انتقدت روسيا اليوم الثلاثاء ما اعتبرتها "ردود فعل غير كافية" من قبل حلفاء أوكرانيا على اغتيال أحد قادتها العسكريين في هجوم بموسكو أعلنت كييف مسؤوليتها عنه، في حين نفت واشنطن صلتها بالعملية.

واتهمت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الغرب -في منشور على تلغرام- بـ"الموافقة على جرائم الحرب التي يرتكبها مقاتلو نظام كييف"، متهمة "كل أولئك الذين يرحبون بالهجمات الإرهابية أو يسكتون عنها بشكل متعمد بالتواطؤ".

يأتي ذلك فيما أكد مسؤول أميركي أن واشنطن لم تكن على علم مسبق بالتفجير الأوكراني الذي أودى بحياة قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي بالجيش الروسي الجنرال إيغور كيريلوف، ولا تدعم هذا النوع من العمليات.

كيريلوف هو أكبر مسؤول في الجيش يُستهدف على الأراضي الروسية (الفرنسية)

عملية خاصة

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في جهاز الأمن الأوكراني في وقت سابق أن أجهزة المخابرات الأوكرانية نفذت "عملية خاصة" أسفرت عن مقتل الجنرال الروسي إيغور كيريلوف.

كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر في أجهزة الأمن الأوكرانية قوله إن "الهجوم بقنبلة اليوم على كيريلوف هو عملية خاصة لجهاز الأمن الأوكراني".

واعتبر المصدر الأوكراني هذا الاغتيال "النهاية المشينة التي تنتظر كل من يقتل الأوكرانيين"، مضيفا أن "الانتقام من جرائم الحرب أمر لا مفر منه".

إعلان

وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن أجهزة الأمن الأوكرانية وجهت اتهاما أمس الاثنين لكيريلوف بسبب استخدام أسلحة كيميائية محظورة خلال الحرب على أوكرانيا، والتي اندلعت في فبراير/شباط 2022.

وقال جهاز الأمن الأوكراني إن كيريلوف "مسؤول عن الاستخدام المكثف للأسلحة الكيميائية المحظورة"، مدعيا وجود أكثر من 4800 حالة استخدمت فيها روسيا ذخائر كيميائية منذ بدء الحرب.

ويعد كيريلوف (54 عاما) أكبر مسؤول في الجيش الروسي يُستهدف على الأراضي الروسية، وقد تم تعيينه رئيسا وحدة الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في الجيش الروسي في أبريل/نيسان 2017، وهذه الوحدة لا تشرف على الأسلحة النووية الروسية، وأُدرج اسمه في قوائم العقوبات الغربية على خلفية الحرب على أوكرانيا.

كما كان يعقد بانتظام إحاطات صحفية في وزارة الدفاع تحدث فيها عن المشاريع التي جرى تطويرها في المختبرات البيولوجية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في أراضي أوكرانيا لاستخدام الأسلحة البيولوجية ضد روسيا، وكذلك عن التهديدات الصادرة من أراضي أوكرانيا باستخدام مواد كيميائية ومشعة أو ما تعرف بـ"القنبلة النووية القذرة" ضد روسيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأمن الأوکرانی

إقرأ أيضاً:

روسيا.. من كسب أوكرانيا إلى فقد النفوذ الدولي

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

عُرف عن روسيا في العهد السوفييتي بأن مفهومها للأمن القومي لا يتعدى جغرافية الاتحاد السوفييتي وجغرافية حلف وارسو، لهذا بُنيت العقدية السياسية والعقيدة العسكرية للكتلة الشرقية في عقود الحرب الباردة على هذا المفهوم.

وتسببت هذه السياسات في انكفاء الكتلة الشرقية على نفسها، والسماح في المقابل للخصم الغربي بالعربدة في جغرافيات العالم وكما يشاء؛ بل والتجاسر على مصالح المعسكر الشرقي وحلفائه في وضح النهار دون خوف من ردود بعينها.

انهار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وانفرط عقد مكوناته، فاستحوذ الغرب على نصيب الأسد منه وأصبح على مرمى حجر من الوريث الأكبر والمتمثل في جمهورية روسيا الاتحادية. وفي عهد الرئيس فلاديمير بوتين رمم تصدعات الدولة الوليدة من رحم أزمات الجسد المُنهار، وحرص على بناء الدولة الروسية على أنقاض الحقبة السوفييتية، ونقيض سياساتها؛ حيث بعث روسيا البوتينية بهوياتها وعقائدها الجديدة، والمتمثلة في الاقتصاد الحر والسوق المفتوح، وتجربة التعدد الحزبي، والبرلمان المُنتخب، أي أن روسا البوتينية نسخة طبق الأصل من نموذج الدولة في الغرب، وفوق هذا جعل مفهوم الأمن القومي لروسيا البوتينية وعقيدتها السياسية والعسكرية تشمل كل جغرافية حول العالم تحمل مصالح روسية.

لم يطمئن الغرب لهذا التحول، وبقي يُمارس سياسات الحرب الباردة ضد روسيا، ويعبر عن أطماعه في السيطرة عليها وتحجيمها تمهيدًا لتقسيمها بفعل دعم وتشجيع قلاقل بداخلها تحت أي مسمى.

كشف الغرب عن نواياه الحقيقية تجاه روسيا عام 2014، حين شجع أوكرانيا على التخلي عن تعهدها للروس وفق اتفاقية وارسو عام 1991 بشأن خروجها من دائرة الاتحاد السوفييتي واستقلالها عنه؛ حيث كانت من أهم شروط تلك الاتفاقية -والتي كانت برعاية فرنسا وألمانيا- عدم ممارسة أوكرانيا لأي أعمال عدائية ضد روسيا وعدم السماح بها انطلاقًا من أراضيها، وعدم انضمام أوكرانيا الى الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو.

حين قاد الغرب مؤامرة تمرد أوكرانيا على روسيا، كان رد فعل روسيا السيطرة على شبه جزيرة القرم، لمنع أوكرانيا من المطالبة بالانضمام إلى حلف الناتو والذي ينص ميثاقه على عدم قبول عضوية دولة لها أراضٍ مُحتلة.

ثم تطورت الأمور وصولًا إلى الحرب بين البلدين؛ حيث قرر الغرب استنزاف روسيا عبر أوكرانيا، ووظفوا جُل جهودهم لدعم المجهود الحربي الأوكراني؛ حيث سخَّرُوا لها كل ما يمكن تقديمه لحليف استراتيجي شريك لهم.

في المقابل، خاض الروس هذه الحرب وفق استراتيجية الفصل بين عدائية النظام الأوكراني، وكسب الشعب والجغرافيا، وفق حسابات التاريخ والوشائج والقواسم المشتركة بين روسيا وأوكرانيا.

ما يرشح اليوم بشأن اتفاق أمريكي روسي على تسوية عدد من الملفات العالقة بينهما، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، مقايضة مع الروس في عدد من الملفات الإقليمية، يعود بنا إلى المربع الأول للعهد والسياسات السوفييتية؛ حيث ستنكفئ روسيا على جغرافيتها مُجددًا، وسيعبث الغرب في جغرافيات تحالفات ونفوذ روسيا البوتينية وأهمها سوريا وإيران واليمن ولبنان وليبيا.

لا شك أن الملف الأوكراني كان كالجُرح المؤلم المفتوح لروسيا، ولكنه كان كذلك بالنسبة للغرب بعمومه وأمريكا على وجه الخصوص، وفي المقابل حفَّزَ الملف الأوكراني روسيا على فتح ملفات إقليمية ودولية في جغرافيات مختلفة تصب في نهايتها في دعم الموقف الروسي في أوكرانيا، وتهدد مصالح الغرب في تلك الجغرافيات وعلى رأسها وأهمها القارة الأفريقية.

تخلِّي روسيا اليوم عن عدد من القضايا والملفات مقابل إطلاق يدها في أوكرانيا مجددًا، سيجعل الغرب في وضع مثالي لتحقيق استراتيجيته المُبطَّنة تجاه روسيا، وسيُضعف دور وحيوية روسيا، ويُفقدها ثقة الحلفاء حاليًا ومُستقبلًا، وسترجح كفة المعسكر الغربي وجدارته في إدارة العالم.

قبل اللقاء: الجغرافيا والتاريخ وتحالف الضرورة، من ركائز العلاقات بين الدول.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ترامب: روسيا تريد إنهاء الوحشية في أوكرانيا
  • وزير الخارجية الروسي: المشاورات بين موسكو وواشنطن بشأن أوكرانيا ستكون منتظمة
  • لإنهاء الحرب في أوكرانيا..موسكو ترفض انضمام كييف إلى حلف ناتو وواشنطن تريد حلاً عادلاً
  • دون مشاركة أوكرانيا وأوروبا.. بدء المحادثات الأمريكية الروسية في السعودية
  • بدء المحادثات الروسية الأميركية بالرياض لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • واشنطن: المباحثات الأمريكية الروسية في الرياض تحدد سبل إنهاء حرب أوكرانيا
  • روسيا.. من كسب أوكرانيا إلى فقد النفوذ الدولي
  • ألمانيا لا تستبعد إرسال قوات برية إلى أوكرانيا
  • ترامب: الرئيس الروسي يريد وقف القتال في أوكرانيا
  • ترامب: الرئيس الروسي يريد وقف الحرب في أوكرانيا