فنون ورسائل.. مثقفون سوريون يستشرفون مستقبل "ما بعد الأسد"
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
خلال العقود الخمسة من حكم عائلة الأسد، فر فنانون وغيرهم من ذوي التوجهات الثقافية من البلاد، سواء لتجنب القمع أو لمجرد عدم القدرة على التحدث بحرية في بلدهم، وانتهى الأمر بالعديد منهم في بلدان مختلفة حول العالم.
وتمثل بعض صالات العرض الفنية، مثل "معرض أيام" الذي يتخذ من دبي مقراً له (ويمتلك أيضاً فروعاً في لندن وجدة وبيروت)، والذي تأسس في سوريا عام 2006، عدداً من الفنانين السوريين، وكثيراً ما اضطر هؤلاء الفنانون إلى اللجوء إلى رسائل مشفرة للتعبير عن أنفسهم بشأن الوضع في وطنهم، وخاصة إذا كان لديهم أقارب هناك قد يكونون عرضة للانتقام.
ويستعرض موقع "آرت نيوز"، بعضاً من قصص ورؤى وتصورات فنانين سوريين لمستقبل ما بعد الأسد.
رشوان عبد الباقي
وصل الفنان السوري رشوان عبد الباقي إلى الولايات المتحدة بتأشيرة مقدمة من صندوق حماية الفنانين التابع لمعهد التعليم الدولي، قبل تولي ترامب منصبه لفترة ولايته الأولى، وتخرج عام 2007 من كلية الفنون الجميلة في دمشق، وعرض أعماله في متحف كوينز في نيويورك وجامعة جورج ماسون في فيرفاكس بولاية فرجينيا، من بين أماكن أخرى.
و يشكل الخوف موضوعاً رئيسياً في أعماله، فهو غالباً ما يرسم شخصيات بعين واحدة مفتوحة كاستعارة لعدم القدرة على النوم بسلام.
وهو أيضاً فنان مناظر طبيعية ظهرت أعماله في برامج تلفزيونية مثل American Horror Story وSeverance. وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لقد كان لنظام الأسد تأثير عميق على جميع الفنانين في سوريا، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لقد خلق بيئة من الرقابة والخوف والقمع، مما حد من الحرية الإبداعية والتعبير، لقد فرض النظام سيطرة صارمة على الإنتاج الفني، وروج للفن المعتمد من الدولة والذي يتماشى مع أجندته الإيديولوجية والسياسية، بينما خنق أي شيء يتحدى أو ينتقد الحكومة، شخصياً، في ظل هذه الظروف، قررت مغادرة البلاد منذ 12 عاماً ولم أرَ عائلتي منذ 8 سنوات ولكنني سأذهب لزيارتها قريباً، في الوقت الحالي، أنا هنا وسأفعل أي شيء مطلوب لمساعدة شعبي هناك، ولجعل صوتهم مسموعاً، الخوف لم يعد موجوداً، وسيأتي هذا بثماره".
ديانا الحديد
غادرت هذه الفنانة عائلتها لسبب بسيط وهو رؤية فرص أكبر، وهاجرت إلى ضواحي كليفلاند بولاية أوهايو، وعلى الرغم من جمال سوريا وشعبها وثقافتها وطعامها، قالت إنها تدرك الآن مدى بصيرة والدها في الهروب من الحياة القاسية هناك.
ومنذ حصولها على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة ولاية كنت عام 2003 ودرجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة فيرجينيا كومنولث عام 2005، شاركت في معارض رئيسية مثل معرض فرونت ترينيالي 2022، وبينالي الشارقة 2009، وبينالي شيكاغو للهندسة المعمارية 2023-24، وتظهر أعمالها، التي تشمل النحت والنقوش الجدارية والأعمال على الورق، في متاحف دولية بما في ذلك متحف ويتني للفن الأمريكي في نيويورك، ومتحف توليدو للفنون، والمتحف العربي للفن الحديث في الدوحة، قطر.
وزارت الحديد مدينتها حلب عدة مرات، لكنها لم تعد إليها منذ اندلاع الحرب الأهلية، وكثيراً ما ظهرت الياسمين، الزهرة الوطنية لسوريا، في أعمالها، وهي تتمتع بعلاقة معقدة مع الحنين إلى الماضي، استناداً إلى علاقتها الخاصة بوطنها، وتتذكر أنها سافرت إلى سوريا عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها، حين سمعت عبارة "الجدران لها آذان"، وكان هناك خوف من أن تختفي، كما تقول.
وترى الحديد أن لا شيء أسوأ مما عاشته سوريا في ظل النظام البائد، وترى أن الخلاص والبناء ينتظر السوريين.
شيرين أتاسي
تأسست مؤسسة أتاسي في دبي عام 2016 للنهوض بالمشهد الفني السوري، وهي مؤسسة عائلية.
اتخذت في البداية شكل معرض فني في حمص عام 1986 من قبل الأختين منى ومايلا أتاسي، اللتين أنشأتا لاحقاً معارض منفصلة في دمشق ودبي، وتشاركتا بعض البرامج، و تضم المؤسسة الآن مجموعة من أعمال القرنين العشرين والحادي والعشرين لأكثر من 90 فناناً سورياً.
وتستضيف معارض وإقامات فنية، وتتعاون مع منظمات غير ربحية أخرى، وتقرض المعارض، وتنشر مجلة إلكترونية، و تتولى شيرين أتاسي إدارة كل هذا، وتقول عما يجري: "إنها حالة من النشوة في الوقت الحالي، هناك الكثير من السعادة، هذا الشيء الضخم قد رحل عنك، لكن لا يمكنك ألا تفكر في 160 ألف شخص تم اعتقالهم أو قتلهم ولكنك لا تستطيع حتى العثور على جثثهم، ما مدى الشر الذي يمكن أن تصل إليه؟ هناك الكثير لمعالجته".
وقالت أتاسي إنه فيما يتعلق بأي نوع من أنواع النظام البيئي الفني في سوريا، فهو "كسير، لا توجد متاحف للفن الحديث، ولا توجد منشورات جيدة، وحتى هواة الجمع قليلون ومتباعدون، لأن الناس بالكاد يستطيعون تلبية احتياجاتهم. تأسست أكاديمية الفنون الجميلة في عام 1961 وما زالوا يعملون على نفس المنهج. إنه أمر جنوني".
وفي خضم هذه اللحظة غير المؤكدة، أفادت بأن مجموعة واسعة من الناس لا يضيعون الوقت في وضع الخطط. "الكثير من الأصدقاء في المجتمع المدني والصحافة، الجميع يعودون، الجميع يشعر بأن هناك أملاً، هناك الكثير من التحديات، لكن الجميع يشعر بالمسؤولية عن إعادة البناء، و سيكون هذا عبئاً ثقيلاً، لا يمكن عكس السنوات الأربع والخمسين الماضية في يوم أو يومين، أو عام أو عامين أعتقد حقاً أن لدينا الكثير من القدرات، سواء في سوريا أو بين الأشخاص الذين غادروا، نحتاج فقط إلى فهم أن كل واحد منا لديه دور يلعبه، وعلينا إنجاز العمل".
أما بالنسبة لها، فهي لم تفتتح مؤسسة أتاسي في دمشق بعد، لكن جلسات العصف الذهني جارية فيما يتعلق بإمكانية وجود ممثل للمؤسسة هناك وربما تنظيم ورش عمل وما شابه ذلك.
خالد بركة
فر الفنان خالد بركة المقيم في برلين من البلاد في عام 2011، بعد اندلاع الحرب الأهلية، وكان قد غادر البلاد للحصول على درجة الماجستير في الدنمارك، لكنه عاد إلى سوريا عندما اندلع الصراع، وبعد مشاركته في الاحتجاجات، لم يكن أمامه خيار سوى الفرار، وحصل لاحقاً على درجة الماجستير الثانية في Städelschule في فرانكفورت، وعرض أعماله في Künstlerhaus Stuttgart، وشنغهاي بينالي، وFrankfurter Kunstverein، وArtspace New Zealand، وBusan Biennale، وMKG Hamburg، من بين العديد من الأماكن الأخرى.
ويقول بركة: "سأحتاج إلى 13 عاماً أخرى لأعرف كيف أشعر، شعرت وكأنني استيقظت من كابوس، وكابوس طويل جداً، لكنه حدث مثل الحلم، لثانية واحدة فقط، لقد فوجئنا جميعاً بحدوث ذلك، ومدى سرعته، وأنه لم يكن هناك قتال، ولا دماء، أعتقد أنني ما زلت في حالة انتشاء من الفكرة، إنها وتجعلني أعيش في واقع آخر".
ويضيف: "حتى لو ساءت الأمور، إذا كنت تعيش في نفس الحفرة لمدة 55 عامًا، فأنت ترحب بأي تغيير، لأنه من المأمول أن يؤدي إلى المزيد من التغيير، كانت لدينا جذور جافة متعفنة، وبعد اقتلاعها، تشعر وكأنه في يوم واحد أزهرت بالفعل، وأنا فخور بكوني سورياً ولم أعد لاجئاً بعد الآن، إن مسألة اللاجئين لها وصمة عار، الآن عدت إلى كوني فناناً سورياً، أو مجرد فنان."
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الفنون الجمیلة الکثیر من فی سوریا
إقرأ أيضاً:
مثقفون واكاديميون يطلقون (مبادرة عراقيون)
مارس 22, 2025آخر تحديث: مارس 22, 2025
المستقلة/- اطلق مجموعة من الفاعلين في الاوساط الثقافية و الأكاديمية و المجتمعية مبادرة جديدة تحت اسم (مبادرة عراقيون) بهدف اطلاق حراك وطني للدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة في العراق وإعادة بناء الدولة على أسس المواطنة العراقية .
وأشار بيان اطلاق المبادرة الى أن الديمقراطية في العراق وعملية بناء الدولة تواجه “تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية تتطلب دورًا فاعلا للنخب الثقافية والفكرية والمجتمعية”.
وأوضح أن المبادرة تسعى الى “بناء جسور التواصل والتفاعل بين النخب الثقافية والسياسية والاقتصادية، إضافة إلى المراكز البحثية ومنظمات مجتمع مدني مستقلة دون انتماء سياسي أو عقائدي أو فكري محدد لتفعيل دورهم في الدفاع عن السلم الأهلي، والتعددية، وحقوق الإنسان وبناء دولة المواطنة”.
وعرف المبادرة بأنها “وطنية عراقية طوعية تعمل على تمكين الرأي العام المتنور و الرقابة الشعبية لتكون فاعلة في صناعة رؤية وطنية وصوت عراقي حر ومستقل ليكون فاعلاً في المشهد المحلي والدولي من خلال رصد الانتهاكات والتصدي للتطرف، وتعزيز حرية التعبير والصحافة والتأثير في الرأي العام لتبني الخيارات الوطنية العراقية”.
وذكر أن المبادئ العامة للمبادرة تتضمن تعزيز سلطة دولة المواطنة والدفاع عن استقلال مؤسساتها باعتبارها إطارا جامعا للاختلافات، و2 رفض التطرف والإقصاء الفكري والسياسي، تعزيز التعددية والتعايش السلمي كركائز أساسية للمجتمع العراقي، إضافة الى حماية حرية التعبير، والنشر، والصحافة دون قيود تعسفية .
وحدد المؤسسون اهداف مبادرتهم بمراقبة و مساءلة مسار بناء الدولة وعمل السلطات الثلاث وكل ما يتصل بذلك من خلل في الاقتصاد والتشريع والسياسة الخارجية. و تفعيل دور النخب الثقافية والفكرية والمدنية والاكاديمية ليكون له تأثير في الشأن العراقي والإقليمي والدولي. إضافة الى حماية الديمقراطية والحريات العامة عبر الضغط على السلطات لمنع أي انتهاكات.
كما تضمنت الاهداف الدفاع عن أعادة بناء الدولة العراقية الجامعة وحمايتها من المحاصصة والتفكك أو الاستبداد.و رصد الخروقات الدستورية وتسليط الضوء عليها لضمان سيادة القانون والدفاع عن الحقوق الأساسية وضمان المساواة وتكافؤ الفرص. و التصدي للتطرف والإرهاب الفكري والسياسي الذي يهدد التعددية والديمقراطية. إضافة الى تقديم مفهوم شامل للهوية العراقية يعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للبلاد. و توثيق الأحداث والتحولات الديمقراطية لحفظ الذاكرة الجماعية والتنبيه لمخاطر التراجع الديمقراطي.
وأوضح المبادرون ان العراق يمر في لحظات مفصلية وحرجة بسبب تراكم المشاكل السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية، في ظل عواصف إقليمية ودولية تهدد وحدة الدولة والسلم الاهلي والتماسك الاجتماعي.
و دعو الى القيادات السياسية في العراق لعقد اجتماعات طارئة مستمرة المناقشة التحديات السياسية والاقتصادية والامنية وأطلاع الشعب العراقي على تفاصيل تلك الجلسات والنتائج الصادرة عنها
كما دعو مجلس النواب لأنهاء حالة الشلل التشريعي والرقابي بتوقف جلسات الاسباب غير دستورية، والاسراع في القيام بدوره الدستوري في إصدار التشريعات المهمة لإصلاح الأوضاع في العراق مثل قانون النفط والغاز وقانون مجلس الاتحاد وغيرها من القوانين التي نص عليها الدستور ، حيث أن استمرار حالة الجمود والفشل والتخادم في جهود المراقبة والمحاسبة البرلمانية ستؤدي الى مزيد من الفشل في الاداء الحكومي.
وطالبوا الحكومة بالتحرك العاجل لوضع حلول للأزمات المتفاقمة مثل ملف الازمة الاقتصادية في ظل تراجع اسعار النفط واستمرار منظومات الفساد التي تنخر واردات الدولة ومقدراتها .
كما حثت المبادرة المؤسسات القضائية المختصة و هيئة الاعلام و الاتصالات للقيام بواجباتها الدستورية بحيادية وموضوعية لمساءلة المؤسسات والافراد الذين يتبنون التحريض الطائفي والقومي وتهديد السلم الاهلي ونشر الكراهية ، سواء كانت تلك الجهات سياسية أو اعلامية أو اجتماعية .
ودعا المؤسسون النخب الثقافية والاعلامية و الاكاديمية كافة الى مناصرة مبادرة عراقيون لكي يكون للأصوات العراقية التأثير والضغط الذي يتناسب مع التحديات التي يمر بها العراق وشعبه .