قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، إن سلاح الإعلام هو الكلمة والإقناع ، ولا يمكن لأي إعلامي أن يكون ناجحًا، إلا إذا امتلاك اللغة والاقناع القائم على الفكر والواقع والفكر، مضيفًا أن  سلاح الخطيب والصحفي هو الكلمة والاقناع ، وهذا يعني أن الكلمة هي محور بناء الشخصية. 
وأضاف "جمعة"، خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج "المشهد"، المذاع على  القناة العاشرة المصرية "ten"، مساء الثلاثاء، أن بناء الشخصية السوية، لا يمكن أن يحدث إلا من خلال امتلاك اللغة والاقناع، مضيفًا أن فهم الدين فرض واجب، ولا يمكن أن يحدث إلا من خلال اللغة العربية.

 
وتابع ان القرآن الكريم من إعجازه أن كل كلمة في القرآن الكريم وقعت في موقعها، وما قُدم من كلمات لا يحتمل التأخير، وما حذف لا يحتمل الذكر، مشيرًا إلى أن هناك بعض الكلمات في القرآن الكلمة يكون لديها أكثر من معنى وفقًا للسياق التي ذكرت فيه، وهذا يدل على مدى إعجاز القرآن الكريم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محمد مختار جمعة الديهي الشخصية السوية القرآن الكريم وزير الأوقاف السابق المزيد

إقرأ أيضاً:

الحريات ومسئولية الاختيار.. الانحيازات الحضارية والعقلية في مؤلفات مفسري القرآن الكريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عَبْر العديد من المؤلفات التفسيرية، طرح مفسرو القرآن الكريم المزيد من الرؤى والأفكار والقراءات التي تنطوي على معاني جمالية وإنسانية مستمدة من النص الكريم، أبرز هذه المعانى هو التأكيد على أهمية العقل، وضرورته فى الكشف عن سُبل الهداية والصلاح، ودوره فى صناعة الحضارة، إذ أن التأكيد على أهمية العقل يعزز من دوره فى العلوم واكتشاف قوانين الطبيعة، وتحرير الإنسان من قيود الخرافة والأساطير.

وقد مرَّ التفسير بمراحل عدة أظهرت مدى ملائمة النص الكريم للظروف التاريخية التى تحيط به، خاصة وأنه مع التوسعات التى انطلق بها العرب للبلاد المجاورة جعلتهم يحتكون بأمم أصحاب حضارات وأصحاب فلسفات ومذاهب فكرية كبرى، وبدورهم استطاع المفسرون تقديم معانى الآيات بما يتناسب ومواجهة هذه الأفكار والفلسفات المختلفة، التى تصنع بدورها جدلا كبيرا حول نصوص الآيات الكريمة.

فى السطور التالية، نعرض لبعض النماذج التفسيرية التى أكدت على دور العقل واهتمت به، وأوضحت دوره فى الوصول إلى الهداية والحق، والنماذج التى أكدت على حرية الإنسان فى اختيار عقيدته، وأيضا التى أكدت على مسئولية الإنسان عن اختياره لطريق الخير أو طريق الشر، وأيضا النماذج التى رأت فى القرآن الكريم نموذجًا للهداية والصلاح، والتوجيهات النافعة والمفيدة.

مدارس التفسير وتنوعها

بدأت محاولات تفسير القرآن الكريم منذ نزوله، وكان النبى محمد صلى الله عليه وسلم حاكمًا للخلاف، فكانوا يرجعون إليه فى الأمور الملتبسة، لكن بعد وفاة النبي الكريم، وظهور الفرق والمذاهب ظهرت تفسيرات معتمدة على الاجتهاد، لم تكن مؤلفات بل كانت أقوالًا يتناقلها الناس، وكان ذلك باعثًا على ظهور التفاسير المعروفة بـ«التفسير بالمأثور" الذى حاول الحد من تلك الظاهرة وحصر معاني نصوص القرآن فى نصوص أخرى قد تكون آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو مقولات الصحابة.

ولا يجتهد التفسير بالمأثور فى بيان معنى من غير دليل، ويتوقف عما لا طائل تحته، ولا فائدة فى معرفته ما لم يرد فيه نقل صحيح. وقد عده البعض من أفضل المناهج لاقتصاره على المعنى دون تفصيلات وترجيحات وظهور إشكاليات النص، ومن أبرز من ألفوا فى ذلك الاتجاه، ابن جرير الطبري فى كتابه «جامع البيان» ونصر بن إبراهيم السمرقندي وكتابه «بحر العلوم» والثعلبي وكتابه «الكشف والبيان» والمواردى وكتابه «النكت والعيون» وقبل هذه المؤلفات ظهرت تفسيرات بالمأثورة مبكرة لم تكن تعرف وضع الأسماء للتفاسير فكان يسمى باسم المفسر مثل تفسير ابن وهب وتفسير مقاتل.

مع مرور الزمن وانتشار الإسلام فى غير بلاد العرب وانفتاح العرب على فلسفات وثقافات الشعوب المجاورة ظهرت المسائل الكبيرة التى لا يستطيع التفسير بالمأثور التعامل معها ليتربع بعد ذلك التفسير بالرأى فى قائمة المؤلفات المطلوبة، وهو التفسير بالاستنباط والاجتهاد، وخصوه بما يراه القلب بعد فِكْرٍ وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب.

وتسلح مفسرو هذا الاتجاه بأدوات كثيرة حتى يتمكنوا من توجيه المعاني، فيكون ملمًا بأحاديث النبى وأقوال الصحابة والتابعين وعارفًا بلغة العرب، ومدركًا لأسباب النزول ومدركًا لغايات النص ومقاصد الآيات الكريمة، ومن أبرز تلك التفسيرات "مفاتيح الغيب «للرازي، و"البحر المحيط" للأندلسي، و"روح المعانى" للألوسى، وتفسير الشيخ محمد عبده، و"التفسير الوسيط" للدكتور محمد سيد طنطاوى، وتفسير محمود شلتوت، و"زهرة التفاسير" لأبى زهرة، و"التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور.

أتاحت التفاسير التي تعتمد على الاجتهاد مساحة كبيرة وواسعة للمفسرين أن يعبروا عن علاقاتهم بالنص وعلاقة النص بالإنسان والكون، وبذلك قدموا رؤية دينية تشارك فى معرفة الإنسان المسلم بالقرآن الكريم، يستطيع المتلقى أن يختلف ويتفق معها بعكس التفسير بالمأثور التى تدخل المتلقي فى دائرة لا خلاص منها، فإن كل نص جديد يحتاج إلى نص شارح وهكذا.

الموضوعية والنظر العقلي

تفسير "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل" للإمام محمود بن عمر الزمخشرى يعد أحد أبرز التفاسير الذى فرض نفسه على الساحة الفكرية والثقافية العربية والإسلامية بقوة لما له من باع كبير فى علوم اللغة والفقه والتفسير، وفيه أعطى الزمخشرى قيمة كبيرة للعقل، وأظهر أهميته وضرورته.

ويمكن قراءة تفسيره للآيات: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ. وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَٰوَٰتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّى فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ. فَلَمَّآ رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّى فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبِّى لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَماَّ رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّى هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يٰقَوْمِ إِنِّى بَرِياءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ. إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَٰوَٰتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"، (الأنعام: الآيات من ٧٤ إلى ٧٩).

قال الزمخشري: كان أبوه وقومه يعبدون الأصنام والشمس والقمر والكواكب، فأراد أن ينبههم على الخطأ فى دينهم، وأن يرشدهم إلى طريق النظر والاستدلال، ويعرفهم أن النظر الصحيح مؤد إلى أن شيئا منها لا يصحّ أن يكون إلٰهًا، لقيام دليل الحدوث فيها، وأن وراءها محدثا أحدثها، وصانعًا صنعها، مدبرًا دبر طلوعها وأفولها وانتقالها ومسيرها وسائر أحوالها.

ورأى الزمخشري أن قوله تعالى "هذا ربي" يفيد أن الآية نقلت مقولة خصمها مع العلم إنه قول باطل، لكن الآية ذكرته كما هو دو التعصب لمذهب بعينه، وهذه الطريقة يراها الزمخشرى "أدعى إلى الحق وأنجى من الشغبـ«.

التفت المفسر إلى ضرورة نقل مذهب الخصم كما هو حتى لو كان مخالف لك فى مذهبك، حتى لو كنت ستنقده وتفنده، فالواجب نقل رأي الخصم بأمانة، وهو النهج الذى اتبعه القرآن عندما نقل قول إبراهيم عليه السلام عن الشمس والقمر "هذا ربي" والله عز وجل حكاه ويعلم أنه قول باطل، لكنها الموضوعية التى يعلمنا إياها.

وقال الزمخشري: "لا أُحِبُّ الأفِلِينَ" لا أحبّ عبادة الأرباب المتغيرين من حال إلى حال، المتنقلين من مكان إلى آخر، المحتجبين بستر، فإنّ ذلك من صفات الأجرام "بَازِغًا" مبتدئا فى الطلوع. "لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى" تنبيه لقومه على أنّ من اتخذ القمر إلٰهًا وهو نظير الكوكب فى الأفول، فهو ضال، وأنّ الهداية إلى الحق بتوفيق الله ولطفه، "هَـٰذَا أَكْبَرُ" من باب استعمال النصفة أيضًا مع خصومه "إِنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ" من الأجرام التى تجعلونها شركاء لخالقها "إِنّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَـٰوٰتِ وَالأرْضَ" أى للذى دلت هذه المحدثات عليه وعلى أنه مبتدؤها ومبتدعها. وقيل: هذا كان نظره واستدلاله فى نفسه، فحكاه الله".

وهكذا فإن تفسير هذه الآيات للزمخشرى ركز على سمات حضارية عظيمة مثل نقل رأى الخصوم بأمانة، كما ركز على أن النظر والاستدلال هو الطريق الصواب للوصول إلى طريق الهداية ومعرفة الحق.

مسئولية الخير والشر

فى تفسيره "مفاتيح الغيب ـ « شرح الفخر الرازى عدة تفاسير وآراء حول قوله تعالى "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورا". (الإنسان:٣) تفيد بحرية الإنسان فى اختيار طريقه، سواء كان خيرا أو شرا، فهو فيما بعد مسئول عن اختياره هذا أمام الخالق.

يقول الرازى إن الآية بها عدة مسائل: المسألة الأولى، الآية دالة على أن إعطاء الحواس كالمقدم على إعطاء العقل والأمر كذلك لأن الإنسان خلق فى مبدأ الفطرة خاليا عن معرفة الأشياء، إلا أنه أعطاه آلات تعينه على تحصيل تلك المعارف، وهى الحواس الظاهرة والباطنة، فإذا أحس بالمحسوسات تنبه لمشاركات بينها ومباينات، ينتزع منها عقائد صادقة أولية، كعلمنا بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان وأن الكل أعظم من الجزء، وهذه العلوم الأولية هى آلة العقل لأن بتركيباتها يمكن التوصل إلى استعلام المجهولات النظرية، فثبت أن الحس مقدم فى الوجود على العقل، ولذلك قيل: من فقد حسًا فقد علمًا، ومن قال: المراد من كونه سميعًا بصيرًا هو العقل، قال: إنه لما بين فى الآية الأولى أنه أعطاه العقل بين فى هذه الآية، أنه إنما أعطاه العقل ليبين له السبيل ويظهر له أن الذى يجب فعله ما هو. والذى لا يجوز ما هو".

و"المسألة الثانية، السبيل هو الذى يسلك من الطريق، فيجوز أن يكون المراد بالسبيل ههنا سبيل الخير والشر والنجاة والهلاك، ويكون معنى هديناه، أى عرفناه وبينا كيفية كل واحد منهما له، كقوله تعالى "وَهَدَيْنَـٰهُ النَّجْدَينِ" [البلد: ١٠] ويكون السبيل اسمًا للجنس، فلهذا أفرد لفظه كقوله تعالى "إِنَّ الإنسَـٰنَ لَفِى خُسْرٍ" [العصر: ٢] ويجوز أن يكون المراد بالسبيل، هو سبيل الهدى لأنها هى الطريقة المعروفة المستحقة لهذا الاسم على الإطلاق، فأما سبيل الضلالة فإنما هى سبيل بالإضافة".

و"المسألة الثالثة، المراد من هداية السبيل خلق الدلائل، وخلق العقل الهادى وبعثة الأنبياء وإنزال الكتب، كأنه تعالى قال: خلقتك للابتلاء ثم أعطيتك كل ما تحتاج إليه ليهلك من هلك عن بينة وليس معناه خلقنا الهداية، ألا ترى أنه ذكر السبيل، فقال "هَدَيْنَـٰهُ السَّبِيلَ" أى أريناه ذلك".

وهداية السبيل فى مسائل الرازى هنا كانت بمثابة إعطاء الإنسان العقل والحواس ليتمكن من معرفة الأشياء والكون من حوله، وإدراك الهداية بآلات ممنوحة له، وبمثابة التبصرة بطريق الخير والشر وعليه أن يختار، وبمثابة إعطاء دلائل الهداية مثل إنزال الكتب والأنبياء ليكون كل إنسان مسئول عن اختياره.

حرية العقيدة

واحدة من الأسس الحضارية التى أظهرتها التفاسير وعلقت عليها باهتمام هى حرية العقيدة من قوله تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ". (الكهف:٢٩)، إذ أن ضمان حرية العقيدة هو الضمانة للتعايش السلمى داخل المجتمعات المتحضرة.

قال الثعلبى فى تفسيره "الكشف والبيان": "ومعنى الآية: وقل يا محمّد لهؤلاء الّذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا: أيُّها الناس، مِن ربكم الحقُّ، وإليه التوفيق والخذلان، وبيده الضلالة والهدى، يهدى من يشاء فيؤمن، ويضل من يشاء فيكفر ليس إليّ من ذلك شيء، ولست بطارد المؤمنين لكم، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا؛ فإنكم إن كفرتم فقد أعدّ لكم ربكم على كفركم نارًا أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم وأطعتم فإن لكم ما وصف الله عزّ وجلّ لأهل طاعته. وقوله: "فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ" ليس بترخيص وتخيير، إنما هو وعيد وتهديد".

أما الزمخشري فقد رأى فى تفسيره "الكشاف"، أن المعنى هو "جاء الحق وراحت العلل فلم يبق إلا اختياركم لأنفسكم ما شئتم من الأخذ فى طريق النجاة أو فى طريق الهلاك، وجيء بلفظ الأمر والتخيير، لأنه لما مكن من اختيار أيهما شاء، فكأنه مخير مأمور بأن يتخير ما شاء من النجدين".

ورأى ناصر الدين البيضاوى صاحب تفسير "أنوار التنزيل وأسرار التأويل"، أن المعنى هو "لا أبالى بإيمان من آمن ولا كفر من كفر، وهو لا يقتضي استقلال العبد بفعله".

وتختلف التفاسير فيما بينها حول لمن تعود المشيئة المذكورة فى الآية، هل هى مشيئة الله؟ أم مشيئة الإنسان؟ وقد انحاز الزمخشرى إلى أنها إرادة الإنسان، أما البيضاوى فقد رأى أن الآية من باب استغناء الله عن إيمان وكفر العبد، بينما رأى الثعلبى أن الآية ليست من باب التخيير إنما هى من باب الوعيد فى الكفر، وهو ثراء تفسيرى يدل على سعة أفق المفسرين واختلاف مدارسهم.

هدايات سامية وتوجيهات نافعة

تفسير "الوسيط" للدكتور محمد سيد طنطاوى هو تفسير ذو قيمة كبيرة ويحتوى على جهد شاق بذله الشيخ الراحل، ويتميز بالسهولة والوضوح والمنهجية.

يتميز "الوسيط" بلغته السهلة الرشيقة البعيدة عن التعقيدات اللغوية القديمة، كما أنه يخرج من التفريعات الطويلة والألغاز الشاقة التى تأخذ القارئ بعيدا عن أهداف القرآن ككتاب هداية، ويستوعب الكتابات العصرية والأسلوب العلمى فى التأليف، إلى جانب النظرة العقلية فى تمحيص الأخبار والحكايات من أجل الوصول إلى معنى كلى مستقيم.

تحدث طنطاوى عن تفسير القرآن فذكر أنه هو المفتاح الذى يكشف عن الهدايات السامية، والتوجيهات النافعة، والعظات الشافية، والكنوز الثمينة التى احتواها هذا الكتاب الكريم، ومن غير تفسير القرآن تفسيرًا علميًا مستنيرًا لا يمكن الوصول إلى ما اشتمل عليه هذا الكتاب من هدايات وتوجيهات مهما قرأه القارئون وردد ألفاظه المرددون.

قال إياس بن معاوية- استشهد بمقولته طنطاوى- مثل الذين يقرأون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من مليكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما فى الكتاب، ومثل الذى يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرأوا ما فى الكتاب.

ويوضح: «فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب أن أصح طريق فى ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل فى مكان فإنه قد بسط فى موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن ومثله معه يعنى السنة، والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، فإن لم تجده فمن أقوال الصحابة، فإن لم تجده فقد رجع كثير من الأئمة فى ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وعطاء بن أبى رباح والحسن البصرى وغيرهم».

وشرح طنطاوى خلال مقدمته للوسيط، أنه انتفع بكتابات السابقين، ثم يوضح منهجه وطريقة سيره فى تأليف التفسير، حيث يقول: «ولقد انتفعت كثيرا بما كتبه الكاتبون عن كتاب الله تعالى، وهأنذا أقدم لك تفسيرا وسيطا، وقد بذلت فيه أقصى جهدى ليكون تفسيرا علميا محققا محررا من الأقوال الضعيفة والشبه الباطلة والمعانى السقيمة».

«ستلاحظ أننى كثيرا ما أبدأ بشرح الألفاظ القرآنية شرحا لغويا مناسبا، ثم أبين المراد منها إذا كان الأمر يقتضى ذلك»؛ هكذا يقول طنطاوى ويستكمل مقدمته بـ«ثم أذكر سبب النزول للآية أو الآيات إذا وجد وكان مقبولا، ثم أذكر المعنى الإجمالي للآية أو الجملة، مستعرضا لما اشتملت عليه من وجوه البلاغة والبيان والعظات والآداب والأحكام، مدعما ذلك بما يؤيد المعنى من آيات أخرى ومن الأحاديث النبوية ومن أقوال السلف الصالح، وقد تجنبت التوسع فى وجوه الإعراب واكتفيت بالرأى أو الآراء الراجحة إذا تعددت الأقوال، وذلك لأننى توخيت فيما كتبت إبراز ما اشتمل عليه القرآن الكريم من هدايات جامعة وأحكام سامية وتشريعات جليلة وآداب فضيلة وعظات بليغة وأخبار صادقة وتوجيهات نافعة وأساليب بليغة وألفاظ فصيحة».

ويعد تفسير الوسيط للقرآن الكريم من أهم التفاسير العصرية، لأنه يبرز التصورات الحضارية والمنافع السامية للنص الحكيم، كما أنه يطرح العديد من الرؤى حول كثير من المشكلات التى تواجه المسلمين فى واقعهم.

في العدد الإليكتروني

مقالات مشابهة

  • الشباب ولغة القرآن
  • الحريات ومسئولية الاختيار.. الانحيازات الحضارية والعقلية في مؤلفات مفسري القرآن الكريم
  • وزير الأوقاف: رمضان موسم عظيم للخيرات والمساجد جاهزة لاستقبال الشهر الكريم
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. كتاب الله.. مفاتيح لفهم معانى القرآن الكريم وإدراك ما يحتويه من كنوز
  • « وزير الأوقاف»: المساجد تستعد لاستقبال شهر رمضان بأنشطة دعوية مكثفة
  • وزير الأوقاف السابق يهنئ سيادة الرئيس بشهر رمضان المبارك ويشيد بمواقفه الوطنية
  • 5 أفكار موضوعات تعبير عن شهر رمضان.. بينها فضل قراءة القرآن الكريم
  • قرار مهم من خادم الحرمين الشريفين يخص القرآن الكريم
  • صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على توزيع مليون ومائتي ألف نسخة من المصاحف وترجمات معاني القرآن الكريم في 45 دولة خلال شهر رمضان
  • في عيد ميلادها.. مادلين طبر تتلو آيات من القرآن الكريم