ما وراء الاجتياح الإسرائيلي للأراضي السورية؟
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
يمانيون../
يواصل جيش العدوّ الإسرائيلي منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد توغله في الأراضي السورية واحتلال أجزاء واسعة منها، وُصُـولًا إلى ريف دمشق، وبمسافة لا تزيد عن العاصمة دمشق 20 كيلو مترًا.
وبالتوازي مع التوغل الصهيوني في سوريا، تأتي الضربات الصهيونية لكافة الأسلحة الاستراتيجية للدولة السورية في مؤشر واضح على النوايا الصهيونية، في إبقاء سوريا دولة منزوعة السيادة والاستقلال.
ووفق سياسيين، فَــإنَّ الكيان الصهيوني سيجعل من الحكومة الجديدة في سوريا حكومة منقوصة السيادة غير ممتلكة السلاح، وجعل مهمتها حكومة بلدية توفر الخدمات للسوريين فقط، بعيدًا عن الدور السوري في الصراع العربي الإسرائيلي.
وفيما تشهد سوريا اعتداءات إسرائيلية، واحتلالًا لم يسبق له مثيل، يواصل العدوّ الصهيوني تصعيد جرائمه في قطاع غزة، إضافة إلى التلويح الصهيوني بفتح جبهة في الضفة الغربية، والتي بدأ تمهيدها السلطة الفلسطينية بالاعتداءات الغادرة على المقاومين في مخيم جنين.
ويؤكّـد الكاتب والباحث السياسي جهاد سعد، أن العدوّ الصهيوني يواصل التوغل في الأراضي السورية وذلك؛ بهَدفِ تكريس الاحتلال، مُشيرًا إلى أن الاجتياح الإسرائيلي لسوريا يأتي ضمن المخطّط الثلاثي التركي الأمريكي الإسرائيلي لتقاسم الأراضي السورية وبعثرة وحدة أراضيها ومصادرة سيادة البلد.
ويبين أن الكيان الصهيوني أمعن في توغله داخل الأراضي السورية، وُصُـولًا إلى ريف دمشق، وأن المسافة التي تفصله عن العاصمة دمشق 15 كيلو مترًا فقط، موضحًا أن “إسرائيل” تسعى للسيطرة على المناطق السورية الحدودية مع لبنان.
ويذكر سعد أن الصهاينة يعيدون في سوريا السيناريو القديم أثناء الاجتياح الصهيوني للبنان والسيطرة على بيروت عام 1982م والتي قامت المقاومة اللبنانية بطردهم من كافة الأراضي اللبنانية، موضحًا أن التوغل الصهيوني في سوريا سيكلف الصهاينة الكثير.
ويشير إلى أن تكريس التوغل الإسرائيلي لسوريا يأتي؛ بهَدفِ إنهاء الدور التاريخي المشرف لسوريا في مناهضة “إسرائيل”، داعيًا الشعب السوري إلى إدراك بأن الجماعات المسيطرة على سوريا هم عملاء للصهاينة والأمريكيين، وَتم صناعتهم في سجون باكو في العراق، وخرجوا لخدمة الكيان الصهيوني والهيمنة الأمريكية في المنطقة.
ويواصل: “واضح جِـدًّا من سياسة الحكم الحالي في سوريا أن مهمة رؤساء البلدية، يقومون بتوفير الخدمات العامة التي يحتاجها البلد، وَيعيدون الجامعات والمدارس والمطارات وغيرها من الخدمات التي يحتاجها الإنسان، فحين لا علاقة لهذه الحكومة بالسيادة السورية ووحدة أراضيها لا علاقة لها بالكرامة ولا بقضايا الأُمَّــة الإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”.
ويضيف: “الجماعات المسلحة في سوريا تريد أن تمسح الدور التاريخي لسوريا في مساندة المقاومة ومواجهة الكيان الصهيوني، وتريد أن تطمس المقولة التاريخية المشهورة “سوريا قلب العروبة النابض”، مبينًا أن المخطّطات الصهيونية والأمريكية ستنفذ في الشرق الأوسط خطة تلو أُخرى، وأن المخطّطات الصهيونية لا يمكن إيقافها، وإفشالها إلا بصحوة الشعوب العربية، وإدراكها خطورة المرحلة.
ويؤكّـد أن العالم العربي بحاجة لصحوة، ويقظة من الشعوب تحول الغضب العربي إلى إنجاز سياسي ينعكس في الواقع الميداني، مؤكّـدًا أن إسقاط حكومة واحدة على أيدي الشعب العربي، كفيل بتغيير كُـلّ المعادلات؛ لأَنَّ وجود الأنظمة العربية يسهم في تحقيق الأجندة الأمريكية والصهيونية بامتيَاز.
ويتطرق إلى أن الجماعات الحاكمة لسوريا تهدف لتقزيم الدور السوري العروبي المشرف وجعل سوريا خارجة عن معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.
ويرى سعد أن المخطّط التركي الأمريكي الإسرائيلي يسعى لجعل سوريا منطلقاً لتنفيذ الأجندة الأجنبية مستهدفًا بذلك الدول المحيطة بسوريا.
ويقول سعد: “الأيّام القادمة سنشهد مساعيَ إسرائيليةً للالتفاف العسكري على المقاومة اللبنانية وتطويقها وكذا تطويق الأردن ولبنان بشكل عام؛ وذلك كون “إسرائيل” تسعى لتحقيق “إسرائيل” الكبرى.
ويضيف: “من المخطّطات الصهيونية القادمة تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن؛ بهَدفِ احتلال الضفة”.
إشعال الفتنة في الضفة الغربية:
وفي حين تشهد الأراضي السورية اعتداءات صهيونية وتوغل إسرائيلي يصعد العدوّ الصهيوني أعماله الإجرامية في قطاع غزة والضفة الغربية.
ومؤخّرًا قامت السلطة الفلسطينية بالاشتباك مع فصائل من المقاومة في مخيم جنين؛ ما أَدَّى إلى استشهاد أحد قادة المقاومة في جنين.
وتعليقًا على ذلك يؤكّـد الكاتب والمحلل السياسي حسن إبراهيم، أن إقدام السلطة الفلسطينية على الاعتداء على المقاومين في جنين يشكل خطرًا كَبيرًا على السلطة الفلسطينية، وأنها خطوة تأتي لخدمة الكيان الصهيوني.
ويوضح في تصريح خاص لقناة “المسيرة” أن الصهاينة يمهدون الوضع لاقتحام الضفة الغربية واحتلالها، مستدلًا بتصريحات مسؤولين صهاينة قولهم إن مجتمع الضفة الغربية يشهد انهيارات واختلافات بين المقاومة والسلطة الفلسطينية.
ويبين أن رضوخ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الكامل لـ”إسرائيل” وقيامه بتنفيذ كُـلّ أوامرها لن يحمي منصبه الشخصي وذلك كون الصهاينة يريدون احتلال كافة الأراضي الفلسطينية والقضاء على السلطة، مُشيرًا إلى أن تنفيذ الرئيس عباس لكل الأوامر الصهيونية تجعله منبوذًا لدى كافة الشعب الفلسطيني وأن عليه التقرب من شعبه وأبناء جلدته الذين سيشكلون حماية له ولسلطته.
ويلفت إلى أن العدوّ الصهيوني لا يحترم أي حليف يضع يده معه، مستدلًا بعلاقة الكيان الصهيوني الحميمة مع الجماعات المسلحة في سوريا، وبالرغم من ذلك وسع رقعة الاحتلال في الأراضي السورية بالرغم من أن السلطة الحالية في سوريا لا تحمل العداء للكيان الصهيوني.
ويتطرق إلى أن المصلحة الحقيقية للسلطة الفلسطينية تقتضي في التقرب من المقاومة الفلسطينية وتوحيد بوصلة العداء باتّجاه الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين.
المسيرة محمد ناصر حتروش
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة الأراضی السوریة الکیان الصهیونی الضفة الغربیة فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
عائدات الضرائب واتفاقية باريس.. السلطة الفلسطينية تحت مقصلة الاحتلال (حقائق وأرقام)
تجني السلطة الفلسطينية الثمار المرة لاتفاقية باريس الاقتصادية، بعد أن كبلت نفسها بالتوقيع عليها قبل أكثر من 30 عاما، وحصرت نشاطها المالي كاملا بيد دولة الاحتلال الإسرائيلي، ليتحكم به كيف يشاء، ويقتطع من الأموال الفلسطينية ما يحلو له.
جديد "نكبات" الاتفاق
أصدرت محكمة الاحتلال المركزية في القدس، الخميس، أمرا يقضي بحجز مبالغ هائلة من أموال المقاصة الفلسطينية التي تتحكم دولة الاحتلال في جمعها.
وقررت المحكمة تجميد مبلغ 652 مليون شيكل (الدولار يساوي 3.6 شيكل) من مخصصات السلطة الفلسطينية كتعويض لصالح 187 مستوطنا إسرائيليا، بزعم أنهم من ضحايا العمليات التي تنفذها المقاومة. وفق ما أوردته القناة 14 العبرية.
تفاصيل من اتفاقية باريس
اتفاقية باريس الاقتصادية ملحقً اقتصادي لاتفاقية أوسلو التي وقعتها السلطة ودولة الاحتلال في باريس في نيسان/أبريل 1994، لتنظِّيم العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، مع تحديد الإطار الزمني لها بخمس سنوات، بحيث يتم تعديل هذه الاتفاقية لاحقا بما يتناسب مع الواقع الفلسطيني، لكن ذلك لم يحدث.
تتكون اتفاقية باريس الاقتصادية من 83 بندًا، تؤسس لاتفاق تعاقدي يحكم العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، ويشمل الضفة والقطاع.
أعطت هذه الاتفاقية دولة الاحتلال اليد العليا في السيطرة على الوضع الاقتصادي الداخلي والخارجي الفلسطيني، وألحقت الاقتصاد الفلسطيني بها.
يرى المحلل الاقتصادي الفلسطيني عزام أبو السعود بأن الاتفاقية تضمنت نواقص شديدة للاقتصاد الفلسطيني والتي تظهر بأن القائمين عليها غير مطلعين على الداخل الاقتصادي وليسوا على معرفة جيدة به.
اقتصاد يخدم الاحتلال
ويقول في تصريحات سابقة لـ"عربي21" بأن الذين قاموا على صياغة الاتفاقية في حينه لم يعتمدوا على تقارير ودراسات تسد الثغرات في القضايا الاقتصادية بل اعتمدوا على معلومات غير دقيقة؛ خاصة أنها تمس الاحتياجات اليومية أو المتوفرة لدى الشعب والمنتج المحلي.
ويتحدث المحلل عن عدة أشكال "للبلاء" جلبتها هذه الاتفاقية وعيوب ضخمة جدا، أهمها أنها اعتمدت بالأساس على أن يكون الاقتصاد الفلسطيني خادما للاقتصاد الإسرائيلي وليس مستقلا على الإطلاق، لافتا إلى أنها أصبغت عليه صفة التبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي وهو الأمر الأخطر في بنود الاتفاقية فلم يُعط الفلسطينيون الاستقلالية في التصرف الاقتصادي.
ويشير إلى أن أحد العناصر الذي جعل الاتفاقية مدمرة للاقتصاد الفلسطيني هو موضوع العملة، حيث تضمنت الاتفاقية ألا تكون هناك عملة وطنية أو بنك مركزي فلسطيني.
ويضيف: "كلها أمور كانت تعتبر سيادية ولكن تم التغاضي عنها أو تأجيلها إلى فترة ثانية ولم تتم مراجعة الاتفاقية، وبحسب الاتفاق فإنها يجب أن تراجع كل عدة سنوات لكنها بقيت على الأسس القديمة التي صيغت قبل عشرين عاما".
صبغة قانونية لسرقة الأموال الفلسطينية
أضفت دولة الاحتلال صبغة قانونية على سرقة الأموال الفلسطينية تحت عناوين مختلفة، مما يجعل تراجع الحكومة الإسرائيلية عن ذلك أمرا مستحيلا.
وفي هذا السياق أقر الكنيست قانون خصم قيمة رواتب الأسرى والشهداء التي تدفعها السلطة من أموال المقاصة وبشكل نهائي في تموز/ يوليو2018.
وبموجب ما يسمى قانون التعويض لضحايا العمليات، يسمح القانون الإسرائيلي بالمطالبة بتعويض قدره 10 ملايين شيكل عن كل شخص قتيل، و5 ملايين شيكل عن كل شخص مصاب بدرجة كبيرة من الإعاقة.
حقائق وأرقام عن الاقتطاعات
أكدت وزارة المالية الفلسطينية في تقرير حديث، أن قوات الاحتلال تحتجز ما يقارب 7 مليارات شيكل من أموال المقاصة (عائدات الضرائب الفلسطينية) منذ عام 2019 وحتى شهر شباط/ فبراير الماضي، رافضة تحويلها إلى الخزينة الفلسطينية.
وتتذرع سلطات الاحتلال بأن جزءا من هذه الأموال مخصصة لقطاع غزة (2 مليار)، ومخصصات عائلات الأسرى (3.7)، ورسوم ضريبية على المغادرين من الضفة نحو الأردن عبر المعابر البرية (1.2).
ومنذ عام 2012 وحتى شباط/ فبراير الماضي بلغ إجمالي الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة 20.6 مليار شيكل.
اقتطاع نصف المقاصة منذ حرب غزة
وصعدت سلطات الاحتلال منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، من إجراءاتها المالية، حيث ضاعفت قيمة الاقتطاعات من أموال المقاصة لتزيد عن 50% من قيمتها الإجمالية الشهرية، كما تعمدت إلى تأخير تحويلها بشكل غير مسبوق.
وبينت الوزارة أنه في حين كانت هذه العائدات تُحوّل خلال الأسبوع الأول من كل شهر، باتت تُصرف الآن بعد منتصف الشهر، ما زاد من تعمق الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية.
مبالغ غير معلومة وتأخير صرف الرواتب
وأشارت الوزارة إلى أن المصادر الرسمية الإسرائيلية بدأت مؤخراً تتداول عن اقتطاعات لأرقام كبيرة من الأموال المحتجزة كتعويضات "لعائلات قتلى أو جرحى إسرائيليين"، محملة الجهات الرسمية الفلسطينية مسؤولية ذلك عبر الاستيلاء على مبالغ غير معلومة بشكل دقيق من أموالنا المحتجزة.
ولفتت إلى أن هذا التأخير أثر بشكل مباشر على قدرة الحكومة على صرف رواتب الموظفين العموميين في موعدها، وأعاق من قدرتها على الإيفاء بالالتزامات المالية الأخرى، ما أدى إلى مفاقمة الأزمة الاقتصادية وزيادة الضغوط المالية عليها.