بعد سقوط الأسد.. تعرف على قصة الجاسوس الإسرائيلي «إيلي كوهين» وتفاصيل إعدامه
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد هروب بشار الأسد من الأراضي السورية وسقوط نظامه، عادت إلى الواجهة من جديد قضية «إيلي كوهين» الجاسوس الأشهر في تاريخ إسرائيل، إن لم يكن في العالم.
قصة الجاسوس الإسرائيلي «إيلي كوهين»ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن نادية كوهين، أرملة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي دفنت جثته في دمشق بعد إعدامه عام 1965، عن تفاؤلها بأن إطاحة الأسد قد تؤدي إلى إنهاء هذه القضية.
وأقدم «كوهين» على ارتكاب أعمال إرهابية بمصر خلال إقامته بها، في أشهر قضية في خمسينيات القرن الماضي، والتي تعرف بقضية «لافون».
دخوله الأراضي السوريةكان المحطة الأهم في حياته، سوريا، والتي دخلها جاسوسا، مقربا من الصفوف الأولى بالنظام السوري، حتى قيل عنه إنه أوشك على تقلد منصب رئيس الوزراء، فيما تم تداول أنه كان مرشح لمنصب نائب وزير الدفاع السوري.
تجسيد حياته في الدراما والسينماجُسدت حياته في الدراما والسينما عدة مرات، لعل أحدثها هو مسلسل حمل اسم «الجاسوس» من إنتاج منصة «نتفلكس»، فيما أشارت تقارير إلى أن شخصية مأمون بيك في مسلسل باب الحارة كانت إسقاط له.
وفي عام 1987، أنتج فيلم أمريكي يحمل اسم «جاسوس المستحيل The Impossible Spy».
مولده ونشأتهولد إيلياهو بن شاؤول كوهين بالإسكندرية في 6 ديسمبر عام 1924، وانتقلت عائلته في العام نفسه وقبل أشهر من ولادته من حلب في سوريا لتستقر في مصر.
أتقن إيلي العربية والفرنسية والإنجليزية والعبرية، وتعلم في مدارس يهودية قبل دخوله مجال الهندسة في جامعة «الملك فاروق- جامعة الإسكندرية».
وعندما بلغ الـ20 انضم إلى منظمة الشباب الصهيوني اليهودي في الإسكندرية التي عملت على حث اليهود هناك للانتقال إلى ما تسمى «دولة إسرائيل» في العام 1948 بعد قيامها، مشاركا في مهمات أمنية للاستخبارات الإسرائيلية.
عملياته ضد اليهودمن أهم العمليات التي شارك فيها، تفجيرات ضد مصالح أمريكية ويهودية هدفت إلى إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما، بعد ثورة 23 يوليو عام 1952. والهدف الثاني، كان تخويف اليهود وحملهم على الانتقال إلى إسرائيل، لكن هذه العمليات ما لبثت أن انكشفت في يوليو من العام نفسه، ليقع إيلي كوهين مع آخرين في قبضة أجهزة الأمن المصرية، وحوكموا تبعًا لقضية أطلق عليها اسم «لافون»، نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لافون الذي اتهِم بإعطاء الأوامر لتنفيذها، وهذه العمليات كانت سببًا أساسيًا في تشكيل جهاز الاستخبارات المصرية، برئاسة زكريا محيي الدين، وفي قت لاحق، خرج إيلي كوهين من هذه القضية من دون إثبات التهمة عليه.
انضمامه للموسادانتقل «كوهين» إلى إسرائيل في العام 1955، حيث التحق بالوحدة 13 في الموساد، الذي أعاده إلى القاهرة، واعتقل مرة ثانية بعد العدوان الثلاثي على مصر في نوفمبر 1956، ولكن اعتقاله لم يدُم طويلًا، ليعود إلى تل أبيب، لكن دون الالتحاق إلى جهاز الموساد.
وتزوج من يهودية من أصول عراقية في العام 1959، لكن الموساد لم يتخلّ عنه وأعاد الاتصال به، لمهمة في دمشق.
بدأت عملية تجنيد إيلي كوهين لهذه المهمة عندما كانت سوريا ضمن دولة الوحدة المصرية السورية، برئاسة جمال عبدالناصر، وفي عهد العقيد عبدالحميد السراج، رئيس الاستخبارات العامة، ليغير هويته الكاملة إلى كامل أمين ثابت، ولم يكن هذا إلا البداية.
التمهيد للذهاب إلى سورياانتقل كامل أمين ثابت يُفترَض أنه سوري مسلم هاجر من سوريا إلى مصر في العام 1946 ومن هناك انتقل في العام 1947 مع عائلته إلى الأرجنتين التي كان سبقهم إليها أحد أعمامه، حيث يعمل في تجارة الأقمشة.
وتقضي المهمة بذهابه إلى «بوينس أيرس»، وبشخصيته الجديدة يتعرف إلى سوريين يعرب لهم عن رغبته في العودة إلى بلاده بسبب حنين داخلي، في وقت كانت دمشق تنام على انقلاب وتصحو على آخر، ودُرّب على استخدام أجهزة الاتصال السرية اللاسلكية وعلى الكتابة بالحبر السري.
كما تعلم مبادئ الدين الإسلامي وتعاليمه. كانت المسألة تخفي مخاطرة كبيرة كيهودي إسرائيلي وعليه أن يدخل إلى دولة معادية وأي خطأ يودي به إلى الإعدام، عدا عن تركه زوجته من دون أن يعلن لها عن وجهته.
عندما حصل الانفصال بين مصر وسوريا في 28 سبتمبر 1961 بعد الانقلاب الذي قاده العقيدان عبدالكريم النحلاوي وحيدر الكزبري، قُرّر انتقاله إلى دمشق.
في 1962 استقر كوهين في شقة سكنية في حي أبورمانة الذي تعيش فيه نخبة من القيادات السورية وتنتشر مقرات عدد من سفارات الدول الأجنبية، ومن هذه النقطة هناك بعث برسالته السرية الأولى إلى مشغليه في الموساد، كإشارة إلى أنه استقر وبدأ في العمل.
لم يعلن كوهين أي التزام سياسي بأي جهة في سوريا، حتى لا يتم افتضاح أمره، بل اتجه إلى عالم الأعمال بشكل مباشر مستفيدًا من مساعدة الموساد له في أعمال تجارية تؤمن له تمويلًا ذاتيًا وحضورًا في المجتمع الراقي.
علاقات مع كبار رجال الدولةأقام علاقة أساسية مع معزى زهر الدين ابن شقيق اللواء عبدالكريم زهر الدين رئيس الأركان بعد الانفصال ووزير الدفاع أيضًا، ما سهل له الوصول إلى التحصينات العسكرية السورية على جبهة الجولان. حتى أنه بعد انقلاب البعث حلّ ضيفًا على الإذاعة السورية، حيث كان على علاقة وثيقة مع الصحفي جورج سيف الذي يعمل فيها.
في الأثناء، اقترب كثيرًا من معرفة مكان الضابط النازي ألويس برونير مساعد أدولف إيخمان الذي اختطفه الموساد من الأرجنتين إلى تل أبيب حيث نفذ فيه الإعدام عام 1962.
افتضاح أمرهكان يبعث برسائله المشفرة إلى مشغليه في بلاده في وقت محدد يوميًا، وبحكم موقعه في حي السفارات حصل تشويش على رسائل السفارة الهندية في الوقت نفسه، فأعلمت السلطات السورية التي بدأت البحث مستعينة بجهاز روسي لتعقب إشارات الإرسال حتى حُدّدت، فاقتحمت عناصر من الاستخبارات السورية الشقة وقبضت عليه، متلبسًا، وبواسطة إشارات أرسلها، عَلِم الموساد بالأمر.
فيما نقلت شبكة الـBBC البريطانية،عن الكاتب الصحفي الراحل، محمد حسنين هيكل إن المخابرات المصرية هي التي كشفته بعد رصد أحد ضباطها لكوهين ضمن المحيطين بأمين الحافظ في صور خلال تفقده مواقع عسكرية.
الحكم بإعدامه.. وقبره المجهولبعد محاكمة سريعة مغطاة إعلاميًا، نُفّذ حكم الإعدام شنقًا بكوهين في ساحة المرجة في دمشق في 15 مايو 1965، ودُفن في مكان لم يعلن عنه.
بعد اندلاع الثورة في سوريا منذ 15 مارس 2011 والتدخل الروسي، استمرت محاولات تل أبيب لاسترجاع الرفات، من دون نتيجة. لكن في يوليو 2018 أعلنت استعادتها الساعة التي كانت في معصم يده قبل إعدامه وسلمتها لزوجته في مايو.
وبحسب شبكة الـBBC البريطانية، فإن هناك تقارير تقول تقارير غير مؤكدة أنه عرض عليه منصب نائب وزير الدفاع، فيما أفادت تقارير إعلامية عالمية بأنه كاد أن يصبح رئيس للوزراء.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بشار الأسد سقوط حكم بشار الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الإسرائيلي إيلي كوهين الموساد إسرائيل مصر سوريا إیلی کوهین فی العام
إقرأ أيضاً:
أبعاد ودلالات أول زيارة لوزير الخارجية السوري إلى تركيا بعد سقوط الأسد
أنقرة– تستقبل العاصمة أنقرة، اليوم الأربعاء، وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من الإدارة السورية الجديدة إلى تركيا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وتأتي زيارة الشيباني لأنقرة في سياق جولة دبلوماسية مكثفة أجراها في عدد من الدول العربية، شملت السعودية والإمارات وقطر والأردن.
وفي ظل هذا الحراك الدبلوماسي المتسارع، يرى مراقبون أن زيارة الشيباني لأنقرة تبرز كإشارة ذات دلالات عميقة على رغبة الطرفين في صياغة مرحلة جديدة للعلاقات بينهما، بما يعكس التغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة ومستقبل التعاون الإقليمي.
وكانت الخارجية التركية، قد أكدت -مساء أمس الثلاثاء- أن وفدا رفيع المستوى من الإدارة الجديدة في سوريا يترأسه وزير الخارجية سيزور البلاد، وأن وزير الخارجية هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، سيعقدون اجتماعا مع نظرائهم السوريين خلال الزيارة.
مباحثات فيدان والشيباني ستركز على الجوانب الأمنية (الأناضول) وفد رفيعووفقا لما أوردته وسائل إعلام تركية، يضم الوفد السوري إلى جانب الشيباني وزيرَ الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، ومن المتوقع أن يلتقي الوفد بالرئيس التركي رجب أردوغان ومسؤولين أتراك آخرين.
إعلانوكانت تركيا في طليعة الدول التي بادرت بالتواصل مع القيادة الجديدة في دمشق، بعد دعمها لفصائل المعارضة السورية في عملية "ردع العدوان" التي تمكنت خلالها من الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
إذ زار دمشق رئيسُ جهاز الاستخبارات التركي في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعقبه وزير الخارجية في 22 من الشهر ذاته، وأعلنا دعمهما للإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، في إشارة لحرص أنقرة على بناء جسور التعاون في مرحلة ما بعد الأسد.
وتواصل الوفود التركية زياراتها إلى دمشق بشكل مكثف للمساهمة في دعم الوضع الجديد في هذا البلد، حيث أبدت أنقرة استعدادها لدعم الإدارة السورية في مختلف المجالات، وشمل هذا قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والتعليم والصحة والأمن والتجارة، إلى جانب مساعدة سوريا على استجماع قواها المؤسسية، وتمكين الدولة من أداء مهامها الأساسية بالمرحلة المقبلة.
ملفات التباحثبحسب تقارير إعلامية تركية، من المتوقع أن تتصدر الملفات الأمنية جدول أعمال النقاش بين الشيباني ونظيره التركي، خاصة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وملف الوجود العسكري التركي بالأراضي السورية، الذي يشكل أحد أبرز القضايا الحساسة بين البلدين.
وإلى جانب القضايا الأمنية، يُرجّح أن يشمل النقاش أيضا ملف العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، حيث تأمل الإدارة السورية الحصول على دعم تركي لتخفيف هذه العقوبات، إضافة إلى بحث التعاون في مجال الطاقة.
كما تسعى أنقرة، التي تمتلك خبرات واسعة في إعادة الإعمار، إلى لعب دور رئيسي في تأهيل البنية التحتية السورية، بما يشمل المطارات والطرق والمواصلات والمرافق الخدمية، تمهيداً لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وإلى جانب ذلك، يأتي ملف اللاجئين السوريين، الذين تستضيف تركيا نحو 3 ملايين منهم، من الأولويات المشتركة التي من المتوقع أن تحظى بنقاش واسع، لاسيما مع سعي سوريا لإعادة بناء مدنها وقراها لتسهيل عودتهم.
إعلانكما تركز الإدارة السورية على توحيد الفصائل المسلحة ضمن قيادة عسكرية موحدة، مع احتمال تلقي الدعم التركي في تدريب وتأهيل الجيش الوطني السوري الجديد.
وتأتي هذه المباحثات في سياق تحضيرات لزيارة مرتقبة للرئيس التركي إلى دمشق، والتي قد تمثل خطوة فارقة في إعادة تشكيل العلاقات الثنائية وترسيخ التعاون بين الجانبين في المرحلة المقبلة.
تحول إستراتيجييرى الباحث المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش أن زيارة وزير الخارجية السوري إلى أنقرة تعكس الأهمية التي توليها الإدارة السورية للعلاقة مع تركيا، واصفا الأخيرة بأنها صديق وداعم قوي للسوريين.
وأشار علوش -في حديث للجزيرة نت- إلى أن تركيا كانت من أوائل الدول التي احتضنت الإدارة الجديدة في سوريا، وأرسلت وفودا رسمية إلى دمشق وقدّمتها للعالم، مما يعكس خصوصية العلاقة بين الجانبين، موضحا أن توقيت الزيارة، الذي جاء بعد جولة الشيباني بعدد من الدول العربية، يبرز سعي دمشق لإقامة شراكات متعددة مع الفاعلين الإقليميين وتنويع علاقاتها.
وأكد الباحث أن السوريين ينظرون إلى أدوار تركيا والعالم العربي باعتبارها تكاملية، مما يعزز الاستقرار ويضمن نجاح التحول في سوريا.
وبيّن المحلل السياسي أن هناك 3 أولويات مشتركة بين أنقرة ودمشق في هذه المرحلة تُشكل الإطار العام للعلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة، وهي:
إنجاح عملية التحول السياسي في سوريا. الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. معالجة ملف الوحدات الكردية بما يحقق المصالح الأمنية لتركيا ويضمن وحدة الدولة السورية.وأضاف علوش أن الوضع الجديد في سوريا يعيد تشكيل العلاقات مع تركيا بشكل مختلف عن العقود الماضية، لافتا إلى أن هذا التحول يفتح الباب أمام بناء شراكات إستراتيجية متعددة الأوجه. واعتبر أن استقرار سوريا يمثل مصلحة أمن قومي لتركيا التي تسعى جاهدة لتحقيق هذا الاستقرار وإنجاح عملية التحول السياسي.
إعلانوشدد على وجود مجالات إستراتيجية قد تشهد زخما في العلاقات الثنائية، مثل إعادة الإعمار وإعادة بناء مؤسسات الدولة، حيث تمتلك تركيا خبرة كبيرة في هذين المجالين. كما أوضح أن تمكين الدولة السورية من استعادة السيطرة على كافة أراضيها، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، يُعد أولوية حيوية لتركيا.
مرحلة حساسةمن جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن العلاقة بين سوريا وتركيا تمر بمرحلة مؤقتة وحساسة، تتسم بالكثير من المخاطر المحتملة، مؤكدا أن هذه المرحلة تتطلب إدارة دقيقة وتنسيقا فعالا لتجنب الصراعات وضمان تحقيق الاستقرار المطلوب.
وأوضح تورال -في حديث للجزيرة نت- أن العلاقات الثنائية بين دمشق وأنقرة تُبنى من الصفر، مشددا على أهمية توفير الأدوات المناسبة لتسييرها بشكل فعّال.
ولفت إلى أن تركيا تعمل على بناء علاقة متينة مع الإدارة السورية، مع التركيز على منع "أي وجود للمنظمات الإرهابية على الأراضي السورية، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني" الذي تعتبره تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وأضاف تورال أن مستقبل العلاقة بين أنقرة ودمشق يعتمد على قدرة الطرفين على معالجة القضايا العالقة بحكمة، مشددا على أهمية وجود إرادة سياسية قوية لبناء شراكة إستراتيجية طويلة الأمد تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.