كتب رضوان عقيل في" النهار": تكثر الأسئلة عند الحزب التقدمي الاشتراكي وتصل إلى حدود القلق على مستقبل سوريا وما يحل بمكوناتها، علما أن الموحدين الدروز يشكلون جزءا لا يتجزأ من خريطتها.
الزلزال الذي حدث في سوريا وقلب صورتها والمنطقة في أقل من أسبوع لا يغيب عن دفتر يوميات وليد جنبلاط.
صحيح أن جنبلاط كان أول من سارع إلى الاتصال برئيس "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع مهنئا بالتخلص من جحيم النظام السابق، لكنه في المقابل يخشى ألا تكون الخطابات التي تطلق من هنا وهناك على مستوى التوقعات حيال مستقبل سوريا واحترام خصوصيات مكوناتها وضرورة عدم تكرار أي من أساليب حكم آل الأسد الذي استمر 54 عاما.

ولا يخفي جنبلاط قلقه الشديد من "التغلغل الإسرائيلي" في المجتمع الدرزي في السويداء والبلدات المتاخمة للجولان المحتل والتي قضمت منها إسرائيل مساحات كبيرة في الأيام الأخيرة ووصلت قواتها العسكرية إلى مسافة أقل من 20 كيلومترا من دمشق ومعبر المصنع على الحدود اللبنانية. وتلفت مصادر درزية مواكبة إلى أن الشيخ موفق طريف الذي يتعاون مع الحكومة الإسرائيلية تُقدّم له تسهيلات تمكّنه من التواصل مع فاعليات درزية في سوريا، وإن كانت أكثر فئات هذا المكون تتمسك بعروبتها، بغض النظر عن كل ما أصابها وما تلقته من مضايقات من حلقة الأسد ومجموعة من قيادات البعثيين. 
ويبقى أن ما يهمّ جنبلاط في الدرجة الأولى هو الحفاظ على هوية الدروز والاستناد إلى ما خلّفه وأرساه الزعيم العربي سلطان باشا الأطرش الذي رفض عام 1925 إقامة دولة درزية إبان الانتداب الفرنسي. واتخذ الخيار نفسه كمال جنبلاط عندما تلقى رسالة مسؤولين إسرائيليين بطريقة غير مباشرة عام 1967.
وعلى الرغم من الكلام المشجع الذي سمعه جنبلاط من أحمد الشرع، فإن جملة من الأمور ستبقى تشغله، وسيتواصل بالطبع مع المسؤولين الأتراك الذين يشكلون الجهة الخارجية الأولى الراعية لـ"هيئة تحرير الشام" والمواكبة لتفاصيل تغييرات المشهد السياسي في سوريا التي يعاين جنبلاط تطوراتها بعناية شديدة، مع توقفه عند مخططات إسرائيل وما تعمل لتحقيقه ورسمه في سوريا، وخصوصا حيال الأكراد شمالا والدروز جنوبا.
ولذلك يشغل موضوع الدروز في سوريا جنبلاط ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان، وقد اجتمعا قبل أيام، ويتعاملان بحذر مع "التغلغل الإسرائيلي" في البيئة الدرزية في سوريا، ويحذران من أصوات تطالب بانضمام بلدات درزية إلى الجولان المحتل والانفصال عن سوريا بعد رحيل الأسد، بحجة التوجس من السنّة.  
وفي زحمة كل هذه التساؤلات والمفاجآت، لا ينفك جنبلاط يدعو إلى إثبات عروبة الدروز وكل الفئات السورية الأخرى. وفي معلومات لـ"النهار" أنه والرئيس نبيه بري ناقشا موضوع سوريا بإسهاب، ليس من زاوية أحوال الدروز فحسب بل من ناحية تأثير هذه الدولة الجارة على كل لبنان الذي سيكون أول المتضررين في حال تقسيم سوريا إلى دويلات.
وبعد انتهاء رئيس المجلس من اجتماعه الأخير بجنبلاط، خرج وهو يردد: "وليد جنبلاط كان وسيبقى منارة عربية، وخصوصا في زمن الأخطار التي تهدد لبنان والمنطقة".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا بقيادة الشرع.. حكم معتدل أم إشعال للإرهاب العالمي؟

تناول المحلل السياسي ماكس روانت، محرر مشارك في مجلة "لو آند ليبرتي" الحركة الجهادية العالمية المتطورة في ضوء السقوط الدرامي لنظام بشار الأسد في سوريا، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

العالم يجب أن يراقب سوريا عن كثب



وقال الكاتب في مقاله بموقع المجلة الإلكترونية الأمريكية: في حين يمثل رحيل الأسد انتصاراً استراتيجياً لخصومه ونكسة كبيرة لمحور المقاومة الإيراني، فإنه يثير أيضاً مخاوف بشأن "هيئة تحرير الشام"، التي قادت الحملة لإسقاط الأسد، ولكنها تركت مخاوف مما إذا كان أحمد الشرع سيقود سوريا نحو الحكم المعتدل، أو يعيد إشعال "الجهاد العالمي". سقوط الأسد وتداعياته الجيوسياسية يُنظَر إلى سقوط الأسد باعتباره خسارة استراتيجية لإيران. فقد بدأ نفوذ طهران الإقليمي، الذي تجسد في استراتيجيتها "الهلال الشيعي" الذي يغطي العراق وسوريا ولبنان واليمن، في التفكك. ضعف حزب الله، حليف إيران الرئيسي، ومع خسارة سوريا، تواجه إيران تحديات كبيرة لطموحاتها القديمة. ومع ذلك، فإن التفاؤل يخففه القلق بشأن الحكم المستقبلي لهيئة تحرير الشام، تحت حكم الشرع.
المشهد "الجهادي" العالمي


وأكد الكاتب على الأهمية الأوسع لانتصار "هيئة تحرير الشام" في سوريا، وخاصة بالنسبة للحركات "الجهادية" العالمية. فعلى مدار العقد المنصرم، تحول مركز الجهادية من الشرق الأوسط إلى أفريقيا. والآن تواجه دول مثل نيجيريا والصومال ومالي وبوركينا فاسو حركات تمرد مستمرة تنافس الوجود الهائل لتنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا.
وعلى سبيل المثال، تتصدر بوركينا فاسو الإرهاب في عام 2023،. وتوصف مالي بأنها "ساحة جهادية واسعة"، حيث تزدهر جماعات، مثل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين". وفي الصومال، يستمر تمرد "حركة الشباب" الإرهابية، على الرغم من التدخلات المتعددة الجنسيات.

 

 

What does Syria’s new government tell us about the future of global jihad?

Consider with associate editor @MaxProwant:https://t.co/TsV9AHd2wz

— Law & Liberty (@LawLiberty) January 14, 2025


تعطي هذه الجماعات "الجهادية" الأفريقية الأولوية للحكم المحلي، وغالباً ما توفر الأمن والخدمات الأساسية في المناطق التي تعاني من الفقر وإهمال الدولة. وتعكس براغماتيتها المناقشات داخل الحركات "الجهادية" حول ما إذا كان ينبغي التركيز على التمردات المحلية أو طموحات الخلافة العابرة للحدود الوطنية. ويمكن أن يكون مسار "هيئة تحرير الشام" تحت قيادة الشرع نموذجاً - أو حكاية تحذيرية - لمثل هذه الجماعات.

تطور هيئة تحرير الشام والشرع

خضعت "هيئة تحرير الشام"، التي كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش" الإرهابيين، لتحول كبير تحت قيادة الشرع، حيث أظهر ميولاً براغماتية مدهشة برغم أن جذوره تضرب في الجهاد العالمي المثير للقلق؛ فقد كان من المقربين من أبو مصعب الزرقاوي وأبو بكر البغدادي.

 

What does Syria’s new government tell us about the future of global jihad?

Consider with associate editor @MaxProwant:https://t.co/TsV9AHd2wz

— Law & Liberty (@LawLiberty) January 14, 2025


منذ تشكيل "هيئة تحرير الشام" في عام 2017، أبعد الشرع جماعته عن الشبكات "الجهادية" العابرة للحدود الوطنية. وركز خطابه وأفعاله على هزيمة الأسد والقوات الإيرانية في حين حاول حكم محافظة إدلب بطريقة معتدلة نسبياً، عبر السماح للأقليات الدينية بالتعايش، والسماح للنساء بالتخلي عن الحجاب والالتحاق بالجامعات، وتجنب العقوبات القاسية على المخالفين، مثل تلك التي فرضها تنظيم داعش الإرهابي.
هذا الخط البراغماتي يميز الشرع عن المتشددين، مثل الزرقاوي أو الظواهري، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان نموذج الحكم الذي تتبناه "هيئة تحرير الشام" يمكن أن يلهم الجماعات "الجهادية" في إفريقيا لتعديل أيديولوجياتها.

سوريا.. مختبر جهادي وقال الكاتب: "يقدم سقوط الأسد وصعود هيئة تحرير الشام دراسة حالة فريدة للجهاد العالمي. إن تبني "هيئة تحرير الشام" لنهج حوكمة أكثر شمولاً قد يوفر نموذجاً للجماعات في إفريقيا، التي تكافح في مناقشات داخلية حول الاستراتيجية والأيديولوجية. لكن في حال عاد الشرع إلى جذوره المتطرفة، فقد يشجع ذلك "الجهاديين" العالميين، ويعيد تنشيط الإرهاب العابر للحدود الوطنية".

تمتد المخاطر إلى ما هو أبعد من سوريا، إذا فشلت هيئة تحرير الشام في الحفاظ على مسارها المعتدل، فقد يؤدي ذلك إلى تنشيط الفصائل "الجهادية" في جميع أنحاء العالم، وخاصة في إفريقيا.
وفي نهاية المطاف، يخلص الكاتب إلى أن العالم يجب أن يراقب سوريا عن كثب، لأن نتائجها سوف يكون لها آثاراً عميقة على مستقبل "الجهاد" العالمي والحرب الدولية ضد الإرهاب.

مقالات مشابهة

  • سوريا.. الجغرافية المشاكسة
  • سوريا وتهافت المتهافتين
  • بعد سقوط الأسد.. انطلاق تصوير أول مسلسل درامي في سوريا
  • فاتن حمامة.. سيدة الشاشة العربية التي لم يطوِها الغياب
  • الأولى منذ سقوط الأسد.. ما دلالات الغارة التي نفذها التحالف الدولي في إدلب؟
  • إرث الأسد الثقيل.. كيف يبدأ مسار العدالة الانتقالية في سوريا؟
  • الإليزيه: فرنسا تستضيف مؤتمرا بشأن سوريا فبراير المقبل
  • لماذا يستمر تهريب المخدرات من سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟
  • العربية لحقوق الإنسان: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو الاستحقاق الذي يفرضه القانون
  • سوريا بقيادة الشرع.. حكم معتدل أم إشعال للإرهاب العالمي؟