علاجات جذرية تعيد الإنسان من «حافة الموت»! «طفرة علمية كبيرة وحقيقية تغيّر تعريفنا للموت»
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
تم جلب رأس خنزير من أحد المسالخ، وكان من المفترض أن يتم التخلص منه كالمعتاد، إلا أن «زفونيمير فيرسليا»، عالم الأعصاب في كلية الطب بجامعة ييل، برفقة زملائه الباحثين، كان لهم رأي آخر. فبعد أربع ساعات من قطع رأس الخنزير، أجروا تجربة عليه، حيث أخرجوا الدماغ من جمجمته، وقاموا بتوصيل الأوعية الدموية في الدماغ الميت عبر مجموعة أنابيب تحتوي على عدة مواد ممزوجة خاصة.
وبعد هذه التجربة، قرر فريق «زفونيمير فيرسليا» وللمرة الأولى قياس هذا المبدأ مع أدمغة البشر. يقول فيرسليا: «نحاول في هذا المبدأ العملي أن نعمل بشفافية مطلقة وحذر كبير جدًا، لأن هذا الأمر ذو قيمة كبيرة للحياة البشرية».
هذا يعني أيضًا أنه إذا عاد إنعاش الدماغ البشري الميت - بأي طريقة كانت - فإن ذلك سيُحدث طفرة طبية هائلة. كما سيمكن الباحثين من إجراء عدة تجارب لصناعة عقاقير تؤثر على أدمغة البشر النشطة خلويًا. وهذه خطوة مهمة في تحسين الآليات العلاجية ومجالات زراعة الأعضاء.
«متى يموت الإنسان فعلا؟»
وينبئ ما توصل إليه الفريق البحثي بإمكانية إنقاذ الكثيرين ممن هم على حافة الموت. ولكنها تظل مسألة معقدة من الناحية الأخلاقية. فالنتائج تقول: إنه بعد أكثر من أربع ساعات من الوفاة، يمكن للدماغ أن يعود للحياة من جديد، وهنا يبرز التساؤل الأهم: «متى يكون الإنسان ميتًا بشكل فعلي؟».
وقد قام «زفونيمير فيرسليا» وزملاؤه بإرسال موجات صادمة لأدمغة الخنازير التي أجروا عليها التجارب قبل حوالي خمس سنوات، وكانت النتائج مذهلة. وكان من ضمن الفريق «هانك جريلي»، الخبير القانوني في مجال الطب الحيوي بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، الذي قال: «عندما حدثت الاستجابة للدماغ قلت (يا للهول!)». وشاركه الدهشة «لانس بيكر»، الخبير في معهد فينشتاين للأبحاث الطبية في نيويورك، الذي قال بدوره: «ما توصل إليه الفريق من استجابة لدماغ قد فصل عن الجسد لأكثر من أربع ساعات، بل وكان الدماغ محفوظًا في درجة حرارة الغرفة، يتعارض مع كل ما نعرفه عن الموت. ربما لم نعرف الكثير عن الموت بعد. نحن أمام طفرة علمية كبيرة وحقيقية، وربما سيُعيد هذا الأمر وهذا الاكتشاف تعريفنا للموت».
إن مسألة تحديد ما إذا كان الإنسان ميتًا لم تكن مسألة سهلة على مر التاريخ، فهو أمر بعيد عما نتخيله. في الماضي، اعتمد الإغريق القدماء على توقف التنفس للدلالة على الموت، ولمعرفة أن الإنسان يتنفس، كانوا يقرّبون من فم المشتبه بموته شمعة مشتعلة لمراقبة تأثرها بالنفس. وفيما بعد، حاول الأطباء التأكد من موت الإنسان من خلال صعقه، وبالأداة ذاتها حاولوا إعادته للحياة. وفي أزمنة أخرى، حاول الناس وخز إصبع المشتبه بموته بالإبرة لقياس الاستجابة، أو تقريب إصبعه من النار.
وفي أوائل القرن التاسع عشر، انتشرت مزاعم عن عودة أناس للحياة بعد دفنهم، لذلك لجأ الأطباء إلى الاحتفاظ بالجثث لعدة أيام للتأكد من التغيرات التي تظهر في الجسد، ومنها ظهور العفن. كما ظهرت طرق غريبة ابتكرها «المخترعون الأذكياء»، مثل وضع مجسات هواء وأجراس في التوابيت ليتمكن الميت من استخدامها إذا عاد للحياة.
وفي أيامنا الحالية، يُعلَن مباشرة عن وفاة أي شخص إذا توقف قلبه عن النبض، أي ما يُسمى بالسكتة القلبية، حيث يعني ذلك توقف القلب تمامًا عن العمل ولا يمكن بأي حال العودة للنبض مرة أخرى. وفي المملكة المتحدة، ليس هناك تعريف قانوني للوفاة، ويُعتمد بدلًا من ذلك على الرأي الطبي في إثبات الوفاة. أما في الولايات المتحدة، فيُعتمد قانون تحديد الوفاة، وهو قانون موحد لتعريف معنى الوفاة. ينص هذا القانون على أن الإنسان يموت فور تعرضه لأحد أمرين: التوقف اللارجعة فيه لوظائف الدورة الدموية والجهاز التنفسي، أو التوقف اللارجعة فيه لكافة وظائف الدماغ بشكل كامل، بما في ذلك وظائف جذع الدماغ.
العامل المشترك فيما سبق هو عبارة «لا رجعة فيه». حتى وقت قريب، كان الاعتقاد السائد أننا نعرف أمرين حتميين عن الموت، الأمر الأول هو أن توقف قلب الإنسان عن النبض يعني أن النشاط الكهربائي للدماغ سيتوقف بعد ثوانٍ إلى عدة دقائق. والأمر الثاني هو أن الدماغ يتعرض لأضرار كبيرة لا يمكن إصلاحها بعد خمس إلى عشر دقائق من انقطاع الأكسجين عنه. إلا أن فريق «زفونيمير فيرسليا» ودراستهم الحديثة قلبت الفرضيتين رأسًا على عقب.
«بين حدود الحياة والموت»
فكرة أن النشاط الكهربائي للدماغ يضعف بعد السكتة القلبية ليست فكرة عشوائية، ففي دراسة تم نشرها في عام 2023، قامت بها «جيمو بورجيجين» وهي عالمة أعصاب في كلية الطب بجامعة «ميشيغان» في «آن أربور»، مع فريق بحثي، حيث تلخصت الدراسة حول تجربة أجريت على أربعة أشخاص كانوا يحتضرون، وهذا الدراسة قارنت بينهم قبل وبعد إيقاف الأجهزة الداعمة للحياة منهم.
وتقول «جيمو بورجيجين»: «لم نلحظ انخفاضا في النشاط الدماغي، بل إن الدماغ بأكمله بدا وكأنه شعلة من النشاط بشكل فعلي»، وفي حالتين، بدأت لديهم بعض مناطق الدماغ التي كانت راكدة بالنشاط مرة أخرى بعد سحب أجهزة دعم الحياة، وكذلك زادت بشكل مفاجئ موجات الدماغ عالية التردد والتي تُعرف باسم «موجات جاما»، وهي سمة من سمات الوعي، كما استمر نشاط الدماغ المرتبط بالذاكرة والإدراك لمدة 6 دقائق، وفي حالات من بين الأربع تم تسجيل نشاط من الدماغ في محاولة لبث إشارات للقلب، وبعد 6 دقائق خفتت الأنشطة الدماغية، ثم عادت لتنشط ثلاث مرات، وفي بعض مناطق الدماغ زاد النشاط 12 ضعفا مقارنة بنشاطه قبل توقف القلب عن النبض وتوقف التنفس.
تقول «جيمو بورجيجين»: «إن دماغ الشخص المحتضر هو أكثر عضو يقوم ببذل الجهود الضخمة في محاولة للإنقاذ، وإذا استطعنا أن نفهم هذا الأمر بشكل أكبر في هذه المرحلة، فباعتقادي أننا يمكن أن نسهم في إنعاشه».
وهو أمر صعب أن نفهم ما حل في الدماغ قبل الوفاة، فكل الأشخاص الذين يتعرّضون لمحاولة الدماغ في العودة للحياة قد ماتوا، ولا يمكننا معرفة كيف كانت معاناتهم قبل ذلك وما النشاط الأخير المضاعف للدماغ.
ولكن هذه الدراسة تؤكد أن المنطقة الواقعة بين الحياة والموت، ليست باللونين الأبيض والأسود، إنما هناك ألوان أخرى يجب معرفتها، وليست هذه الدراسة هي الأولى التي تؤكد ذلك. إننا في مرحلة تحول نموذجية، حيث نعيد تعريف معنى الحياة والموت.
ويؤكد «سام بارنيا» وهو باحث متخصص في أمراض القلب والرئة بجامعة نيويورك، أن النظرة التقليدية للموت على أنه انتقال حاسم بين الحياة والفناء ليست دقيقة. إذ يوضح قائلا: «لقد تعودنا على اعتبار الموت عملية ثنائية مباشرة، إما أن تكون على قيد الحياة أو ميتا، ولكن في الواقع، علم الأحياء لا يعمل بهذه البساطة».
وفي عام 2023، قاد فريقه دراسة فريدة سجلوا خلالها نشاط الدماغ لدى 53 مريضا عانوا من توقف القلب وتمت محاولات إنعاشهم. وعلى الرغم من أن أدمغة معظم المرضى أظهرت توقفا تاما في النشاط الدماغي، فإن 40% منهم أظهروا لاحقا علامات نشاط دماغي تلقائي مرتبط بالوعي أثناء الإنعاش، واستمرت هذه الحالة لدى البعض لما يقارب الساعة بعد توقف القلب. وأجرى الفريق لقاءات مع الناجين وعدد آخر من الأشخاص الذين تعرَّضوا لسكتة قلبية، حيث أفاد 20% منهم بامتلاكهم ذكريات واعية خلال فترة توقف قلوبهم!
ورغم أن النتائج أثارت جدلا بين بعض المختصين، فإن هذه الدراسة توضح أن هناك أمورا غامضة تحدث عند حدود الحياة والموت. ويضيف «سام بارنيا»: «عندما ندرس الدماغ في لحظات الاحتضار، لا يمكننا تجاهل الأسئلة المتعلقة بطبيعة الوعي نفسه».
لا تقتصر التساؤلات على الدماغ المحتضر، بل تمتد إلى الدماغ الذي يبدو ميتا تمامّا. فعلى مدى طويل، اعتُقد أن الدماغ لا يمكنه البقاء أكثر من 10 دقائق دون أكسجين، حيث تفشل محاولات الإنعاش عادة بعد هذه الفترة، وإذا نجحت، يعاني الناجون غالبا من أضرار إدراكية شديدة. لكن الضرر الناتج لا ينشأ فقط عن نقص الأكسجين، بل يتعلق أيضا بعملية استعادته المفاجئة. عندما يعود تدفق الدم المليء بالأكسجين إلى الجسم والدماغ بعد نقص التروية، تحدث إصابات تُعرف بإصابات إعادة التروية.
معالجة التروية
يشبّه «فريدهلم بايرسدورف» من جامعة فرايبورغ في ألمانيا هذه الحالة بكسر عظمة الساق، قائلا: «إذا كسرت ساقي وطلب مني أحدهم الوقوف والمشي فورا، فإن ذلك سيزيد الوضع سوءا، الأعضاء تعمل بالطريقة نفسها، عندما تُحرم من الأكسجين، تتعرَّض للضرر، ولا يمكن ببساطة ضخ الدم مرة أخرى إليها وتتوقع أن تعود لطبيعتها. إنها بحاجة إلى علاج أولا».
لتقليل هذه الإصابات في أدمغة الخنازير، طوّر «زفونيمير فيرسليا» وزملاؤه مجموعة من العلاجات تستهدف العمليات التي تسبّب الضرر عقب نقص التروية، وتضمنت هذه المجموعة أدوية متخصصة لضبط درجة حموضة الخلايا، وتقليل الاستجابة المناعية المفرطة، بالإضافة إلى مضادات حيوية. كما قام الفريق بتطوير جهاز مبتكر مشابه لأجهزة غسيل الكلى، يُطلق عليه اسم «براين إي إكس» والذي يُستخدم لضخ هذا المزيج الدوائي عبر الأوعية الدموية في الدماغ بنبضات دقيقة وبضغط مُصمم لاختراق الخلايا مع التخلص من الفضلات.
إن تجربة «زفونيمير فيرسليا» وزملائه حققت نجاحا علميّا بإعادة الأنشطة الحيوية للدماغ للعمل مجددا بعد أربع ساعات من قطع رأس الخنزير باستخدام «براين إي أكس». صحيح أن ذلك لم يؤدِّ إلى «وعي» الدماغ، ولكنه يُعدّ إنجازا علميّا بحد ذاته. وقد سارع «زفونيمير فيرسليا» وزملاؤه إلى تقديم ورقة علمية في عام 2019 تثبت هذا الإنجاز، مؤكدين في ورقتهم أنهم لم يلحظوا أي نشاط إدراكي مرتبط بالدماغ، ولم يخلصوا إلى هذه النتيجة إلا بعد انتهاء التجربة التي استمرت ست ساعات، قبل أن يُزودوا الدماغ بمهدئات متنوعة المواد، ما أدى إلى تثبيط النشاط الكهربائي فيه.
ورغم تلك النتيجة، فإن إجراء تجربة مماثلة على دماغ بشري تم التبرع به لأغراض علمية يتطلب تأكيدا بمستوى عالٍ. فإذا وُجد أي دليل، ولو كان بسيطا، على إحياء الوظيفة الإدراكية للدماغ ورصد استجابات تشبه الوعي، فإن ذلك يثير تساؤلا منطقيّا، ماذا لو أُجريت التجربة على شخص حي؟ وما الحقوق التي يتمتع بها الشخص المريض فيما يتعلق بإعادة إحياء دماغه وعودته إلى الإدراك؟ حول ذلك يقول الخبير القانوني «هانك جريلي»: «إن هذا الأمر شديد الصعوبة من نواحٍ أخلاقية، وقانونية، وعلمية». يتعامل فريق «زفونيمير فيرسليا» بحذر شديد مع هذه التجارب، وقد أشاروا إلى أن الفريق يضم عددا كبيرا من الخبراء في مجال الأخلاقيات الحيوية، والقانون، والطب، الذين يقدمون لهم الاستشارات. ويقول «زفونيمير فيرسليا»: «تحمّل الفريق على عاتقه تطوير وسائل جديدة بغية التحقق من عدم حدوث أي نشاط كهربائي، وذلك بطريقة منظمة تهدف إلى تحقيق استجابة في أي شكل من أشكال الوعي». ورغم الأدوات والاختبارات التي يقوم بها فريق «زفونيمير فيرسليا»، فإن تقنياتهم هذه لا تُستخدم في محاولة استعادة الوعي لدماغ بشري لشخص مريض، إلا في إطار التجارب العلمية (دماغ تم التبرع به). ولا يسعى الفريق إلى إعادة وعي دماغ بشري ميت، ولكنهم يعملون على إبقاء الأدمغة حية خلويا لمدة تصل إلى 24 ساعة، بهدف إيجاد علاجات لأمراض مثل الزهايمر وباركنسون. ويقول «زفونيمير فيرسليا»: «إن موضوع صناعة عقاقير للحالات العصبية أمر صعب للغاية؛ فالطرق الحالية غير كافية». ويضيف: «لذلك نجد أن البحث في مجال الأدمغة مليء بالغموض، وفي الغالب لا يمكننا معرفة ما إذا كان الدواء يصل إلى الدماغ فعلا أم لا». وتابع قائلا: «نسعى لمحاولة معرفة ذلك من خلال مواصلة البحث، البحوث هي سبيلنا الوحيد، وهي ما سيُحدث فرقا حقيقيا للبشرية».
وأكد «زفونيمير فيرسليا» أن هناك باحثين آخرين قد يبذلون محاولات كثيرة لإحياء الأدمغة البشرية الميتة وإعادة الوعي لها، ويقول «هانك جريلي»: «إن محاولة إعادة الحياة للدماغ بشكل تام، بما في ذلك الوعي، تعني محاولة تحقيق الخلود». ويضيف: «أرى أن محاولة إحياء الدماغ في صندوق هو أمر أشبه بالجحيم وليس الحياة، وفي الواقع، هناك من يدفعون أموالا طائلة لتجميد أدمغتهم على أمل ابتكار طرق تعيدهم للحياة، وهذا أمر غير مقبول وغير معقول، أنا مصاب بالدهشة من قيام أناس بذلك، إنه أشبه ببيع الدجالين للأوهام، وهو أمر غير ممكن على حد علمي، حتى هذه اللحظة على أقل تقدير».
منطقة رمادية
إعادة دماغ ميت إلى الحياة أمر مغرٍ، ولكنه حساس للغاية من الناحية الأخلاقية. فأبحاث «زفونيمير فيرسليا» تشير إلى إمكانية التدخل في إنعاش الدماغ في حال كان الجسد لا يزال حيا، أي عندما يكون الإنسان على وشك الموت. صحيح أن فريق «زفونيمير فيرسليا» ليس لديه النوايا حاليا لاستخدام جهازهم «براين إي أكس» مع أي إنسان يعيش سكرات الموت، إلا أنهم يسعون لاستخدام ما توصلوا إليه من أبحاث حول عملية الإنعاش لإنقاذ البشر من الموت.
لذلك طور الفريق جهازا آخر أطلق عليه اسم «أورجان إي إكس»، وأجروا التجربة على خنزير بعد ساعة واحدة من توقف قلبه، وكان الخنزير كامل الجسد وغير مقطوع الرأس. ووجد الفريق أن الجهاز، الذي يعيد ضخ مواد شبيهة بتلك الموجودة في الدم، قد نجح في تقليل موت الخلايا في أعضاء عديدة من جسد الخنزير. بل وأعاد وظائف دماغ الخنزير إلى جانب قلبه وكليتيه، إذ بدأ القلب بالانقباض مجددا، واستأنف الدماغ عملية التمثيل الغذائي، كما تم إنعاش الجينات المسؤولة عن إصلاح الخلايا. والأمر المدهش أن الخنزير بدأ بالحركة غير الإرادية رغم كونه تحت تأثير التخدير.
لم تُجرَّب هذه التقنية على البشر لمحاولة إعادتهم للحياة، لكنها تُستخدم في سياق التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، حيث تُعد خيارا مثاليا لعمليات زراعة الأعضاء. عند إعلان وفاة شخص ما، يتم ربطه بجهاز «أورجان إي إكس»، مع توصيل الشرايين المرتبطة بالدماغ، مما يُبقي الأعضاء البشرية حية لفترة طويلة. وهذا أمر بالغ الأهمية في عمليات زراعة الأعضاء وإنقاذ الأرواح.
ويقول «زفونيمير فيرسليا»: «هناك العشرات من الأشخاص الذين ينتظرون كلية واحدة، في حين يوجد عدد كبير من المتبرعين، لكننا لا نستطيع الاستفادة منهم بسبب نقص الوقت. اليوم، بهذه التجربة، يمكننا المحافظة على الكلى الجاهزة للتبرع ومنحها لمن يحتاجها لأطول فترة ممكنة. هذا يساعدنا حقا في إنقاذ الكثير من الأرواح».
إإن فهمنا بشكل دقيق لما تعمل عليه هذه التقنية يهدم تصورنا السابق للخط الفاصل بين الحياة والموت. فالسكتة القلبية ليست سببا كافيا لموت الإنسان. ويقول «لانس بيكر»: «قبل عدة أعوام، كان إعلان وفاة المريض أمرا بسيطا، كنت أستطيع القول بكل يقين وثقة إن قلبه توقف نهائيا. أما الآن، فالوضع أشبه بقولنا (لقد ماتوا بالتدريج، خطوة خطوة، إشارة إشارة). بمعنى أنهم ماتوا لأن العلاجات المتوفرة في تلك اللحظة لم تكن قادرة على إنقاذهم، لكن لا يمكن الجزم بأنهم ماتوا نهائيا، لو توفرت الأدوات المناسبة وكان الأشخاص المؤهلون موجودين، أعلم أن القلب والدماغ يمكن أن يعودا للحياة».
وتابع «لانس بيكر»: «إذن، هل هم ميتون حقا؟».
حاليا، أعتقد أن السؤال سيبقى دون إجابة دقيقة. ويقول «فريدهليم بايرسدورف»: «مع استخدامنا لتقنية (سي أيه آر إل) بنطاق واسع، سوف نرى كم يمكن أن تعيش الأعضاء البشرية دون وجود الأكسجين، أعتقد أننا سوف نغير تعريف الموت».
ما زلنا نعيش هذه اللحظات في منطقة رمادية، كما قال «لانس بيكر»: «الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت، إن مجال الإنعاش سيشهد تقدما، ولن يتم النظر إلى الأشخاص الذين تم الإعلان عن وفاتهم باعتبارهم موتى فعلا. فبعد هذه الأبحاث وتقنية (سي أيه آر إل)، سنتمكن من إعادة كتابة مفهوم الوجود البشري».
هيلين تومسون
خدمة تربيون عن مجلة «New Scientist»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الحیاة والموت الأشخاص الذین نشاط الدماغ توقف القلب أربع ساعات هذا الأمر الدماغ فی لا یمکن هو أمر
إقرأ أيضاً:
طفرة في صناعة الذهب بمصر وزيادة غير مسبوقة في الصادرات خلال عام 2024
شهدت صناعة الذهب في مصر خلال عام 2024 تطورًا ملحوظًا، انعكس على زيادة كبيرة في حجم صادرات الذهب والحُلي والأحجار الكريمة، ما يؤكد الطفرة التي يشهدها هذا القطاع الحيوي.
وجاءت هذه القفزة في ظل جهود الدولة لتعزيز تنافسية الصناعة الوطنية والتوسع في الأسواق الخارجية.
صادرات الذهب في 2024وفقًا للبيانات الرسمية، حققت صادرات مصر من الذهب والحُلي والأحجار الكريمة قفزة بنسبة 84% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، لتصل إلى 2.638 مليار دولار، مقارنة بـ 1.361 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2023. يُظهر هذا التطور نموًا كبيرًا في قيمة الصادرات، مدعومًا بزيادة الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب في الأسواق الدولية.
أما بالمقارنة بعام 2022، فقد بلغت صادرات مصر حينها حوالي مليار دولار، ما يعكس نموًا تدريجيًا خلال السنوات الثلاث الماضية بفضل السياسات الداعمة وتوسع قاعدة الإنتاج.
تصدرت الإمارات قائمة الدول المستوردة للذهب المصري في عام 2024، حيث استحوذت على 62.7% من إجمالي الصادرات بقيمة 1.654 مليار دولار، مقارنة بـ 672 مليون دولار في عام 2023.
وتمثل هذه الزيادة نموًا بنسبة 146%، ما يعكس الطلب المتزايد من السوق الإماراتي على المنتجات المصرية من الذهب والمجوهرات.
كما شملت الأسواق المستهدفة دولًا أخرى مثل تركيا وكندا، حيث تسعى مصر للتوسع في أسواق جديدة لتعظيم العوائد من صادرات الذهب.
إستراتيجية مستقبلية للنموتعمل مصر حاليًا على تنفيذ خطة وطنية تهدف إلى زيادة صادرات الذهب والمشغولات الذهبية بحلول عام 2030، مع تحقيق نمو سنوي لا يقل عن 15%. تشمل هذه الاستراتيجية تعزيز الاستثمار في قطاع التعدين وتطوير البنية التحتية للصناعة، مع التركيز على فتح أسواق جديدة.
ويُعد منجم السكري في الصحراء الشرقية المصدر الأساسي لإنتاج الذهب في مصر، حيث يساهم بجزء كبير من الإنتاج السنوي الذي يُقدر بنحو 15.8 طن.
كما تم اكتشاف مناجم جديدة مثل حمش وإيقات، ما يعزز فرص زيادة الإنتاج في المستقبل.
التحديات والفرصرغم الطفرة الكبيرة التي شهدها القطاع، لا تزال هناك تحديات تواجه صناعة الذهب في مصر، منها ارتفاع تكلفة الإنتاج محليًا مقارنة بالدول الأخرى، وضرورة تطوير التكنولوجيا المستخدمة في التصنيع. ومع ذلك، فإن الدعم الحكومي المستمر وتيسير التصدير يعززان قدرة الصناعة على تجاوز هذه التحديات.
طموحات مستقبليةتسعى مصر للوصول بصادرات الذهب إلى 3 مليارات دولار سنويًا خلال السنوات القادمة، مع التركيز على التوسع في الأسواق الخارجية وزيادة القيمة المضافة من خلال تصنيع المشغولات الذهبية بدلاً من تصدير السبائك الخام.
وتعكس الأرقام الطفرة التي يشهدها قطاع الذهب في مصر، الذي أصبح أحد الروافد الأساسية لدعم الاقتصاد الوطني. ومع استمرار الجهود المبذولة لتحسين جودة الإنتاج وزيادة التصدير، من المتوقع أن تحتل مصر مكانة متقدمة عالميًا في صناعة الذهب خلال السنوات القادمة.