موسكو- لم تأخذ موسكو على محمل الجد تصريح ستيان يينسين مدير مكتب الأمين العام لحلف شمال الاطلسي (ناتو) الذي لم يستبعد قبول عضوية أوكرانيا في الحلف في حال قدمت تنازلات عن أراض لها إلى روسيا، وذلك كجزء من صفقة لإنهاء الحرب.

ورغم أن مضمون التصريح يتوافق مع الواقع الديموغرافي الذي صنعته روسيا بضم مناطق أوكرانية مثل شبه جزيرة القرم عام 2014، ولوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون العام الماضي، إلا أن الكرملين التزم الصمت.

وحده ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي كسر الصمت الرسمي عبر تغريدة قال فيها "دخول أوكرانيا إلى الناتو يعني أن تقوم السلطات هناك بالتخلي عن العاصمة كييف نفسها".

وتغريدة ميدفيديف -التي غلب عليها طابع التهكم على تصريحات المسؤول الأطلسي- حملت في طياتها تلميحا واضحا أن كييف نفسها هي عاصمة روسيا القديمة، وبالتالي سيتعين نقل العاصمة الأوكرانية الجديدة إلى منطقة لفوف غرب البلاد، حسب وصفه.

يأتي ذلك، في الوقت الذي أشار فيه وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إلى إمكانية قبول بلاده بالناتو في وقت مبكر من الصيف المقبل، لكنه أقر أيضا عدم إمكانية ذلك قبل انتهاء الأعمال القتالية، وذلك خلال تصريحات الشهر الماضي.

وردا على ذلك، قال عضو لجنة مجلس الدوما الروسية للشؤون الدولية ديمتري بيليك إن تصريحات كييف ينبغي ألا تؤخذ على محمل الجد.

أما ميرسيا جيوانا نائبة الأمين العام لحلف الناتو فقد فقالت إنها أبلغت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن ضم كييف سيؤدي إلى صراع غير مرغوب مع موسكو.

ميدفيديف: دخول أوكرانيا الناتو يعني أن تقوم السلطات هناك بالتخلي عن العاصمة كييف نفسها (غيتي) ليس كل ما يلمع ذهبا

في كل الأحوال، لا يمكن للتصريح الجديد، والخارج عن المسار المألوف لمسؤول في الناتو، إلا أن يثير تساؤلات حول دوافع الموقف الغربي الجديد وخلفياته، وفيما إذا كان يشكل مقدمة لبداية تراجع تدريجي عن دعم أوكرانيا، فضلا عن الأسباب التي تقف وراء تجاهل موسكو لها.

وفي المقابل، هل ثمة استشعار روسي بوجود فخ أطلسي، يعطي لموسكو مناطق موجودة في الواقع تحت سيطرتها، ولكن في ذات الوقت، يغلق أمامها باب العودة لإثارة ملف الضمانات الأمنية.

وحسب رأي الخبير الإستراتيجي رولاند بيجاموف، فإن التزام موسكو الصمت تجاه تصريحات يينسين يعود إلى إدراك صناع القرار في الكرملين أن الصراع الأوكراني بات عبئًا ثقيلًا على الغرب، وينطوي على ضغوط على النخب الحاكمة في أميركا والاتحاد الأوروبي، لا سيما على ضوء فشل الهجوم الأوكراني المضاد بعد مرور شهرين على الإعلان عنه.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح بيجاموف أن أوكرانيا في كل الأحوال لن تبرم معاهدة سلام مع روسيا، أو تتخلى عن جزء من أراضيها مقابل الانضمام إلى الناتو، لأنه سيؤدي إلى "انفجار شعبي داخل أوكرانيا، من المرجح أن تصل ارتداداته إلى داخل الجيش الأوكراني نفسه".

وحسب رأيه، فإن التصريح الجديد لا يستدعي حتى من الناحية الشكلية الرد عليه، لأنه يخرج عن شخصية ليس لها وزن معنوي أو تنفيذي داخل حلف الناتو (يينسين) وكان عبارة عن 3 أو 4 جمل لم تشرح كافة تعقيدات عملية انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وفي ذات الوقت تتحدث نيابة عن كييف نفسها.


انفصام عن الواقع

من جانبه، اعتبر الخبير العسكري الروسي ديمتري جورافليف أن موقف موسكو "الصامت" يعود إلى أنه حتى لو اتفقت جميع الأطراف على أن أوكرانيا ستنضم إلى الناتو مقابل التنازل عن أراض لروسيا، فإن عملية الدمج هذه لن تكون سهلة ولن تكون بالتأكيد سريعة.

وأوضح أنه حتى في أوكرانيا نفسها، يتطلب الأمر إجراء استفتاء، أو عبر آليات أخرى تتعلق بالتصويت البرلماني، لكن النتيجة في المحصلة تقارب الصفر.

ووصف تصريح يينسين بالمثير للضحك، والمنفصل عن الواقع، مضيفا "قبول أي عضو جديد في الحلف يشترط غياب أية مشاكل أو نزاعات إقليمية لديه، وهو ما لا يتوفر في الحالة الأوكرانية".


ولدت ميتة

علاوة على ذلك، لفت الخبير الروسي إلى عدم استعداد كل دول الناتو لاتخاذ مثل هذه الخطوة، لأنها تدرك تمامًا أنه في حالة نشوب صراع جديد، فعليها أن تسترشد بالفقرة الرابعة من اتفاقية الأمن الجماعي لحلف الناتو، والتي تعني بشكل لا لبس فيه الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، وهو بالتأكيد ما لا تريده بروكسل.

وحتى في حال تنازل أوكرانيا عن القرم ودونباس وخيرسون وزاباروجيا، فمن غير المرجح أن يحتاجها الناتو كعضو في الحلف، لأنها ستجلب معها إلى الكتلة خطر شن حرب نووية مع روسيا، وهو ما لا يحتاجه أحد، حسب تعبيره.

وبهذا السياق، أشار جورافليف لمواقف الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا، وهي واضحة تمامًا بأنه ليس لدى كييف -حاليا- آفاق حقيقية للانضمام إلى حلف الناتو، وبالتالي فإن فكرة التنازل طوعًا عن مناطق أوكرانية لموسكو "ولدت ميتة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى الناتو کییف نفسها

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي متفائل بإمكانية انضمام أوكرانيا إلى الناتو

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الأحد، إن عضوية بلاده في حلف شمال الأطلسي (الناتو) "قابلة للتحقق" لكن يتعين على كييف أن تخوض معركة من أجل إقناع الأعضاء بتحقيق ذلك.
وحثت أوكرانيا حلف شمال الأطلسي مرارا على دعوة كييف للانضمام إليه. وقال الحلف العسكري الغربي إن أوكرانيا ستنضم إلى صفوفه يوما ما لكنه لم يحدد موعدا أو يدعوها لذلك.
وأشارت موسكو إلى أن احتمال انضمام أوكرانيا إلى الحلف هو أحد أسباب الأزمة الحالية التي بدأت في عام 2022.
وتقول كييف إن العضوية في ميثاق الدفاع المشترك للحلف، أو أي شكل مكافئ لذلك من أشكال الضمان الأمني، سيكون حاسما فيما يتعلق بأي خطة سلام مقبلة.
وقال زيلينسكي، في كلمة أمام دبلوماسيين أوكرانيين خلال اجتماع في كييف "ندرك جميعا أن دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وعضويتها لا يمكن أن تتم سوى بقرار سياسي... عضوية أوكرانيا في الحلف أمر قابل للتحقق، ولكن لا يمكن تحقيقه إلا إذا خضنا معركة على جميع المستويات الضرورية".
وأضاف زيلينسكي أن أعضاء حلف شمال الأطلسي بحاجة إلى معرفة ما يمكن أن تقدمه أوكرانيا للحلف وكيف ستؤدي عضويتها إلى استقرار العلاقات في أنحاء العالم.

أخبار ذات صلة روسيا: مستعدون للتوصل إلى حل وسط بشأن أوكرانيا أمين عام الناتو يحث على تعزيز الدعم لأوكرانيا المصدر: رويترز

مقالات مشابهة

  • روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني .. وكييف تعلن إسقاط 47 مسيّرة
  • روسيا تسيطر على بلدة جديدة في الشرق الأوكراني
  • سيناتور جمهوري: حروب أوكرانيا والشرق الأوسط ستنتهي العام المقبل
  • زيلينسكي: عضوية أوكرانيا في الناتو قابلة للتحقق
  • بوتين يتوعد كييف بالدمار.. حرب المسيرات تشتعل بين روسيا وأوكرانيا
  • زيلينسكي متفائل بإمكانية انضمام أوكرانيا إلى الناتو
  • "الجارديان": انتصار روسيا في حرب أوكرانيا يفتح الباب لسباق تسلح نووي بين موسكو والغرب
  • انطلاق صافرات الإنذار في أوكرانيا وسماع دوي انفجارات تهز العاصمة كييف
  • زيلينسكي حاول “رشوة” فيتسو لدعم انضمام كييف إلى الناتو
  • روسيا تسقط 36 مسيرة أوكرانية.. وانفجارات تهز كييف