آخر خطوات أحمد الشرع الدولية: انفتاح أوروبي وتحذيرات مشروطة
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
في خطوة تعكس انفتاحًا دوليًا حذرًا على الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، وسّعت الدول الغربية اتصالاتها مع دمشق، إذ وصلت بعثات دبلوماسية من بريطانيا، فرنسا، وألمانيا، بالإضافة إلى إعلان الاتحاد الأوروبي إعادة فتح بعثته الدبلوماسية في سوريا.
وخلال كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، أكدت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أن التكتّل مستعد لفتح سفارته رسميًا في دمشق، قائلة:
"نريد عودة بعثتنا للعمل بكامل طاقتها، ولكننا نمضي بحذر في الحوار مع القيادة الجديدة".
للمرة الأولى منذ 12 عامًا، أعادت فرنسا رفع علمها فوق سفارتها في دمشق، مع وصول بعثة دبلوماسية برئاسة جان فرنسوا غييوم الذي شدد على استعداد بلاده لدعم المرحلة الانتقالية في سوريا. وأوضح أن باريس "تسعى إلى حوار مباشر مع السلطات الجديدة"، داعيًا إلى تكثيف الجهود لمحاربة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.
في الوقت ذاته، أفادت الخارجية الألمانية عن لقاء دبلوماسيين ألمان بممثلين عن الحكومة السورية المؤقتة، حيث ركزت المحادثات على قضايا الانتقال السياسي وحماية الأقليات، مع بحث إمكانية وجود دبلوماسي رسمي في دمشق.
تطمينات الجولاني: حلّ الفصائل وبناء الدولةفي إطار مساعيه لتقديم صورة جديدة عن نفسه وقيادته، أعلن أحمد الشرع (الجولاني) خلال اجتماع مع أبناء الطائفة الدرزية:
"يجب أن تحضر لدينا عقلية الدولة لا عقلية المعارضة... سيتمّ حلّ الفصائل المسلحة وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع".
وشدد على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وتجنب أي مشاريع انفصالية.
كما التقى الجولاني وفودًا دبلوماسية بريطانية وأوروبية، داعيًا إلى رفع العقوبات الدولية لتسهيل عودة اللاجئين وتحريك عجلة الاقتصاد.
قلق أوروبي وتحذيرات مشروطةرغم الانفتاح الدبلوماسي، أبدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، تحفّظها إزاء هيئة تحرير الشام، مشددة على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لمنع عودة الإرهاب إلى سوريا. وقالت خلال لقائها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة:
"لا يمكننا السماح بعودة داعش أو أي تهديد أمني مماثل".
وأعلنت في الوقت ذاته تخصيص مليار يورو إضافي لعام 2024 لدعم اللاجئين السوريين في تركيا والمساعدة ببرنامج العودة الطوعية.
من جانبه، دعا المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون إلى ضرورة التحرك نحو انتقال سياسي شامل كشرط أساسي لضمان الدعم الدولي وإعادة الإعمار، محذرًا من أن النزاع في سوريا لم ينته بعد.
المطالب الدولية من دمشقتشمل الخطوط الحمراء الغربية والأممية التي طُرحت على الإدارة الجديدة في دمشق:
محاربة الإرهاب وعلى رأسها داعش.احترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات.تسهيل عودة اللاجئين بكرامة وأمان.التوصل إلى حل سياسي شامل يحفظ وحدة سوريا.إنهاء النفوذ الأجنبي وضمان الاستقرار الداخلي.وبينما يبدي الأوروبيون استعدادهم لدعم دمشق شريطة الالتزام بهذه المطالب، تبقى التحديات كبيرة، خصوصًا في ظل تعقيدات المشهد السوري داخليًا وإقليميًا.
تتسارع الخطوات الدولية نحو إعادة التواصل مع دمشق الجديدة بقيادة أحمد الشرع، وسط تفاؤل حذر وتخوّفات مشروطة، بينما يبقى نجاح هذه المرحلة مرهونًا بتحوّل التصريحات إلى أفعال ملموسة على الأرض.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أحمد الشرع فی دمشق
إقرأ أيضاً:
قسد تطلق مبادرة للحوار مع دمشق ودمج المؤسسات.. كيف رد الشرع؟
بعد إطلاق قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وذراعها الإدارية "الإدارة الذاتية" والسياسية المتمثل بمجلس سوريا الديمقراطية "مسد"، مبادرة سياسية٬ لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب الحكومة السورية حول هذه المبادرة التي تهدف إلى تسوية الأوضاع في شمال شرق سوريا، وخاصة الملفات التي ما زالت تعيق فرض السيادة السورية الكاملة على هذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية.
وأعلنت "قسد" في بيان صدر الثلاثاء الماضي، أنها عقدت اجتماعا تنسيقيا مع "مسد" و"الإدارة الذاتية"، مؤكدة على "أهمية الحوار القائم مع دمشق حتى الآن"، معربة عن حرصها على إنجاح هذا الحوار وإيجاد حلول للقضايا المطروحة، مثل دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، وعودة المهجرين قسراً إلى مناطقهم الأصلية، وحل جميع القضايا الخلافية الأخرى عبر الحوار.
وشدد البيان على ضرورة الوصول إلى وقف لإطلاق النار كخطوة أساسية للتقدم في الحوار، داعياً الإدارة الجديدة في دمشق إلى تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد.
وكان قائد "قسد"، مظلوم عبدي، هنأ أحمد الشرع بمناسبة توليه رئاسة البلاد، معرباً عن دعمه لتعزيز التواصل بين جميع السوريين.
ودعا عبدي الشرع إلى زيارة مدن شمال شرق سوريا، في خطوة تهدف إلى تعزيز الحوار والتواصل بين مكونات الشعب المختلفة، مؤكدا التزام "قسد" بإخراج جميع المقاتلين غير السوريين من صفوفها، وهدفها النهائي المتمثل في تشكيل جيش سوري ذي هوية وطنية.
هل تسعى "قسد" للاندماج؟
واعتبرت الخطوة التي أقدمت عليها قسد، والتي تتمتع بقيادة وتوجه كرديين، بداية لانفراج قد ينهي حالة الجدل التي احتدمت بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، حول مصير هذه القوات والجهات المرتبطة بها في الجمهورية الجديدة.
وقالت مصادر حكومية مطلعة٬ إن الرئاسة هي التي تتولى ملف التفاوض مع "قسد" للتوصل إلى تفاهمات حول جميع الملفات المطروحة، خاصة مصير قسد وآلية اندماجها في المنظومة العسكرية الجديدة التي يتم تشكيلها.
ولم يصدر أي موقف رسمي من الرئاسة السورية حتى أمس الأربعاء بشأن مبادرة قسد، إلا أن الوقائع السياسية تشير إلى أن المبادرة تتماشى مع توجه الإدارة الجديدة الرامي إلى تجنب أي صدام عسكري مع "قسد" والاستمرار في النهج التفاوضي.
وأربك سقوط نظام الأسد حسابات "قسد"، التي تتلقى دعماً من التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، حيث كانت تمارس دورها كسلطة أمر واقع في شمال شرق سوريا دون منافس جدي.
وتراجعت هذه القوات خطوة إلى الوراء بعد أيام من سقوط الأسد، من خلال اعتماد "الإدارة الذاتية" علَم البلاد الجديد، في محاولة لتفادي غضب الشارع في محافظات الشمال الشرقي، الذي عبر عن فرحته بسقوط النظام السابق.
ومع ذلك، عادت قسد وأذرعها الإدارية والسياسية للحديث عن وضع خاص للمناطق التي تقع تحت إدارتها، والتي يشكل العرب غالبية سكانها، وطالبت بالانضمام إلى الجيش السوري الجديد ككتلة عسكرية واحدة مع الاحتفاظ بسلاحها، كما عرضت تقاسماً للثروات في المنطقة، إلا أن مطالبها قوبلت بالرفض من قبل الإدارة الجديدة.
ويبدو أن قيادة قسد أدركت أن استمرار الجمود في الحوار مع الحكومة السورية لن يكون في صالحها على المدى الطويل، خاصة في ظل تهديدات تركية، التي تعتبر قسد نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني، وتنتظر أي تغيير في الموقف الأمريكي لتنفيذ عملية عسكرية ضد هذه القوات. وهو ما يختلف عن موقف الإدارة السورية التي تسعى إلى حل قضية شرق الفرات عبر التفاهم والحوار.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن المفاوضات مستمرة مع "قسد" لضمان وحدة الأراضي السورية، مشيرا إلى أن الإفصاح عن تفاصيل المباحثات ليس في مصلحتها.
كما زار الرئيس السوري مدينة عفرين السبت الماضي والتقى وفدا من المجلس الوطني الكردي في سوريا. وخلال الاجتماع، تطرق إلى أوضاع الأكراد في سوريا، مؤكدًا أن الدستور الجديد سيضمن العدل والمساواة لجميع أفراد الشعب السوري، واعدًا بإنهاء ما سماها "حالة الفصائلية".
تبسط قوات "قسد" سيطرتها على حوالي 25% من مساحة البلاد، مدعومةً من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة التي تزودها بالأسلحة. وتدير "قسد" سلطة مدنية في الشؤون اليومية في أربع محافظات، وهي كامل الحسكة، ومركز الرقة وبعض مناطق ريفها، وريف دير الزور الشمالي والشرقي، ومدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي.
ويذكر أنه في 22 كانون الثاني/يناير الماضي٬ أكد وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أن الحكومة السورية، التي تعهدت بحل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحد، تفاوض القوات الكردية، لكنها مستعدة للجوء إلى "القوة" إذا لزم الأمر.