لا كرامة بلا سيادة: مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بوابة لإعادة بناء سوريا
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
التطورات الحاصلة في المشهد السوري تبرز مسألة العدوان الإسرائيلي كواحدة من أبرز التحديات التي تواجه الشعب السوري والقوى الثورية
الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي السورية، بما في ذلك القصف المتكرر للمقدرات الحيوية واحتلال المزيد من الأراضي، ليست مجرد اعتداء على الأرض، بل هي معركة تتعلق بالسيادة والكرامة الوطنية.
لكن هذا الطرح يحمل في طياته مخاطر استراتيجية وسياسية كبيرة لا يمكن تجاهلها.
إن اعتداءات الإحتلال على سوريا لا تُعتبر أفعالا عرضية أو طارئة، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض السيادة واستنزاف مقدرات الشعب
كما ان السكوت عن هذه الاعتداءات يُعطي الكيان المحتل الضوء الأخضر للاستمرار في سياساته العدوانية، وفرض أمر واقع جديد على الأرض السورية.
والسكوت ليس مجرد تقاعس عن الرد، بل هو تواطؤ غير مباشر مع العدوان، وهو ما يهدد مستقبل سوريا كدولة ذات سيادة.
وإذا كانت القوى الجديدة تُدرك حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها، فلا يمكنها أن تبقى صامتة أو متفرجة بينما تُستباح الأرض
أما الحجة القائلة بأن الرد على العدوان يُعيق جهود ترتيب الجبهة الداخلية، فهي رؤية قاصرة تتجاهل حقيقة أن السيادة الوطنية هي الأساس الذي تُبنى عليه أي عملية إعادة بناء أو مصالحة.
ولا يمكن الحديث عن بناء سوريا جديدة إذا كانت أرضها مستباحة وقواتها عاجزة عن التصدي للعدوان.
لذا فان تجاهل الاعتداءات الإسرائيلية بحجة التركيز على الداخل يُعد هروبا من المسؤولية، ويعكس عجزا عن فهم أبعاد الصراع الأوسع الذي يتجاوز حدود سوريا ليشمل المنطقة بأسرها.
الحديث عن توثيق الانتهاكات لدى الأمم المتحدة كبديل عن الرد العسكري أو السياسي الفعّال هو إعادة إنتاج لنفس الأخطاء التي ارتكبتها الدول والشعوب المقهورة على مدار عقود. تاريخ الأمم المتحدة في التعامل مع انتهاكات إسرائيل يُظهر بوضوح أنها عاجزة عن محاسبة هذا الكيان على جرائمه، سواء في فلسطين أو غيرها. إذا كانت المنظمة الدولية عاجزة عن تطبيق قراراتها وإيقاف الانتهاكات المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فكيف يمكن التعويل عليها في حماية حقوق الشعب السوري؟ الاعتماد على الأمم المتحدة كوسيلة أساسية لمواجهة العدوان الإسرائيلي ليس سوى وهم يُضاف إلى سلسلة الأوهام التي أضرت بالقضية السورية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز حصريا على ترتيب الأوضاع الداخلية دون اتخاذ موقف واضح تجاه العدوان الإسرائيلي يُمثل نوعا من التسليم بالقوة الإسرائيلية والرضوخ للأمر الواقع.
ان الرد على هذا العدوان لا يتطلب التفريط في جهود المصالحة الداخلية أو إعادة الإعمار، بل يمكن أن يكون دافعا لتحقيق الوحدة الوطنية. التصدي للعدوان يُظهر للشعب السوري والعالم أن قضيته ليست مجرد نزاع داخلي، بل هي معركة وجود وسيادة وعندما يتوحد الشعب السوري بمختلف مكوناته في مواجهة العدوان الإسرائيلي، فإن هذا يُعيد الثقة في القيادة الجديدة ويُبرز موقفا وطنيا موحدا يُمكن البناء عليه لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى.
علاوة على ذلك فإن التحدي الذي تواجهه سوريا ليس مجرد إعادة ترتيب البيت الداخلي، بل هو الحفاظ على وجودها كدولة ذات سيادة في وجه المخططات الإقليمية والدولية التي تسعى لتفتيتها وإضعافها وبالتالي فان مواجهة العدوان الإسرائيلي، سواء بالوسائل العسكرية أو السياسية، ليست خيارا بل ضرورة وجودية.
هناك من يطرح فكرة أن القوى الجديدة في سوريا لا يمكن الحكم عليها حاليا وتقييم موقفها من العدوان الإسرائيلي، على البلاد بحجة أن هذه القوى لا تزال في طور التأسيس، وأنها تحتاج إلى الوقت لترتيب أولوياتها وصياغة مواقفها السياسية.
ان هذا الطرح، رغم وجاهته الظاهرة، يثير تساؤلات عميقة حول مدى جدية هذه القوى في تحمل مسؤولياتها الوطنية في ظل العدوان المستمر. فالاعتداءات الإسرائيلية لا تنتظر اكتمال بناء هذه القوى، والسكوت عنها لا يُمكن تبريره بأي شكل من الأشكال، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية الكبرى التي تمس السيادة والكرامة.
إن استمرار الصمت المريب حيال عدوان الاحتلال لا يُظهر فقط ضعفا في مواجهة التحديات، بل يُمكن أن يُفسر من قِبل الشعب السوري والدول الأخرى كعلامة على غياب رؤية واضحة أو إرادة سياسية حازمة لدى هذه القوى
كما ان المراهنة على “تأجيل الرد” أو “توثيق الانتهاكات” دون اتخاذ خطوات عملية تُظهر ضعفا لا يمكن تبريره، وهو ضعف يُغري المعتدي بمواصلة عدوانه وبالتالي فان مواجهة العدوان الإسرائيلي يجب أن تكون جزءا لا يتجزأ من استراتيجية القوى الجديدة لبناء سوريا جديدة، لأن بناء دولة قوية ومتماسكة يبدأ من الدفاع عن سيادتها وكرامتها.
فالشعب السوري لا يحتاج إلى حلول قائمة على الوهم، بل إلى قيادة شجاعة تدرك حجم التحديات وتتعامل معها بحزم ومسؤولية إن السكوت عن العدوان ليس خيارا، بل هو استسلام لا يليق بشعب قدم التضحيات من أجل الحرية والكرامة.
والقوى التي لا تتحرك اليوم للدفاع عن السيادة والكرامة، لن تكون قادرة غدا على قيادة سوريا نحو مستقبل آمن ومستقل فالمواقف الوطنية لا تقبل التأجيل، لأن الزمن لا ينتظر، والشعب السوري لن يرضى إلا بقيادة تُعبر عن طموحاته وتحمي أرضه من كل اعتداء فهل سنشهد تغييرا في موقف القوى السورية الجديدة أم سيستمر الصمت وبالتالي “الكتاب يُقرأ من عنوانه”
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الأتراك سيعيدون بناء سوريا! انطلاق خطة لإعادة الإعمار بقيمة 100 مليار دولار
بدأت سوريا مرحلة جديدة بعد سقوط نظام الأسد، حيث تتطلب إعادة النهوض بالبلاد استثمارات ضخمة تصل إلى 400 مليار دولار، مع الحاجة العاجلة لتطوير البنية التحتية وبناء آلاف الوحدات السكنية. في هذا السياق، تبرز الشركات التركية كشريك رئيسي في عمليات إعادة الإعمار، مع توقعات بأن تشهد قطاعات الأثاث والطاقة والخدمات اللوجستية والتجزئة نموًا كبيرًا على مدار السنوات العشر المقبلة، مما يوفر فرصة اقتصادية للشركات التركية تقدر بـ 100 مليار دولار.
دور محوري لتركيا في إعادة إعمار سوريا
تستعد تركيا للعب دور حاسم في إعادة بناء سوريا خلال المرحلة المقبلة، مع توقعات بتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين في ظل الإدارة الجديدة التي ستتولى الحكم بعد سقوط النظام السابق. ومن المتوقع أن تكون قطاعات مثل الإنشاءات والطاقة والخدمات اللوجستية وصناعة الأثاث في مقدمة المشهد، مدعومة بالموقع الجغرافي القريب لتركيا وخبرتها الدولية وبنيتها التحتية القوية في مجال الخدمات اللوجستية.
استثمارات ضخمة وفرص واعدة في سوريا
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن إعادة إعمار سوريا تتطلب استثمارات لا تقل عن 400 مليار دولار. وتشير التقديرات إلى أن شركات المقاولات التركية قد تحقق عائدات سنوية من العمل في سوريا٬ تصل إلى 3 مليارات دولار في المرحلة الأولى، لترتفع إلى 40 مليار دولار خلال خمس سنوات. وعند النظر إلى جميع القطاعات، يتوقع أن تصل الحصة الإجمالية للشركات التركية في السوق السورية إلى 100 مليار دولار خلال العقد المقبل.
التحديات وشروط النجاح
يرى الخبراء أن تحقيق هذا السيناريو الطموح يعتمد على استعادة الحكومة السورية الجديدة لموارد النفط وتأمين تدفقات مالية من النظام المالي العالمي. وفي حال توفر هذه الشروط، يتوقع أن تقتنص الشركات التركية حصة كبيرة من هذا السوق الواعد خلال السنوات المقبلة.
حاجة إلى آلاف الوحدات السكنية في سوريا
من المتوقع أن تحتل مشاريع البنية التحتية مكانة رئيسية في إعادة إعمار سوريا، مثل الطرق والجسور والمباني وشبكات الكهرباء وقنوات المياه. بعد استكمال الاحتياجات العاجلة للبنية التحتية، سيتم التركيز على بناء وحدات سكنية جديدة. ويبرز في هذا السياق مدينتان رئيسيتان: دمشق وحلب.
دور حلب ودمشق في مستقبل سوريا
يتوقع أن تلعب دمشق وحلب دورًا محوريًا في سوريا الجديدة، حيث إنهما المدينتان الأكثر تضررًا من موجات النزوح خلال الحرب، مما يعني أن عودة السكان ستتركز فيهما بشكل رئيسي.
دور تركيا في إعادة الإعمار
وفقًا لممثلي قطاع الإنشاءات، سيكون لتركيا دور كبير في إعادة إعمار سوريا بعد انتهاء الحرب وعودة الحياة إلى طبيعتها. وأشاروا إلى أن “استقلال سوريا تحقق بدعم تركيا، ومع انتهاء الحرب وعودة الحياة، ستساهم تركيا بشكل كبير في مشاريع الإعمار”.
فترة زمنية طويلة وتحديات سياسية
وأضاف ممثلو القطاع: “إن إنجاز هذه المشاريع ليس بالأمر السريع، حيث يتطلب الأمر على الأقل عقدًا من الزمن لرؤية نتائج الخطوات السياسية المتخذة. ومع إدراج جميع القطاعات، هناك إمكانات اقتصادية في سوريا تقدر بحوالي 100 مليار دولار”.
اقرأ أيضاوزير الصحة يكشف عن 3 مخاطر تواجه تركيا
الأحد 15 ديسمبر 2024قطاع اللوجستيات سيشهد انتعاشًا كبيرًا