ترجح التقديرات الاستخبارية الأمريكية فشل الهجوم الأوكراني المضاد في تحقيق هدفه الأساسي، المتمثل في الوصول إلى مدينة ميليتوبول وبالتالي إلى جزيرة القرم، في ظل تعزيز روسيا دفاعاتها في جنوب وشرق أوكرانيا، عبر حقول الألغام والخنادق.

وفي حال فشل الهجوم المضاد، فإن كرة اللهب سترتد على أوكرانيا أولاً، ومن ثم الدول التي ساندتها بمليارات الدولارات لتحقيق غايتها.

وتؤكد صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها، أن تبعات فشل الهجوم ستكون كبيرة، فهي ستفتح باب التحقيقات على مصراعيه في كل الدول التي آزرت أوكرانيا وأمدتها بالسلاح، في مهمة بدت مستحيلة.

دفاعات روسية منيعة

تقف القوات الأوكرانية الآن على بعد 50 ميلاً من ميليتوبول، ومن المرجح أن تبقى عند هذه المسافة، أو أقرب قليلاً من حدود المدينة المحتلة من قبل روسيا، في تدليل على صعوبة التقدم، وتأكيد على متانة الدفاعات الروسية.


ولا شك أن نجاح الهجوم المضاد، متوقف على تحقيق اختراق كبير في ميليتوبول، فهي البوابة الرئيسية لشبه جزيرة القرم، بحكم وقوعها عند تقاطع طرق سريعة حيوية، وخط سكة حديد مهم، يسمح لروسيا بنقل العسكريين والمعدات الحربية من شبه الجزيرة، إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرتها في جنوب أوكرانيا.

وبدأ الهجوم الأوكراني المضاد في أوائل يونيو (حزيران) الماضي، وفي الأسبوع الأول من القتال، تكبدت الجيش الأوكراني خسائر فادحة، على يد الجيش الروسي، رغم امتلاكه ترسانة معززة بأحدث الأسلحة الغربية، بما فيها مدرعات برادلي الأمريكية، ودبابات ليوبارد الألمانية. 

CIA knows Ukraine’s counteroffensive will fail – Seymour Hersh

President Zelensky’s optimism was all 'bulls**t' designed to fool the White House, an intelligence official told Hershhttps://t.co/EH0FRir30f pic.twitter.com/Y2rg3fuHvO

— RT (@RT_com) August 18, 2023

وبعد رصد أولى نتائج الهجوم المضاد، توقع مسؤولون أمريكيون وغربيون أن تقبل كييف هذه الخسائر باعتبارها تكلفة واقعية لاختراق الخط الدفاعي الرئيسي لروسيا، لكن أوكرانيا اختارت وقف الخسائر في ساحة المعركة والتحول إلى تكتيك الاعتماد على وحدات أصغر للمضي قدماً عبر مناطق مختلفة على الجبهة، ما أدى ذلك إلى تحقيق مكاسب متزايدة في جيوب مختلفة خلال الصيف.
ومؤخراً خصصت أوكرانيا مزيداً من التعزيزات، بما في ذلك وحدات "سترايكر" و"تشالنجر"، لكنها لم تخترق بعد الخط الدفاعي الرئيسي لروسيا. 

عقبة ميليتوبول

المحلل العسكري في معهد أبحاث السياسة الخارجية روب لي، قال للصحيفة، إن الطريق إلى ميليتوبول يمثل تحدياً كبيراً، وحتى استعادة مدن أقرب من ميليتوبول، مثل توكماك ستكون صعبة.
وأكد، "لروسيا ثلاثة خطوط دفاعية رئيسية هناك ثم مدن محصنة بعد ذلك، إنه ليس مجرد سؤال حول ما إذا كان بإمكان أوكرانيا خرق واحد أو اثنين من هذه الخطوط، ولكن هل يمكنهم اختراق الثلاثة والاحتفاظ بعدد كاف من الجنود للوصول إلى ميليتوبول؟".

وبسبب التراجع المؤكد، تصاعدت الأصوات الجمهورية المعارضة لتزويد أوكرانيا بأسلحة أخرى، وتقديم دعم مادي أكبر، والآن يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن عقبة صعبة، في الحصول على 20 مليار دولار إضافية لصالح دعم أوكرانيا. 

#BREAKING ‼️ Several US Congressman want to STOP Biden’s new $24 billion aid package for Ukraine due to negative US Intelligence forecasts about the Ukrainian counteroffensive pic.twitter.com/5kCT0IbeLm

— What the media hides. (@narrative_hole) August 18, 2023 جدوى "إف-16"

بدورها، لا تزال أوكرانيا ملحة في مسألة الحصول على طائرات "إف -16"، على أمل تحقيق نجاحات أكبر في الهجوم المضاد، لكن المسعى قوبل برد أمريكي بارد.

ويرفض المسؤولون الأمريكيون الانتقادات التي مفادها أن الطائرات المقاتلة، أو أنظمة الصواريخ بعيدة المدى مثل "أتاكامز" كانت ستؤدي إلى نتيجة مختلفة، لأن المشكلة الأساسية متمثلة في اختراق الخط الدفاعي الرئيسي لروسيا، ولا يوجد دليل على أن هذه الأنظمة ستكون هي القادرة على تحقيق الهدف، بحسب تأكيدات مسؤولين أمريكين للصحيفة.


وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أقر بنفسه أمس الخميس، بالوتيرة البطيئة للهجوم المضاد الأوكراني، مؤكداً استمراره حتى تتم استعادة كل أراضي أوكرانيا. 

ألغام وخنادق

وأصعب عقبة في طريق الجيش الأوكراني إلى ميليتوبول، حقول الألغام، فهي تبطئ تقدم القوات وتستنزف مواردها. ويقول المحللون، إن التحديات التي واجهتها أوكرانيا كثيرة، لكن الجميع متفقون تقريباً على أن الاستعدادات الروسية لصد الهجوم المضاد، تجاوزت التوقعات.

وقال لي، إن استخدام روسيا للخنادق والألغام والطيران، جعل من الصعب جداً على أوكرانيا التقدم نحو الجنوب والشرق.

وبحسب التقارير الاستخبارية الأمريكية، فإن نقص العتاد في أيدي الجيش الأوكراني، سيعيق حلمه بقطع الجسر البري في ماربوبول أو ميليتوبول إلى شبه جزيرة القرم بحلول نهاية أغسطس (آب) الجاري.  ورغم التقديرات، لا تزال واشنطن تنتظر مفاجئة غير متوقعة للهجوم المضاد، الذي بات مرجحاً أن يستمر في فصل الشتاء، لكن ذلك يعتمد بحسب الخبراء، على عوامل مهمة، مثل توفر المعدات المتخصصة، والملابس الخاصة بالطقس البارد، والإمدادات الغذائية، ومع ذلك، فإن الهدف الأساسي ربما يبقى حلماً، في ظل استعداد الجيش الروسي القوي، وقدرته على مواصلة القتال شتاء، بدون توقف، في ظل ضمان وصول الإمدادات اللازمة إليه بسهولة ويسر.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الهجوم المضاد

إقرأ أيضاً:

تحقيق: هكذا فشل الجيش الإسرائيلي في حماية نير عوز بـ7 أكتوبر

القدس المحتلة- صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعند الساعة 5:34، وردت رسالة صوتية على شبكة الاتصالات العسكرية وفرق الحراسة بمستوطنات "غلاف غزة"، بعث بها سماغد كيسوفيم نائب قائد الكتيبة 51 في لواء "غولاني"، يطمئن السكان اليهود في المنطقة، وأعلن أن القوات رفعت حالة التأهب والاستنفار وفقا للأوامر المتبعة وتقييم الوضع.

وعكست الرسالة الفشل الذريع في منع معركة "طوفان الأقصى"، حيث اتضح أن جميع قوات العسكرية وبضمنها "فرقة غزة" كانت غافلة تماما عن خطط حماس للهجوم، وفق صحيفة "هآرتس" التي استعرضت أبرز محاور الفشل والإخفاق في انهيار القيادة العسكرية وسقوط كيبوتس "نير عوز" بأيدي المقاومين الفلسطينيين أكثر من 6 ساعات.

وتشير كلمات كيسوفيم عبر شبكة الاتصالات، حسب يانيف كوبوفيتش مراسل الشؤون العسكرية بـ"هآرتس"، إلى أنه والقوات الأخرى في القطاع لم يكونوا يعلمون أنه في غضون 55 دقيقة سيتسلل آلاف المقاومين الفلسطينيين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.

مشاهد وثقها صحفيون دخلوا مستوطنات غلاف غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول (الجزيرة) سقوط "نير عوز"

وعند الساعة 06:49 دخل أوائل المقاومين إلى الكيبوتس من البوابة الشمالية، ومن ثم من بوابة "كيرم" والبوابة الجنوبية، وبداية دخل 100-130 مقاتلا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي الذروة 300-500 مقاتل من منظمات مختلفة، وبعد دقائق، بدأ أول اشتباك وتبادل لإطلاق النار، في "نير عوز"، المعزول عن القوات الإسرائيلية.

واستمر تبادل إطلاق النار بين عناصر فرقة الحراسة وقوات النخبة (من المقاومين) أكثر من ساعتين، وبعدها سقط الكيبوتس بأيدي المقاومين، وعند الساعة 09:22، وصلت، لأول مرة، مروحية قتالية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي وهاجمت جنوب المحور المؤدي من قطاع غزة إلى الكيبوتس، حيث تم تجمع عشرات المقاومين.

ووفق "هآرتس" لم يعلم الجيش الإسرائيلي بسقوط "نير عوز"، حيث طُلب من المروحية عبر الاتصال اللاسلكي إطلاق النار على الأراضي الإسرائيلية، لكنها وبفعل تحليقها المنخفض أصابها المقاومون بنيرانهم عند مشارف الكيبوتس، وهبطت اضطراريا.

إعلان

ومع استمرار المعارك عند تخوم "نير عوز"، كانت هناك 4 طلعات جوية أخرى لطائرات الهليكوبتر الحربية الإسرائيلية، التي أطلقت النار على المنطقة وأصابت عددا من المقاومين، وقتل أيضا عدد من سكان الكيبوتس المحتجزين.

وتتابع الصحيفة الإسرائيلية أن الأمر لم يقتصر على مهاجمة محور ومنطقة الكيبوتس، فعند 09:45، وردت تقارير عبر شبكة الاتصالات، ومجموعة قادة المجلس الإقليمي "إشكول"، حول إحراق منازل في "نير عوز"، وبعد دقائق، وصلت دبابة إلى بوابة الكيبوتس وأبلغت عن وجود مقاومين عند المدخل، قبل أن يتمكنوا من تفجيرها.

ووصلت قوات الاحتلال إلى المكان عند الساعة 13:10، بعد حوالي 40 دقيقة من آخر تحديد لهوية مقاتلي حماس وحركة الجهاد الإسلامي، لكنها لم تعثر على أي منهم، وفي المساء، انضمت قوات أخرى لعمليات التفتيش والإنقاذ.

هرتسي هاليفي رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي أقر بإخفاق الجيش في السابع من أكتوبر/تشرين الأول (الجيش الإسرائيلي) "فشل ضمن فشل"

وتقول "هآرتس" إن المقاومين الفلسطينيين اشتبكوا أكثر من 6 ساعات مع عناصر فرقة الحراسة وقتلوهم وأسروا نحو ربع السكان، ولم يدخل خلال تلك الساعات أي جندي إلى الكيبوتس، ولم يكن الجيش الإسرائيلي يعلم بما يحدث هناك.

كما لم تقع أي معركة في "نير عوز"، الذي تلقى الضربة الأكثر إيلاما وصدمة، و"كان هذا فشلا، ضمن فشل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)"، حسب اعتراف هرتسي هاليفي رئيس الأركان المنتهية ولايته، خلال عرض نتائج التحقيق العسكري في الهجوم المفاجئ، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وأظهرت نتائج التحقيقات في الهجوم المفاجئ على "نير عوز"، أن جيش الاحتلال فشل بالوصول إلى الكيبوتس، الذي كان يوجد فيه يوم الهجوم 386 شخصا، وقتل خلال الاشتباكات41 من المستوطنين العسكريين والمدنيين، وأُسر 76 آخرين، لا يزال 14 منهم محتجزين لدى حماس.

إعلان

انهيار

ووفق تحقيقات استعرضها يوآف زيتون مراسل الشؤون العسكرية لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن القيادة الأمنية الإسرائيلية انهارت بالكامل وفقدت السيطرة، وإن القوات العسكرية في "نير عوز" لم تأت لحماية المستوطنين الذين طلبوا مساعدتها بكل الوسائل المتاحة، لكنهم تركوا وحدهم لمواجهة هجوم قوات النخبة.

ونقل زيتون عن فريق التحقيق، قوله إن "فشل الجيش الإسرائيلي في عدم الوصول إلى نير عوز ليس تكتيكيا أو أخلاقيا، بل هو منهجي، حيث لم تفهم القيادات العسكرية أن الوضع كان صعبا، ولم تعط الأولوية لإرسال القوات إلى هناك على حساب أماكن أخرى".

وذكر الفريق أن "انهيار أنظمة القيادة والسيطرة، وخاصة في لواء وفرقة غزة، عامل رئيسي في فشل بناء صورة وتقييم حقيقي للوضع، وكان متوقعا أن تسعى هيئة الأركان العامة لاستخلاص صورة وضع حقيقية، وعدم الاعتماد فقط على التقارير الاستخباراتية التي اتضح أنها كانت غير صحيحة ومضللة".

الانهيار الأمني السريع بمستوطنات غلاف غزة كافة وقواعدها العسكرية لم يكن متوقعا (مواقع التواصل)

وحاول فريق التحقيق الإجابة عن 4 أسئلة رئيسية في التحقيق بالفشل والإخفاق الممنهج خلال الهجوم؛ ما هو تسلسل الأحداث؟ ولماذا وصل هذا العدد الكبير من المقاومين إلى نير عوز؟ ولماذا فشلت الكتيبة في القطاع بإيقاف المسلحين؟ ولماذا لم تصل قوات الاحتياط بالوقت المناسب لتغيير الوضع، وأضاف الفريق "لو وُجِّه تحذير، حتى لو كان قصيرا، كان من الممكن تقليل الأضرار".

ويظهر التحقيق -حسب يديعوت- أن الكتيبة 51 لم تكن مستعدة بشكل صحيح لسيناريو بحجم السابع من أكتوبر/تشرين الأول ولم تتلق أي تحذير، وانهارت سلسلة قيادتها بأقل من ساعة، ولم يتمكن مقاتلوها للتجمع لإجراء تقييم منظم للوضع، وكان عليها أن تتعاون مع فرق الحراسة بمستوطنات الغلاف لفهم حقيقة الوضع.

إعلان

وأشار معدو التحقيق إلى أن إخفاق مراكز القيادة العسكرية في فهم الوضع الصعب، وحقيقة أنهم كانوا في حالة هجوم، وانهيار القيادة من مستوى اللواء والكتيبة إلى مستوى الفرقة، وخلصوا إلى أن "التحضيرات التي جرت السبت -قبل الهجوم- روتينية، وليست استعدادات للحرب، ولم تكن هناك وحدات مأهولة لحالات الطوارئ".

مقالات مشابهة

  • إثر انتكاسات ميدانية.. زيلينسكي يغير رئيس أركان الجيش الأوكراني
  • تحقيق: هجوم 7 أكتوبر كان مدمرا ولا يمكن ضمان عدم تكراره
  • هاليفي يشيد بقدرات حماس والخداع الاستراتيجي في هجوم أكتوبر
  • تحقيق: هكذا فشل الجيش الإسرائيلي في حماية نير عوز بـ7 أكتوبر
  • تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في “نير عوز”: فشل ذريع بكل المقاييس
  • تحقيق الاحتلال عن هجوم 7 أكتوبر في نير عوز: فشل ذريع بكل المقاييس
  • بتهمة التقصير..فرنسا:تحقثق مع "توتال إنرجي" بعد هجوم إرهابي في موزمبيق
  • بوتين يدعو الجيش الأوكراني للاستسلام في منطقة كورسك الروسية
  • زيلينسكي يعلّق على وضع الجيش الأوكراني في كورسك
  • تحقيق إسرائيلي يكشف فقدان السيطرة والقيادة في هجوم 7 أكتوبر