قوة ضد الإرهاب.. الأكراد مهددون في ظل الأوضاع الجديدة على أرض سوريا
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
القوات الكردية التى لعبت دورًا حاسمًا فى مكافحة داعش أصبحت الآن تحت تهديد متزايد، مع تحول ديناميكيات القوة الإقليمية فى سوريا.
وأصبحت قوات سوريا الديمقراطية التى يقودها الأكراد الآن عالقة فى موقف محفوف بالمخاطر بين الميليشيات المدعومة من تركيا والتحالفات المتغيرة فى سوريا ما بعد الأسد.
لأكثر من عقد من الزمان، كانت القوات الكردية حليفة رئيسية للولايات المتحدة فى سوريا، حيث قدمت مساعدة عسكرية كبيرة فى المعركة ضد داعش. حررت قوات سوريا الديمقراطية المدن التى استولى عليها التنظيم المتطرف، وساعدت استخباراتها فى اعتقال الآلاف من مقاتلى داعش. ومع ذلك، فإن نجاحها لم يأت دون عواقب. ففى حين كانت القوات الكردية لا غنى عنها فى القتال ضد داعش، فإنها تواجه الآن تهديدات متزايدة من تركيا، الخصم القديم.
لطالما نظرت تركيا إلى القوات الكردية فى سوريا على أنها متحالفة مع حزب العمال الكردستاني، وهى المجموعة التى شنت تمردًا ضد تركيا لعقود من الزمن. وكان هذا الارتباط نقطة توتر رئيسية بين تركيا والقوات الكردية فى سوريا. استهدف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان القوات الكردية مرارًا وتكرارًا، واعتبرها تهديدًا مباشرًا لسلامة أراضى بلاده.
فى أعقاب المشهد السياسى المتغير فى سوريا، ينتهز أردوغان الفرصة لتأكيد الهيمنة التركية، وخاصة فى المناطق التى احتلت فيها القوات الكردية معاقل، مثل المناطق الشمالية الشرقية من سوريا. كان الجيش الوطنى السورى المدعوم من تركيا خصمًا هائلًا لقوات سوريا الديمقراطية، وتشكل جهود أردوغان لزعزعة استقرار السيطرة الكردية مصدر قلق كبير لكل من المقاتلين الأكراد والولايات المتحدة.
مستقبل سوريا غير مؤكد، مع صعود الجماعات الإسلامية مثل هيئة تحرير الشام التى تؤثر على حكم البلاد. ومع انتزاع هذه الجماعات السيطرة من نظام الأسد، يتزايد النفوذ التركي، مما يجعل الأكراد عُرضة للخطر بشكل متزايد. ويشير خبراء مثل وائل الزيات، الخبير فى الشئون السورية، إلى أن الهيمنة التركية من المرجح أن تحدد مستقبل المنطقة.
وأصبح موقف الأكراد فى شمال شرق سوريا ضعيفا بشكل متزايد مع تكثيف نفوذ تركيا على الصراع السوري. ويسلط نيكولاس هيراس، المحلل البارز فى معهد نيو لاينز، الضوء على المخاطر التى يفرضها هذا التحول الديناميكي، مشيرًا إلى أن القوات المدعومة من تركيا شاركت بالفعل فى هجمات مباشرة ضد قوات سوريا الديمقراطية، مع دعم بالغارات الجوية والمدفعية التركية لهذه الجهود.
ويتفاقم الوضع بسبب وجود قوات المتمردين السوريين المتحالفة مع تركيا، مما زاد من الضغوط العسكرية على القوات الكردية.
دور الولايات المتحدةتظل الولايات المتحدة لاعبًا محوريًا فى النضال الكردي، وخاصة مع سعى تركيا إلى كسب المزيد من الأرض فى سوريا. ويعمل المسئولون الأمريكيون على إدارة التوازن الدقيق بين الحفاظ على الدعم للأكراد، الذين يشكلون أهمية حاسمة فى القتال ضد داعش، وبين معالجة المخاوف التركية بشأن حزب العمال الكردستاني. وتؤكد الزيارات الأخيرة التى قام بها مسئولون أمريكيون إلى تركيا على هذا الحبل الدبلوماسى المشدود، حيث أكد وزير الخارجية أنتونى بلينكين على أهمية احتواء داعش، مع التعامل فى الوقت نفسه مع مخاوف تركيا بشأن القوات الكردية. وعلى الرغم من هذه الجهود، تواجه القوات الكردية مسارا صعبا فى المستقبل. وكما أشار الجنرال مظلوم عبدى من قوات سوريا الديمقراطية، لعبت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضى، دورًا حاسمًا فى تأمين وقف إطلاق النارمثل ذلك الذى تم التوصل إليه فى منبج فى وقت سابق من هذا الشهر. ومع ذلك، فإن الانسحاب المستمر للقوات الكردية من مواقع رئيسية، مثل مدينة منبج، يثير المخاوف بشأن مستقبل الحكم الذاتى الكردى فى المنطقة.
نقاط الاشتعال فى الشمالالوضع حرج بشكل خاص فى كوباني، وهى مدينة ذات أهمية رمزية هائلة للأكراد. تقع كوبانى إلى الجنوب مباشرة من الحدود التركية، وأصبحت نقطة محورية فى المعركة ضد داعش فى عام ٢٠١٥، عندما نجح المقاتلون الأكراد، إلى جانب القوات الأمريكية، فى صد حصار داعش الوحشي. والآن، ومع اكتساب القوات المدعومة من تركيا المزيد من الأرض، قد تصبح كوبانى نقطة الاشتعال التالية فى الصراع الدائر.
ويشير هيراس إلى أن القوات التركية ربما تستعد لغزو كوباني، وهو ما قد يخلف عواقب مدمرة على القوات الكردية. وقد بدأ الآلاف من المدنيين الأكراد فى الفرار من المنطقة بالفعل، فى انتظار المزيد من التصعيد. ويثير احتمال شن عملية عسكرية تركية واسعة النطاق فى المنطقة مخاوف جدية، حيث يخشى الأكراد أن يضطروا إلى التنازل عن السيطرة على أراضيهم الغنية بالنفط لصالح الميليشيات المدعومة من تركيا.
إن المخاطر الجيوسياسية فى سوريا مرتفعة، مع احتمال اندلاع صراع أوسع نطاقا. إن العمليات العسكرية التركية فى سوريا، تحت ستار مكافحة الإرهاب، قد تعيد إشعال التوترات مع الولايات المتحدة، وخاصة إذا استهدفت القوات الكردية التى كانت حاسمة فى الحرب ضد داعش. حذر مسئولون أمريكيون مثل السيناتور ليندسى جراهام من أن أى عدوان تركى ضد الأكراد قد يخاطر بعودة داعش ويعرض المصالح الأمريكية فى المنطقة للخطر. فى هذه البيئة المتقلبة، أعربت شخصيات سياسية كردية مثل سينام شركانى محمد عن إحباطها من تصرفات تركيا، متهمة أنقرة بزعزعة استقرار المنطقة بينما تخفى طموحاتها الإقليمية تحت ستار مكافحة الإرهاب. يجد الأكراد، الذين كانوا حلفاء للولايات المتحدة منذ فترة طويلة، أنفسهم الآن فى وضع محفوف بالمخاطر، مع مستقبلهم غير مؤكد وسط تحالفات إقليمية متغيرة.
لحظة محورية للقوات الكرديةمع استمرار تطور ديناميكيات القوة فى سوريا، يظل دور الأكراد فى المنطقة بالغ الأهمية. ومع تنامى نفوذ تركيا واحتمال شن هجوم عسكرى فى المناطق الرئيسية التى يسيطر عليها الأكراد مثل كوباني، فإن مستقبل القوات الكردية فى خطر. وسوف تحتاج الولايات المتحدة إلى لعب دور محورى فى التفاوض على اتفاق سلام مستدام بين الأكراد وتركيا، مع ضمان عدم التراجع عن المكاسب التى تحققت فى القتال ضد داعش. وسوف تكون الأشهر المقبلة حاسمة فى تحديد ما إذا كان الأكراد قادرين على الاحتفاظ بممتلكاتهم الإقليمية وتحقيق هدفهم الذى طال انتظاره المتمثل فى مزيد من الحكم الذاتى فى سوريا ما بعد الأسد.
ومن المرجح أن تمتد التداعيات الجيوسياسية لهذا الصراع إلى ما هو أبعد من سوريا، مع عواقب محتملة على استقرار الشرق الأوسط الأوسع والسياسة الخارجية الأمريكية. ومع تطور الموقف، سوف تستمر القوات الكردية فى كونها لاعبًا رئيسيًا فى ديناميكيات المنطقة المعقدة والمتطورة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الارهاب الأكراد داعش مكافحة داعش قوات سوريا الديمقراطية بشار الأسد الحرب ضد داعش القوات الكردية قوات سوریا الدیمقراطیة الولایات المتحدة فى المنطقة فى سوریا ضد داعش
إقرأ أيضاً:
السيسي: مصر تتابع الأوضاع الإقليمية وتعمل على إنهاء الأزمات
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، أن القاهرة "تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية.. وتعمل على إنهاء الأزمات".
وذكر السيسي، خلال اجتماعه بعدد من قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الإستراتيجية، أن "الدولة المصرية تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية استنادا لثوابت السياسة المصرية القائمة على التوازن والاعتدال اللازمين في التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دول المنطقة بأسرها".
وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي أن "اللقاء تناول تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري، فضلاً عن استعراض الجهود التي تبذلها القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية في حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث".
كما شدد الرئيس في هذا الصدد على "ضرورة تعظيم قدرات كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها، مؤكداً على أهمية الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحفاظ على الوطن إيماناً منهما بالمهام المقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها العظيم مهما كلفهما ذلك من تضحيات".
وأبرز المتحدث الرسمي أن "الرئيس السيسي أكد على أن الظروف الحالية برهنت على أن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة، مشيرا إلى استمرار جهود التنمية الشاملة في كافة ربوع مصر سعياً نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب المصري".