نشرت صحيفة ''فايننشال تايمز'' البريطانية، مقالًا تتحدث فيه عن تسابق السعودية والإمارات لشراء رقائق نفيديا لتحقيق طموحاتهما في مجال الذكاء الاصطناعي على تويتر وفيس بوك ولينكد إن؛ حيث تحصل الدول الخليجية على آلاف وحدات معالجة الرسوميات ذات الأداء العالي من نفيديا في ظل نقص عالمي للرقائق الدقيقة اللازمة لبناء نماذج لغوية كبيرة.



وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اهتمام دول الخليج بالذكاء الاصطناعي أثار مخاوف بشأن إمكانية سوء استخدام التكنولوجيا، حيث تقوم السعودية والإمارات بشراء آلاف من رقائق نفيديا عالية الأداء المهمة لبناء برامج الذكاء الاصطناعي، وذلك ضمن سباق عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي يقوم بالضغط على إمدادات أهم سلعة في وادي السيليكون.

وأفادت الصحيفة أن الدول الخليجية القوية قد أعلنت بشكل علني هدفها في أن تصبح دولًا قائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مع تنفيذ خطط طموحة لتحفيز اقتصاداتها. ولكن هذا السباق أيضًا قد أثار مخاوف بشأن إمكانية سوء استخدام التكنولوجيا من قبل قادة هذه الدول الغنية بالنفط.

ووفقًا لأشخاص ملمين بالتطورات، قامت السعودية بشراء ما لا يقل عن 3,000 من رقائق H100 من نفيديا - وهي رقائق معالجة - بقيمة 40,000 دولار للشريحة الواحدة، لإنشاء نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها، وهو ما وصفه المدير التنفيذي لشركة نفيديا جينسن هوانغ بأنه "أول حاسوب في العالم مصمم للذكاء الاصطناعي الإبداعي"، وذلك من خلال مؤسسة البحث العامة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست).


في الوقت ذاته؛ حصلت الإمارات أيضًا على الآلاف من رقائق نفيديا وقد أطلقت بالفعل نموذج لغة كبير مفتوح المصدر خاص بها، يعرف باسم "فالكون"، وذلك في معهد التكنولوجيا والابتكار المملوك للدولة في مدينة أبو ظبي.

وترغب الإمارات في امتلاك والسيطرة على طاقتها الحسابية ومواهبها الخاصة، وامتلاك منصاتها الخاصة وعدم الاعتماد على الصينيين أو الأمريكيين، ولديها  رأس المال وموارد الطاقة لتحقيق ذلك وتجذب أفضل المواهب العالمية أيضًا.

وتأتي مشتريات دول الخليج لأعداد كبيرة من رقائق نفيديا عبر الجماعات المملوكة للدولة في الوقت الذي تسعى فيه الشركات التكنولوجية الرائدة عالميًا للحصول على الرقائق النادرة لتطوير الذكاء الاصطناعي.

وأفادت صحيفة فايننشال تايمز الأسبوع الماضي أن مجموعات تكنولوجية صينية رائدة مثل تينسنت وعلي بابا تسعى لشراء رقائق نفيديا عالية الأداء.

ووفقًا لمصادر متعددة قريبة من نفيديا وشركاتها المصنعة - وهي شركة تصنيع الشرائح نصف الموصلة في تايوان - فإن الشركة ستشحن حوالي 550,000 من أحدث رقائق H100 عالميًا في 2023، بشكل رئيسي إلى شركات التكنولوجيا الأمريكية.

في السعودية، ستحصل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) على 3,000 من هذه الرقائق المتخصصة، بقيمة حوالي 120 مليون دولار في المجموع، بحلول نهاية عام   2023.

ووفقًا لمصادر متعددة قريبة من الجامعة الحكومية فستستخدم كاوست هذه الرقائق لبناء نموذجها اللغوي الكبير الخاص بها، والذي سيمكن البرمجيات من توليد نصوص وصور وشفرات تشبه البشر، وسيكون مشابهًا لـ"جي بي تي 4" الذي يقوم بتشغيل روبوت الدردشة الشهير "شات جي بي تي"؛ حيث اختار العديد من الوطنيين الصينيين ذوي الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي العمل في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لأنهم تم منعهم من الدراسة والعمل في الولايات المتحدة بعد تخرجهم من الجامعات الصينية المدرجة في قائمة الكيانات الأمريكية.


في الوقت ذاته، أطلقت الإمارات - التي كانت أول دولة تنشئ وزارة للذكاء الاصطناعي في عام 2017، "دليل الذكاء الاصطناعي التوليدي" كجزء من "التزام الحكومة بتعزيز موقعها العالمي كرائدة في قطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي" بالإضافة إلى "الأطُر التنظيمية للحد من الاستخدام السلبي للتكنولوجيا".

ولفتت الصحيفة إلى أن أحد الباحثين الرائدين في مجال الذكاء الاصطناعي وهو خبير لدى المعهد العالي للقانون والتكنولوجيا في دولة الإمارات؛ كان معجبًا للغاية بنموذج "الصقر" للذكاء الاصطناعي الذي تم إطلاقه في الدولة الخليجية هذا العالم، والذي كان لفترة من الوقت، كان هذا من بين أفضل النماذج في عالم الشفرة المفتوحة. وحسب شخص في مكتب تطوير الصناعة في الإمارات، فقد قامت الحكومة بشراء دفعة جديدة من رقائق نفيديا للتحضير لمزيد من التطبيقات ذات الصلة باللغة الطبيعية وخدمات السحابة.

وأشارت الصحيفة إلى أن قادة الذكاء الاصطناعي في الغرب وخبراء حقوق الإنسان أبدوا قلقهم من أن البرمجيات التي يتم تطويرها في البلدين قد تفتقر إلى الضوابط الأخلاقية وميزات الأمان التي تحاول الشركات التقنية الكبرى إدخالها في التكنولوجيا، حيث قالت ''إيفيرنا مكغوان''، مديرة مكتب مركز الديمقراطية والتكنولوجيا في أوروبا في بروكسل: "إن المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين هم أهداف متكررة لحملات الحكومة في الإمارات والسعودية".

وقالت الصحيفة إن الدولتين تلقتا دفعة كبيرة بفضل تدفقات الدولار البترودولارية بعد ارتفاع أسعار الطاقة في العام الماضي؛ حيث يدير كلاهما بعض أكبر وأنشط صناديق الاستثمار السيادية في العالم.

واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إنه وفقًا للرؤساء التنفيذيين لشركتين أوروبيتين متخصصتين في الذكاء الاصطناعي، فقد اقترب ممثلو صناديق تابعة لدول الخليج مؤخرًا من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في الغرب في محاولة للوصول إلى الشيفرة والخبرة في مجال تعلم اللغة الطبيعية مقابل موارد الحوسبة، ولكن هؤلاء الرؤساء التنفيذيين رفضوا العروض.

،ورحب سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، في حزيران/يونيو، برؤية أبو ظبي البعيدة المدى في التعرف على أهمية الذكاء الاصطناعي خلال زيارةٍ للمنطقة؛ حيث قال في جلسة أسئلة وأجوبة في المنطقة المالية بالمدينة: "إن المنطقة الخليجية يمكن أن تلعب دورًا مركزيًا في هذه المحادثة العالمية حول التكنولوجيا الناشئة وتنظيمها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة السعودية رقائق الإمارات السعودية الإمارات رقائق صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مجال الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

التعليم في السودان.. تداعيات كارثية للنزاع ودعم إماراتي متواصل

أحمد مراد، أحمد عاطف (أبوظبي)

يُلقي النزاع الدائر في السودان منذ أبريل 2023 بظلاله الثقيلة على قطاع التعليم، وسط تحذيرات دولية وأممية من مخاطر انهيار المنظومة التعليمية بشكل كامل، بسبب تضرر مئات المدارس والجامعات من العمليات العسكرية التي تشهدها غالبية الولايات السودانية.
وأوضح خبراء ومحللون، تحدثوا لـ«الاتحاد»، أنه وسط الانهيار الهائل للقطاع التعليمي في السودان، تحركت دولة الإمارات بفاعلية كبيرة، وأنشأت فصولاً دراسية مؤقتة في مناطق اللجوء، وقدمت منحاً للطلاب السودانيين، ووفرت دعماً تعليمياً في أكثر من دولة مجاورة.
وأشار الخبراء والمحللون إلى أن المبادرات التعليمية التي تقدمها الإمارات لملايين السودانيين، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، تمثل جزءاً من التوجه الإنساني العميق للدولة، حيث لا تكتفي بتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة، بل تستثمر في مستقبل الأفراد والمجتمعات.

أخبار ذات صلة المبعوث الأممي: أهمية دعم الانتقال السياسي في سوريا «الأغذية العالمي» يعلن نفاد مخزون الطعام في القطاع

تداعيات كارثية
بحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، فإن نحو 17 مليون طفل سوداني حُرموا من الالتحاق بالمدارس، بعدما أجبرتهم الحرب على النزوح مع أسرهم 3 مرات، في ظل توسع رقعة القتال، وإغلاق المدارس في أكثر من ثلثي مناطق السودان، ما جعل البلاد تُعاني «أسوأ أزمات التعليم في العالم». 

مبادرات إماراتية
مع تفاقم أزمات القطاع التعليمي في السودان، وقعت الإمارات في أغسطس 2024، اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» لتقديم 7 ملايين دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان وجنوب السودان، منها 6 ملايين دولار مخصصة لعمليات المنظمة الأممية في السودان، بما يشمل ترميم المدارس، وتوفير خيم مدرسية مؤقتة في مناطق النزوح. 
وقالت المحللة السياسية، نورهان شرارة، إن دولة الإمارات تحرص منذ سنوات على ترسيخ دورها الإنساني على المستويين الإقليمي والدولي، ولم تكتفِ فقط بدورها السياسي الفاعل، بل سعت لأن تكون نموذجاً في العمل الإنساني المستدام، من خلال مبادرات مؤثرة امتدت إلى مناطق عديدة حول العالم. وأضافت شرارة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإمارات نجحت في ترسيخ مكانتها كواحدة من أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية عالمياً، ليس فقط عبر الاستجابة السريعة للأزمات، بل من خلال مشاريع تنموية مستدامة ساهمت في إعادة بناء المجتمعات، مثل إنشاء المدارس والمستشفيات، وتطوير البنية التحتية، ما منحها طابعاً إنسانياً قوياً، وعزز من مكانتها كقوة ناعمة مؤثرة في المشهدين الإقليمي والدولي.
ولفتت إلى أن المبادرات التعليمية التي تقدمها الإمارات لملايين السودانيين، سواء داخل السودان أو في دول الجوار التي تستضيف اللاجئين السودانيين، تمثل جزءاً من التوجه الإنساني العميق للدولة، وتُظهر كيف أنها لا تكتفي بتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة، بل تستثمر في مستقبل الأفراد والمجتمعات.
وأشادت شرارة بالدور الحيوي الذي تلعبه الإمارات للحفاظ على استقرار منظومة المساعدات الدولية، بعدما تمكنت، خلال السنوات الماضية، من ترسيخ دورها كفاعل إنساني لا غنى عنه، وتحصد اليوم ثمار هذا النهج من خلال سمعة دولية مرموقة، ومكانة متقدمة في مؤشرات القوة الناعمة.
دعم تعليم اللاجئين
في إطار المبادرات الإماراتية الداعمة للقطاع التعليمي في السودان، خصصت الدولة تمويلاً بقيمة 4 ملايين دولار لدعم تعليم اللاجئين السودانيين في جمهورية تشاد بالتعاون مع «اليونيسف». كما أطلقت «الهلال الأحمر الإماراتي» برامج إغاثية للطلبة السودانيين وأسرهم، تضمنت توزيع حقائب مدرسية وقرطاسية، ودعماً نفسياً واجتماعياً للأطفال المتضررين من الحرب، ومساعدات غذائية لعائلات الطلاب لتخفيف العبء عليهم.
بدورها، أوضحت الباحثة والمحللة الإماراتية، ميرة زايد، أن ما يحدث في السودان ليس مجرد حرب، بل كارثة إنسانية شاملة طالت كل تفاصيل الحياة، وفي مقدمتها التعليم، حيث أُغلقت المدارس، وتدمرت الجامعات، وتُرك الملايين من الأطفال بلا مستقبل.
وذكرت زايد لـ«الاتحاد» أنه وسط هذا الانهيار للقطاع التعليمي في السودان، لم تقف الإمارات مكتوفة الأيدي، بل تحركت بفاعلية، وأنشأت فصولاً دراسية مؤقتة في مناطق اللجوء، وقدّمت منحاً للطلاب السودانيين، ووفّرت دعماً تعليمياً في أكثر من دولة مجاورة، من خلال الهلال الأحمر الإماراتي ومبادرة «التعليم لا ينتظر»، وهذا ليس ترفاً، بل استثمار حقيقي في مستقبل السودان.
وأشارت إلى أن الإمارات لا تسعى لتحقيق مكاسب سياسية، بل تؤمن بأن التعليم هو طوق النجاة الوحيد لشعب أنهكته الحرب، وليس من قبيل المصادفة أن تكون في طليعة الدول الداعمة للسودان، إذ إنها ترى أن إنقاذ الإنسان يبدأ من الكتاب، لا من البندقية، ومن الفعل الصادق لا من الخطاب الزائف.

مقالات مشابهة

  • صقر غباش: الحوار نهج إماراتي لإرساء السلام والاستقرار
  • الإمارات تتصدر المنطقة في نشاط شركات الذكاء الاصطناعي
  • بقيمة 6.5 مليار يورو.. الهند توقع صفقة مع فرنسا لشراء 26 مقاتلة رافال لدعم قواتها البحرية
  • الإمارات تتصدر المنطقة في نشاط شركات الذكاء الاصطناعي بالنسبة لعدد السكان
  • “عراب الذكاء الاصطناعي” يثير القلق برؤيته حول سيطرة التكنولوجيا على البشرية
  • تعاون عراقي إماراتي في مجال الطيران المدني
  • «جراحة المفاصل في دبي» يوصي بتدريب الأطباء على الذكاء الاصطناعي
  • أخبار التكنولوجيا| تطبيق Manus AI يثير الضجة في عالم الذكاء الاصطناعي.. Perplexity تخطط لمنافسة جوجل بـ الإعلانات
  • عسكرة الذكاء الاصطناعي .. كيف تتحول التكنولوجيا إلى أداة قتل عمياء؟
  • التعليم في السودان.. تداعيات كارثية للنزاع ودعم إماراتي متواصل