رئيس المعاهد الأزهرية: وجود أمتنا العربية مرتهن بوجود هذه اللغة المباركة
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
قال الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، إن البيان هو أعلى الخصائص والصفات التي يمتلكها الإنسان، وتمنحه أقدارا من الفعل والتواصل والفاعلية الممتدة والمتطورة وغير المحدودة، فالله-عز وجل- اصطفى أعظم لغة لمخاطبة عباده، وذلك من خلال القرآن الكريم ، قال تعالى:{آلر تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} [يوسف: ١، ٢]، {وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا} [طه: 113]، إلى غير ذلك من الآيات.
وأضاف رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، خلال كلمته في احتفالية الأزهر باليوم العالمي للغة العربية، أن الإمام ابن كثير علل اختيار العربية لغة للقرآن الكريم: «وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات»، ولأن العربية قادرة على أن تستوعب حركة العالم، بكل تطوراته ومتغيراته واختلافاته، وتمتلك المرونة والقدرة للتعبير عنها، والتفكير فيها.
سلفنا الصالح حثنا على تعلم العربيةوتابع الشيخ" عبدالغني" أن سلفنا الصالح حثنا على تعلم العربية، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «تعلموا العربية؛ فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة»، ويقول السيوطي׃ "ولا شك أن علم اللغة من الدين؛ لأنه من الفروض الكفايات، وبه تعرف معاني ألفاظ القرآن والسنة"، ولذلك فإن من أوجب الواجبات علينا الآن الاهتمام باللغة العربية اهتماما بالغا تعلما واستخداما وتذوقا واعتزازا بها ؛ فإن ذلك أصدق دليل على الهوية والانتماء ؛ فوجود أمتنا العربية مرتهن بوجود هذه اللغة المباركة ، وبحسب ازدهار اللغة وضعفها يكون حال الأمة.
اللغة تحيي الأمة وتحيا بها وأن عجز الأمة وتراجعها ينعكس بالدرجة الأولى على اللغةواختتم رئيس قطاع المعاهد الأزهرية كلمته بأن اللغة تحيي الأمة وتحيا بها، وأن عجز الأمة وتراجعها ينعكس بالدرجة الأولى على اللغة، ولولا أن العربية لغة التنزيل وما حوله من عقيدة وعبادة وتاريخ وتراث وحضارة لأصبحت أثرا بعد عين، فالواجب علينا أن نعتز ونفخر بلغتنا العربية الجميلة، فهي عنوان حضارتنا، وهي العلم والتنمية والتفكير والتعبير، وهي مرآة الأمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المعاهد الأزهرية قطاع المعاهد الأزهرية القران الكريم أيمن عبدالغني احتفالية الأزهر اليوم العالمي للغة العربية العربية المعاهد الأزهریة
إقرأ أيضاً:
آن الأوان لإصلاح جامعة الدول العربية
مرت اليوم السبت الذكرى الثمانون على تأسيس جامعة الدول العربية، ذلك الكيان الذي وُلد في لحظة أمل تاريخية عام 1945م، كانت فيه الأمة تعيش على حلم الوحدة والتحرر الوطني من طغيان الاستعمار الغربي وبث روح الحياة في طموحات عربية لبناء تكتل سياسي إقليمي يحفظ سيادتهم، ويصون وحدتهم، ويكون مظلة جامعة لقضاياهم المشتركة. لكن ونحن نطوي العقد الثامن من عمر الجامعة، تبدو المسافة شاسعة بين ما تأسست لأجله في ظل تلك الطموحات، وما آلت إليه اليوم من غياب شبه كامل عن المشهد العربي، حتى في اللحظات المفصلية التي تتطلب موقفا جامعا، وصوتا عربيا موحدا وقويا.
يعيد العالم من حولنا تشكيل نفسه عبر تكتلات وتحالفات كبرى؛ من آسيا الصاعدة التي تقودها الصين في تحالفات كـ «بريكس» و«منظمة شنغهاي»، إلى أوروبا التي عززت وحدتها رغم التباينات وتفكر اليوم في تحالف غربي بعيدا عن ترامب، وصولا إلى أمريكا اللاتينية التي تبني سرديتها الجديدة بعيدا عن الهيمنة الغربية. أما العالم العربي فيغيب عنه المشروع الجامع، ويتوارى خلف أزمات تتعمّق، ومصالح تُدار بقرارات فردية متنافرة، وملفات عالقة بلا أفق. ووسط كل هذا تبدو الجامعة العربية وكأنها مؤسسة شرفية لا فاعلية حقيقية لها ولا صوت مؤثر في كل الأحداث التي تبدو وكأنها تجري في كوكب آخر تماما.
ومع أن الإنصاف يقتضي التذكير ببعض الأدوار التي اضطلعت بها الجامعة في مراحل من التاريخ العربي، فإن من الضروري الاعتراف بأن البنية الحالية لم تعد صالحة لمواجهة تحديات العصر. فالجامعة بصيغتها التنظيمية، وآليات اتخاذ القرار فيها، وعجزها عن احتضان خلافات أعضائها وتجاوزها، لم تعد قادرة على الاستجابة لطموحات الشعوب العربية، ولا لصياغة رؤية مشتركة للمستقبل يبدو وكأنه في مهب الريح.
ما نحتاجه اليوم ليس توجيه تحية للجامعة العربية وتاريخها التليد أو دعوة للاحتفال بذكرى تأسيسها، بل انطلاقة جديدة تُعيد تعريف الجامعة بوصفها تكتلا سياسيا فاعلا في عالم تتصارع فيه الإرادات الكبرى، وتتغير فيه قواعد اللعبة الدولية بشكل غير مسبوق. وتبدأ الانطلاقة الجديدة بإصلاحات جذرية تشمل إعادة صياغة ميثاق الجامعة، وتطوير آليات اتخاذ القرار من الإجماع إلى التصويت بالأغلبية، وإنشاء مجلس أمن عربي فاعل وقادر ومؤثر ومهاب، وتحديث الهياكل المؤسسية بما يتوافق مع التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم.
إن اللحظة العربية اليوم، المأزومة على أكثر من صعيد ـ من فلسطين التي تواجه أخطر مراحل تصفية قضيتها، إلى العراق وسوريا ولبنان والسودان واليمن، حيث تمزّق النزاعات جسد الدولة الوطنية ـ تستدعي عمقا في التفكير، وجرأة في المراجعة، لا مجرّد شعارات تُكرر في البيانات الختامية. ولعلّ الأجدى هو التفكير في تحوّل الجامعة من كيان تقليدي إلى منصة استراتيجية للتنسيق السياسي والاقتصادي والأمني.
إن الشعوب العربية لم تعد تنتظر خطابات التضامن التي تصدرها الجامعة العربية، بل أفعالا ملموسة تعبّر عن إرادتها، وتحمي مصالحها، وتعيد لها الثقة بأن مشروع الوحدة العربية الذي نشأت من أجله، ليس حلما مستحيلا، بل ضرورة تاريخية، ليس بالصيغة التي كان عليه الحلم في عام 1942م عندما بدأت المداولات لإنشاء الجامعة ولكن بما يتوافق مع معطيات اللحظة التاريخية الآنية وطموحات المستقبل.
وثمانون عاما تكفي لتدرك الجامعة العربية أنها وصلت عند مفترق طرق صعب جدا، يتطلب أن تكون فيه قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة وتاريخية، تمكن الأمة من تجاوز الخلافات الصغيرة لصالح المصير المشترك. فإما أن تنهض وتُصلح نفسها لتكون رافعة لمستقبل العرب، أو تبقى مجرّد ذكرى تُروى، ومؤسسة تُزار، دون أن تصنع الفرق في مسار الأمة.