18 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: تطورات المشهد السوري بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد تثير تساؤلات ومخاوف عميقة بشأن تداعياتها على الوضع الأمني في العراق، خاصة مع تصاعد المخاوف من أن تؤدي الفوضى المحتملة في سوريا إلى تعزيز نشاط التنظيمات الإرهابية، خصوصاً على الحدود المشتركة بين البلدين.

هذا الوضع دفع بغداد إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الأمنية والسياسية، فضلاً عن مراجعة علاقاتها مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

الزيارات المتكررة لمسؤولي التحالف الدولي إلى العراق وإقليم كردستان، ومنها زيارات قائد القيادة المركزية الأميركية وقائد بعثة التحالف الدولي لمحاربة داعش، تشير إلى أن بغداد باتت أكثر انفتاحاً على تعزيز التنسيق مع التحالف.

اللقاءات التي جمعت المسؤولين الأميركيين مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تُظهر أن العراق لم يعد يكتفي بتقليص مهمة التحالف إلى شراكة رمزية، بل يسعى للتأكد من استمرار الدعم في مواجهة التهديدات المحتملة.

التحركات الأمنية على الحدود السورية-العراقية تعد مؤشراً واضحاً على القلق المتزايد، فقد كثفت بغداد من إجراءاتها الحدودية في محاولة لسد أي ثغرات يمكن أن يستغلها تنظيم داعش أو غيره من الجماعات المسلحة التي قد تجد في انهيار النظام السوري فرصة لإعادة تنظيم صفوفها.

ورغم أن العراق سبق وطلب من الولايات المتحدة إنهاء مهمة التحالف وتحويل العلاقة إلى شراكات ثنائية، إلا أن التطورات الأخيرة قد تدفع الحكومة إلى التريث.

من جهة أخرى، يبدو أن الفصائل المسلحة والقوى السياسية الشيعية، التي لطالما كانت تنتقد وجود القوات الأميركية وتدعو إلى انسحابها، في طور إعادة تقييم خطابها، فالتحديات الأمنية التي فرضها الحدث السوري، إلى جانب الضغوط الداخلية والإقليمية، تدفع هذه الفصائل نحو مواقف أكثر براغماتية، إذ لا يمكن تجاهل أهمية التعاون الدولي في ضبط الأمن ومنع انزلاق المنطقة إلى فوضى أوسع.

في هذا السياق، تتقاطع مصالح بغداد وأربيل بشكل أكبر مما كان عليه الوضع في السابق. التباين الذي طالما ميّز مواقف الطرفين من التحالف الدولي قد يكون في طريقه للتراجع، خاصة مع الحاجة المشتركة إلى ضمان استقرار الحدود ومنع تسلل التنظيمات الإرهابية.

التحولات الحالية تكشف عن اتجاه جديد في السياسة العراقية يقوم على موازنة العلاقات مع الأطراف الدولية، بما يضمن استقرار الداخل العراقي. هذه المراجعات مرشحة للاستمرار مع تصاعد المخاطر الإقليمية، وهو ما قد يُترجم إلى خطوات أكثر انفتاحاً في العلاقة مع التحالف الدولي، وربما إلى خطاب سياسي أقل تصعيداً تجاه الولايات المتحدة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: التحالف الدولی مع التحالف

إقرأ أيضاً:

العطل في العراق مناطقية لا جامعة

12 أبريل، 2025

بغداد/المسلة:في بلد لا تتوقف أيامه عن الركض وراء استقرار مفقود، تبدو العطل الرسمية فرصة نادرة لالتقاط الأنفاس، ولو على استحياء.

فالعراق، الذي يحاول مواكبة استحقاقات الحاضر رغم إرثه المثقل بالفوضى والتقلب، لا يملك رفاهية العطلات كسائر البلدان. فكل عطلة في تقويمه لا تنفصل عن سياق ديني أو طائفي، وكل استراحة مشروطة بذكرى ما، أو مناسبة مقدّسة لدى جماعة دون أخرى.

هذا الواقع يضع العراقي أمام سؤال بسيط ظاهرياً، لكنه ينطوي على تناقضات أعمق: متى ستكون العطلة المقبلة، ولمن ستُمنح؟ خلف هذا التساؤل يكمن تعقيد الهويات وتعدد المرجعيات الدينية والقومية، ما جعل من “العطلة الوطنية الشاملة” مفهوماً هشاً، ومرهقاً للتوافقات السياسية.

ولعل شهر نيسان الحالي خير مثال، إذ خلا تقريباً من العطل، باستثناء مناسبة واحدة شملت الجميع: عيد الفطر، الذي تزامن هذا العام مع مطلع الشهر، ليمتد أسبوعاً كاملاً من الراحة، لم يعُد منها الموظفون إلا بعد أن نسوا أسماء دوائرهم. أما غير ذلك، فقد مرت أيام نيسان بلا توقف، رغم كون هذا الشهر يحتضن في أرشيفه سلسلة من المناسبات التاريخية والثقافية، التي لم تجد لها موطئاً في قانون العطل الرسمي.

وبحسب قانون العطل الرسمية المعتمد من البرلمان، فإن العراقيين بانتظار عطلة واحدة شاملة قريبة، هي عطلة الأول من أيار، المصادفة ليوم الخميس المقبل، والمعلنة بمناسبة عيد العمال العالمي. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن هذا اليوم يحمل دلالة مزدوجة، إذ يوافق أيضاً عيد ميلاد النبي يحيى (عليه السلام)، مما يجعله عطلة ذات طابع ديني لأتباع ديانة الصابئة المندائيين.

ومن المفارقات أن رأس السنة الإيزيدية، الذي صادف الأربعاء الأول من نيسان، كان العطلة الوحيدة الأخرى المسجلة هذا الشهر، لكنها بقيت محصورة في حدود الطائفة فقط، دون أن تُحتسب يوماً وطنياً شاملاً، رغم الدعوات المتكررة للاعتراف بهذه المناسبة كجزء من هوية العراق التعددية.

يُذكر أن تقويم العطل العراقية يشهد سنوياً جدلاً متجدداً بين مؤسسات الدولة، ما بين من يطالب بتخفيض عددها لتقليل كلفة الانقطاع عن العمل، ومن يرى أنها ضرورة لترسيخ رموز الهوية المشتركة. وغالباً ما تنشب خلافات عند تحديد عطل المناسبات الدينية المتغيرة، كعاشوراء والمولد النبوي، أو تلك المرتبطة بالأقليات التي لم يُدرج معظمها ضمن الإطار الوطني العام.

ويُشار إلى أن تقريراً صدر العام الماضي عن البنك الدولي أشار إلى أن “العراق من بين الدول ذات أعلى نسب التغيّب الوظيفي، ليس فقط بسبب العطل الرسمية، بل أيضاً بسبب التغييرات المفاجئة التي تُعلن من قبل المحافظين أو مجلس الوزراء بدون خطة واضحة”.

وعلى مواقع التواصل، علّق الكاتب والناشط العراقي منتظر الزيدي قائلاً:”إذا لم نقرر يوماً وطنياً يحتفل به كل العراقيين دون تمييز، فإننا لا نزال نعيش في التقويم الطائفي”.

كما غردت الصحفية سهى عبد الأمير قائلة:”العطلة الوحيدة التي يتفق عليها العراقيون الآن هي عطلة انقطاع الكهرباء في عز الصيف”.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مجلس الوزراء يعيد تشكيل «الإمارات للتنمية المتوازنة» برئاسة ذياب بن محمد
  • رصاصات وصواريخ في بغداد.. وارتداداتها تصل القضاء الامريكي
  • “9 مليارات ليرة وسيناريو خطير!”.. التفاصيل الكاملة للضربة الأمنية التركية التي أوقعت عصابة بالكامل
  • “صمود” يدين الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي نتجت عن هجوم قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين بشمال دارفور
  • العراق يوقع عقد تنفيذ مشروع أنبوب بحري للتصدير بطاقة 2.4 مليون برميل يومياً
  • وزارة الداخلية: لن نساوم على مصلحة العراق
  • ورشة عمل عن المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي
  • ورشة عمل عن مبادرة «تحالف وتنمية» ضمن فعاليات المؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي
  • العطل في العراق مناطقية لا جامعة
  • نيران قرب مطار بغداد الدولي