خالد الإعيسر- بين إرث الولاء القديم وقمع حرية الإعلام والتعبير
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
خالد الإعيسر، بصفته وزير الإعلام السوداني الحالي، يواجه تحديات كبيرة في إدارة المشهد الإعلامي وسط أزمة سياسية وعسكرية عميقة تمزق السودان. ومع ذلك، يبدو أن أداء الإعيسر يعكس انحيازاً واضحاً إلى طرف دون الآخر، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرته على تمثيل صوت جميع السودانيين. في وقت تعاني فيه البلاد من انقسامات سياسية واجتماعية حادة، يُفترض أن يكون وزير الإعلام شخصية جامعة، قادرة على تقديم خطاب وطني يعكس تطلعات جميع مكونات المجتمع السوداني دون تمييز أو انحياز.
منذ توليه منصبه، اتُهم الإعيسر بالانتماء إلى الحركة الإسلامية، وهو أمر يعزز الشكوك حول حياده وقدرته على الفصل بين انتماءاته الشخصية وبين مسؤوليته كوزير في حكومة يفترض أن تمثل كافة الأطياف السودانية. انتماؤه هذا يجعل من الصعب عليه أن يكون قادراً على بناء خطاب موحد يلامس تطلعات السودانيين بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية. الإعلام في مثل هذه الأزمات ينبغي أن يكون صوتاً للشعب بكل مكوناته، وليس مجرد أداة لتعزيز خطاب السلطة. بدلاً من ذلك، فإن الإعيسر يظهر كرجل يروج لرؤية سياسية محدودة، ما يعمق حالة الاستقطاب ويضعف ثقة قطاعات واسعة من الشعب السوداني في الخطاب الرسمي.
تصريحات الإعيسر الأخيرة التي تضمنت تهديدات بملاحقة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي لا تلتزم بالخط الإعلامي الداعم للجيش تعكس منهجاً يقوم على الإقصاء بدلاً من الحوار. هذه التصريحات، التي وصفها العديد من الصحفيين بأنها تمثل "اتجاهاً خطيراً"، تُظهر أن الإعيسر يرى في الإعلام أداة للإملاءات بدلاً من كونه منصة حرة لنقل الحقائق ومناقشة الآراء المختلفة. التهديد بالملاحقات القانونية لكل من يخالف الخط المرسوم لا يعكس فقط ضعف الثقة في قدرة الإعلام الرسمي على التأثير، بل يشير أيضاً إلى فشل الوزارة في استيعاب التنوع الموجود في الساحة السودانية.
الإعلام، بطبيعته، ينبغي أن يكون مساحة مفتوحة لتمثيل جميع الأصوات، لا سيما في أوقات الأزمات. لكن النهج الذي يتبعه الإعيسر يبدو وكأنه يستهدف تكميم الأفواه وفرض وجهة نظر واحدة. هذا الأسلوب لا يؤدي فقط إلى تآكل حرية الصحافة، بل يساهم أيضاً في تعميق الانقسامات داخل البلاد، حيث يشعر السودانيون الذين لا يتماهون مع خطاب الحكومة أو الجيش بأن أصواتهم غير مسموعة ومصالحهم غير ممثلة. الأزمات الوطنية تتطلب خطاباً إعلامياً جامعاً يركز على القضايا المشتركة والتحديات التي تواجه الأمة ككل، بدلاً من التركيز على دعم طرف واحد على حساب الآخرين.
المشكلة الكبرى التي يواجهها الإعيسر هي أنه، بسبب خلفياته السياسية وانحيازه الواضح، غير قادر على كسب ثقة جميع الأطراف في الساحة السودانية. الإعلام ليس مجرد أداة للدعاية، بل هو جسر بين الحكومة والشعب، وإذا كان الوزير غير قادر على تمثيل جميع مكونات الشعب السوداني، فإنه يفشل في أداء دوره الأساسي. الانحياز الواضح الذي أظهره الإعيسر في تصريحاته الأخيرة يعزز الشعور بأن الحكومة لا تسعى إلى بناء توافق وطني بقدر ما تسعى إلى فرض رؤيتها بالقوة، سواء كانت قوة السلاح أو قوة الإعلام الموجه.
ما يزيد الأمر تعقيداً هو أن التهديد بالملاحقات القانونية لا يعكس فقط نهجاً قمعياً، بل يفتح الباب أمام أزمات إضافية مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، سواء المحلية أو الدولية. الصحافة، بحسب ما أكد العديد من الصحفيين، ليست أداة للدعاية، بل هي سلطة رابعة من مهماتها تسليط الضوء على الحقائق، حتى وإن كانت هذه الحقائق تتعارض مع مصالح السلطة الحاكمة. محاولة الوزير إغلاق المجال أمام التعددية الإعلامية لا تضرب فقط مصداقية الإعلام الرسمي، بل تعرض البلاد لانتقادات دولية حادة، مما يضعف موقف الحكومة ويزيد من عزلتها.
علاوة على ذلك، فإن الإعيسر، بدلاً من أن يعزز الثقة في مؤسسات الدولة، يبدو أنه يسهم في إضعافها من خلال فرض قيود على العمل الإعلامي وتهديد الصحفيين. السودان في حاجة ماسة إلى قيادة قادرة على تجاوز المصالح السياسية الضيقة والعمل على بناء خطاب وطني جامع يعزز الوحدة الوطنية. ولكن الإعيسر، بمنهجه الحالي، يظهر كرجل يدير الإعلام كأداة لإرضاء طرف واحد، ما يجعل من المستحيل عليه أن يكون ممثلاً لكل السودانيين.
التاريخ يُظهر أن محاولات تكميم الإعلام وفرض السيطرة عليه لم تؤدِ في أي وقت إلى تحقيق الاستقرار. بدلاً من ذلك، فإن الدول التي اعتمدت على هذه السياسات شهدت مزيداً من التوترات والانقسامات. إذا كان الإعيسر جاداً في أداء دوره كوزير إعلام يمثل السودان بكافة أطيافه، فإنه بحاجة إلى تغيير جذري في سياساته. المطلوب الآن ليس مزيداً من التهديدات والملاحقات، بل فتح المجال أمام حوار وطني يشمل الجميع، بحيث يكون الإعلام منصة لهذا الحوار وليس عائقاً أمامه.
خالد الإعيسر، من خلال تصريحاته وسلوكياته، لا يمثل صوت كل السودانيين، بل يمثل صوتاً منحازاً لطرف معين في صراع معقد. هذا الانحياز، إلى جانب التهديدات التي أطلقها، يعزز الانقسامات بدلاً من أن يخفف منها، ويضعف الأمل في بناء خطاب إعلامي يسهم في إخراج البلاد من أزمتها. السودان اليوم بحاجة إلى إعلام حر وقيادة إعلامية حكيمة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل السياسات الحالية التي ينتهجها الإعيسر.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: أن یکون
إقرأ أيضاً:
خالد البلشي: قريبًا برامج تدريبية تتعلق بحقوق الإنسان في نقابة الصحفيين
كتب- عمرو صالح:
كشف الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، عن برامج تدريبية تتعلق بمجال حقوق الإنسان؛ سيتم الإعلان عنها لاحقًا من خلال مركز التدريب بالنقابة.
وقال البلشي: أجريت مشاورات مع السفيرة مشيرة خطاب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان؛ لعقد برامج تدريبية بمركز التدريب بنقابة الصحفيين، تتعلق بمجالات حقوق الإنسان.
وأشار نقيب الصحفيين إلى أن مركز التدريب بنقابة الصحفيين تم إعادة هيكلته وإعداده من قِبل المعنيين به في المجلس الحالي؛ ليعاد تفعيل دوره من جديد بتدريب أكبر عدد من الصحفيين.
وتطرق البلشي إلى الحديث عن الشراكات الدولية في مجالات تدريب الصحفيين؛ قائلًا: لدينا شراكات مع الاتحاد الدولي للصحافة في العديد من البرامج التدريبية في مجالات مختلفة، كما وضعنا استراتيجية للمجلس القادم في مجالات التدريب.
جاء ذلك خلال كلمة البلشي بجلسة التدريب والحريات المنعقدة بمقر نقابة الصحفيين، اليوم الإثنين، والتي تعد ضمن جلسات المؤتمر العام السادس للنقابة.
اقرأ أيضًا:
وزير الكهرباء: الانتهاء من تركيب 461 ألف عداد مسبق الدفع
وزير المالية: انخفاض الدين الخارجي للموازنة 3 مليارات دولار
فرص عمل جديدة.. أكثر من 7 آلاف وظيفة في 101 شركة بـ12 مُحافظة
خالد البلشي برامج تدريبية حقوق الإنسان نقابة الصحفيين
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة حسين الزناتي: يمكن للمواقع إصدار صحيفة ينضم عبرها الصحفيون إلى نقابة أخبار انطلاق جلسة احتياجات القارئ وتحديات الدقة بالمؤتمر العام السادس لنقابة أخبار هشام يونس: معرفة التشريعات التي تواجه الصحفي في مجال عمله أمر لانقاش أخبار محمود المملوك: أدركنا تحديات الصحافة الرقمية منذ 4 سنوات فأطلقنا تجربة أخبار أخبار مصر خالد البلشي: قريبًا برامج تدريبية تتعلق بحقوق الإنسان في نقابة الصحفيين منذ 14 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر "الإفتاء": مركز "سلام" يعد موسوعة علمية لمراجعة المتطرفين فكريًا منذ 15 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر برلمانيون يوافقون مبدئيًّا على قانون الإجراءات الجنائية -تفاصيل منذ 40 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الرئيس السيسي وعاهل الأردن يعقدان جلسة مباحثات بالقاهرة منذ 48 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر حجز قطعة أرض إسكان متوسط.. خطوات وأسعار الأراضي في 9 مدن منذ 49 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزير الأوقاف: تحقيق الأمن من صميم عمل المؤسسات الدينية المصرية منذ 53 دقيقة قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبارخالد البلشي: قريبًا برامج تدريبية تتعلق بحقوق الإنسان في نقابة الصحفيين
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك بيان منسوب للأسد يكشف كواليس هروبه: أتمنى أن تعود سوريا حرة بنوك تخفض الفائدة قبل قرار المركزي.. تفاصيل أسعار الفائدة على شهادات الادخار في 10 بنوك فيديو مفاجأة| الجولاني كان في مسلسل الاختيار.. كيف تحدث عنه؟ فيديو مفاجأة| الجولاني كان في مسلسل الاختيار.. كيف تحدث عنه؟ داخل المتحف المصري الكبير.. شاهد حكاية 7 آلاف سنة 22القاهرة - مصر
22 12 الرطوبة: 40% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك