أكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن تمكين اللغة العربية، يتطلب الاهتمام بالأبحاث والأفكار والرؤى الجديدة، حول تطوير تعليم اللغة العربية وتعلمها ونهضتها، واستشراف معالم التحديات التي تواجهها، وتقديم المقترحات لها، وتبادل الخبرة في مجال تطوير تعليمها، والاستفادة من البرمجيات والتقنيات الحديثة في تطوير تعليمها وتعلمها.

مندوب فلسطين في الجامعة العربية: اجتماع طارئ بشأن الإبادة الإسرائيلية الأحد المقبل الجامعة العربية: المؤتمر الأول للصادرات الزراعية يعقد في ظل تغيرات غير مسبوقة على خارطة التجارة العالمية

جاء ذلك في كلمة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية التي ألقتها السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بالجامعة العربية خلال الاحتفال الذي نظمته الأمانة العامة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.

وقالت الدكتورة هيفاء إن اللغة العربية تعد من أقدم اللغات السامية، وأكثر لغات المجموعة السامية من حيث عدد المتحدثين، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة في الوطن العربي فقط، بالإضافة إلى العديد من المناطق الآخرى في العالم، وهي من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وهي كذلك من أكثر اللغات انتشارًا ونموًا متفوقةً على اللغتين الفرنسية والروسية.

وأضافت أن اللغة العربية ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن الكريم ، وهي أيضا لغة شعائرية رئيسية في عدد من دور العبادة المسيحية في الوطن العربي، وهي تكتسب أهميةً كبيرةً في الثقافة والتراث والأدب العربي؛ جعلت منها أساس الحضارة العربية ، كما تعتبر اللغة العربية من الأغنى عالمياً من حيث الإبداع والأشكال والمصطلحات والخطوط وكذلك المعاني، متضمنة مفردات لغوية قلما توجد في اللغات الأجنبية الأخرى، وبذلك أضافت اللغة العربية كثيراً للأدب والفنون والعلوم وأثرت على اللغات الأخرى، وأُخذت منها العديد من المصطلحات في بعض اللغات.

وأوضحت أن لغتنا العربية تتعرض للعديد من التحديات، سواء منها محاولات خارجية لطمس الهوية واللغة العربية من الأجيال الصاعدة، أو ما أحدثته المتغيرات الإقليمية والدولية التي نمر بها والتي ساعدت بعض المعاديين للعروبة والهوية العربية في التشكيك في الهوية والتاريخ والحضارات" .

واستطردت السفيرة هيفاء قائلة: "ومما لا يخفى علينا أن التحديات التي تواجه لغتنا العربية، أصبحت لا تنحصر في التحديات الخارجية فقط بل وباتت تلك التحديات تظهر من الداخل العربي، فأصبحت الأجيال الجديدة تستخدم اللغات الأخرى في حياتهم اليومية عوضاً عن لغتهم الأم، لأسباب مجتمعية، فرضتها عليهم الأفكار المغلوطة وتسببت الثنائية اللغوية في الوطن العربي في إحداث مشكلة في تعليم اللغة العربية، ومن المؤسف أن أصبحت لدينا شريحة من الأطفال لا تتحدث اللغة العربية، معتبرين اللغة الإنجليزية هي لغتهم الأساسية.

وشددت على أن اللغة العربية كونها اللغة القومية، تعد بحق أعظم كنز ووعاء لحفظ تراثنا القديم المشرف، ونحن في وثبتنا الحاضرة نحتاج إلى أن نزود الأجيال القادمة من هذا التراث؛ ولنتذكر جميعًا كيف نهضت اليابان بلغتها لا بلغة غيرها، وهي اليوم تقف على رأس قافلة الحضارة الإنسانية، فاللغة الأم هي أهم عناصر الهوية.

وأكدت السفيرة هيفاء ضرورة مواكبة العصر الحديث، فليس من الحكمة أن نظل نواجه تحديات الحاضر بأدوات الماضي، فعلينا الجمع بين الأصالة والحداثة في التعامل مع التحديات المعاصرة، لاسيما في ظل التطورات التكنولوجية والانتشار السريع للمعلومات وسهولة إتاحتها، ولذلك فعلينا تطويع تكنولوجيا المعلومات والإعلام مع المنظومة التعليمية ككل، لتحقيق التكامل بينهم من أجل النهوض باللغة العربية واستخداماتها. 

ولفتت إلى أن جامعة الدول العربية، أولت منذ إنشائها، مسألة النهوض باللغة العربية اهتماماً كبيراً؛ باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية العربية، وهو ما أكدت عليه العديد من القمم العربية، وتبنت جامعة الدول العربية عدة مشاريع للنهوض باللغة العربية منها إنشاء المعهد العالي للترجمة، ومشروع الذخيرة العربية كبنك معلومات للنصوص العربية في مختلف فروع المعرفة، ومكتب تنسيق التعريب، ومعهد الخرطوم الدولي للغة العربية وغير ذلك من المعاهد والمراكز .

وأشارت إلى دور الجامعة في تفعيل مشروع النهوض باللغة العربية، الصادر عن القمة العربية في دمشق بالجمهورية العربية السورية في 2008، والذي ساهم في تنفيذ توصياته جهات مختلفة تتبع الجامعة العربية مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وكذلك مشاريع تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ومشاريع تبادل التراجم المختلفة مع بعض الدول والتكتلات الإقليمية والدولية.

ونوهت بأن الأمانة العامة تعمل حالياً على تحديث استراتيجية النهوض باللغة العربية تحت شعار "التمكين للغة العربية: رمز هويتنا وأداة تنميتها وخطتها التنفيذية"، وذلك بناءً على قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 2446 الصادر عن الدورة العادية رقم 114 بتاريخ 5/9/2024، تحت شعار" التمكين للغة العربية رمز هويتننا وأداة تنميتها" ، مواكبة للتغييرات العالمية والتحديات المستمرة التي تواجه اللغة والهوية العربية.

وأوضحت أن الاستراتيجية تتألف من أربعة محاور وهى ( العربية والتعليم، العربية والإعلام، العربية والتواصل، الحرف العربي) ، وستتخذ الأمانة العامة في خلال الفترة القادمة إجراءات تنفيذية للعمل على تحديث خطتها التنفيذية الملحقة بها وعقد اجتماعات مع المنظمات المعنية وذلك تمهيدا لاعتمادهما والإشراف عليهما بالتنسيق مع الدول الأعضاء.

وذكرت أنه صدر القرار رقم 2445 عن ذات المجلس لعام 2024 بشأن الترحيب بمبادرة تحدي القراءة العربي لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لإطلاقها لهذه المبادرة المعرفية الثقافية الخلاقة، وتضمن أيضاً القرار حث الوزارات المعنية بالتعليم في الدول العربية على اعتماد مبادرة تحدي القراءة العربي، والنظر في تبنيها كمنهج تعليمي، والعمل على نشرها وتقديم الدعم لها ما أمكن ذلك. 

وقالت أبو غزالة إنه في إطار إعداد جيل عربي منتم لهويته وتراثه، وفي ضوء المبادرة الذي تقدم بها المجلس الدولي للغة العربية، اتخذ مجلس الجامعة على المستوى الوزاري في سبتمبر 2022 قراراً بشأن الموافقة على إطلاق مبادرة "شهر اللغة العربية" في الفترة من 21 فبراير إلى 22 مارس من كل عام، شهر من العمل والتدريب وتقديم المبادرات والتكريم والمسابقات والاحتفالات باللغة العربية.

وتابعت أنه في هذا العام واعترافا من الأمانة العامة بأهمية اللغة العربية، وفي ضوء مذكرة التفاهم بين الأمانة العامة والمجلس الدولي للغة العربية وبناء على طلبه فقد تم ربط الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بجامعة الدول العربية تقديرا لدورها ومكانتها في قيادة الجهود العربية والدولية في هذا المجال .

واختتمت الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بالجامعة العربية كلمتها بالتأكيد على أن "اليوم العالمي للغة العربية" يأتي هذا العام في خضم ظروف ومتغيرات إقليمية ودولية عصيبة تحيط بعالمنا العربي، مشيرة إلى الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة وما تتعرض له فلسطين ولبنان وما تسعي إسرائيل إلى تحقيقه بشكل غير قانوني مستفيدة من تطورات الأوضاع الداخلية في سوريا، الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً لأمن وسلامة هذه الدول والمنطقة ككل.

وأضافت: "ولطالما شهد التاريخ أن الاستعمار لا يسرق الأرض فحسب بل يحاول أيضاً سرقة تراثها والإرث الحضاري، الذي يمتد بجذوره في أعماق التاريخ ، ولذا فعلينا العمل سوياً على المحافظة على تراثنا وثقافتنا ولغتنا ضد أي محاولات لطمسها، ومن أجل الحفاظ على الأمن الثقافي العربي ككل".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجامعة العربية تعليم اللغة العربية الرؤى الجديدة هيفاء أبو غزالة تعلیم اللغة العربیة الجامعة العربیة الأمانة العامة الدول العربیة للغة العربیة

إقرأ أيضاً:

مندوب عُمان الدائم: سلطنة عُمان تحرص على دعم أدوار وتعزيز آليات عمل "الجامعة العربية"

 

 

◄ رغم التحدّيات.. الجامعة العربية تظل عنصرًا محوريًّا في تعزيز التضامن العربي

◄ الأمة العربية بحاجة إلى تكثيف الجهود المشتركة لمواجهة مختلف القضايا

◄ دور محوري لسلطنة عُمان في العديد من الملفات داخل "الجامعة"

◄ عُمان تؤكد ضرورة الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة

◄ الحلول العسكرية لا يمكن أن تكون وسيلة لإنهاء الأزمات في المنطقة

◄ "الجامعة" تحتاج لأدوات تنفيذية أكثر فاعلية للتأثير في القضايا العربية

 

 

مسقط- العُمانية

أكّد سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية أنّ سلطنة عُمان تؤمن بأهمية الجامعة العربية بوصفها إطار جامع للدول العربية، وتحرص على دعم دورها وتعزيز آليات عملها لتكون أكثر قدرة على مواجهة التحدّيات الإقليميّة والدوليّة.

وتحتفل سلطنة عُمان مع الدول العربية الشقيقة بذكرى تأسيس جامعة الدول العربية الـ80؛ إذ تواصل نهجها الراسخ والداعم منذ انضمامها للجامعة في عام 1971م في كل ما من شأنه تعزيز العمل العربي المشترك وترسيخ مبادئ التضامن العربي والاستقرار الإقليمي؛ لتحقيق ما تصبو إليه تطلعات الشعوب العربية من تقدم ونماء وازدهار.


 

وقال سعادته- في تصريحات لوكالة الأنباء العُمانية- إنه بالرغم عن الحديث المستمر عن إصلاح منظومة العمل العربي المشترك، فإن سلطنة عُمان ترى أنّ أي عملية تطوير يجب أن تكون شاملة ومتدرجة، مع وجود إرادة واضحة لدى الدول الأعضاء لإنجاحها، لافتًا إلى أنّ الجامعة العربية، رغم التحدّيات تظل عنصرًا محوريًّا في تعزيز التضامن العربي؛ حيث تحتاج الأمة العربية اليوم إلى تكثيف الجهود المشتركة لمواجهة القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تمسُّ شعوبها.

وأضاف سعادته أنّ سلطنة عُمان تلتزم بدورٍ تفاعلي في جميع اجتماعات الجامعة، سواءً على المستوى الوزاري؛ حيث يحرص معالي السّيد وزير الخارجية، على المشاركة الفاعلة والتنسيق المستمر مع معالي الأمين العام ونظرائه من وزراء الخارجية العرب، أو على المستوى الفني، من خلال حضور المسؤولين بالوزارة في كل أنشطة الجامعة، مشيرًا إلى أنّ هذا الحضور يعكس إيمان سلطنة عُمان بأهمية الجامعة بوصفها مظلة إقليمية تُسهم في تحقيق التكامل العربي، وتوفر منصة فاعلة لمعالجة القضايا المشتركة بروح من التعاون والتفاهم.

وحول تحويل الرؤى العربية المشتركة إلى مشروعات ملموسة، أشار سعادته إلى أنّ تحقيق الأمن الغذائي والتكامل الاقتصادي، وغيرهما من الرؤى العربية المشتركة، يتطلب إرادة سياسية واضحة من الدول العربية، إلى جانب آليات تنفيذية أكثر فاعلية داخل الجامعة العربية وهناك العديد من المبادرات التي انطلقت في هذا الإطار، لكن نجاحها يعتمد على توفر بيئة مؤسسية قوية، وتنسيق وثيق بين الدول الأعضاء، مبينًا أنّ سلطنة عُمان تدعم هذه الجهود من خلال مشاركتها في اللجان الاقتصادية والفنية المتخصّصة، ومن خلال تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي في مجالات التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة.

وأكّد سعادته أنّ سلطنة عُمان تقوم بدور محوري في العديد من الملفات داخل الجامعة العربية؛ سواءً في القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، وقد كانت دائمًا صوتًا داعمًا للحوار والحلول السلمية، وساهمت في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية في العديد من القضايا الخلافية، كما أنّ مشاركتها في اللجان المختلفة داخل الجامعة يعكس التزامها بتطوير العمل العربي المشترك.

وفيما يتصل برؤية سلطنة عُمان في صياغة قرارات الجامعة العربية تجاه الأزمات الإقليمية، بيّن سعادته أنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن سلطنة عُمان تؤكّد في كل اجتماعاتها بالجامعة العربية أن السلام في المنطقة لن يتحقق دون معالجة جذور الأزمة، وهو ما لن يكون ممكنًا إلا من خلال حلٍ عادلٍ وشاملٍ يقوم على مبدأ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا هو الأساس الذي تؤمن به وتدعو إلى تكريسه كحلٍ نهائي للصراع، حيث لا يمكن تحقيق الاستقرار دون إنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقوقه المشروعة.

وقال سعادته إنه فيما يخصُّ الأزمات العربية الأخرى، فإن سلطنة عُمان تواصل نهجها الثابت في دعم الحوار والحلول السلمية لإنهاء النزاعات؛ سواء في اليمن أو ليبيا أو السودان أو سوريا تؤمن السلطنة بأن الحلول العسكرية لا يمكن أن تكون وسيلة لإنهاء الأزمات، بل لا بد من توافق سياسي قائم على الحوار بين الأطراف المختلفة، يحفظ سيادة الدول ويحقق الأمن والاستقرار لشعوبها ومن هذا المنطلق، تدعم سلطنة عُمان كل الجهود الإقليميّة والدوليّة التي تسعى إلى وقف الصراعات وإرساء أسس المصالحة الوطنية في هذه الدول.

وأكّد سعادته أنّ سلطنة عُمان تدعم تطوير آليات عمل الجامعة العربية، سواءّ من خلال تعزيز دور اللجان المتخصّصة أو تطوير آليات التنسيق الأمني والاقتصادي بين الدول الأعضاء، لافتًا سعادته إلى أنّ سلطنة عُمان ترى أنّ الجامعة تحتاج إلى أدوات تنفيذية أكثر فاعلية تُمكّنها من التأثير المباشر في القضايا العربية، وهو ما يستدعي إصلاحًا شاملًا، لكن هذا الإصلاح لا بد أن يكون تدريجيًا ومدروسًا، وبإرادة سياسية واضحة من جميع الدول الأعضاء.

وحول التحدّيات الراهنة، بيّن سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية أنّ دور الجامعة العربية اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ حيث تواجه الأمة العربية تحدّيات كبيرة تتطلب تضافر الجهود وتعزيز آليات العمل المشترك لمواجهتها بفاعلية ومن هذا المنطلق، تواصل سلطنة عُمان التزامها بدعم الجامعة، إيمانًا منها بأن التضامن العربي هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.

من جهته، قال السفير الشيخ فيصل بن عُمر المرهون رئيس الدائرة العربية بوزارة الخارجية حول الدروس المستفادة من مسيرة الجامعة العربية خلال 80 عامًا، وكيف يمكن تفعيلها لمواجهة التحدّيات الراهنة إنّ من أولى الدروس التي أثبتها التاريخ والتجارب أهمية الاستمرارية والالتزام تجاه العمل العربي المشترك- وهو ما التزمت به سلطنة عُمان منذ انضمامها للجامعة العربية في 29 سبتمبر 1971- حيث تُظهر الأحداث التي مضت أنّ المشاركة الدائمة والفاعلة دون تغيب أو انقطاع أو مقاطعة، تُعزز الثقة بين الدول العربية وتُثبت أهمية الفصل بين العمل العربي المشترك، وتقلبات الظروف السياسية بين الدول الاعضاء.


 

وأضاف أنّ من الدروس المستفادة في إطار العمل العربي المشترك أهمية إضفاء قيمة أساسية للحوار البنّاء وتبني الحلول الوسطية، فهما السبيل لتجاوز الانقسامات، سواءً في قضايا إقليمية حساسة أو أزمات سياسية مرت على المنطقة، وهذا النهج دأبت عليه سلطنة عُمان وساهم كثيرًا في تقليل الانقسامات خلال عديد الأزمات التي شهدتها المنطقة العربية. وأكّد أن التجارب اثبتت أهمية التوافق حول السياسات والاستراتيجيات التي تخدم المصالح الوطنية دون الضرر بالمصالح القومية والعكس أيضًا وهذا التوافق إن حصل سيكون بلا شك الأداة الفاعلة للتعامل مع التحدّيات الراهنة، سواءً كانت سياسية أو اقتصادية.

وأشار إلى أنه في زمن تتشابك فيه التحدّيات الدولية، ينبغي تحديث آليات العمل سواءً موضوعيًا او إجرائيًا وتقنيًا داخل الجامعة العربية، وهنالك لجنة عاكفة على إعداد وثيقة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك تهدف إلى بلورة الأفكار والرؤى للارتقاء بعمل الجامعة العربية وتطويره، ولا تزال اللجنة المكلفة في إطار الجامعة تعمل على ذلك، ولكن ربما يكون من الأولوية العمل على دمج التقنيات الرقمية لتسريع عملية التواصل والتعاون واتخاذ القرارات ومتابعة آليات تنفيذها خاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

وأفاد بأنه من الأنجع تبني نظام للتحكيم يضمن تسوية الاختلافات بأسلوب يراعي المصالح المشتركة. والتركيز على تعزيز "مفهوم التوافق"، وطرح المبادرات والأفكار "القابلة للتنفيذ" ودون اللجوء إلى إنشاء هياكل إضافية تثقل كاهل العمل العربي المشترك. وأكّد في هذا الصدد أنّ سلطنة عُمان ماضية في الاستمرار في دعم جامعة الدول العربية والعمل العربي المشترك، باستلهام من التجربة العُمانية التي لطالما رسخت قيمّ “الاتزان والحكمة" في صميم سياساتها الخارجية.

وفيما يتصل بتعزيز دور الجامعة العربية في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، يوضّح السفير الشيخ فيصل بن عُمر المرهون رئيس الدائرة العربية بوزارة الخارجية أنّ الاهتمام بالتكامل الاقتصادي والدفع بالمشروعات الاقتصادية المشتركة مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والربط الكهربائي والأمن الغذائي والنقل البحري والبري وغيرها من المشروعات الاستراتيجية، والتي ستُسهم في ربط الأسواق وتبادل الاستثمارات، من أهم الفرص التي ينبغي التركيز عليها؛ إذ يُمكن من خلال ذلك تحقيق تنمية شاملة في الدول الاعضاء واستقرار اقتصادي يخدم الشعوب العربية. ويساعد على تسهيل تنقل الأفراد والصناعات والمنتجات فضلًا عن الاستفادة التكاملية من المقومات السياحية والثقافية بين الدول العربية.

وأكّد المرهون أهمية تبني مبادرات دبلوماسية واقتصادية، تُسهم في تعزيز أهمية ومكانة المنطقة العربية اقتصاديًا ومع بقية التجمعات الإقليمية والجغرافية الأخرى، إذ تمثّل المنطقة العربية قوة بشرية وجغرافية ويُمكن أن تُصنف كأحد التجمعات الاقتصادية الكبرى على مستوى العالم في حال كان هناك اندماج وتكامل اقتصادي بين الدول العربية الأعضاء.

وحول مواقف سلطنة عُمان في دعم العمل العربي المشترك أشار إلى أنّ رؤية سلطنة عُمان تستند إلى خبرة تمتد لأكثر من خمسين عامًا في دعم العمل العربي المشترك، وشاركت دون انقطاع في كافة القمم العربية منذ قمة الجزائر عام 1973 وإلى القمة العربية غير العادية في القاهرة في مارس الجاري 2025، مؤكّدًا أنّ سلطنة عُمان تولي أهمية للبُعد العربي في موجهات سياستها الخارجية وترى بأنه لا مناص من التنسيق والتشاور بين الدول العربية تحقيقًا للتضامن العربي والثبات تجاه المُتغيرات الدوليّة والتحدّيات.

وأكّد أنّ هذا النهج العُماني متأصل ومستمر وهو ما أشار إليه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- في خطاب توليه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير 2020؛ حيث قال: "وفي الشأن العربي، سوف نستمر في دعم جامعة الدول العربية، وسنتعاون مع أشقائنا زعماء الدول العربية لتحقيق أهداف جامعة الدول العربية، والرقي بحياة مواطنينا، والنأي بهذه المنطقة عن الصراعات والخلافات، والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدّم تطلعات الشعوب العربية".

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر يشهد احتفالية كلية اللغة العربية بإيتاي البارود بتجديد اعتمادها.. صور
  • من الفكرة إلى الواقع.. القصة الكاملة لتأسيس جامعة الدول العربية
  • رئيس البرلمان العربي يثمن جهود الجامعة العربية في تعزيز التضامن العربي والدفاع عن القضايا العربية
  • سفير الأردن بالقاهرة: الجامعة العربية مظلة دول المنطقة وصوتها
  • سلطنة عُمان داعم أساسي لبقاء واستمرار جامعة الدول العربية
  • آن الأوان لإصلاح جامعة الدول العربية
  • مندوب عُمان الدائم: سلطنة عُمان تحرص على دعم أدوار وتعزيز آليات عمل "الجامعة العربية"
  • بذكرى تأسيس الجامعة العربية.. العراق يدعو إلى تطوير آليات العمل العربي
  • الجامعة العربية تدعو الشباب العربي لتحقيق نقلة نوعية نحو مجتمع المعرفة والتحول الرقمي
  • جامعة الدول العربية.. تاريخ حافل بالإنجازات والتحديات