مقترح الأرض لروسيا والناتو لكييف.. لماذا تهتم به موسكو؟
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
موسكو- لم تأخذ موسكو على محمل الجد تصريح ستيان يينسين مدير مكتب الأمين العام لحلف شمال الاطلسي (ناتو) الذي لم يستبعد قبول عضوية أوكرانيا في الحلف في حال قدمت تنازلات عن أراض لها إلى روسيا، وذلك كجزء من صفقة لإنهاء الحرب.
ورغم أن مضمون التصريح يتوافق مع الواقع الديموغرافي الذي صنعته روسيا بضم مناطق أوكرانية مثل شبه جزيرة القرم عام 2014، ولوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون العام الماضي، إلا أن الكرملين التزم الصمت.
وحده ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي كسر الصمت الرسمي عبر تغريدة قال فيها "دخول أوكرانيا إلى الناتو يعني أن تقوم السلطات هناك بالتخلي عن العاصمة كييف نفسها".
وتغريدة ميدفيديف -التي غلب عليها طابع التهكم على تصريحات المسؤول الأطلسي- حملت في طياتها تلميحا واضحا أن كييف نفسها هي عاصمة روسيا القديمة، وبالتالي سيتعين نقل العاصمة الأوكرانية الجديدة إلى منطقة لفوف غرب البلاد، حسب وصفه.
يأتي ذلك، في الوقت الذي أشار فيه وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إلى إمكانية قبول بلاده بالناتو في وقت مبكر من الصيف المقبل، لكنه أقر أيضا عدم إمكانية ذلك قبل انتهاء الأعمال القتالية، وذلك خلال تصريحات الشهر الماضي.
وردا على ذلك، قال عضو لجنة مجلس الدوما الروسية للشؤون الدولية ديمتري بيليك إن تصريحات كييف ينبغي ألا تؤخذ على محمل الجد.
أما ميرسيا جيوانا نائبة الأمين العام لحلف الناتو فقد فقالت إنها أبلغت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن ضم كييف سيؤدي إلى صراع غير مرغوب مع موسكو.
ميدفيديف: دخول أوكرانيا الناتو يعني أن تقوم السلطات هناك بالتخلي عن العاصمة كييف نفسها (غيتي) ليس كل ما يلمع ذهبافي كل الأحوال، لا يمكن للتصريح الجديد، والخارج عن المسار المألوف لمسؤول في الناتو، إلا أن يثير تساؤلات حول دوافع الموقف الغربي الجديد وخلفياته، وفيما إذا كان يشكل مقدمة لبداية تراجع تدريجي عن دعم أوكرانيا، فضلا عن الأسباب التي تقف وراء تجاهل موسكو لها.
وفي المقابل، هل ثمة استشعار روسي بوجود فخ أطلسي، يعطي لموسكو مناطق موجودة في الواقع تحت سيطرتها، ولكن في ذات الوقت، يغلق أمامها باب العودة لإثارة ملف الضمانات الأمنية.
وحسب رأي الخبير الإستراتيجي رولاند بيجاموف، فإن التزام موسكو الصمت تجاه تصريحات يينسين يعود إلى إدراك صناع القرار في الكرملين أن الصراع الأوكراني بات عبئًا ثقيلًا على الغرب، وينطوي على ضغوط على النخب الحاكمة في أميركا والاتحاد الأوروبي، لا سيما على ضوء فشل الهجوم الأوكراني المضاد بعد مرور شهرين على الإعلان عنه.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح بيجاموف أن أوكرانيا في كل الأحوال لن تبرم معاهدة سلام مع روسيا، أو تتخلى عن جزء من أراضيها مقابل الانضمام إلى الناتو، لأنه سيؤدي إلى "انفجار شعبي داخل أوكرانيا، من المرجح أن تصل ارتداداته إلى داخل الجيش الأوكراني نفسه".
وحسب رأيه، فإن التصريح الجديد لا يستدعي حتى من الناحية الشكلية الرد عليه، لأنه يخرج عن شخصية ليس لها وزن معنوي أو تنفيذي داخل حلف الناتو (يينسين) وكان عبارة عن 3 أو 4 جمل لم تشرح كافة تعقيدات عملية انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وفي ذات الوقت تتحدث نيابة عن كييف نفسها.
انفصام عن الواقع
من جانبه، اعتبر الخبير العسكري الروسي ديمتري جورافليف أن موقف موسكو "الصامت" يعود إلى أنه حتى لو اتفقت جميع الأطراف على أن أوكرانيا ستنضم إلى الناتو مقابل التنازل عن أراض لروسيا، فإن عملية الدمج هذه لن تكون سهلة ولن تكون بالتأكيد سريعة.
وأوضح أنه حتى في أوكرانيا نفسها، يتطلب الأمر إجراء استفتاء، أو عبر آليات أخرى تتعلق بالتصويت البرلماني، لكن النتيجة في المحصلة تقارب الصفر.
ووصف تصريح يينسين بالمثير للضحك، والمنفصل عن الواقع، مضيفا "قبول أي عضو جديد في الحلف يشترط غياب أية مشاكل أو نزاعات إقليمية لديه، وهو ما لا يتوفر في الحالة الأوكرانية".
ولدت ميتة
علاوة على ذلك، لفت الخبير الروسي إلى عدم استعداد كل دول الناتو لاتخاذ مثل هذه الخطوة، لأنها تدرك تمامًا أنه في حالة نشوب صراع جديد، فعليها أن تسترشد بالفقرة الرابعة من اتفاقية الأمن الجماعي لحلف الناتو، والتي تعني بشكل لا لبس فيه الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، وهو بالتأكيد ما لا تريده بروكسل.
وحتى في حال تنازل أوكرانيا عن القرم ودونباس وخيرسون وزاباروجيا، فمن غير المرجح أن يحتاجها الناتو كعضو في الحلف، لأنها ستجلب معها إلى الكتلة خطر شن حرب نووية مع روسيا، وهو ما لا يحتاجه أحد، حسب تعبيره.
وبهذا السياق، أشار جورافليف لمواقف الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وهي واضحة تمامًا بأنه ليس لدى كييف -حاليا- آفاق حقيقية للانضمام إلى حلف الناتو، وبالتالي فإن فكرة التنازل طوعًا عن مناطق أوكرانية لموسكو "ولدت ميتة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى الناتو کییف نفسها
إقرأ أيضاً:
مسؤول أوكراني: كييف تواصل الحصول على المساعدات الأمريكية
أكد رئيس المركز الأوكراني لمكافحة التضليل، أن أوكرانيا، على خلفية تعليق المساعدات الأمريكية لمدة ثلاثة أشهر الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تواصل تلقي الدعم االعسكري.
وكان البيت الأبيض قد أعلن في 21 يناير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع أمرا بتعليق مساعدات التنمية لدول أخرى لمدة 90 يوما لتقييم مدى امتثال هذه البرامج للسياسة الخارجية الأمريكية. وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الثلاثاء أن تعليق الحكومة الأمريكية للمساعدات سيؤدي على الأرجح إلى تجميد تمويل مشتريات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا وتايوان. ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن هذا ليس المصدر الوحيد للأسلحة لكييف والجزيرة الصينية.
ونقل المركز الصحفي عن رئيسه أندريه كوفالينكو قوله على قناة تلغرام: "المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا مستمرة، خاصة فيما يتعلق بحزم المساعدة العسكرية التي تم اعتمادها في وقت سابق".
وبحسب قوله، فإن المعلومات التي يتم تداولها في وسائل الإعلام حول وقف المساعدات العسكرية لا تتوافق مع الواقع. وأفاد كوفالينكو في 25 يناير بأن أوكرانيا لا تزال تتلقى المساعدة العسكرية من الولايات المتحدة، على الرغم من تعليق المساعدات الغربية.
في ليلة 25 يناير، ذكرت صحيفة "بوليتيكو" أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أمر بتعليق فوري لمدة 90 يوما لجميع برامج المساعدات الخارجية تقريبا. وكان من المتوقع أن تؤدي القرارات الجديدة إلى تعليق المساعدات لأوكرانيا والأردن وجزيرة تايوان، بينما ستستمر برامج التمويل العسكري لإسرائيل ومصر. كما سيتم اتخاذ قرارات مواصلة أو تعديل أو إنهاء برامج تمويل المساعدات الخارجية هذه بناء على نتائج المراجعة التي يجريها وزير الخارجية الأمريكي