فوضى كبيرة تسود سياسة بايدن الخارجية منذ أفغانستان
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
ليست صدفة أن تتخذ نسبة التأييد لسياسات الرئيس جو بايدن، مساراً سلبياً منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان قبل عامين.
بايدن يجلي ديبلوماسيين أمريكيين ضعف ما فعل أسلافه
ويرى المحلل السابق للسياسات في وزارة البحرية صامويل بايرز في مقال بمجلة "ذا هيل" الأمريكية، أن حملة الإنتخابات الرئاسية لبايدن عام 2020، استندت في جزء كبير منها على إعادة تنصيب الحكماء في سدة المسؤولية.
ومنذ أغسطس (آب) 2021، بدا واضحاً أن بايدن لا يثبت بأنه السياسي الفاعل والمبدئي والمسؤول على المسرح العالمي، كما توقع الأمريكيون وكما يستحقون من قادتهم.
"Ever since the Afghanistan withdrawal, Biden’s foreign policy has been one big mess" (@TheHillOpinion) https://t.co/1LNZFxjLZH pic.twitter.com/6IdqloQfCe
— The Hill (@thehill) August 17, 2023وفي مثل هذا الشهر قبل عامين، شاهد العالم القوات المسلحة الأمريكية تسارع إلى إجلاء المدنيين من مطار كابول، للوفاء بموعد اعتباطي للانسحاب تم فرضه من الأعلى. وبالنسبة لمن هم كبار في السن بما يكفي، فإن المشهد كان تذكيراً بسقوط سايغون.
فوضى واضطراباتوامتلأت شاشات التلفزة وتويتر بصور الفوضى والاضطراب، من تعلق لاجئين أفغان بعجلات طائرات النقل التابعة لسلاح الجو الأمريكي إلى آثار الهجوم الانتحاري لداعش الذي أسفر عن مقتل 180 شخصاً. وعلى رغم ذلك، يصر الناطقون باسم إدارة بايدن على القول إنهم "لم يشاهدوا" أي فوضى على انسحابنا من أفغانستان، لكن الرأي العام يعرف أفضل.
https://t.co/6UMTYcH65l Afg'21 withdrawal was a defeat after 20yrs,$3T,5k US soldiers gore &8k US maimed. It's not any different from Somalia'90, Sudan'95, Lebanon'83, Iraq'08, Libya'12, Vietnam'75 or Ukraine'23. Had US didn't preemptive invade Iraq'91, there'd not be 9/11.
— Monier Ibrahim,PhD (@MonierPhd) August 17, 2023
إن أفغانستان هي جزء من استراتيجية بايدن الضعيفة في الشرق الأوسط وأنحاء العالم. ومنذ اليوم الأول، استرضى بايدن النظام الإيراني، متجاهلاً الرافعة التي حققتها سياسة "الضغط الأقصى" لسلفه، ودفع في كل مرة مليارات الدولارات لإطلاق رهائن أمريكيين، والعودة إلى الوراء من أجل إقناع طهران بالعودة إلى الإتفاق النووي. وكانت النتيجة هي جمهورية إسلامية على عتبة الأسلحة النووية، وتملك الحرية في إرسال مسيّرات وصواريخ إلى روسيا كي تطلقها على المدنيين الأوكرانيين، والاقتراب أكثر من أي يوم مضى من الصين.
ومن المحتمل أن تعّرف الحرب في أوكرانيا إرث بايدن في السياسة الخارجية أكثر من أي أمر آخر. وفي الوقت الذي تقوم الإدارة بعمل مشكور في تزويد كييف بالأسلحة ومساعدات أخرى من أجل مقاومة الغزو الروسي، فإن القرارات التي يقدمها فريق بايدن كأمثلة على القوة والقيادة هي فعلاً مليئة بالضعف والتنازلات.
وعند كل منعطف ممكن، فإن بايدن ومساعديه يبطئون الدعم لأوكرانيا ويحظرون المساعدة الحاسمة خوفاً من استفزاز روسيا. ومن محاولة فصل أوكرانيا في الأيام الأولى من الحرب إلى عرقلة تزويدها بصواريخ بعيدة المدى، وكذلك بالمدرعات والطائرات الغربية، أخفق بايدن في إثبات التصميم والقيادة الأمريكيين، وتصرف بدلاً من ذلك فقط عندما ترغمه الظروف أو عندما يوفر الحلفاء غطاءً أعلى لقراراته.
ويرى الكاتب أن الأمريكيين محقون في الشعور بالإحباط حيال سياسة بايدن في أوكرانيا. وبينما الناخبون من اليسار واليمين والوسط يقولون إنهم يدعمون أوكرانيا ويعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تقاوم العدوان الروسي، هناك قلة تعتقد أن مسار الإدارة "كان يستحق هذه الكلفة".
وعندما يتعلق الأمر بالتنافس مع الصين، الخصم الأقوى، فإن مسار بايدن يعاني من عدم التماسك أكثر. وبينما هو يؤكد أن الصين "تمثل التحدي الجيوسياسي الأكثر خطورة على أمريكا" ويواصل توسيع الكثير من سياسات سلفه لاحتواء نفوذها المتنامي، فإن الرئيس وفريقه لا يبدوان قادرين على زعزعة الرغبة في التعاون مع الصين.
وعوض سير حلفائنا خلف استراتيجية شاملة للحفاظ على القيادة الأمريكية للعالم في مواجهة الصين، لا يزال بايدن أسير وعد متوهم حول "الانخراط من أجل الانخراط"، مما يمنح الصين شيكاً على بياض لسلوكها السيئ ويترك دولاً صديقة تبرم اتفاقاتها الخاصة مع بكين.
ويتساءل الكاتب: "هل جعلت ولاية بايدن الأمريكيين أكثر آماناً؟ هل بلدنا أكثر احتراماً مما كان قبل أن يتسلم بايدن منصبه؟.
مطلع أغسطس (آب) الجاري، أمر بايدن بإخلاء السفارة الأمريكية في النيجر-وهو الإجلاء الثالث في الأشهر الأربعة الأخيرة والسادس في عامين. إن إجلاء السفارات الهدف منه في بعض الأحيان حماية الديبلوماسيين، لكن رئيساً يجلي ديبلوماسيين أمريكيين ضعف ما فعل أسلافه، لا يجعل إدارته محترمة من قبل الحكومات الأجنبية وقادرة على حماية المواطنين الأمريكيين ومصالح البلاد في الخارج.
ما هي السفارة الأولى التي أجلاها بايدن؟ إنها بالطبع البعثة الأمريكية إلى أفغانستان، في مثل هذا الشهر قبل سنتين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الرئيس الأمريكي جو بايدن
إقرأ أيضاً:
الأدوية المقلدة في أفغانستان.. أزمة صحية وفوضى التهريب
كابل- في بلد أنهكته الحروب والنزاعات لعقود، تبرز أزمة الأدوية المقلدة في أفغانستان كواحدة من أخطر التحديات التي تهدد حياة المواطنين، وتفاقم من هشاشة النظام الصحي في ظل ظروف اقتصادية قاسية.
وتعتمد البلاد بشكل شبه كامل على استيراد الأدوية، بينما يتفشى التهريب وتنتشر السوق السوداء وسط ضعف في الرقابة ومحدودية القدرات الحكومية، ما جعل أفغانستان ساحة مفتوحة لتداول أدوية مغشوشة ومنتهية الصلاحية، وفق مراقبين.
اعتماد شبه كلي على الوارداتومنذ سنوات طويلة، لم تتمكن أفغانستان من بناء صناعة دوائية محلية مكتملة، ما جعلها تعتمد على الاستيراد بنسبة تتراوح بين 90 إلى 95% من احتياجاتها الدوائية، حسب تقديرات الهيئة الوطنية للغذاء والدواء الأفغانية.
وتأتي هذه الواردات بشكل أساسي من باكستان، الهند، إيران، والصين، وتبلغ قيمتها السنوية حوالي 800 مليون إلى مليار دولار، وفقا لتقديرات محلية وتحليلات اقتصادية، تشمل الأدوية (حوالي 70%) والمستلزمات والمعدات الطبية.
هذا الاعتماد المفرط جعل السوق الدوائية في البلاد هشة، خاضعة لتقلبات سعر الصرف، وتغيرات السياسات التجارية في دول الجوار، فضلا عن تأخيرات مزمنة في التوريد.
إعلانومع كل تأخير أو أزمة على الحدود، تعاني الصيدليات من نقص الأدوية الأساسية، خاصة في المناطق النائية، ما يدفع المرضى إلى اللجوء إلى مصادر غير رسمية.
شبكات التهريبعلى الحدود مع باكستان وإيران، تتحرك يوميا -وفقا لتقارير محلية ودولية- شبكات تهريب معقدة تدخل أدوية من دون رقابة رسمية، وغالبا غير صالحة للاستخدام أو مقلدة، وتُباع لاحقا في الأسواق الشعبية بأسعار زهيدة.
وتُقدّر الهيئة الوطنية للغذاء والدواء أن نحو 20% إلى 30% من الأدوية المتداولة في السوق الأفغانية تدخل عبر التهريب، بما يشمل الأدوية المقلدة التي تشكل حوالي 10% من السوق، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
هذا الرقم المقلق يشير إلى حجم السوق السوداء التي تنافس المستورد الرسمي وتعرقل جهود السيطرة على جودة الأدوية.
في منطقة كوتل خيرخانه في كابل، تُعد محلات الجملة مركزا رئيسيا لتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، لكن ضعف الرقابة يجعلها أحيانا قناة لتسرب الأدوية المقلدة إلى الأسواق المحلية.
وتقول مصادر طبية في العاصمة الأفغانية كابل إن بعض هذه الأدوية تأتي من دون تاريخ إنتاج أو انتهاء، وأحيانا من دون ملصقات أصلية، بينما تُخزن في ظروف غير مناسبة.
ويُرجح مراقبون أن بعض هذه الشبكات ترتبط بجهات محلية قوية، ما يصعّب عملية المراقبة والمحاسبة، ويُغذي الاقتصاد غير الرسمي الذي تحاول السلطات الأفغانية السيطرة عليه.
وفي أحد أزقة حي كارتي بروان بكابل، تتحدث نورين قاضي زاده، أم لـ3 أطفال، عن تجربتها المؤلمة مع دواء خافض للحرارة اشترته لابنها الصغير أمير (5 سنوات) من صيدلية قريبة.
تقول: "كان يعاني من الحمى واشتريت له دواء رخيصا، ظنا أنني أساعده. لكن حالته ازدادت سوءا، وبعد فحص الدواء، تبين أنه خالٍ من المادة الفعالة". اضطرت نورين لنقل طفلها إلى عيادة خاصة ودفع مبلغ كبير للعلاج.
إعلان"فقدت الثقة في الصيدليات، لم أعد أعرف كيف أميز بين الدواء الحقيقي والمزور"، تقول وهي تمسح دموعها.
عبد الرحمن عزيزي، صيدلاني في ولاية قندهار جنوبي أفغانستان، يواجه تحديا يوميا بين توفير الدواء للمواطنين والمحافظة على المعايير المهنية.
ويروي بأسى: "أحيانا تصلنا شحنات لأدوية السكري والضغط تبدو جيدة من حيث التغليف، لكنها لا تعطي نتائج عند المرضى. وعند الفحص، نكتشف أنها مهربة ومقلدة".
ويرى عبد الرحمن أن ضعف الرقابة وغياب سياسة مركزية واضحة في إدارة سوق الدواء جعلا الصيدليات تتعامل بحذر شديد، حتى أصبح بيع الدواء مغامرة أخلاقية.
ويضيف: "هناك ضغط من المرضى للحصول على دواء رخيص، لكن الرخيص قد يقتل".
الإنتاج المحليفي المنطقة الصناعية "بل جرخي" بضواحي كابل، يقف حيدر علي زاده، صاحب مصنع محلي صغير، بين آلات تصنيع المسكنات والمضادات الحيوية، ويواجه تحديات تتعدى مجرد الإنتاج.
ويوضح حيدر: "نحاول أن ننتج أدوية بجودة معقولة وأسعار مقبولة، لكن المنافسة مع الأدوية المهربة والمقلدة تضعنا في موقف صعب".
ويقول إن المواد الخام باهظة الثمن، والاستيراد بطيء، والرقابة على السوق ضعيفة، ما يُغري التجار بجلب الأدوية المغشوشة.
ويضيف زاده -وهو يتفقد منتجه النهائي- "اشترينا مادة خام ذات مرة من وسيط غير رسمي، ليتبين لاحقا أنها مغشوشة، وكان علينا التخلص من كامل الشحنة".
ما رأي الهيئة الوطنية للغذاء والدواء؟الدكتور جاويد هجير، المتحدث باسم الهيئة الوطنية للغذاء والدواء، يؤكد للجزيرة نت أن الحكومة تبذل جهودا لضبط السوق، رغم التحديات الكبيرة.
ويقول: "هناك بين 50 إلى 100 مصنع محلي، معظمها صغيرة ومتوسطة، تنتج نحو 600 نوع من الأدوية، تغطي حوالي 5% إلى 10% من حجم السوق، رغم أنها تشكل 20% إلى 25% من أنواع الأدوية المتداولة".
ويضيف هجير أن الهيئة أنشأت مختبرات لفحص الأدوية على المنافذ الحدودية، وتجري حملات رقابية دورية على الصيدليات.
في الوقت نفسه، يشير صيادلة محليون في كابل إلى أن السلطات الحالية حققت تقدما ملحوظا في الحد من الأدوية المهربة مقارنة بالحكومة السابقة، وذلك من خلال تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية وتفعيل آليات التفتيش.
لكنه يعترف بأن التهريب والأدوية المقلدة يشكلان تحديا خطيرا فـ"الأمر يحتاج إلى تنسيق إقليمي ودولي، وتعاون من المواطنين أيضا في الإبلاغ عن الأدوية المشبوهة".
إعلان مخاطر تهدد الأمن الصحييؤكد متخصصون في الصحة العامة والصيدلة، بدعم من تقارير منظمة الصحة العالمية، أن انتشار الأدوية المغشوشة يؤدي إلى نتائج كارثية، منها ارتفاع مقاومة الأمراض للمضادات الحيوية، وتفاقم الحالات المزمنة بسبب عدم فعالية العلاج.
وتعاني مناطق واسعة من أفغانستان من نقص حاد في الأدوية الأساسية، مثل الأنسولين، أدوية الضغط، والمضادات الحيوية، ما يجعل الفئات الأضعف، مثل الأطفال وكبار السن، الأكثر عرضة للخطر.
ويضعف غياب سياسة وطنية متماسكة للأمن الدوائي ثقة المواطنين بالنظام الصحي.
الحل في الإنتاج المحلي والتعاون الإقليميويُجمع الخبراء الأفغان على أن مفتاح الحل يكمن في دعم الصناعة المحلية من خلال تخفيف الضرائب على المواد الخام، وتوفير الطاقة بأسعار مدعومة، وجذب استثمارات من دول الخليج، وتركيا، والهند.
ويطالب هؤلاء الخبراء بمنح الأولوية لتأسيس مختبر مركزي وطني يتمتع بقدرات فحص متقدمة، وتدريب فرق تفتيش مهنية.
ويقول الدكتور هجير: "نرحب بأي دعم من منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية وصندوق قطر للتنمية، فالتعاون الدولي ضروري لبناء منظومة صحية تحمي المواطن الأفغاني".
وتتجاوز أزمة الأدوية المقلدة حدود أفغانستان، لتشكل تهديدا للصحة العامة في المنطقة، خاصة مع وجود شبكات تهريب نشطة قد تُغرق أسواق الدول المجاورة بأدوية غير آمنة.
فعلى سبيل المثال، قد تصل الأدوية المقلدة إلى أسواق باكستان وطاجيكستان عبر شبكات التهريب، وهذا يهدد الصحة العامة في المنطقة.
ومع استمرار الفجوة بين الطلب والعرض، يظل المواطن الأفغاني الحلقة الأضعف في معادلة صحية معقدة تتطلب حلا مستداما، وإرادة سياسية، وتعاونا إقليميا ودوليا عاجلا.