خالد الإعيسر، بصفته وزير الإعلام السوداني الحالي، يواجه تحديات كبيرة في إدارة المشهد الإعلامي وسط أزمة سياسية وعسكرية عميقة تمزق السودان. ومع ذلك، يبدو أن أداء الإعيسر يعكس انحيازاً واضحاً إلى طرف دون الآخر، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرته على تمثيل صوت جميع السودانيين. في وقت تعاني فيه البلاد من انقسامات سياسية واجتماعية حادة، يُفترض أن يكون وزير الإعلام شخصية جامعة، قادرة على تقديم خطاب وطني يعكس تطلعات جميع مكونات المجتمع السوداني دون تمييز أو انحياز.



منذ توليه منصبه، اتُهم الإعيسر بالانتماء إلى الحركة الإسلامية، وهو أمر يعزز الشكوك حول حياده وقدرته على الفصل بين انتماءاته الشخصية وبين مسؤوليته كوزير في حكومة يفترض أن تمثل كافة الأطياف السودانية. انتماؤه هذا يجعل من الصعب عليه أن يكون قادراً على بناء خطاب موحد يلامس تطلعات السودانيين بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية. الإعلام في مثل هذه الأزمات ينبغي أن يكون صوتاً للشعب بكل مكوناته، وليس مجرد أداة لتعزيز خطاب السلطة. بدلاً من ذلك، فإن الإعيسر يظهر كرجل يروج لرؤية سياسية محدودة، ما يعمق حالة الاستقطاب ويضعف ثقة قطاعات واسعة من الشعب السوداني في الخطاب الرسمي.

تصريحات الإعيسر الأخيرة التي تضمنت تهديدات بملاحقة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التي لا تلتزم بالخط الإعلامي الداعم للجيش تعكس منهجاً يقوم على الإقصاء بدلاً من الحوار. هذه التصريحات، التي وصفها العديد من الصحفيين بأنها تمثل "اتجاهاً خطيراً"، تُظهر أن الإعيسر يرى في الإعلام أداة للإملاءات بدلاً من كونه منصة حرة لنقل الحقائق ومناقشة الآراء المختلفة. التهديد بالملاحقات القانونية لكل من يخالف الخط المرسوم لا يعكس فقط ضعف الثقة في قدرة الإعلام الرسمي على التأثير، بل يشير أيضاً إلى فشل الوزارة في استيعاب التنوع الموجود في الساحة السودانية.

الإعلام، بطبيعته، ينبغي أن يكون مساحة مفتوحة لتمثيل جميع الأصوات، لا سيما في أوقات الأزمات. لكن النهج الذي يتبعه الإعيسر يبدو وكأنه يستهدف تكميم الأفواه وفرض وجهة نظر واحدة. هذا الأسلوب لا يؤدي فقط إلى تآكل حرية الصحافة، بل يساهم أيضاً في تعميق الانقسامات داخل البلاد، حيث يشعر السودانيون الذين لا يتماهون مع خطاب الحكومة أو الجيش بأن أصواتهم غير مسموعة ومصالحهم غير ممثلة. الأزمات الوطنية تتطلب خطاباً إعلامياً جامعاً يركز على القضايا المشتركة والتحديات التي تواجه الأمة ككل، بدلاً من التركيز على دعم طرف واحد على حساب الآخرين.

المشكلة الكبرى التي يواجهها الإعيسر هي أنه، بسبب خلفياته السياسية وانحيازه الواضح، غير قادر على كسب ثقة جميع الأطراف في الساحة السودانية. الإعلام ليس مجرد أداة للدعاية، بل هو جسر بين الحكومة والشعب، وإذا كان الوزير غير قادر على تمثيل جميع مكونات الشعب السوداني، فإنه يفشل في أداء دوره الأساسي. الانحياز الواضح الذي أظهره الإعيسر في تصريحاته الأخيرة يعزز الشعور بأن الحكومة لا تسعى إلى بناء توافق وطني بقدر ما تسعى إلى فرض رؤيتها بالقوة، سواء كانت قوة السلاح أو قوة الإعلام الموجه.

ما يزيد الأمر تعقيداً هو أن التهديد بالملاحقات القانونية لا يعكس فقط نهجاً قمعياً، بل يفتح الباب أمام أزمات إضافية مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، سواء المحلية أو الدولية. الصحافة، بحسب ما أكد العديد من الصحفيين، ليست أداة للدعاية، بل هي سلطة رابعة من مهماتها تسليط الضوء على الحقائق، حتى وإن كانت هذه الحقائق تتعارض مع مصالح السلطة الحاكمة. محاولة الوزير إغلاق المجال أمام التعددية الإعلامية لا تضرب فقط مصداقية الإعلام الرسمي، بل تعرض البلاد لانتقادات دولية حادة، مما يضعف موقف الحكومة ويزيد من عزلتها.

علاوة على ذلك، فإن الإعيسر، بدلاً من أن يعزز الثقة في مؤسسات الدولة، يبدو أنه يسهم في إضعافها من خلال فرض قيود على العمل الإعلامي وتهديد الصحفيين. السودان في حاجة ماسة إلى قيادة قادرة على تجاوز المصالح السياسية الضيقة والعمل على بناء خطاب وطني جامع يعزز الوحدة الوطنية. ولكن الإعيسر، بمنهجه الحالي، يظهر كرجل يدير الإعلام كأداة لإرضاء طرف واحد، ما يجعل من المستحيل عليه أن يكون ممثلاً لكل السودانيين.

التاريخ يُظهر أن محاولات تكميم الإعلام وفرض السيطرة عليه لم تؤدِ في أي وقت إلى تحقيق الاستقرار. بدلاً من ذلك، فإن الدول التي اعتمدت على هذه السياسات شهدت مزيداً من التوترات والانقسامات. إذا كان الإعيسر جاداً في أداء دوره كوزير إعلام يمثل السودان بكافة أطيافه، فإنه بحاجة إلى تغيير جذري في سياساته. المطلوب الآن ليس مزيداً من التهديدات والملاحقات، بل فتح المجال أمام حوار وطني يشمل الجميع، بحيث يكون الإعلام منصة لهذا الحوار وليس عائقاً أمامه.

خالد الإعيسر، من خلال تصريحاته وسلوكياته، لا يمثل صوت كل السودانيين، بل يمثل صوتاً منحازاً لطرف معين في صراع معقد. هذا الانحياز، إلى جانب التهديدات التي أطلقها، يعزز الانقسامات بدلاً من أن يخفف منها، ويضعف الأمل في بناء خطاب إعلامي يسهم في إخراج البلاد من أزمتها. السودان اليوم بحاجة إلى إعلام حر وقيادة إعلامية حكيمة، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل السياسات الحالية التي ينتهجها الإعيسر.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أن یکون

إقرأ أيضاً:

باق أسبوع فقط.. تحذير هام لأصحاب عداد الكهرباء القديم قبل العيد

حذر جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك المواطنين الذين لا يزالون يستخدمون العدادات القديمة من التأخر في سداد فواتير الاستهلاك، مؤكدة أن التأخير قد يؤدي إلى فرض غرامات مالية، وقد يتم رفع العداد واستبداله بعداد مسبق الدفع بعد مرور مدة معينة.

غرامات على تأخير سداد فاتورة الكهرباء

أوضحت الوزارة أن عدم سداد فاتورة شهر مارس، التي تعكس استهلاك شهر فبراير، قبل الموعد المحدد قد يترتب عليه غرامة مالية تصل إلى 7% من إجمالي الفاتورة، وذلك في حال استمرار التأخير حتى نهاية الشهر الجاري أي بعد نحو أسبوع، الذي يتزامن مع احتفالات عيد الفطر المبارك.

إجراءات صارمة للممتنعين عن السداد

شددت الوزارة على أنه في حالة الاستمرار في التأخر لمدة شهر إضافي، سيتم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، تشمل حق الشركة في إزالة العداد القديم واستبداله بعداد مسبق الدفع، مما يحتم على المشتركين الالتزام بالسداد في المواعيد المحددة لتجنب أي غرامات أو رفع العدادات.

موضوعات متعلقة:

قبل العيد .. فرصة تحافظ على عداد الكهرباء القديم وماتركبش أبو كارتباق 10 أيام.. تحذير هام لأصحاب عداد الكهرباء القديم قبل العيدمهلة حتى عيد الفطر.. تحذير هام لأصحاب عداد الكهرباء القديمباق أسبوعين.. تحذير هام لأصحاب عدادات الكهرباء القديمة قبل العيد

عقوبات عدم دفع فاتورة الكهرباء

وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة الكهرباء، لا يزال هناك نحو 42 مليون عداد كهرباء قديم قيد الاستخدام، منها 4.5 مليون عداد معطل تعمل الوزارة على استبداله بالفعل.

باق أسبوعين.. تحذير هام لأصحاب عداد الكهرباء القديم قبل العيد

وطبقًا لسياسات الوزارة، فإن عدم سداد فاتورة الكهرباء لشهرين متتاليين يؤدي إلى فسخ التعاقد ورفع العداد، ما لم يقم المشترك بتسوية المديونية أو تقديم طلب رسمي لتقسيطها.

آخر موعد لسداد فاتورة الكهرباء قبل فرض العقوبات

أشارت الوزارة إلى أن أمام المشتركين اللذين لم يسددوا فاتورة فبراير عن استهلاك شهر يناير،  نحو أسبوع فقط لسداد الفاتورة قبل بدء فترة الحق في تنفيذ قرارات رفع العدادات ، حيث شدد جهاز تنظيم مرفق الكهرباء على أن عدم سداد فاتورتين متتاليتين يمنح الشركة الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية، والتي تبدأ بفرض الغرامة ثم رفع العداد نهائيًا.

شروط رفع عداد الكهرباء القديم

وعادة ما تمنح شركات التوزيع  المشتركين مهلة إضافية قبل تنفيذ القرار، مع إرسال تحذيرات متعددة عبر فواتير الكهرباء أو عبر المحصلين.

 لكن في حال استمرار الامتناع عن السداد دون أي محاولة للتسوية، يتم فصل التيار الكهربائي ورفع العداد بشكل نهائي، على أن يتم استبداله بعداد مسبق الدفع عند سداد المتأخرات.

باق أسبوعين.. تحذير هام لأصحاب عدادات الكهرباء القديمة قبل العيدحالات تؤدي إلى رفع العداد

حددت الوزارة عدة حالات يتم فيها رفع العداد وقطع التيار الكهربائي، أبرزها:

الحصول على الكهرباء بطرق غير قانونية مثل التوصيلات المباشرة دون المرور بالعداد.توصيل الكهرباء الموردة من العداد الخاص بالمشترك إلى وحدات أخرى غير مشمولة بالعقد.تغيير استخدام الكهرباء لأنشطة غير منصوص عليها في التعاقد.التلاعب بالعداد أو إتلاف الأختام الخاصة به.زيادة الأحمال الكهربائية عن الحد المسموح به دون الحصول على تصريح.منع موظفي شركة الكهرباء من إجراء أعمال الصيانة أو التفتيش.عدم تسجيل قراءة العداد لفترتين متتاليتين بسبب رفض المستهلك التعاون مع الشركة.هدم الموقع المتعاقد عليه أو رغبة المستهلك في إنهاء الخدمة.التأخر عن سداد الفاتورة لأكثر من 30 يومًا بعد إرسال مطالبة رسمية بالسداد.إجراءات إعادة توصيل الكهرباء بعد رفع العداد

في حال رفع العداد بسبب التأخر في السداد، يمكن للمشترك تقديم طلب لإعادة توصيل الخدمة بعد دفع المتأخرات والغرامات المقررة، لكن سيكون ذلك من خلال تركيب عداد مسبق الدفع فقط، لضمان التزام المشترك بسداد قيمة الاستهلاك مسبقًا.

تأتي هذه الإجراءات في إطار جهود وزارة الكهرباء لتنظيم استهلاك الطاقة، وتحسين كفاءة التحصيل، وتقليل الفاقد من الكهرباء، بالإضافة إلى التوسع في استخدام العدادات الذكية ومسبقة الدفع

مقالات مشابهة

  • ترامب ومسمار جديد في نعش حرية الإعلام
  • جرائم الاحتلال ضد الصحفيين انتهاك صارخ للقانون الدولي وحرية الإعلام
  • الأمم المتحدة تدعو لاحترام حرية الصحافة والتظاهر السلمي في تركيا
  • الخارجية الروسية تدين بشدة هجوم القوات الأوكرانية على الصحفيين الروس
  • باق أسبوع فقط.. تحذير هام لأصحاب عداد الكهرباء القديم قبل العيد
  • وزير الخارجية المصري يؤكد على أهمية ضمان حرية الملاحة بالبحر الأحمر
  • اختتام الدورة التكوينية حول منظومة الاستثمار في الجزائر لفائدة الصحفيين
  • «وزير الخارجية»: يجب التوقف الكامل عن استهداف السفن وضمان حرية الملاحة الدولية
  • مجلس ديالى يختار نزار اللهيبي رئيسا له بدلا عن عمر الكروي
  • عودة: عدم الإنتماء إلى الدولة وعدم الولاء لها يدمران البلد