أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للجيش بالاستعداد لاستمراره في احتلال المنطقة العازلة السورية حتى نهاية عام 2025 على أقل تقدير، حسب إعلام عبري الأربعاء.

 

وقالت القناة "12" العبرية الخاصة: "تلقى الجيش الإسرائيلي تعليمات من رئيس الوزراء نتنياهو بالبقاء في منطقة جبل الشيخ السورية (المحتلة) حتى نهاية عام 2025 على الأقل".

 

وأوضحت أن "سبب تحديد هذا التاريخ هو التقييم بأنه بحلول ذلك الوقت سيستقر الوضع السياسي الأمني في سوريا وسيكون ممكنا معرفة ما إذا كان سيكون هناك كيان في البلاد يحترم اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وفرض تفاصيله ومنع النشاط المعادي ضد إسرائيل"، وفق تعبيراتها.

 

واستدركت أن "الآثار المترتبة على بقاء الجيش في هذه المنطقة هائلة، خاصة فيما يتعلق بنشر القوات، ففي الواقع، يتم إضافة جبهة جديدة إلى الجيش، بجانب القوات المنتشرة في قطاع غزة ولبنان".

 

وفي حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، احتلت إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان جنوب غربي سوريا، بما في ذلك أجزاء من سفوح جبل الشيخ، ثم أعلنت ضمها إليها في 1981، وهو ما لا تعترف به الأمم المتحدة.

 

ودون إعلام مسبق، وصل نتنياهو الثلاثاء إلى جبل الشيخ السوري المحتل، برفقة قادة أجهزة عسكرية وأمنية.

 

ونقلت القناة عن نتنياهو قوله: "سنبقى في هذا المكان المهم حتى التوصل إلى ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل".

 

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أطاحت فصائل سورية بنظام بشار الأسد، وزعمت إسرائيل انهيار اتفاقية فصل القوات مع سوريا، واحتلت المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان.

 

كما استغلت إسرائيل هذه التطورات وشنت مئات الغارات الجوية دمرت على إثرها طائرات حربية وصواريخ متنوعة وأنظمة دفاع جوي في مواقع عسكرية عديدة بأنحاء سوريا.

 

والأحد، وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة قدمها نتنياهو لتعزيز الاستيطان في هضبة الجولان السورية المحتلة، ما أثار انتقادات من دول عديدة والأمم المتحدة.

 

وجاء احتلال إسرائيل لأراض سورية جديدة في وقت ترتكب فيه بدعم أمريكي إبادة جماعية في قطاع غزة الفلسطيني منذ أكثر من 14 شهرا، كما شنت حربا مدمرة على لبنان بين 23 سبتمبر/ أيلول و27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين.

 

ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

 


المصدر: الموقع بوست

إقرأ أيضاً:

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة

تلعب سوريا دورًا محوريًا في المخطط الجيوسياسي المعروف بمشروع مملكة داوود أو الشرق الأوسط الجديد، وهو المشروع الذي يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية دينية يهودية تستند إلى مسار سيدنا إبراهيم.

هذا المسار، الذي يمتد من العراق عبر الشام وصولًا إلى فلسطين ومصر، كان عبر التاريخ خطًا استراتيجيًا للتجارة والثقافة والدين، وهو ذاته الذي يُراد اليوم إعادة رسمه لتحقيق هيمنة جيوسياسية ودينية تخدم فكرة الدولة اليهودية الكبرى.

في السياق التاريخي، لم تكن مملكة داوود ومن بعده ابنه سليمان كيانًا مستقلاً عن المحيط، بل كانت تعتمد على التحالفات لضمان بقائها، وكان لمصر دور مركزي في ذلك. لم يتمكن سليمان من تثبيت حكمه إلا عبر التحالف مع مصر، حيث تزوج من ابنة فرعون لضمان الحماية والاستقرار لمملكته، مما يعكس أهمية مصر كمركز قوة لا يمكن تجاوزه في أي مخطط توسعي. اليوم، تتعرض مصر لحروب متنوعة تهدف إلى إضعافها وإخضاعها لهذا المشروع، عبر وسائل اقتصادية وسياسية وأمنية، في محاولة لتركيعها وإجبارها على أن تكون جزءًا تابعًا لرؤية الشرق الأوسط الجديد.

تمثل دمشق نقطة ارتكاز جيوسياسية في هذا المخطط، فهي تربط بين الممرات المائية والثروات الطبيعية، وخاصة مياه نهر الفرات، الذي كان جزءًا من شبكة التجارة القديمة. السيطرة على دمشق تعني التحكم في عقدة طرق تربط الخليج بالبحر المتوسط، وتوفر منفذًا استراتيجيًا للهيمنة على الممرات الملاحية التي كانت جزءًا أساسيًا من النظام التجاري في العهد القديم. من هنا، كانت الحرب على سوريا جزءًا من مخطط يستهدف تفكيك بنيتها السياسية والاجتماعية، عبر زجّ تنظيمات إرهابية مثل داعش بقيادة شخصيات مثل أحمد الشرع، لخلق حالة من الفوضى تدفع الأقليات الدينية لطلب الحماية الخارجية، وهو ما شهدناه في المجازر التي وقعت في الساحل السوري، حيث جرى الدفع ببعض المكونات السكانية إلى البحث عن تدخل إسرائيلي مباشر لضمان بقائها، مما منح شرعية لوجود إسرائيلي في المنطقة.

ضمن هذا المخطط، تأتي الحرب على غزة كجزء من عملية إعادة تشكيل المنطقة. الهدف من تهجير سكان غزة ليس مجرد تفريغها من الفلسطينيين، بل تحويلها إلى مركز لوجيستي يربط بين المشروع الجغرافي لمملكة داوود وأوروبا، بحيث تصبح محطة وسيطة تسهّل السيطرة على التجارة والاستثمار في الموارد الطبيعية. هذا التهجير القسري يتماشى مع سياسة تغيير السمات الديموغرافية والثقافية في المنطقة، التي تهدف إلى إنهاء الوجود المسيحي والإسلامي في الشرق الأوسط، وفرض واقع ديني يهودي يتماشى مع طبيعة الحكم المطلوب.

في قلب هذا المشروع، يأتي هيكل سليمان كرمز للسيادة الدينية والسياسية. إعادة بناء الهيكل تستلزم إزاحة المسجد الأقصى، وهو ما يفسر التصعيد المستمر في القدس، حيث تجري محاولات مستمرة لفرض أمر واقع جديد يمهد لمرحلة قادمة من الصراع. فالهيكل ليس مجرد رمز ديني، بل هو كرسي الحكم الذي يُراد من خلاله إعلان السيادة على المنطقة كلها، بما يتجاوز حدود فلسطين ليشمل كل الممرات الاستراتيجية الممتدة عبر سوريا والعراق والخليج.

لكن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة كبرى تتمثل في تعارضه مع طريق الحرير الصيني، وهو المشروع الاقتصادي الذي يهدف إلى إعادة إحياء التجارة بين الصين وأوروبا عبر الممرات البرية والبحرية التي تمر في قلب مناطق الشرق الأوسط. الصين تسعى لتعزيز نفوذها الاقتصادي عبر ممرات تشمل إيران والعراق وسوريا ومصر، مما يجعل المخطط اليهودي الصهيوني في حالة صدام مع المصالح الصينية. فبينما تسعى إسرائيل إلى الهيمنة الجيوسياسية وإعادة تشكيل المنطقة على أسس دينية، تهدف الصين إلى تثبيت نفوذها عبر مشاريع اقتصادية تعتمد على الاستقرار وليس التفكيك.

مصر، باعتبارها نقطة ارتكاز رئيسية في طريق الحرير، تشكل عقدة مركزية في هذا التنافس. فالممرات البحرية التي تمر عبر قناة السويس تعد أهم مفصل لربط الشرق بالغرب، وهذا يجعل السيطرة على مصر هدفًا مشتركًا لكل من المخطط الإسرائيلي والمشروع الصيني. لكن الفرق الجوهري يكمن في أن الصين تعتمد على استقرار مصر لضمان تدفق التجارة، بينما تسعى القوى الداعمة لمملكة داوود إلى إضعافها أو تحييد دورها. وهذا يجعل من الصعب تحقيق تحالف بين المشروعين، حيث أن نجاح أحدهما قد يعني إفشال الآخر.

إلا أن تنفيذ هذا المخطط يواجه عقبة أساسية متمثلة في قوة الدولة المصرية. فكما كان سليمان بحاجة إلى التحالف مع مصر لحماية مملكته، فإن المشروع الحالي لا يمكن أن ينجح في ظل وجود دولة مصرية قوية تملك جيشًا قادرًا على تعطيل هذه المخططات. ولهذا، فإن الحرب على مصر ليست مجرد صراع سياسي عابر، بل هي جزء من رؤية طويلة الأمد تهدف إلى تحييدها أو إضعافها، لأنها تمثل آخر الحواجز الصلبة أمام تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل بدأت تنفيذ خطة احتلال غزة بشكل دائم
  • بين حمص وتدمر..إسرائيل تضرب قاعدتين عسكريتين في وسط سوريا
  • غارات إسرائيلية على مطار تدمر العسكري وسط سوريا
  • حرب نتنياهو العبثية
  • سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة
  • فوضى عارمة.. هل يقود نتنياهو إسرائيل نحو حرب أهلية؟
  • برلماني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك صارخ للقانون الدولي
  • صحف عالمية: حكومة نتنياهو على الحافة وبقاؤها مرهون بمواصلة الحرب
  • إغلاق أوكار الأفاعي على الحدود السورية ـ اللبنانية
  • ضغط أميركي لبدء المفاوضات وعون يؤكد: إسرائيل رفضت كل الاقتراحات الّتي تقدّم بها لبنان