارف من خلال صيغ التمويل الإسلامية على أن يكون ذلك بربحية متواضعة تمكن من استدامة التمويل.
ويمكن كذلك علاج مشكلة البنية التحتية المتهالكة من خلال إصدار صكوك إسلامية، مقابل حق انتفاع الجهة المصدرة للصكوك بالمشروع لمدة معينة، وبهذا لن يكلف إنشاء مثل هذه المشروعات الدولة ليرة واحدة، بل يمكن للدولة كذلك أن تحصل على جزء من إيرادات هذه المشروعات جنبا إلى جنب مع مشروعات القطاع الخاص المسند لها الأمر.
وأخيرا، فإن الامتداد الجغرافي والعلاقات الجيدة بين سوريا وتركيا يمثل نقطة قوة يمكن البناء عليها من خلال الاستفادة من التجربة الاقتصادية التنموية التركية، ببناء علاقات اقتصادية استراتيجية مع تركيا، وفي الوقت نفسه الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية وفقا للمصالح المتبادلة، وكذلك الاستفادة من الكفاءات البشرية السورية والعربية والإسلامية، وهم كثر.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الاقتصادي الليرة الإصلاح سوريا اقتصاد ليرة إصلاح مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنیة التحتیة هذه المشروعات الاستفادة من من خلال
إقرأ أيضاً:
وزير السياحة: خطط طموحة لتطوير المنتجات السياحية وتعزيز البنية التحتية للمواقع الأثرية
أكد وزير السياحة والآثار شريف فتحى أن الوزارة تتبنى رؤية جديدة لتنويع المنتجات السياحية وتعزيز جاذبية مصر كوجهة سياحية رائدة على مستوى العالم، تحت شعار "التنوع الذي لا مثيل له"، والذي يمثل عنوان حملات الوزارة المستقبلية.
وأشار الوزير خلال مؤتمر الجمعية المصرية البريطانية، اليوم الثلاثاء، إلى أن هناك منتجات سياحية جاهزة للترويج وأخرى تحتاج إلى تطوير لتتماشى مع تطلعات السائحين ومتطلبات السوق.
وأضاف: "من أبرز المشاريع التي نعمل عليها حاليًا هو مسار العائلة المقدسة، الذي يمتد لمسافة 3500 كيلومتر، لقد ظل هذا المشروع قيد النقاش لسنوات، إلا أننا الآن نركز على تطوير عدد من المواقع الرئيسية فقط كمرحلة أولى".
وأوضح الوزير أن المواقع الأثرية التي تقع ضمن المسار جاهزة من الناحية الأثرية، ولا تحتاج إلى ترميم أو أي تدخل.
ومع ذلك، فإن التركيز الحالي ينصب على تطوير البنية التحتية المحيطة بها، بما يضمن تجربة متكاملة للسائحين، مشددًا على أهمية تطوير الخدمات البديلة وربط المواقع بمسارات سياحية جذابة.
صادرات مصر من الذهب تسجل 2.638 مليار دولار بنسبة نمو 84٪جولد بيليون: أسعار الذهب العالمية تتراجع لأدنى مستوى في أسبوعوأضاف الوزير: "نعمل بشكل وثيق مع اتحاد الغرف السياحية، وأعتبرهم شركاءنا في النجاح، هذه الشراكة تعزز قدرتنا على اتخاذ قرارات تلبي احتياجات السوق وتضمن تقديم تجربة سياحية متميزة".
وفيما يتعلق بمنطقة الأهرامات، أعلن الوزير أن هناك خطة متكاملة لتحسين تنظيم تدفق الزوار، تشمل إنشاء منطقة للخدمات والترفيه تضم أنشطة الجِمال والعربات والمرشدين السياحيين.
وأوضح أن هذه المنطقة ستكون تحت إدارة مباشرة من الوزارة لضمان تقديم خدمات راقية وتنظيم العلاقة بين مقدمي الخدمات والسائحين.
كما كشف الوزير عن قرب تشغيل الحافلات الكهربائية داخل منطقة الأهرامات بحلول فبراير المقبل، مع تخصيص طرق خاصة لنقل الزوار بين النقاط المختلفة داخل المنطقة.
وأضاف: "هناك أيضًا مبانٍ جديدة مخصصة للمطاعم ومناطق الترفيه، ونحن في مرحلة وضع اللمسات النهائية مع شركائنا لتشغيلها قريبًا".
وأكد الوزير أن الوزارة تعمل بخطوات ثابتة لتنظيم وتطوير المواقع السياحية والأثرية، بما يعكس عظمة مصر وتراثها الحضاري، ويضعها في مكانتها المستحقة على خريطة السياحة العالمية.