من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أغصان مشتعلة
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
#أغصان_مشتعلة
من أرشيف الكاتب #احمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ … 20 / 1 / 2018
ظلت حوادث اشتعال الغابات في أستراليا لغزا محيّرا لكثير من الباحثين، فهي أخطر الكوارث وأصعبها على القارة الصغيرة. مثلا في عام 2009 احترق أكثر من أربع مائة ألف هكتار من الغابات، وقتلت الحرائق 174 شخصا ودمّرت 5% من الغطاء النباتي للقارة، صحيح أن ثمة حرائق موسمية تشتعل في أوقات محددة من السنة إلا إن لغز انتقالها إلى أماكن جديدة وبعيدة كان يفاقم المشكلة ويضع إشارة استفهام كبيرة؛ ما الذي يشعل الحرائق؟
مقالات ذات صلة دعوة لإغلاق الهواتف يوميا من الثامنة حتى العاشرة مساء احتجاجا على رفع الاشتراكات 2024/12/18أخيرا اكتشف الباحثون صانع الكوارث ومضرم النيران الخفي الذي أرعبهم وأرهقهم طوال هذه السنين، إنها الصقور المجنونة؛ فعندما تخفت النيران وتوشك على الاستسلام والانطفاء تحمل الصقور الغصون المشتعلة في مناقيرها وبين أظافرها إلى غابات خضراء ومسالمة لتشتعل النيران هناك فتهرب القوارض والزواحف من النيران وتصبح فريسة سهلة لها، لا تهتم الصقور إن دمّرت غابات بأكملها من أجل جرذ، ولا يؤنبها ضميرها الجارح على الأشجار التي تفرح بنموّ سيقانها مئات السنين لتهوي في لحظة اشتعال من أجل أرنب بري.
ما أصعب أن يحرق الشجرة الحكيمة العالية غصن صغير مشتعل.. يحمله طائر أحمق ويطير به متى شاء وأينما يشاء.. ما أصعب أن تهوي شجرة اعتادت عناق الريح وكتابة رسائل الغيم لتنام على فراش الرماد بعد أن تتسلقها ألسنة اللهب بعد أن كانت تنسج على جذعها الغضّ إكليلا من البراعم والورق.
ولتحترق الغابات الجميلة كلها، المهم أن تخرج القوارض فأصطادها، هذا ليس لسان صقور أستراليا وحسب، بل غربان روسيا التي تحلّق فوق إدلب وريفها، تحرق التاريخ العالي، ترمي حمم النار على البيوت الوارفة، تحرق السهول الخضراء لتخرج طرائد الطائرات والنظام من مخابئها.. الطائرات ضمائرها من حديد مصفّح لا تؤلمها صرخات الاستغاثة ولا أنين المحترقين في المستشفيات، زجاجها عازل للصوت؛ فهي لا تسمع نداءات “يا الله.. يا الله” عندما تلقي البراميل على الآمنين، أو ترمي صاروخا مشتعلا نزل متى شاء الطيار الغريب وأينما يشاء، صاروخ مشتعل مدفوع من دم الشعب ليسفك دم الشعب.
ما أصعب أن يحرق العائلة الآمنة المسالمة صاروخ مجنون، يرميه طيار أحمق قالت له الإحداثيات هنا يكون الموت أكثر وفرة، هنا تنضج أجساد الأطفال أسرع من غيرها، هنا تهوي الأمهات على أبنائهن الرضّع وتحترق الغابة ولا يخرج منها سوى رماد القلوب.
ما أصعب أن تهوي طفلة اعتادت جدائلها على عناق الريح وأرجوحة الغيم أن تنام على فراش الرماد بعد أن تسلّقت ألسنة اللهب رجليها والتهمت شفاهها ووجهها الحنطي المرتجف.
الصقور الأسترالية ليست وحدها التي تمارس الجنون وشغف الاحتراق، غربان روسيا هي الأخرى تستهويها مشاهد النيران العربية، هي ترى ألسنة اللهب الحمراء ألسنة عطشى، فتصب فوق النار نارا فتستطيل ألسنة الاحتراق أكثر.. وكلما خمدت في منطقة أو انطفأت في غابة رؤوس بشرية، حملت أسبابا مفتعلة ورمتها لتحرق أرضا أخرى.. وسوريا الأم.. تتألم هنا وتتألم هناك، فأينما أطلق صاروخ انطفأ في الجسد.. الدول الكبرى تعامل الدول الضعيفة المستعمرة والمحتلّة كالجواري؛ تلبسها القيد في رجليها وتقنعها أنه خلخال، تغتصبها بحجة حمايتها وتحرقها على طريقة الغربان الأسترالية لتخرج صيدها البرّي منها.
في إدلب أضرمت النيران في الأشجار والأعمار وفي أحلام الأطفال وأسرّتهم.. ثم غاب نعيق السوخوي بعيدا بعيدا قرب عشّ الرئيس.
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#170يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرية لاحمد حسن الزعبي حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
تحقيقات أمنية واختبارات أصعب.. الجنسية الأمريكية أبعد من أي وقت مضى
أقرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سلسلة إجراءات صارمة ومعقدة، تجعل من الحصول على الجنسية الامريكية مسألة بالغة الصعوبة، أكثر من أي وقت مضى.
الخطوات الجديدة لم تقتصر على التعديلات الشكلية، بل طالت جوهر العملية، وجعلت من التجنيس تحديا حقيقيا يواجه المقيمين الدائمين.
أبرز هذه التعديلات تمثل في إلزام المتقدمين بالإفصاح الكامل عن حساباتهم في مواقع التواصل، وتقديم معلومات دقيقة عن أفراد أسرهم، حتى وإن لم يكن لهم ارتباط مباشر بطلب التجنيس.
هذه المتطلبات أثارت مخاوف حقيقية لدى منظمات حقوقية، اعتبرتها تهديدا لخصوصية العائلات ووسيلة للضغط على المتقدمين، مما يزيد من العبء النفسي والإجرائي على من يسعون لاجتياز هذه المرحلة الحاسمة في حياتهم.
إلى جانب ذلك، قررت وزارة الامن الداخلي إلغاء برنامج منح المواطنة والاندماج، الذي كان يوفر دعما حيويا للمنظمات المجتمعية التي تقدم خدمات قانونية وتعليمية للمقيمين الراغبين في التجنيس.
وتسبب هذا الإلغاء بتراجع كبير في قدرات هذه المنظمات، كما حدث في سياتل، حيث أفادت إحدى الجهات بأن الدعم المالي المفقود شكّل أكثر من ربع ميزانيتها السنوية.
وبرزت نية لرفع رسوم الطلبات وتعديل اختبار التجنيس بطريقة تقلل من نسب النجاح، إضافة إلى تمديد فترات المعالجة، ما يضع المتقدمين في حالة انتظار طويلة ومجهولة النهاية.
وانعكست السياسات الجديدة على حياة ملايين المقيمين الدائمين، الذين أصبحوا يشعرون بأن الطريق نحو نيل الجنسية بات محفوفا بالعراقيل، فبدلا من أن تكون خطوة طبيعية نحو الاندماج الكامل، أصبحت معركة مرهقة بين الشروط المتزايدة والشكوك المستمرة.
مديرة إحدى الحملات المعنية بحقوق المهاجرين، لوسيا مارتيل دو، وصفت هذه الإجراءات بأنها لا تخدم السلامة العامة، بل تعكس توجها رقابيا يهدد ثقة المهاجرين في النظام، ويفكك البنية التي ساعدتهم في الماضي على تحقيق أحلامهم.
وأكد خبراء في شؤون الهجرة، أن التجنيس لا يمثل مجرد اعتراف قانوني، بل يمنح الأفراد شعورا بالأمان والانتماء، ويتيح لهم فرصا اقتصادية واجتماعية أوسع. ومع ذلك، فإن السياسات الحالية تضع هذا الحق في مهب الريح، وتحول دونه ودون من يستحقونه.