على وقع إسقاط نظام حزب البعث في سوريا، وفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا، دعت قيادات سياسية سنية بارزة، الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم إلى إجراء حوار وطني صريح وجاد لتحديد جوانب الخلل والمظالم التي تثير استياء وغضب الجماهير، والتي غابت الإرادة السياسية لمعالجتها.

يأتي ذلك بالتزامن مع لقاءات يعقدها ممثل الأمني العام للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، مع المرجعية الدينية الشيعية في النجف، والحكومة العراقية، حذر فيها من صعوبة الأوضاع في المنطقة، داعيا في الوقت نفسه إلى المسارعة بوضع مصلحة البلد في الصدارة.



مراجعة شاملة

مع تسارع الأحداث في المنطقة، ولاسيما في سوريا، عقد رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، اجتماعا دعا إليه قادة سنة بارزين سبق أن تولوا مناصب عليا في البلاد، وهم: أسامة النجيفي، وأياد السامرائي، وسليم الجبوري، وحاجم الحسني، وصالح المطلك.

وأكد هؤلاء القادة في بيان لهم، الجمعة، أن "العراق يقع في قلب الأحداث ومعرض لتحديات كبيرة جدا، وأن السلطة الحاكمة مطالبة بإجراء مراجعة شاملة تعالج الحيف الذي وقع على هذا المجتمع"، مؤكدين أن "الاستقرار لا يتحقق في أي بلد ما دام بعض أبنائه يستشعرون ظلما وقع عليهم وتجاهلا لمطالبهم".

وأشاروا إلى "الفساد المستشري في البلاد والمظالم في السجون والغبن في إدارات الدولة والخلل التشريعي الذي يتناقض مع مبادئ الدستور، وكل ذلك يقتضي علاجا ونرى في الحوار الوطني الذي دعونا إليه وسيلة لمعالجة كل هذه الشكاوى".

وشدد البيان على أن "الأوضاع السياسية التي عاشها العراقيون أفرزت ضعفا في العملية الديمقراطية والنتائج الانتخابية مما ترتب عليها زهد العراقيين في ممارسة حقهم الانتخابي"، مؤكدين أن "المسار السياسي السلمي والحوار الوطني مهما بدا صعبا فهو طريقنا الوحيد للإصلاح  ولا ينبغي التفاعل مع أي دعوات متطرفة".

وحذر القادة السنة من أن "الإرهاب في العراق فقدَ حاضنته الشعبية تماما، وأن أي تحريك له سيكون من قوى خارجية مستغلة الخلل الداخلي الذي يمر به العراق، وأن المسارعة لسد الخلل سيؤدي إلى فشل كل من يسعى إلى عودة الإرهاب".



وبموازاة ذلك، دعا ممثل الأمين العالم للأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، السلطات العراقية إلى اتخاذ قرارات جديدة تخدم الوضع الراهن في البلاد، بهدف تجنب الأزمات المستقبلية، وذلك بعد اجتماع عقده مع المرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني.

وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، الخميس، إن الأوضاع في المنطقة صعبة ومتغيرة ومتسارعة، داعيا أحزاب السلطة الى المسارعة بوضع مصلحة العراق في الصدارة.

وحذر الحسان خلال كلمة له من النجف من زج العراق في دوامة الصراعات بالمنطقة، داعيا الكتل السياسية إلى النأي بالبلاد عن التجاذبات، وألا يستخدم العراق ساحة لتصفية الحسابات.

مصير مشروط

وتعليقا على مدى استجابة الإطار الشيعي لإصلاح النظام السياسي في العراق، قال مناف الموسوي مدير مركز "بغداد" للدراسات، إن "التغيير والإصلاح لا يحصل بالأمنيات ولا بالدعوات، وإنما بوجود رغبة حقيقية ومشروع ورؤية استراتيجية تنتج عنها خطط لعمليات إصلاحية للواقع العراقي".

وأضاف الموسوي لـ"عربي21" أن "الإصلاح لابد أن يعالج الكثير من المشكلات والفساد، وسبق أن قدم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مشروع في هذا الصدد، لكن جرت محاربته، وبالتالي هل لدى من يحاربون المشاريع الإصلاحية لديهم الرغبة الحقيقية في إصلاح واقع النظام السياسي للبلد؟".

وتساءل الموسوي، أيضا: "هل تستطيع القوى الحاكمة اليوم أن تقدم المفسدين للعدالة وترفع الحماية عنهم، لأن الإصلاح يحتاج إلى وقفة حقيقية والتخلي عن الفاسدين وعدم إنتاجهم من جديد، والسيطرة على المال السياسي".

ولفت إلى أن "المبعوث الأممي، لديه رسائل نقلها إلى العراق، لكني لا أتوقع أن تستجيب الكتل السياسية الحاكمة لأي نداءات نحو الإصلاح، لأنها تمتلك المال السياسي، ولديها جماعات مسلح لا تتخلى عن كل ذلك بهذه السهولة أو برسائل وإنذارات".

وبحسب الموسوي، فإنه "في حالة واحد تذهب القوى السياسية الحاكمة في العراق إلى تقديم تنازلات، وهي عندما تستشعر بالخطر الحقيقي على وجودها، لكنها لن تذهب إلى إصلاح حقيقي شامل".

وفي السياق ذاته، استبعد المحلل السياسي جبار المشهداني، وجود أي تهديدات حقيقي تجاه النظام السياسي العراقي الذي تشكل أساس المحاصصة طائفية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.



وقال المشهداني في حديث لـ"عربي21" إنه "لا تهديد جدي للنظام السياسي العراقي، وأن كل ما يجري من اتصالات وزيارات سياسية متبادلة ورسائل من أطراف إقليمية ودولية تتلخص في قضيتين".

وأوضح المشهداني، قائلا: "القضية الأولى، هي ضمان عدم تدخل العراق عسكريا في ما يجري بسوريا. أما الثاني، فهو إجراء إصلاحات داخلية تتعلق بتوسيع صلاحيات الحكومة في القرار الأمني، وتحجيم دور الفصائل المسلحة".

وفي المقابل، رأى السياسي والبرلماني العراقي السابق، ظافر العاني، أن
المجتمع الدولي يراهن على الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني، بأنها تستطيع اتخاذ قرارات شجاعة وجريئة، تجنب النظام السياسي  أي تداعيات.

وأضاف العاني خلال مقابلة تلفزيونية، الاثنين، أن "مصير النظام السياسي العراقي مشروط باتخاذه تعديلات، لأن العقوبات التي ستفرض على إيران في المرحلة المقبلة ستطاله، وبالتالي يجب أن يجري فصل سريع للتوأم السيامي بين العراق وإيران".

وفي مطلع تشرين الأول الماضي، أصدر المرجع الشيعي في النجف، علي السيستاني، بيانا بعد لقائه الممثل الأممي، محمد الحسان، شدد فيه على منع التدخلات الخارجية في العراق بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية سوريا الأسد العراق الإطار الشيعي العراق سوريا الأسد الإطار الشيعي ردع العدوان المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السیاسی محمد الحسان فی العراق

إقرأ أيضاً:

من هو الشيخ الذي عاتب الشرع بسبب التهميش؟ مؤيد لنظام الأسد (شاهد)

عاتب شيخ عشائري، الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد انتهاء مراسم قسم أول حكومة سورية في العهد الجديد.

وخلال خروج الشرع والوزراء الجدد من قصر الشعب في دمشق، وقف شيخ بوجهه، معاتبا إياه على تهميش السويداء، وغيابها عن التشكيل الوزاري الجديد، قائلا إن بدو السويداء يوجد بينهم مثقفين وشخصيات على كفاءة عالية.

وقال الشيخ "نحن مهمشون عن دور الأول (النظام المخلوع) وعن دوركم"، ليرد عليه الشرع بأن وزير الزراعة من السويداء، وأنه تمت دعوته أيضا، في إشارة إلى عدم تهميشه أو تهميش الفئة التي يمثلها.


ولاحقا، تداول ناشطون فيديو للشيخ الذي تبين أن اسمه سعود نايف النمر، وهو شيخ عشيرة الشنابلة إحدى أبرز عشائر بدو السويداء.

واللافت أن الشيخ سعود النمر كان من أبرز مؤيدي نظام بشار الأسد، وظهر في لقاءات تلفزيونية يدعو أهالي السويداء إلى الالتفاف خلف الأسد، كما دعا أي شخص مطلوب إلى تسليم نفسه.

وناشد النمر الرئيس المخلوع الأسد في لقاء سابق، بفرض سيطرته على محافظة السويداء، والتي كانت فصائل معارضة محلية تسيطر عليها بشكل مؤقت خلال الثورة.

وقال النمر في لقاء سابق إن "الشعوب العربية تدعم سوريا، بينما خان بعض الحكام العرب سوريا بتحالفهم مع "مجرمين" خارجيين، بما في ذلك إسرائيل".


شيخ عشيرة الشنابلة في السويداء سعود نايف النمر يوجه كلاماً للرئيس السوري أحمد الشرع عقب انتهاء الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد: "احنه مهمّشين على الدور الأول وعلى دوركم" pic.twitter.com/80ugcnkePc

— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) March 30, 2025

"الشيخ سعود النمر" يطلب من الرئيس المخلوع بشار الأسد فرض سيطرته على السويداء ويقول للرئيس أحمد الشرع في مؤتمر تشكيل الحكومة السورية الجديدة "نحن مهمشين" pic.twitter.com/DhCfzC4pg4

— ZAMANALWSL - زمان الوصل (@zamanalwsl) March 30, 2025

هذا هو الشخص الذي خرج في نهاية إعلان الحكومة السورية الجديدة واعترض الرئيس بحجة التهميش واسمه سعود نايف النمر شيخ عشيرة الشنابلة في محافظة السويداء
اسمعوا كم كان مهمشاً ومظلوماً أيام نظام الأسدين الأب والإبن pic.twitter.com/IBs67ZEdM9

— عمار آغا القلعة | Ammar (@Ammaraghaalkala) March 30, 2025

مقالات مشابهة

  • السوريون يؤدون أول صلاة عيد بعد سقوط بشار الأسد
  • أنس خطاب.. من ظل الاستخبارات إلى واجهة داخلية سوريا..
  • سعادة وتفاؤل.. اللاجئون السوريون في دهوك يحيون أول عيد بعد سقوط الأسد (صور)
  • بالفيديو .. من هو الشيخ الذي عاتب الشرع بسبب التهميش؟ مؤيد لنظام الأسد
  • أسواق حلب تستعيد زخمها أول عيد بعد سقوط الأسد
  • من هو الشيخ الذي عاتب الشرع بسبب التهميش؟ مؤيد لنظام الأسد (شاهد)
  • سوريا والتحديات الداخلية والخارجية
  • لأول مرة منذ سقوط الأسد.. سوريا تعلن موعد ومصليات العيد
  • تداعيات سقوط نظام الأسد على القضية الفلسطينية.. قراءة في ورقة علمية
  • الأول بعد سقوط الأسد في سوريا.. بأي حال عدت يا عيد؟