منذ عيّن التاسع من كانون الثاني المقبل موعدًا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على التأكيد بأنّ هذه الجلسة التي دعا إليها السفراء، ولا سيما ممثلي اللجنة الخماسية المعنيّة بالشأن اللبناني، لن تكون كسابقاتها، بل ستكون مثمرة ومنتجة، وبالتالي ستفضي إلى تصاعد الدخان الأبيض، مشدّدًا على أنّ من سيغيب عن هذه الجلسة سيتحمّل مسؤولياته أمام الرأي العام، وكذلك أمام المجتمع الدولي.


 
لكنّ هذه الأجواء "التفاؤلية" التي يصرّ بري على ضخّها في الأوساط السياسية، لا تجد حتى الآن "ترجمة أمينة"، وفق ما يقول كثيرون، فالمؤشرات لا توحي بنضوج ظروف التوافق الذي يراه كثيرون "شرطًا" لإنتاجية الجلسة، بل إنّ بعض التصريحات السياسية من هذا الفريق أو ذاك، تترك انطباعًا بأنّ الأمور لا تزال "مقفلة"، وسط مخاوف من أنّ إجازة الأعياد التي تستمرّ حتى أسبوع الجلسة المفترضة يمكن أن "تجمّد" المشاورات السياسية "الجدّية".
 
ولعلّ ما يزيد من مستوى "الضبابية" في هذا السياق، يكمن في ما يتسرّب عن دعوات بدأت تصدر عن بعض القوى، لتأجيل انتخاب الرئيس بضعة أيام بعد التاسع من كانون الثاني، أو لما بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بحيث تكون الصورة الشاملة في المنطقة قد تبلورت، بل إنّ المفارقة المثيرة للانتباه أنّ بعض هذه الدعوات تصدر عن شخصيات محسوبة على المعارضة، التي تطالب منذ أشهر طويلة بعدم التأجيل!
 
الترقّب سيّد الموقف
 
بعيدًا عن التصريحات المتفائلة لرئيس مجلس النواب، والتي كان آخرها تأكيده أن جلسة الانتخاب لا تزال قائمة في موعدها المحدّد، وأنها ستكون مثمرة، يقول العارفون إنّ الأجواء لا تزال "ضبابية" بصورة عامة، حيث لم يسجّل خرق حقيقيّ وملموس يمكن البناء عليه، باستثناء المرونة التي أبداها الطرفان بعيد تحديد موعد الجلسة، والتي بدأ زخمها يتراجع للمفارقة، خصوصًا مع رفع السقف الذي لجأت إليه بعض القوى السياسية في الأيام الأخيرة.
 
ثمّة من يقول إنّ "الخرق" يبقى مؤجَّلاً لما بعد إعلان رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية انسحابه بصورة رسمية، وهو ما تتقاطع العديد من الأوساط على ترجيح حصوله قريبًا جدًا، وربما في الساعات القليلة المقبلة، علمًا أنّ المشاورات الفعلية والحقيقية ستنطلق بعد ذلك، خصوصًا أنّ قوى المعارضة كانت قد اشترطت إعلانًا رسميًا من "الثنائي" بالتخلي عن فرنجية، قبل فتح قنوات الاتصال معه، وهو ما لن يحصل قبل أن ينسحب فرنجية طوعًا.
 
لكن في مقابل التفاؤل بتوافق ما بعد انسحاب فرنجية، ثمّة من يشير إلى أنّ الأمور لا تبدو بهذه السهولة، خصوصًا أنّ قوى وازنة في المعارضة تعتبر أنّ الفريق الآخر، وتحديدًا "حزب الله"، بات في أضعف حالاته، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وهي تريد "تقريش" ذلك على مستوى الاستحقاق الرئاسي، علمًا أنّ ثمّة حديثًا صريحًا في هذا الإطار عن أنّ معادلات الاستحقاق اليوم، لا يمكن أن تكون مثلها مثل معادلات الأشهر السابقة.
 
هل ينفع التأجيل؟
 
بمعزل عن هذه المعادلات، ثمّة في الأوساط السياسية من يعتبر أنّ المدّة الفاصلة عن جلسة التاسع من كانون الثاني لم تعد كبيرة عمليًا، ولو بدت كذلك ظاهريًا، باعتبار أنّ إجازة الأعياد قد تقف عائقًا أمام المشاورات الحقيقية في المرحلة المقبلة، خصوصًا أنّ مثل هذه المشاورات لم تبدأ بعد، ولو أنّ هذا الرأي يصطدم بوجهة نظر أخرى تقول إنّ مناسبة الأعياد قد تشكّل فرصة لتكثيف المشاورات على هامش احتفالاتها، وبروحيّة إيجابيّة.
 
وضمن الحديث عن التأجيل، ثمّة من يشير إلى وجود انطباع بوجوب انتظار وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، للبناء عليه في رسم معالم الاستحقاق، علمًا أنّ هناك اعتقادًا بأنّ وصول ترامب إلى البيت الأبيض سيسبقه حسم الكثير من الملفات العالقة، والتي تؤثر على لبنان، ومن بينها الحرب على غزة، علمًا أنّ التأجيل في هذه الحالة لبضعة أيام فقط قد يأتي بتمنٍ من الكتل السياسية، بغية إتمام التوافق والتفاهم.
 
وبين هذا الرأي وذاك، يبقى رأي وازن يقول إنّ الانتخاب يجب أن يتمّ في جلسة التاسع من كانون الثاني، وأنّ تأجيلها لن ينفع، فالوقت الفاصل عنها أكثر من كافٍ لإنجاز التوافق، وما لم يحصل ذلك، فيمكن أن يتمّ الانتخاب وفق ما ينصّ عليه الدستور، علمًا أنّ هناك تقاطعًا بين الجميع على أن إنجاز الاستحقاق أكثر من ضروري من أجل التحضير لليوم التالي للحرب على لبنان، خصوصًا مع بدء العدّ العكسي لانتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
 
كثيرة هي الأسباب التي تدفع للاعتقاد بأنّ انتخاب الرئيس "يجب" أن يتمّ في جلسة التاسع من كانون الثاني، وإن تأجّلت فلأيام، وليس لأسابيع، من بينها الانطباع السائد بأنّ هذا الانتخاب هو الجانب غير المُعلَن من "اتفاق وقف إطلاق النار"، وبالتالي أنّ عدم الالتزام به قد يؤدي إلى "فرط" الاتفاق، وعودة عقارب الساعة إلى ما قبله، علمًا أنّ الرهان الأساسي لدى القوى السياسية يبقى على الأيام الأولى من العام الجديد لحسم الأمور نهائيًا! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: علم ا أن ما بعد خصوص ا

إقرأ أيضاً:

تحرك عربي ونيابي للتفاهم على الرئيس وتأمين الانتخاب بعد ضمان النصاب

بدا من المعطيات الجدية المتجمعة من حركة الكواليس السياسية والنيابية أن جهوداً شاقة لا تزال في البدايات لعدم اقتصار جلسة انتخاب رئيس الجمهوربة في التاسع من الشهر المقبل على تأمين النصاب الدستوري فقط دون التمكن من انتخاب الرئيس العتيد.

وذكرت" النهار" انه وفق نواب وسياسيين ينخرطون في حركة المشاورات التي تتصاعد تباعاً يوماً بعد يوم، فإن الحيوية التي دبت في مناخ الاستحقاق الرئاسي تُعتبر غير مسبوقة فعلاً منذ بداية الاستحقاق وأن ما تحقق في هذا السياق ليس أمراً عابراً لجهة ضمان الحضور النيابي الكبير الذي يتجاوز أكثرية ثلثي النواب أي 86 نائباً وأكثر. ومع ذلك يشير هؤلاء إلى أن حركة المشاورات الداخلية لم تصل بعد إلى نقطة القدرة على الجزم بأن كل الاحتمالات قد استنفدت لتأمين انتخاب رئيس الجمهورية بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى أو الأكثرية العادية في الدورات التالية لأن بلورة الاتجاهات الانتخابية حيال المرشحين الجديين لم تكتمل بعد. وكشف هؤلاء النواب والسياسيون عن معادلة تتردد الآن ومفادها "إما جوزف عون وإلا تاجيل محتمل جديد للانتخاب" في إشارة إلى ارتفاع أسهم قائد الجيش ولكنهم لفتوا إلى أن الجزم بهذا السيناريو لا يبدو واقعياً قبل استنفاد الاتصالات "والمساومات" وقبل اقتراب موعد الجلسة بحيث يترتب عليها الكثير من التطورات غير المحسوبة بما يبقي أسماء مرشحين آخرين، ولو أن عددهم سيتقلص كثيراً، في دائرة "التأهل" أيضاً للاستحقاق المنشود. ومع ذلك تحدثوا عن معطيات تصاعدية داخلياً وخارجياً لمصلحة تزكية قائد الجيش العماد جوزف عون.
ومن المقرر في هذا السياق أن يعقد ممثلو الكتل النيابية المعارضة اجتماعاً تنسيقياً اليوم في مقر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في بكفيا.
الاجتماع يكتسب جانباً من الاهمية خصوصاً وأنه سيكون الأخير قبل الدخول في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة بحيث تشهد الحركة السياسية انحساراً. وسيشارك نواب المعارضة من جميع اطيافها مع عودة النائب بلال الحشيمي إلى الاجتماع بالإضافة إلى نواب مستقلين وسيتم عبر الاجتماع تحديد خارطة الطريق تماشياً مع المتغيرات الحاصلة، كما سيفنّد المجتمعون الاسماء المطروحة للرئاسة ويتخذون قرارات في شأن بعضها بما يمهد للاتفاق النهائي المفترض قبيل 9 كانون الثاني.   
وفي إشارة جديدة إلى "ثبات" معطياته حيال الموعد المحدد للانتخابات الرئاسية، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال رعايته أمس "مؤتمر ترسيخ الوجود المسيحي" في لبنان الذي نظمه "المجلس المسيحي للتنسيق" برئاسة فؤاد ابو ناضر في بكركي "إن لبنان لا يموت وقد مررنا بظروف صعبة وكل الأمور تدل على أننا في نهاية الطريق وصولاً إلى الخلاص برعاية سيدة لبنان". وأكد "أننا بحاجة إلى إعادة بناء من دون خوف وبثقة تعلمنا أن نضع أيدينا بيد بعض، وكلنا نتطلع إلى التاسع من كانون الثاني ولا شك لدينا أنه سيصار إلى انتخاب رئيس في السنة الجديدة 2025 التي أعلنها قداسة البابا سنة مقدسة".
وكتبت " نداء الوطن": في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، ترصد الأوساط السياسية ما يمكن أن يعلنه رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية في احتفال يقيمه التيار للذين عملوا في مهمات الإيواء في زغرتا. كما ترصد الأوساط ما سيصدر عن اجتماع المعارضة في بكفيا اليوم أيضاً.
وكتبت" اللواء": تحدثت مصادر على صلة «بالثنائي الشيعي» ان حزب لله ما يزال يتريث، وينتظر خطوة النائب السابق سليمان فرنجية اليوم، مع الاشارة الى ان الكتلتين الشيعيتين لا تضع لتاريخه فيتو على اي مرشح.
ويعقد اليوم نواب المعارضة اجتماعاً في بكفيا.
وأكد مصدر مدعو ان الاجتماع على غاية من الاهمية، لجهة مناقشة مجريات الاتصالات الجارية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكتبت" الاخبار":يتقاطَع المشهد اللبناني المرتبط بجلسة 9 كانون الثاني لانتخاب رئيس للجمهورية، مع اقتراب دخول الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وترقّب كيفية تعامل إدارته مع لبنان، ولا سيما بعد الحدث السوري.
في غضون ذلك، يبدو أن الضغط الجدي لانتخاب رئيس قد بدأ، مع انتشار كلمة سر أميركية بأن واشنطن تريد إيصال قائد الجيش جوزف عون إلى بعبدا، بالتزامن مع تكثيف الاتصالات مع فرنسا والسعودية وقطر. وكان أول المتلقّين للكلمة النائب السابق وليد جنبلاط الذي نقل إلى الرئيس نبيه بري بعد اجتماعه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الغرب أكثر ميلاً إلى انتخاب عون. وقالت مصادر مطّلعة إن جنبلاط تحدّث عن «اتجاه دولي ضاغط» في هذا الاتجاه، متسائلاً: «ما المانع من انتخابه؟». كما نقل جنبلاط عن ماكرون أن «باريس لا تزال تفضّل انتخاب سمير عساف أو زياد بارود، لكنها لن تقف في وجه إجماع قد يتشكّل بين أطراف اللجنة الخماسية والمجتمع الدولي على دعم عون». وفيما لا يزال موقف بري معارضاً لانتخاب قائد الجيش، قالت مصادر مطّلعة إن «جنبلاط قال أمام زواره إنه لا يريد انتخاب رئيس لا يرضي المسيحيين، ولا يريد تبنّي مرشح مواجهة مع الثنائي أمل وحزب الله، لذلك يسعى إلى إقناع بري بالسير بانتخاب عون».

مقالات مشابهة

  • خلف: جلسة انتخاب الرئيس قائمة في موعدها دون تعديل أو تشكيك
  • الخازن يؤكّد من بكركي: الكلام عن تأجيل جلسة انتخاب الرئيس غير صحيح
  • حمدان من معركة: بري حريص على أن يمر الاستحقاق الرئاسي في ٩ كانون الثاني
  • تحرك عربي ونيابي للتفاهم على الرئيس وتأمين الانتخاب بعد ضمان النصاب
  • توقعات الأبراج لشهر يناير/ كانون الثاني 2025
  • خلف: جلسة التاسع من كانون الثاني موعد مع الحقيقة
  • جلسة 9 كانون الثاني: مَنْ معها ومَنْ عليها؟
  • جلسة 9 كانون الثاني... النصاب مؤمّن والبحث مستمرّ عن مرشّح توافقي
  • داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال