هل يد السيسي نظيفة من دماء المصريين؟.. تاريخ حافل بالمجازر
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
أثارت تصريحات رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، بأن "يديه لم تتلطخ بالدماء ولم يأخذ مال أحد"، خلال حديثه حول سبل استقرار مصر في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة٬ جدلا كبيرا في مصر.
جاء حديث السيسي في لقاء جمع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة، بالإضافة إلى عدد من الصحفيين، بمقر القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرقي القاهرة.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
تناول اللقاء تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، بما فيها سقوط النظام السوري ورئيسه المخلوع بشار الأسد، إضافة إلى الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة وانعكاساتها المحتملة على الأمن القومي المصري.
وأفاد رئيس النظام المصري خلال اللقاء بأن "وعي الشعب المصري وتكاتفه وإيمانه بالجيش هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة"، مؤكداً أن ما يحمي مصر أيضاً هو عدم تلطخ يديه بدماء أحد أو أخذ مال أحد٬ وأضاف السيسي: "أن تحمل وصبر الشعب المصري" يساهم في حماية أمن القاهرة.
السيسي: افتكروا ما فعلته فيكم
تصريحات السيسي دفعتنا في "عربي21"٬ للبحث في صحة ادعائه بأن يده لم تتلطخ بدماء المصريين. حيث يذكر أن رئيس النظام المصري قال في 24 حزيران/يونيو 2015 ٬ خلال إفطار الأسرة المصرية بفندق الماسة في مدينة نصر بالقاهرة، مخاطبا رافضي الانقلاب العسكري٬ ومذكرهم بما قام به من مجازر في حقهم قائلا "افتكروا 3 يوليو و8 يوليو و26 يوليو و14 أغسطس ولغاية دلوقتي".
السيسي الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع سابقا٬ قام بانقلاب عسكري في 3 تموز/يوليو 2013 ٬ على الرئيس الراحل الذي مات في السجن محمد مرسي٬ والذي كان أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر.
كما قام السيسي ونظامه بالعديد من المجازر ضد أبناء الشعب المصري من أجل تثبيت أركان حكمه٬ وهو ما أدى إلى الالاف من الضحايا٬ وعشرات الالاف من المعتقلين السياسيين٬ وهو ما نستعرضه معكم في هذا التقرير.
تسلسل زمني "للدماء"
مجزرة بين السرايات
في 2 تموز/ يوليو 2013، وقعت مواجهات بين معتصمي ميدان النهضة ومجموعة من البلطجية الذين هاجموا الاعتصام بإيعاز من قوات الأمن في منطقة "بين السرايات" بجوار الميدان. أسفرت تلك المواجهات عن استشهاد 23 من المعتصمين في الميدان.
مجزرة المنطقة الشمالية العسكرية
في 5 تموز/ يوليو 2013، وقعت مذبحة المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية٬ بمنطقة سيدي جابر والتي استشهد فيها 21 من رافضي الانقلاب، وأُصيب فيها مئات الأشخاص.
مجزرة ماسبيرو الثانية
في مساء 5 تموز/ يوليو 2013، تعرضت مسيرة ضخمة لرافضي الانقلاب العسكري لهجوم من قبل البلطجية وقوات الشرطة بالقرب من مبنى ماسبيرو أعلى كوبري أكتوبر. وأسفر الاعتداء الذي استخدم فيه البلطجية الأسلحة النارية والخرطوش، عن استشهاد 3 أشخاص وإصابة العشرات.
مجزرة الحرس الجمهوري الأولى
في 5 تموز/ يوليو 2013، بعد يومين فقط من الانقلاب، توجه عدد من رافضي الانقلاب العسكري٬ إلى دار الحرس الجمهوري للتظاهر بعد ورود أنباء عن اعتقال الرئيس الراحل محمد مرسي هناك. وقامت القوات المكلفة بتأمين الدار بإطلاق النار على المتظاهرين، مما أسفر عن استشهاد 4 أشخاص.
كما وثّقت هيئة الإسعاف سقوط شهداء في محافظات أخرى مثل أسيوط والإسماعيلية والعريش.
مجزرة الحرس الجمهوري الثانية
في 8 تموز/ يوليو 2013، استشهد 60 شخصًا وأُصيب المئات من معارضي الانقلاب العسكري ومؤيدي الرئيس الراحل محمد مرسي في هجوم الجيش على المعتصمين أثناء صلاة الفجر أمام دار الحرس الجمهوري في القاهرة.
مجزرة رمسيس الأولى
في 15 تموز/ يوليو 2013، استشهد 10 على الأقل وأُصيب واعتُقل المئات في ميدان رمسيس وسط القاهرة، أثناء مظاهرة تطالب بعودة الرئيس محمد مرسي. وقامت قوات الأمن والبلطجية بالهجوم على المتظاهرين أثناء صلاة القيام بجوار مسجد الفتح في شهر رمضان.
مجزرة البحر الأعظم
في 15 تموز/ يوليو 2013، استشهد 5 أشخاص وأُصيب العشرات بعد الاعتداء على إحدى المسيرات الرافضة للانقلاب في شارع البحر الأعظم بمحافظة الجيزة.
مجزرة المنصورة
في 20 تموز/ يوليو 2013، استشهد 11 شخصًا بينهم أربع فتيات في هجوم نفذه بلطجية مدعومين من قوات الشرطة٬ على مظاهرة ضد الانقلاب في المنصورة، عاصمة محافظة الدقهلية. وكان هذا أول هجوم يستهدف النساء من رافضي الانقلاب العسكري.
مجزرة مسجد الاستقامة
في 22 تموز/ يوليو 2013، تهجم البلطجية المدعومين بقوات الأمن في محيط مسجد الاستقامة بميدان الجيزة على معتصمي ميدان النهضة. مما أسفر عن استشهاد 9 وإصابة نحو 21 آخرين من المعتصمين.
تفويض السيسي
وفي 24 تموز/ يوليو 2013، طالب الجنرال عبدالفتاح السيسي، الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع يوم 26 تموز/ يوليو 2013، لمنح الجيش والشرطة تفويضا شعبيا لمواجهة ما دعاه بـ"العنف والإرهاب".
تجمع مؤيدو السيسي، بميدان "التحرير" وسط القاهرة، في حماية الجيش والشرطة وطائرات القوات الجوية، وأعلنوا منحهم السيسي ذلك التفويض، الذي استخدمه منذ ذلك الحين في أعمال القتل وارتكاب المجازر التي وقعت بالبلاد حتى اليوم.
ومنذ ذلك الحين يواصل النظام العسكري الحاكم في مصر ارتكاب أبشع المجازر بحق المصريين.
مجزرة مسجد القائد إبراهيم
في 26 تموز/ يوليو 2013، قامت قوات الشرطة والبلطجية بالاعتداء على مسيرة لرافضي الانقلاب العسكري عند مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية. وأسفر الاعتداء عن استشهاد 12 شخصًا وإصابة أكثر من 200. حُوصر عدد من المتظاهرين داخل المسجد حتى اليوم التالي، وألقي القبض على أكثر من 80 شخصًا كانوا داخل المسجد.
مجزرة المنصة
في 27 تموز/ يوليو 2013، استشهد نحو 90 شخصًا وأُصيب المئات من رافضي الانقلاب العسكري في هجوم لقوات الشرطة على المتظاهرين أمام منطقة المنصة المتاخمة لمحيط ميدان رابعة العدوية في القاهرة.
مجزرتي رابعة والنهضة
في 14 آب/ أغسطس 2013، استشهد أكثر من ألف شخص من رفضي الانقلاب العسكري في أقل من 24 ساعة، وذلك في مجزرتي فض اعتصامي ميدان رابعة العدوية بشرق القاهرة وميدان النهضة في محافظة الجيزة على يد قوات مشتركة من الجيش والشرطة.
مجزرة ميدان مصطفى محمود
في 14 آب/ أغسطس 2013، وقعت مذبحة في ميدان مصطفى محمود، بالتزامن مع فض اعتصام ميدان النهضة. دارت أحداث المذبحة في الميدان الشهير الواقع مباشرة أمام مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين بوسط محافظة الجيزة، وأسفرت عن استشهاد العشرات، الذين وصل عددهم في بعض التقديرات إلى 66 شخصًا، بعد محاولتهم الاعتصام عقب فض ميدان النهضة.
مجزرة رمسيس الثانية
في 16 آب/ أغسطس 2013، احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين من مختلف المناطق باتجاه وسط القاهرة، تنديدًا بالمذبحة. وقامت قوات الجيش والشرطة باعتراض طريقهم وأطلقت الرصاص عليهم بكثافة.
احتمى عدد من المتظاهرين بمسجد الفتح في ميدان رمسيس، حيث حاصرتهم القوات واقتحمت المسجد في اليوم التالي، وألقت القبض على من فيه. بعد المذبحة، ألقي القبض على أكثر من 500 متظاهر وأحيلوا للمحاكمة. ووفقًا لأمر الإحالة للمحاكمة، بلغ عدد الشهداء في ذلك اليوم 250 أشخاص و296 مصابًا.
مجزرة سموحة بالإسكندرية
في 16 آب/ أغسطس 2013، بدأت مذبحة سموحة بتشييع جنازة أربعة شهداء في الإسكندرية، وانتهت بارتقاء 30 شهيدًا. خرج آلاف من رافضي الانقلاب لتشييع جثمان اثنين من شهداء مذبحة رابعة. انطلق التجمع من ميدان مسجد القائد إبراهيم، ثم دفن الجثمانين، ومن ثم خرجت مسيرة مرت بمنطقة الإبراهيمية في شارع أبي قير وصولًا إلى مسجد علي بن أبي طالب في سموحة.
قامت قوات الأمن والبلطجية بإطلاق الرصاص الحي والخرطوش على المشيعين للجنازة، مما أدى إلى سقوط 30 شهيدًا، كل إصاباتهم في الرأس والصدر والرقبة. كما تم اعتقال 157 مصريًا.
مجزرة قسم العرب ببورسعيد
في 16 آب/ أغسطس 2013، استشهد 5 من شباب ورجال بورسعيد على أيدي قوات الأمن والبلطجية المتعاونين مع قوات الانقلاب في كمين محكم نصبوه لمعارضي الانقلاب. حيث كان المتظاهرون في مسيرة ضخمة بعشرات الآلاف بعد تشييعهم لجثامين 4 شهداء من شهداء بورسعيد في مجزرة فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وقال شهود عيان إن المظاهرات خرجت من مسجد التوحيد إلى أن وصلت لشارع الثلاثيني، حيث حوصرت وتفرقت إلى ثلاثة أقسام. المقدمة تخطت قسم العرب وتصدى لهم بلطجية وعناصر ملثمة بالأسلحة النارية، والوسط حوصر في محيط شارع الثلاثيني من قبل قوة تأمين القسم وانهال الرصاص عليهم كالمطر، أما المؤخرة فطاردتهم مدرعات تابعة للجيش.
مجزرة ميدان الأربعين بالسويس
في 16 آب/ أغسطس 2013، قتلت قوات الجيش والشرطة في السويس 14 شهيدًا أثناء فض اعتصام ميدان الأربعين. أعلن المتظاهرون الاعتصام في الميدان احتجاجًا على مجازر العسكر، إلا أن قوات الجيش والشرطة قامت بفضهم باستخدام القوة المفرطة، مما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 44 شخصًا.
مجزرة المطافئ بالعريش
في 16 آب/ أغسطس 2013، قتلت قوات الانقلاب في مدينة العريش، 14 شهيدا وأصابت عدد كبير بينهم أطفال، بعدما نصبت الشرطة كمينا للمسيرة الحاشدة التي انطلقت من أمام مسجد النصر وسط المدينة، وتحركت في شارع 23 يوليو، وعند عودة المسيرة من شارع القواتلي، قامت أجهزة الانقلاب الأمنية المتمركزة أمام مقر الدفاع المدني بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين من الخلف، فسقط شهداء وجرحى، واعتقل العشرات.
مجزرة دمياط
في 16 آب/ أغسطس 2013، بمحافظة دمياط، نفذت قوات الانقلاب مجزرة الشهايبة، واستشهد فيها 7 من رافضي الانقلاب، إضافة إلى 37 مصابا و16 معتقلا.
مجزرة سيارة الترحيلات
في 18 آب/ أغسطس 2013، لقي 37 معتقلاً مصرعهم اختناقًا وحرقًا داخل سيارة الترحيلات التي كانت تنقلهم من قسم الشرطة بمدينة نصر بالقاهرة إلى سجن أبو زعبل، بعدما قام ضابط شرطة بإطلاق قنبلة غاز داخل السيارة ومنعهم من الخروج.
ورغم ذلك، قامت النيابة بتوصيف الجريمة كـ"جنحة" وليست "جناية"، وأصدر القضاء المصري حكمًا بحبس المقدم عمرو فاروق نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة مع الشغل لمدة 5 سنوات، ومعاقبة 3 ضباط شرطة آخرين بالحبس لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ.
أثبتت تسريبات صوتية أذيعت عام 2014 أن عباس كامل، مدير مكتب السيسي آنذاك ومدير المخابرات العامة سابقا، تدخل شخصيًا لإقناع ممدوح شاهين، المستشار القانوني لوزارة الدفاع، بالحديث مع قاضي المحكمة لتخفيف الحكم.
مجزرة ذكرى 6 أكتوبر 2013
في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، استشهد نحو 57 شخصًا من رافضي الانقلاب بعد أن تصدت قوات الجيش والشرطة بعنف مفرط لتظاهرات نظموها في ذكرى النصر الذي حققته مصر على الاحتلال الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973.
ووقعت معظم الوفيات في القاهرة والجيزة، حيث استشهد 30 شخصًا في حي الدقي، و18 شخصًا في ميدان رمسيس، وشخص واحد في حي الزيتون، وفقًا لمصلحة الطب الشرعي. كما استشهد 4 في قرية دلجا بالصعيد.
مجزرة ذكرى محمد محمود 2013
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، استشهد شابان على الأقل، جراء الاستخدام المفرط للعنف والرصاص الحي والغاز والخرطوش من قبل الشرطة والجيش ضد المتظاهرين الذين اتجهوا إلى ميدان التحرير لإحياء ذكرى محمد محمود٬ كما أُصيب 31 آخرون.
مجزرة جامعة الأزهر
في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2013، قتلت قوات الأمن طالبين، هما محمد يحيى الطحاوي بالرصاص الحي، وأحمد ممدوح الذي استشهد تأثرًا بإصابته بالخرطوش. كما اختنق العشرات نتيجة للاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع أثناء اقتحام قوات الأمن للحرم الجامعي واعتقال العشرات.
وتكررت نفس الأحداث بعنف أكبر، مما أدى إلى مقتل عدد كبير من الطلاب وإصابة المئات واعتقال المئات من الطلاب، بما فيهم عدد غير مسبوق من الطالبات من مختلف الجامعات، وخاصة جامعة الأزهر.
مجزرة الذكرى الثالثة لثورة يناير 2014
في 25 كانون الثاني/ يناير 2014، استشهد نحو تسعين شخصًا، معظمهم من رافضي الانقلاب، بعد اعتداء قوات الجيش والشرطة على المتظاهرين في الذكرى الثالثة لثورة يناير التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك.
مجزرة المطرية
في 25 كانون الثاني/ يناير 2014، استشهد ما يقرب من 60 مصريًا خلال إحياء الذكرى الثالثة لثورة يناير في منطقة المطرية بالقاهرة.
مجزرة الذكرى الرابعة للثورة 2015
في 25 كانون الثاني/ يناير 2015، استشهد 25 متظاهراً، معظمهم في المطرية، برصاص الجيش والشرطة في الذكرى الرابعة للثورة.
مجزرة مشجعي نادي الزمالك
في 8 شباط/ فبراير 2015، استشهد نحو 40 شخصًا، معظمهم من رابطة مشجعي نادي الزمالك "ألتراس وايت نايتس"، بعد اعتداء الشرطة عليهم خارج ملعب الدفاع الجوي الذي كان يستضيف مباراة بين فريقي الزمالك وإنبي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المصري السيسي رابعة سوريا مصر رابعة السيسي المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المتظاهرین الحرس الجمهوری الشعب المصری قوات الشرطة قوات الأمن استشهد نحو عن استشهاد ما أدى إلى محمد مرسی قامت قوات یولیو 2013 أغسطس 2013 فی میدان أکثر من فی 16 آب عدد من
إقرأ أيضاً:
نجيب الشابي للجزيرة نت: الحل في تونس بالعودة للحكم الديمقراطي لا حكم الفرد
تونس- قال زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي، في حوار خاص للجزيرة نت بمناسبة الذكرى الـ14 للثورة التونسية، إن الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس شهدت تدهورا خطيرا بعد 25 يوليو/تموز 2021، مؤكدا أن الحكم الفردي الذي استحوذ عليه الرئيس قيس سعيد لم يكن حلا للأزمة بل فاقمها.
وأضاف الشابي أن الخوف أصبح جاثما على المجتمع التونسي بمنظماته وأحزابه بسبب القمع، مشيرا إلى غياب أي مؤشرات تدل على تراجع النظام عن استبداده. وشدد على أهمية توحيد صفوف المعارضة للضغط على السلطة للتوجه نحو حوار وطني شامل لا يقصي أحدا.
في ما يلي الحوار:
اليوم يوافق الذكرى الـ14 للثورة التونسية، فما تقييمكم للأوضاع خاصة بعد 25 يوليو/تموز 2021 تاريخ إعلان الرئيس قيس التدابير الاستثنائية؟الثورة التونسية كانت مفاجئة للتونسيين وللعالم بأسره، لأنها لم تكن منتظرة، وأفرزت فراغا على مستوى الدولة، خاصة في رأس السلطة (بعد هروب الرئيس الراحل زين العابدين بن علي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011).
هذا فتح مجالا لإحداث التغيير الذي حمل كثيرا من تطلعات التونسيين والعالم بأسره الذي نظر لهذه التجربة بتفاؤل كبير.
وهذا الفراغ دفع بالنخب السياسية المعارضة إلى واجهة السلطة، غير أنها لم تكن متهيئة لذلك، بالنظر إلى أن النظام القمعي السابق كان يقصيها من الحياة العامة، باعتبار أن هناك شخصيات معارضة كانت تحت الإقامة الجبرية أو كانت في المنفى أو في السجن أو ممنوعة حتى من العمل الإداري.
إعلانفبالتالي لما تولت قوى المعارضة الحكم (بعد سقوط نظام بن علي) لم تكن مهيأة، وأضاعت وقتا طويلا في الصراع الحزبي من أجل النفوذ، مما ولّد خيبة أمل كبيرة لدى عامة المواطنين وانتهى الوضع إلى ما انتهى إليه في 25 يوليو/تموز 2021 تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية واستحواذه على جميع السلطات.
هذا يعني أن الرئيس قيس سعيد استغل عدم الاستقرار الحكومي وشلل مؤسسات الدولة ليحدث انقلابا، بمعنى أنه استولى على كامل السلطات وأخضع لسلطته السلطتين القضائية والتشريعية والتنفيذية.
ألم تنتبه السلطة السياسية قبل محطة 25 يوليو/تموز 2021 إلى ما يمكن أن يحدث لها بسبب استفحال الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة أنها مارست الحكم لنحو عقد كامل، وعلى الأقل أصبحت لديها معرفة بدواليب الدولة؟هذا السؤال يهم الفئة التي كانت حاكمة قبل 25 يوليو/تموز 2021 دون استثناء، فكل الأحزاب التي شاركت في الحكم كانت مسؤولة بدرجة أولى عن الصراع على النفوذ بما فيها حركة "النهضة" وحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل والتيار الديمقراطي" و"حركة نداء تونس" وحزب "تحيا تونس"، وهو ما أدى إلى خلق نفور لدى الرأي العام وخلق عدم استقرار حكومي وشلل مؤسساتي، استغله الرئيس قيس سعيد المنتخب عام 2019 ليُحدث تغييرا آلت بموجبه كل السلطات التنفيذية والتشريعية إليه، ووضع يده على السلطة القضائية منذ 25 يوليو/تموز 2021.
جانب من احتجاجات سابقة للمعارضة للمطالبة بانتخابات نزيهة في العاصمة تونس (الجزيرة) الآن بعد 3 سنوات ونصف سنة، من إمساك قيس سعيد بزمام السلطة، ماذا تغير؟خلافا لما حدث في كوريا الجنوبية مؤخرا حيث خرج المواطنون لمنع الرئيس الكوري من عزل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ والاستيلاء على كل السلطات، خرج في تونس الناس يهللون بما حدث في 25 يوليو/تموز 2021 التي قام بموجبها الرئيس بإعلان التدابير الاستثنائية وتجميد البرلمان والاستحواذ على كامل السلطات.
إعلانلكن اليوم بعد ثلاث سنوات ونصف، اتضح أن العودة للحكم الفردي لم يكن حلّا للتونسيين لأنه كانت لديهم انتظارات (تطلعات) اجتماعية ملحة، بينما نلاحظ اليوم أن الأوضاع الاجتماعية أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل 25 يوليو/تموز 2021 بسبب شح المواد الأساسية وغلاء الأسعار وتراجع النمو إلى 0% سنة 2023، وهي بالكاد تناهز 1% سنة 2024، مع ارتفاع نسبة البطالة إلى 16% وارتفاع نسبة التضخم 7% رغم تراجع الأسعار عالميا في عديد المنتجات، هذا إضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر بحسب المعطيات الرسمية.
هذا إلى جانب تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ولجوء الدولة إلى التداين من السوق الداخلية، من البنك المركزي التونسي والبنوك المحلية، مما شوّش على تمويل الاستثمار الخاص. فضلا عن لجوء الدولة إلى تقليص حجم الواردات ضمن خطط التقشف في احتياطي العملة الصعبة مما قلّص من واردات المواد الأولية الموجهة للتصنيع الداخلي وبالتالي تقلص الإنتاج وانخفض النمو الاقتصادي.
بالتالي، ما وصلنا إليه بعد ثلاث سنوات ونصف من الانقلاب الذي وقع في تونس يدل على أن الحكم الفردي ليس الحل فضلا على أنه عمق الأزمة السياسية في البلاد. ففي الوقت الذي نجري فيه هذا الحوار قل وندر من الزعامات السياسية أو رموز الإعلام أو رموز منظمات المجتمع المدني التي ليست وراء القضبان.
هناك حالة من الإحباط يرافقها سكون وصمت لدى الأحزاب والمنظمات الحقوقية؟ هل هذا مرده الخوف من القمع أم أنها حالة من الاستقالة من الشأن العام؟في جانب منه الخوف الذي له تأثير على الجسم الاجتماعي والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والمواطن العادي، لكن ليس هذا فقط حيث أن خيبة الأمل للتونسيين من التجربة السياسية لما قبل 25 يوليو/تموز 2021 لا تزال تؤثر في الجسم الاجتماعي، والمواطن التونسي -حسب اعتقادي- ليس لديه طموح للتغيير السياسي حاليا، خاصة أن أزمة الثقة في الأحزاب السياسية لا تزال مستمرة من جهة، بينما لا تزال الأحزاب السياسية سجينة الصراعات الماضية لما قبل 25 يوليو/تموز، وأبسط دليل على ذلك أنه في الذكرى الـ14 للثورة التونسية هناك مسيرتان احتجاجيتان منفصلتان للمعارضة (أمس الثلاثاء) بسبب الانقسام في المعارضة.
إعلانولكن عدم الاستقرار الحاصل في تونس هو عنوان المرحلة، وبالتالي الحل ليس في الاستمرار على هذا الوضع، بل في العودة إلى الحكم الديمقراطي عبر حوار وطني جامع لا يقصي أي أحد ويتطرق إلى الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية الملحة حتى تنهض تونس من جديد ونعود إلى انتخابات حرة ونزيهة بنهاية هذا المسار. الحل في العودة للحكم الديمقراطي، وليس في الحكم الفردي.
الرئيس قيس سعيد (يمين) خلال لقائه الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (صفحة رئاسة الجمهورية التونسية) ما حدث في سوريا كان سريعا وفاجأ النظام التونسي كغيره من الأنظمة العربية، ألا تتوقع أن يعيد النظام التونسي حساباته تبعا لما جرى من أجل الانفتاح على المعارضة؟دون أدنى شك يقوم التغيير الذي وقع في سوريا بالتأثير بعمق في المواقف العربية سواء في السلطة أو لدى الرأي العام. والدرس الذي يجب استنتاجه من الحدث السوري هو أن أكثر من 5 عقود من الدكتاتورية الوحشية الضارية، من حيث التعذيب والقتل والمقابر الجماعية وغيره، ذهبت خلال أيام معدودة أدراج رياح الحرية التي هي قدر كل شعوب المنطقة والعالم بأسره، وبالتالي كل من سيعطل الحرية في الوقت الراهن محكوم عليه بالفشل آجلا أم عاجلا.
ولكن ما أخشاه هو أن تعلق الناس أمنيات واهية بأن تراجع منظومة الحكم الحالية نفسها بحل قريب نابع من إرادتها يقوم على الحوار بين السلطة والمعارضة. وأظن أن بين هذا التمني وما يجري في أرض الواقع بونا شاسعا.
وبالتالي على جميع القوى الديمقراطية أن تعول على نفسها وأن تجتمع لتهيئة هذا الحوار الوطني والضغط على السلطة من أجل تنظيم هذا الحوار الوطني، عوضا عن التوهم بأن تصدر مبادرة سياسية من السلطة للتحاور مع هذا الطرف أو ذاك.
وأنا شخصيا، لا أعتقد أن هنالك مؤشرات قادمة من السلطة تفيد بأن ثمة توجها لإحداث انفراج سياسي أو إطلاق سراح الإعلاميين أو المساجين السياسيين الذين يقبعون في السجون بتهم واهية تتعلق بالتآمر على أمن الدولة باعتبار أننا نستمع كل يوم إلى عمليات توقيف وملاحقات جديدة.
إعلان ما موقفك من الاتهامات الموجهة للسياسيين المعارضين الذين يواجهون خطر أحكام سجنية قاسية في ما تُعرف بقضية التآمر على أمن الدولة؟في الحقيقة، إن المساجين السياسيين المعتقلين ليسوا أشخاصا نكرات، إذ لديهم عقود من الزمن في الحقل السياسي ومعروفون بطابعهم السلمي وتمسكهم بالقانون، وأنا واحد منهم محال على هذه المحاكمة رغم أنه ليست لدينا أي علاقة لا بالإرهاب ولا بالتآمر على أمن الدولة. وكل الذين اليوم وراء القضبان وقع الاستماع إليهم مرة واحدة خلال 22 شهرا مرت منذ فبراير/شباط 2023، وسيحالون إلى المحاكمة بتهم خطيرة جدا لا أساس لها في الواقع، وربما تفكر السلطة بأن هناك ضرورات أمنية تدفع لمحاكمتهم عن بُعد وهضم حقهم في المحاكمة العلنية.
للأسف الشديد، ليس لدي أي مؤشر في الواقع يجعلني أستشعر وجود انفراج في هذه القضية بالذات. لكني أتمنى أن نذهب على الأقل في محاكمة مفتوحة يحضرها الإعلام ليتأكد الرأي العام أنها قضية مفتعلة لا أساس لها من الصحة.
الرئيس قيس سعيد تجول قبل يومين من الذكرى الـ14 للثورة التونسية وسط تهليل من مواطنين، ألا تعتقد أنها رسالة بأنه يحافظ على شعبيته؟لا يوجد أحد في السلطة ليس له أنصار، فحتى بشار الأسد قبل أن يسقط بساعات كان لديه أنصار، وبالتالي هذه المظاهر لا تعني شيئا، ثم أن حالة الإحباط والانكسار التي يعيش عليها المواطن التونسي ليست صفة بنيوية في شخصيته الاجتماعية لأنه يحاول أن يتأقلم مع الوضع.
لكني أعتقد أن خيبة الأمل الحاصلة في تونس ستتبعها مرحلة من التغيير، ولا أحد يتوقع متى سيحدث ذلك أو كيف سيحدث؛ ذلك أن التغيير في تونس انطلق إثر صفعة ووجهتها إحدى الشرطيات لبائع متجول قام بإحراق نفسه أمام محافظة سيدي بوزيد في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 فتفجرت الثورة وانهار النظام في 14 يناير/كانون الثاني 2011.
إعلان جبهة الخلاص كانت من أبرز تشكيلات المعارضة للرئيس قيس سعيد، لكن دورها تراجع واختزلت نشاطاتها ببعض البيانات والمسيرات. هل تشهد الجبهة انقسامات أثرت على أدائها؟الجبهة هي جزء من المكونات السياسية التونسية وتتأثر بما يتأثر به التونسيون. انطلاقتها بعد 25 يوليو/تموز 2021 كانت انطلاقة قوية ونجحت في حشد آلاف المواطنين للاحتجاج ضد تفرّد الرئيس سعيد بالحكم، لكن بعد دخول تونس مرحلة من التضييق والقمع واعتقال عشرات القيادات السياسية وغلق مقرات جبهة الخلاص، وحركة النهضة أحد مكونات الجبهة، وتفشي شعور الخوف في الأوساط السياسية تأثرت الجبهة في أدائها بهذا المناخ.
ثم جاءت الانتخابات الرئاسية الأخيرة وخلقت خلافات داخل جبهة الخلاص بين من كان يرى أن الانتخابات فرصة للتغيير ومن كان يقول إن الانتخابات مجرد تجديد بيعة للرئيس قيس سعيد، وإن كل الإجراءات اتخذت حتى تكون الانتخابات مسرحية.
وهذا الخلاف استفحل لدرجة أن الجبهة عجزت عن إصدار موقف موحد سواء بالذهاب للمشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها. لكن حاليا الجبهة متماسكة واستعادت مسارها ليس فقط بإصدار البيانات، بل عبر الدعوة للتظاهر السلمي في الشارع، حيث سنجدد دعوة لبقة لمكونات المعارضة لتنسيق العمل فيما بينها والتحضير لمؤتمر وطني جامع لكل القوى للاتفاق على خريطة طريق لإخراج تونس من أزمتها.