طالبت الولايات المتحدة والأمم المتحدة طرفا الحرب السودانية بحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني، وسط تزايد متسارع في الانتهاكات التي يتعرض لها السكان في مناطق القتال، ورصدت هيئات حقوقية عدد من الانتهاكات المرتكبة من طرفي الحرب، شملت عمليات تعذيب أسرى وحملة اعتقالات وتصفيات وملاحقات طالت مئات المدنيين والسياسيين.



واتهم المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيف ماجانجو طرفي القتال باستهداف المدنيين العزل بالقصف الجوي والأرضي الذي تتعرض له الأسواق والأحياء السكنية بشكل شبه يومي.

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى ‎السودان توم بيرييللو: "يجب على قوات الدعم السريع والقوات المسلحة والمجموعات المقاتلة معهما احترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين".

وأبدى حقوقيون، مخاوف كبيرة من تدهور أوضاع العالقين في مناطق الحرب، وتزايد الانتهاكات في ظل اتساع رقعة القتال المستمر منذ منتصف أبريل 2023 وشموله أكثر من 70 في المئة من مناطق البلاد والارتفاع الملحوظ في أعداد الضحايا المدنيين.

وتزايدت خلال الأيام الأربع الماضية الغارات الجوية التي ينفذها طيران الجيش، وعمليات القصف المستمرة من قبل قوات الدعم السريع.

ووفقا لتقديرات مرصد حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية أخرى فقد سقط منذ الأربعاء أكثر من 55 شخصا بسبب القصف الجوي على مناطق في دارفور بغرب البلاد والعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في الوسط، كما قتل وأصيب العشرات في عمليات قصف استهدفت عدد من الأسواق والأحياء السكنية في أم درمان شمال غرب الخرطوم وفي مدينة الفاشر بشمال دارفور.

وتقول الأمم المتحدة إن القصف الجوي والأرضي المتكرر من قبل طرفي الصراع أدى إلى خسائر كبيرة في أرواح المدنيين، وأثر سلباً على الأمن الغذائي وسبل العيش في بلد يواجه أزمة إنسانية وغذائية حادة، وطالبت بإجراء تحقيقات شاملة ومستقلة، ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن انتهاكات القانون الدولي.

وحذرت رحاب مبارك عضو مجموعة محامو الطوارئ من خطورة تلك الانتهاكات التي تضع طرفي القتال أمام طائلة القانون والمسائلة.

الإفلات من العقاب
في حين تعهدت قوات الجيش والدعم السريع مرارا بالتحقيق في الانتهاكات المرتكبة، إلا أن استمرار تلك الانتهاكات عزز الشعور بعدم جدية الطرفين في وقفها.

وعقب جريمة قطع الرؤوس التي ارتكبت في مدينة الأبيض عاصمة كردفان في غرب البلاد، العام الماضي، وعد الجيش في بيان صادر عن ناطقه الرسمي بإجراء تحقيقا في الواقعة، لكن رغم مرور نحو عام كامل لم يصدر الجيش حتى الآن أي بيان يؤكد إجراء التحقيق.

وفي الجانب الآخر، تعهدت قوات الدعم السريع بحماية المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، لكن العشرات قتلوا في مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

ويرى حقوقيون أن استمرار الانتهاكات والأعمال الوحشية هو انعكاس طبيعي لغياب المسائلة.

وفي هذا السياق، يقول المحامي والخبير القانوني معز حضرة لموقع سكاي نيوز عربية إن الإفلات من العقاب أدى إلى تكرار الانتهاكات التي تجرمها اتفاقيات جنيف الأربع ومواثيق القانوني الدولي الإنساني واتفاقيات الصليب الأحمر.

ويضيف "الأفعال التي نشاهدها خلال الحرب الحالية تؤكد تجاهل أطراف الحرب للمواثيق والقوانين الدولية والمحلية".

ملاحقات وتصفيات
تزايدت خلال الفترة الأخيرة عمليات ملاحقة المدنيين على أساس عرقي وسياسي، واعتقل طلاب ونساء حكم على بعضهم بالإعدام تحت قانون الوجوه الغريبة، ويوم الجمعة قتل قيادي في
حزب الأمة بأحد معتقلات الجيش بمنطقة النيل الأزرق جنوب شرق البلاد.

ويوم السبت، أثار مقطع فيديو يظهر جنودا يهددون شابان بالحرق بعد أن غطوهم بإطارات سيارات قديمة، مخاوف كبيرة من تزايد الاستهداف الممنهج بتهمة الانتماء.

وفي الأشهر الماضية نشر ناشطون مقاطع فيديو بشعة تضمنت عمليات ذبح وقطع رؤوس وبقر بطون قام بها جنود الجيش، وأخرى تظهر عمليات قتل طالت مدنيين على يد قوات الدعم السريع.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي ايهاب مادبو أن مثل هذه الوقائع تؤكد الانحدار الكبير الذي وصلت اليه الحرب السودانية، وهي مرحلة لم تصل اليها أيا من الحروب التي حدثت في دول المنطقة خلال العقود الماضية، بحسب وصفه.

ويوضح في حديث لموقع سكاي نيوز عربية "الانتهاكات المتكررة التي وقعت منذ اندلاع الحرب وحتى الآن هي انعكاس لخطاب الكراهية والتحريض الذي تم بشكل منظم من غرف داعمة للحرب وتابعة لتنظيم الإخوان بهدف قطع الطريق أمام أي حل سلمي (...) هذا السلوك ورط البلاد في حرب يصعب السيطرة عليها".

سكاي نيوز عربية - أبوظبي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

في شهرها  الـ 23 المخرج من خطر التقسيم

في شهرها  الـ 23 المخرج من خطر التقسيم

تاج السر عثمان بابو

1

أشرنا سابقا الى أن الحرب تدخل  شهرها الـ 23 مع استمرار خطر تقسيم البلاد، وجرائم الحرب من طرفيها كما حدث أخيراً من الدعم السريع في القطينة واستهدافه محطات الكهرباء كما حدث في “أم دباكر” النيل الأبيض، وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية، الزيادات الكبيرة في الأسعار والجبايات لتمويل الحرب التي وجدت رفضا واسعا، اضافة لاستمرار القمع الوحشي للحركات السلمية كما حدث الاعتصام عمال السكة الحديد في بورتسودان.

كما تستمر الحرب في ظروف مخاطر تقسيم البلاد، بتشكيل الحكومة الموازية التي أدت إلى الانقسام في تحالف “تقدم” نتج عنه تكوين جناح رافض الموازية باسم “صمود”، إذ من المتوقع أن يتم الإعلان رسمياً عن تشكيل الحكومة الجديدة في غضون أسبوع أو أكثر. يتضمن “الإطار الدستوري” للسلطة الجديدة ثلاثة مستويات من الحكم، وهي مجلس السيادة، ومجلس وزراء يمثل السلطة التنفيذية، وبرلمان.

من جانب اخر تسعى الحكومة السودانية المدعومة من الجيش إلى تعزيز علاقاتها مع كل من إيران وروسيا، مما يؤدي للمزيد من التصعيد وجعل السودان في مرمى الصراعات الدولية والإقليمية حول الموارد، والمزيد من التدخل الخارجي لتسليح طرفي الحرب، وإطالة أمدها. إضافة لتصاعد التدخل الإقليمي والدولي في الشأن السوداني كما  في الإعلان عن تشكيل القاعدة الروسية البحرية التي تقود للمزيد من التصعيد في المنطقة والسودان حول الموارد، اضافة للمؤتمر الأخير الذي دعت له الإمارات في أديس أبابا، ورفضه من حكومة الأمر الواقع وعدم الاعتراف بحكومة الأمر الواقع الانقلابية من الاتحاد  الأفريقي.

إضافة لتزايد تدخل المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب في البلاد، الذي يطيل أمد الحرب التي تهدد بتقسيم البلاد، والمزيد من الصراعات العرقية والاثنية ويزيد لهيب نيران الحرب الأهلية في السودان.

2

أشرنا في مقال سابق إلى خطورة التسوية الجارية لاعادة الشراكة مع العسكر والدعم السريع وبقية المليشيات التي تقود لاعادة إنتاج الأزمة والحرب مرة أخرى، سواء تم ذلك في حكَومتين موازيتين أو واحدة. إضافة لضرورة تجاوز حصاد سياسات الفترة الانتقالية التي قادت للحرب، وضرورة تجاوزها والخروج منها حتى لا نعيد إنتاج الأزمة والحرب. فمن خلال رصد النشاط لتلك القوى التي نفذت تلك السياسات في الفترة الانتقالية كما هو الحال في قيادة الجيش والدعم السريع، ونشاط “الفلول” لتأجيج نار الحرب، واجتماع تجمع القوى المدنية (تقدم)، و”صمود” بعد الانشقاق، واجتماع قوى الحرية والتغيير في القاهرة، وَجولات قادتها في دول جنوب السودان واثيوبيا وكينيا وغيرها، كل هذا النشاط المتزامن مع محادثات جدة التي انضم لها الاتحاد الأفريقي والإيجاد، والمدعوم من أمريكا وحلفائها الإقليميين والدوليين يهدف، كما تم الإعلان، لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية والوصول لتسوية سياسية من خلال حوار بمشاركة واسعة.

أي أنها تعيد الاتفاق الإطاري بشكل أو آخر.

لكن كعب اخيل في أن ما يجري يقود للسياسات نفسها كما اشرنا لها سابقا التي تعيد إنتاج الحرب والازمة، وتعصف بوحدة السودان التي اصبحت في مهب الريح.

بالتالي مع أهمية وقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية، من المهم الخروج من هذه الحلقة الجهنمية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي والسلام.

3

بالتالي  المخرج من تلك السياسات في الآتي:

– وقف الحرب واسترداد مسار الثورة والعض بالنواجذ على وحدة البلاد، وتوصيل المساعدات الإنسانية، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، بصرف مرتبات العاملين، وتركيز الأسعار مع زيادة الأجور التي تآكلت، ودعم السلع الأساسية َوالتعليم والصحة والدواء، وتخفيض مصروفات الأمن والدفاع.

– خروج الجيش والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، وتخفيض مصروفات القطاعين السيادي والحكومي، وزيادة ميزانية التعليم والصحة والدواء والتنمية، وضم كل شركات الذهب والبترول والمحاصيل النقدية والماشية والاتصالات وشركات الجيش والأمن والدعم السريع لولاية وزارة المالية

– عدم الافلات من العقاب بتقديم مجرمي الحرب للمحاكمة، القصاص لشهداء مجزرة فض الاعتصام وبقية الشهداء.

– الغاء القوانين المقيدة للحريات وإجازة قانون ديمقراطي للنقابات، وإصلاح النظام القانوني والعدلي وتكريس حكم القانون، وإعادة هيكلة الشرطة وجهاز الأمن، وتحقيق قومية ومهنية الخدمة المدنية والقوات النظامية ، وحل كل المليشيات وجمع السلاح وفق الترتيبات الأمنية لدمج المليشيات في المجتمع، وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية.

– تفكيك التمكين واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة.

– عودة المفصولين من العمل مدنيين وعسكريين، وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية- تكوين المجلس  التشريعي والمفوضيات.

– مراجعة كل الاتفاقات السابقة حول الأراضي التي تصل مدة إيجارها الى 99 عاما!!، ومراجعة اتفاقات التعدين للذهب التي تنال فيها نسبة الشركات إلى 70%.

– وثيقة دستورية جديدة تؤكد النظام الديمقراطي البرلماني والحكم المدني الديمقراطي، وتضمن الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية…

– تحقيق السلام والحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة وينجز التحول الديمقراطي، ودولة المواطنة التي تسع الجميع، وتفكيك التمكين، والتنمية المتوازنة، وتحديد نصيب المجتمعات المحلية من عائدات الذهب والبترول. الخ لتنمية مناطقها، والعدالة والمحاسبة علي جرائم الحرب والابادة الجماعية وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية.

– قيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية الذي يحدد شكل الحكم في البلاد، وهوّية البلاد وعلاقة الدين بالدولة. الخ، والتوافق على دستور ديمقراطي قانون انتخابات ديمقراطي، يتم على أساسه انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

– عودة النازحين لقراهم وتوفير الخدمات لهم “تعليم، صحة، مياه، كهرباء، خدمات بيطرية. الخ”، للحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة، ووقف التدخل الخارجي..

– تحقيق السيادة الوطنية والعلاقات الخارجية المتوازنة بإلغاء كل الاتفاقات العسكرية الخارجية التي تمس السيادة الوطنية، والخروج من محور حرب اليمن وسحب قواتنا منها، وقوات الأفريكوم، واستعادة كل الأراضي السودانية المحتلة، الغاء الاتفاقيات لقيام القواعد العسكرية البحرية لروسيا، والحلف العسكري مع مصر، إلغاء التطبيع مع اسرائيل، والابقاء على قانون مقاطعة اسرائيل 1958 الذي أجازه برلمان منتخب وقيام علاقاتنا الخارجية علي أساس الاحترام المتبادل.  وغير ذلك من أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.

الوسومالإيغاد الاتحاد الأفريقي السودان القاعدة الروسية تاج السر عثمان بابو حرب اليمن مصر

مقالات مشابهة

  • حكومة السودان تدخل تعديلات دستورية والدعم السريع يبحث تشكيل حكومة موازية
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
  • الخارجية السودانية تدين موقف كينيا تجاه الدعم السريع وتتوعد بحماية سيادتها
  • الحكومة الموازية والتصدى لخطر تقسيم السودان
  • هل تسعى الدعم السريع لتقسيم البلاد؟
  • حالة المجاعة فى البلاد ومستقبل الحرب
  • “التايمز”: السودان يقترب من الانقسام على الطريقة الليبية
  • في شهرها  الـ 23 المخرج من خطر التقسيم
  • الجيش السوداني يعلن تقدمه في محاور قتال بالفاشر على حساب قوات “الدعم السريع”
  • الجيش السوداني يرد على خطوة تشكيل حكومة موازية لقوات الدعم السريع في كينيا.. أسود بأنياب ومخالب